الدول العربية, أخبار تحليلية

أزمة "سد النهضة".. مصر تتجه للقانون الدولي و"الحرب الباردة" (تحليل)

بعد وصول المفاوضات الفنية لسد النهضة الإثيوبي للمربع صفر وإعلان مصر تجميدها ورفع الأمر للمستوي السياسي

17.11.2017 - محدث : 17.11.2017
أزمة "سد النهضة".. مصر تتجه للقانون الدولي و"الحرب الباردة" (تحليل)

Al Qahirah

القاهرة/ حسين القباني / الأناضول -

اللجوء إلى القانون الدولي ودبلوماسية الحرب الباردة، فيما يبدو تكتكيات جديدة ستلجأ لها مصر مع إعلانها منذ أيام تجميد المفاوضات الفنية مع إثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة الإثيوبي، وتأكيدها "اتخاذ الإجراءات المطلوبة على كل الأصعدة للحفظ على الأمن المائي".

ووفق 4 خبراء مصريين تحدثتهم معه الأناضول بشكل منفصل، فالإجراءات المصرية تشمل تحركا قانونيا خارجيا، وتصعيدا دبلوماسيا دوليا وعربيا، مع استبعاد الحل العسكري المباشر في الوقت الراهن.

** المربع صفر

وعقب الاجتماع السابع العاشر للجنة الفنية للدول الثلاث في القاهرة، السبت والأحد الماضيين، أعلنت مصر في بيان أن المباحثات "تعثرت"، لرفضها تعديلات إثيوبيا والسودان على التقرير الاستهلالي للدراسات الفنية للسد الصادر في أبريل/ نيسان الماضي، ووافقت عليه مصر في أكتوبر/ تشرين أول الماضي.

وتلا ذلك الإعلان تأكيد المتحدث باسم وزارة الري المصرية حسام الإمام، في تصريحات متلفزة الاثنين تجميد المفاوضات للمرة الأولى، ورفع الأمر إلى الحكومات الثلاث لاتخاذ قرار.

وأوضح في تصريح متلفز ثان الثلاثاء، أن البنود المختلف عليها أغلبها "متعلق بطريقة ملء السد أثناء فترات الفيضان، أو الجفاف، فضلا عن طريقة تشغيل السد" بما يؤثر على تدفق مياه النيل من إثيوبيا لمصر.

وأعلنت الحكومة أمس الأول الأربعاء، أنها "ستتخذ الإجراءات الواجبة على كافة الأصعدة" للتعامل مع الأزمة بـ"اعتبار الأمن المائي من الأمن القومي المصري".

وحسب اتفاق القاهرة وأديس أبابا والخرطوم، في سبتمبر/ أيلول 2016، يعد مكتبان استشاريان فرنسيان دراسات فنية تنتهي بشكل نهائي في 11 شهرا عن السد وآثاره وأضراره على دولتي المصب (السودان، ومصر)، إضافة إلى تحديد أنسب آلية لملء خزان السد وتشغيله.

وإجراء الدراسات الفنية هو الالتزام الخامس في اتفاق المبادئ الذي وقعه قادة الدول الثلاث، في مارس/آذار 2015، ويتضمن 10 مبادئ أساسية. وتقول القاهرة أن أديس أبابا رفضت الأخذ يتقرير الاستشاريين.

ويرتكز هذا الالتزام على "الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتي ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة بالتوازي مع عملية بناء السد وفق توصيات لدراسات لجنة خبراء دولية".

ومن أبرز المبادئ أيضا المبدأ العاشر المعنون بـ"مبدأ التسوية السلمية للمنازعات" ونصه: "تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا، وإذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول /رئيس الحكومة".

وتتضمن باقية المبادئ العشرة "التعاون وفق مبادئ القانون الدولي، والتنمية، وعدم التسبب في ضرر ذى شأن، والاستخدام المنصف والمناسب ، وبناء الثقة، وتبادل المعلومات والبيانات، وأمان السد، والسيادة ووحدة إقليم الدولة:

ومنذ توقيع اتفاق المبادئ عقدت مصر وإثيوبيا والسودان 17 اجتماعا بين الدول الثلاث، لبحث تنفيذ اتفاق 2015 ومساره الفني.

** الأولوية المصرية

وفق عاطف السعداوي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستيراتيجية (حكومي مصري)، "المفاوضات كانت أحد المسارات، وتم اللجوء لها بالفعل منذ فترة طويلة وفشلت، أما الخيار العسكري والتهديد به مشكلة كبيرة لأن تداعياته أمام المجتمع الدولي سلبية في ظل تدهور أوضاع المنطقة ".

ويضيف السعداوي، للأناضول: "خيار اللجوء للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والتحكيم الدولي أعتقد أنه أصبح الخيار المطروح".

ويتابع "المشكلة في المسار السياسي أن أديس أبابا قامت باصطفافات وتحالفات، ففكرة المفاوضات لن تسفر عن شئ، وبالتالي خيار القانون الدولي سيكون عمليا أقوى لمصر وهو مسار إجباري وليس اختياري لعدم قدرة المسارات الأخرى على تحقيق ذلك".

وعن دبلوماسية الحرب الباردة التي يبدو أن مصر تنتهجها مؤخرا في أزمة سد النهضة، يري السعداوي أن "مصر نجحت دبلوماسياتها مؤخرا في تفكيك أزمات لها بين دول حوض النيل واستقطبت وحيدت دول إفريقية أخرى، وستستمر فيه بشكل غير مسبوق الفترة المقبلة، ولكن ستواجه بدبلوماسية إثيوبية تتحرك وتدافع".

3 مسارات

أولا التحرك القانوني

الأكاديمي المصري المتخصص في القانون الدولي، مساعد عبد العاطى يرى أن "أثيوبيا لم تلتزم بمبادئ قانونية في السد أهمها الإخطار المسبق فضلا عن تقوم به حاليا وبالتالي يمكن لمصر أن تتقدم بشكوى للأمم المتحدة أو مجلس الأمن خاصة والدول الثلاث القاهرة والخرطوم وأديس أبابا أعضاء بالأمم المتحدة".

وأضاف عبد العاطي في تصريحات متلفزة: "مجلس الأمن من صلاحياته إذ رأى أن نزاعا يهدد السلم الدولى أن يستدعى الأطراف المتنازعة لتسوية النزاع، أو يوصى بذهاب الدول الثلاث للتحكيم الدولي"، مشيرا إلى أنه "في حال رفض إثيوبيا ذلك سيكون الموقف المصري أقوى دوليا ويمكن الضغط عليها ".

وبخلاف الذهاب إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أشارت تقارير صحفية مصرية إلى أهمية الذهاب أيضا إلى الاتحاد الإفريقي في إطار الحفاظ على حقوق مصر المائية.

وفي تصريحات للأناضول، يري السفير المتقاعد، إبراهيم يسري، الذي شغل منصب المدير الأسبق لإدارة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بالخارجية المصرية، أهمية التحرك السريع في الملف القضائي الدولي وعدم التأخر في ظل ما يراها حقوق مصرية مائية يضرها السد.

وانتقد الكاتب المصري البارز جلال عارف في مقال بصحيفة الأخبار الحكومية يوم 14 نوفمبر/ تشرين ثان الجاري، الموقف السوداني باعتباره لم يكن مؤيدا لمصر ووصفه بانه "مخيب للآمال". وترى الخرطوم أن السد سيعود عليها بفوائد اهمها استيراد الطافة الكهربية المولدة منه.

ثانيا: دبلوماسية الحروب الباردة

ويرى الأكاديمي المصري، جهاد عودة، المتخصص في العلاقات الدولية، في حديث للأناضول، أن مصر لديها خيار في أزمة سد النهضة بالتصعيد الدولي الدبلوماسي وتقديم شكاوى دولية للمجالس الأممية.

ويشير عودة إلى أن الإعلان المصري عن تحركات دبلوماسية واسعة مصرية "في إطار الضغوط والمناورات"، مضيفا "وارد أن تنجح وتصل لحلول وسط في الأزمة الحالية".

وفي تصريحات متلفزة الثلاثاء، الماضي، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد عن أزمة سد النهضة "نحن في مرحلة إشراك المجتمع الدولى فى معرفة التفاصيل، (..) وتم تكليف السفارات المصرية فى الخارج بذلك، مشيرا إلى أهمية أن يمارس المجتمع الدولى الضغط على الأطراف التى تتسبب فى تعثر هذا الملف"، دون أن يحدد إمكانية قبول الوساطة الدولية أم لا.

وناقش وزير الخارجية المصري سامح شكري مع نظيره السعودي، عادل الجبير، في اجتماع الثلاثاء بالرياض أزمات عديدة بينها "جمود المسار الفني" لسد النهضة، فيما دعا الأخير إلى احترام قواعد القانوني الدوي واتفاق المبادئ في ضوء مرونة مصر، وفق بيان مصري.

وأمس الأول الأربعاء طالب محمد أبو العينين، رئيس مجلس الأعمال المصرى الأوروبى (غير حكومي)، في تصريحات صحفية الاتحاد الأوروبى بتوفير دعمه لمصر، في مشكلة سد النهضة.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، طرح الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في خطاب بالأمم المتحدة للمرة الأولى أزمة سد النهضة الإثيوبي، مطالبا بالالتزام بالاتفاق الموقع بين البلاد الثلاثة وتجنب ضياع فرصة النجاح

ثالثا: الحل العسكري؟

يقول الخبير العسكري المصري واللواء المتقاعد، طلعت مسلم في حديث للأناضول: "القوة العسكرية تستخدم في حل أي مشكلة عندما تقرر الدولة ذلك وليست بالضرورة ضربة عسكرية ستوجه للسد، وهناك حلول عسكرية عديدة خلاف ذلك"، متحفظا على ذكرها

السفير المتقاعد، إبراهيم يسري، هو الآخر يؤكد على المعنى ذاته، غير أنه يوضح قائلا "الضربة العسكرية مستبعدة لكن الحلول العسكرية كثيرة وتتعلق بحصار بحري وخلافه بحسب ما تقرره الدولة".

وذكرت إثيوبيا أن قواتها نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي تعرضت لهجوم مسلح شنته حركة "قنبوت سبات"(حركة 7 مايو) المعارضة والمحظورة، ضد سد النهضة، بحسب مصادر سياسية وإعلان حكومي رسمي.

وفي نهاية يناير/ كانون ثان الماضي، قال السيسي في خطاب وقتها إنه "لا أحد يستطيع العبث بحصة مصر في مياه النيل لأنها مسألة حياة أو موت".

وبدأت الحكومة الإثيوبية إنشاء سد النهضة في أبريل/نيسان 2011، على النيل الأزرق(أحد روافد نهر النيل)، بمدينة "قوبا" على الحدود الإثيوبية- السودانية.

وتتخوف مصر من تأثيرات سلبية محتملة للسد الإثيوبي على حصتها المائية 55.5 مليار متر مكعب، فيما تحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب، بينما تقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصر، وإن الطاقة الكهربائية التي سيولدها السد (منها 6000 ميغاوات داخليا و2000 بيع للدول المجاورة) ستساعد في القضاء على الفقر، وتعزيز النهضة التنموية في إثيوبيا.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın