دولي, الدول العربية, أخبار تحليلية, التقارير

قمة الرياض.. أول اختبار لحكومة البشير أمام إدارة ترامب (تحليل)

بعد إعلان واشنطن رسميا "معارضتها" مشاركة الرئيس عمر البشير في قمة الرياض المرتقبة،

Mohamed Elkhatem  | 19.05.2017 - محدث : 19.05.2017
قمة الرياض.. أول اختبار لحكومة البشير أمام إدارة ترامب (تحليل)

Hartum


الخرطوم / محمد الخاتم / الأناضول

بعد إعلان واشنطن رسميا "معارضتها" مشاركة الرئيس عمر البشير في قمة الرياض المرتقبة، بين زعماء دول إسلامية والرئيس دونالد ترامب، وجدت الخرطوم نفسها أمام أول اختبار لآمالها في أن يكمل الأخير الخطوات التصالحية التي بدأها سلفه، باراك أوباما.

في يناير/ كانون الثاني الماضي، وتحديدا في الأسبوع الأخير من ولايته، قرر أوباما رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ 20 عاما.

واستقبلت الخرطوم هذا القرار بحفاوة بالغة، رغم أنه لم يشمل شطبها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، المُدرجة فيها منذ 1993، فضلا عن الإبقاء على عقوبات عسكرية أخرى، مرتبطة بالحرب الأهلية في إقليم دارفور، غربي البلاد.

ووفقا لما أعلنه البيت الأبيض وقتها، فإن الأمر التنفيذي الذي أصدره أوباما سيدخل حيز التنفيذ في يوليو/ تموز المقبل، كمهلة تهدف لـ "تشجيع حكومة السودان على الحفاظ على جهودها المبذولة بشأن حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب".

وأعطت هذه المهلة إدارة ترامب القول الفصل بشأن رفع العقوبات أو الإبقاء عليها، وفقا لتقييمها لمدى التزام الحكومة السودانية بتنفيذ الاشتراطات الأمريكية.

ويعتبر "تعاون" الخرطوم مع واشنطن في محاربة الإرهاب، واحدا من 5 مسارات تم التفاوض عليها بين البلدين لمدة 6 أشهر، ومهدت للقرار الأمريكي.

وشملت المسارات أيضا، تعهد الخرطوم بوقف القتال وتسهيل تمرير المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاعات في إقليم دارفور، غربي البلاد، وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، المتاخمتين لجنوب السودان.

وغداة قرار أوباما، مدد مجلس الوزراء السوداني، في جلسة استثنائية ترأسها البشير، وقفا لإطلاق النار من جانب واحد، لمدة 6 أشهر.

ووافقت الخرطوم أيضا على مقترح أمريكي لتوزيع المساعدات الإنسانية، وهي خطوة مهمة لإبرام اتفاق وقف عدائيات بين الحكومة والمتمردين، الذين يرفضون بالمقابل المقترح الأمريكي.

وخلال الأشهر الماضية، درج مسؤولون حكوميون على التأكيد أن إدارة ترامب ستلتزم بتنفيذ القرار في يوليو/ تموز المقبل، مع إيفاء السودان بتعهداته.

ومن بين هذه التعهدات أيضا، لعب دور بناء في عملية السلام في جنوب السودان، وكان أبرز خطوات الخرطوم في هذا الملف، رفضها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي استقبال زعيم المتمردين، ريك مشار، الذي تقول جوبا أنه مدعوم من جارتها الشمالية.

وسبق لوزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، القول إن قرار أوباما تم بـ"التوافق" مع إدارة ترامب والكونغرس الأمريكي.

والشهر الماضي، أشارت وسائل إعلام أمريكية إلى أن ترامب وعد ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خلال زيارته واشنطن، باتمام رفع العقوبات في يوليو/ تموز.

ومرارا ما أفاد مسؤولون سودانيون أن الرياض لعبت دورا محوريا في الوساطة بين حكومتهم والولايات المتحدة.

وخلال العاميين الماضيين، ظهرت الخرطوم كواحدة من أوثق الحلفاء الإقليميين للمملكة، بعد توتر امتد لأعوام، بسبب تقارب السودان مع إيران، الخصم الإقليمي للسعودية.

وترسخ هذا الحلف عندما قطع السودان رسميا، مطلع العام الماضي، علاقته مع طهران، "تضامنا مع السعودية في مواجهة المخطات الإيرانية"، وذلك بالتزامن مع قرار مماثل من الرياض.

وسبق ذلك، مشاركة الخرطوم في العملية العسكرية التي تقودها السعودية منذ مارس/ آذار 2015، لمحاربة الحوثيين، المدعومين من طهران، في اليمن.

والأسبوع الماضي، ارتفعت آمال الخرطوم في موقف إيجابي من إدارة ترامب، عندما أبلغ مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، دانيال كوتس، الكونغرس بأن "النظام في السودان سيلتزم بشكل كبير بوقف العدائيات في مناطق النزاع، وهو أمر مطلوب لرفع العقوبات، رغم أن بعض الاحتكاكات بين الجيش السوداني والمتمردين ستؤدي إلى حالات عنف ونزوح منخفضة".

وأوضح أن "السودان غالبا يسعى لاستمرار الحوار البناء مع واشنطن بقرارها رفع بعض العقوبات في يناير 2017".

وتصاعدت وتيرة التفاؤل أكثر، بإعلان قادة حكوميين أن البشير تلقى دعوة من العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، للمشاركة في قمة الرياض، التي تجمع زعماء دول إسلامية بالرئيس ترامب، الأحد المقبل.

وتأخذ الدعوة رمزيتها من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية، بدعم من واشنطن، للبشير منذ 2009، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في دارفور.

وفي مقابلة مع صحيفة "الشرق" القطرية، نشرتها الثلاثاء الماضي، قال البشير إن مشاركته في القمة تعد "نقلة في علاقات السودان مع المجتمع الدولي".

ورأى أن "القمة رد على من يحرضون الدول على عدم دعوته لمؤتمرات دولية على أراضيها".

لكن صباح الأربعاء، أعلنت السفارة الأمريكية في الخرطوم "معارضة" حكومتها لمشاركة البشير في القمة.

وصرحت في بيان صحفي أن إدارتها "تعارض الدعوات أو التسهيلات أو الدعم للسفر لأي شخص يخضع لأوامر اعتقال صادرة عن محكمة الجنايات الدولية، بما في ذلك الرئيس البشير".

وبعد ساعات، نقلت وسائل إعلام غربية عن وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، المتواجد في جنيف بدعوة من نظيره السويسري، قوله إن البشير سيسافر الجمعة إلى الرياض، دون تأكيد إن كان سيحضر القمة أم لا.

وبالنسبة إلى فيصل محمد صالح، المحلل السياسي ومدير البرامج في مركز "طيبة برس" غير الحكومي، فإن "مشاركة البشير من عدمها في قمة الرياض ستكون على الأرجح مؤشرا لما ستقرره واشنطن بشأن العقوبات في يوليو المقبل".

وفي تعليقه للأناضول، أضاف صالح أن "قبول الإدارة الأمريكية مشاركة البشير في قمة يحضرها ترامب، وإن كان هذا الخيار مستبعدا لتمسكها بموقفها الداعم للمحكمة الجنائية، يعتبر نقلة كبيرة في العلاقة بين البلدين، تمهد لرفع العقوبات نهائيا".

وفي حال تمسكت إدارة ترامب برفضها مشاركة البشير، وهذا هو الخيار المُرجح عند صالح، فإنه " يمكن أن يكون مؤشرا، مع عوامل أخرى، لعدم رفع العقوبات، على الأقل في موعدها المقرر".

ويستشهد صالح بمجموعات في الكونغرس "تضغط من أجل تمديد المهلة لـ 6 أشهر إضافية، تفي الحكومة خلالها بالتزاماتها"، لكنه "يستبعد" أن تتخلى واشنطن كليا عن خطتها لرفع العقوبات.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.