الثقافة والفن, الدول العربية

مستوحى من العلم العثماني.. علم تونس يرفرف "بلا تغيير" منذ قرنين

عشرات التونسيين يحتفلون بالذكرى 190 لاعتماد علم البلاد، بمسيرة في العاصمة، وسط عزف فرقة موسيقية تابعة للجيش للنشيد الوطني.

22.10.2017 - محدث : 23.10.2017
مستوحى من العلم العثماني.. علم تونس يرفرف "بلا تغيير" منذ قرنين

Tunisia

تونس/ يامنة سالمي/ الأناضول

على امتداد 190 عامًا، حافظ العلم التونسي على شكله المميّز، الذي يمزج بين اللونين الأحمر والأبيض؛ أحمر يحاكي دماء الشهداء، الذين قضوا دفاعًا عن الوطن، وأبيض بلون السلام، لم يؤثر الزمن، ولا الأحداث في رموزه قرابة قرنين من الزمن.

ويعرّف العلم التونسي في "المادة 4" من الدستور التونسي بأنه "علم الجمهورية التونسية أحمر، يتوسّطه قرص أبيض به نجم أحمر ذو خمسة أشعة يحيط به هلال أحمر حسبما يضبطه القانون".

في 20 أكتوبر/تشرين الأول 1827، اعتمد العلم وتم تفعيله عام 1831 على يد الباي الحسيني حسين باي الثاني، ثامن حكام الدولة الحسينية (1705-1957).

وصمم حسين باي علمًا جديدًا يُميّز تونس عن بقية الولايات العثمانية، إلا أنه شديد الشبه بالعلم العثماني، حيث أبقى على اللون الأحمر مع إضافة قرص أبيض وسط العلم، وغير لون النجمة والهلال من الأبيض إلى الأحمر.

والاختلاف بين العلمين، في أن ألوان الهلال والنجمة معكوسة مع دائرة بيضاء في العلم التونسي، كذلك يختلف موقع الشعارين، ففي العلم التركي الشعاران بجانب بعضيهما، في حين يحيط الهلال بالنجم في قرص أبيض وسط العلم التونسي.

وعند إعلان الحماية الفرنسية على تونس 12 مايو/أيار 1881 فرض الاحتلال علمه إلى جانب العلم التونسي، لكن سرعان ما اندمج العلمان فظهر علم جديد، ولكن في أعلى العلم التونسي بمساحة صغيرة يقبع العلم الفرنسي.

وبعد حصول تونس على استقلالها عام 1956، أطيح بالعلم الفرنسي من داخل العلم التونسي، وعقب استقلال البلاد وإعلان الجمهورية قرر المجلس القومي التأسيسي التونسي بالإجماع الحفاظ على العلم الوطني

بالشكل الذي صمّمه حسين باي الثاني، واعتباره رمزًا للسيادة التونسية.

وأقرّ المجلس العلم التونسي في أول يونيو/حزيران 1959، وأدخلت بعض التعديلات على حجم الهلال، وثبّت اللون الأحمر في 3 يونيو/حزيران 1999.

واليوم الأحد، أحيا عشرات التونسيين، تظاهرة "الاحتفاء بالذكرى 190 لاعتماد العلم التونسي"، بإشراف وزارة الشباب والرياضة، ومشاركة منظمات المجتمع المدني وشخصيات عامة،

وبحضور وزيرة الشباب مجدولين الشارني، ووالي (محافظ) مدينة تونس عمر منصور.

ونظّم المشاركون في التظاهرة، التي جاءت بدعوة من المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل (غير حكومي) مسيرة انطلقت من ساحة "باستور" باتجاه ساحة "العلم العملاق" بالعاصمة تونس.

وشهدت التظاهرة تنظيم مهرجان تحية العلم، وعزف فرقة موسيقية تابعة للجيش التونسي للنشيد الوطني.

وفي 30 مارس/آذار الماضي، دشّن رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، علمًا عملاقًا لتونس، بلغت مساحته 294 مترًا مربعًا؛ احتفالًا بحلول الذكرى السنوية الـ61 لاستقلال البلاد عن فرنسا.

ويبلغ طول العلم 21 مترًا، فيما كان عرضه 14 مترًا، ورُفع على سارية بطول 60 مترًا.

غير أن المؤرخ التونسي، محمد ضيف الله، اعتبر أن "مرور 190 عامًا على اعتماد العلم التونسي غير دقيق".

وقال، في حديث للأناضول، إنه "في عام 1827 وقعت معركة حربية (نافرين) بين الأسطول العثماني من جهة، والأسطول المشترك بين بريطانيا وفرنسا وروسيا (كانت مساندة لاستقلال اليونان آنذاك)".

وأشار إلى أن "هذه المعركة انتهت بهزيمة الأسطول العثماني، الذي شاركت فيه، إضافة إلى الدولة العثمانية المركزية، دول أخرى منها تونس رافعة العلم العثماني".

واستبعد ضيف الله، أن "تكون تونس قد تبنت علمًا جديدًا في تلك السنة (1827) أي منذ 190 عامًا".

ورجح أن "الفكرة ربما أتت منذ ذلك الحين، وحاكم تونس حسين باي قرر آنذاك اعتماد علم يميز السفن التونسية عن بقية السفن العثمانية مع المحافظة في نفس الوقت على التحالف".

وأضاف: "هناك من يعيد نشأة العلم إلى عام 1831 وهناك من يعيده إلى 1835، ولكن بصفة رسمية تم تبنيه بصفة أدق في عهد أحمد باشا باي في 1837،

وهذا الباي كان معروفا بإصلاحاته حيث تبنى بعض مظاهر السيادة منها إصلاحات عسكرية وإنشاء مدرسة حربية، وإنشاء العلم التونسي".

ومضى قائلًا: "أستطيع القول إنه تم اعتماد العلم فعليًا في 1837، وبذلك فإن عمره 180 عامًا، وهو يعتبر العلم العربي الأقدم".

وبحسب المؤرخ التونسي، فإن علم بلاده حافظ على استمرارية اللونين الأحمر والأبيض المستوحاة من العلم العثماني.

وعن مميزات ألوانه، أوضح أن "اللون الأحمر يبدو أكثر وضوحًا، عندما يكون فوق سفن بحرية، كما كان اللون الأحمر يرمز إلى العثمانيين، ففي التاريخ الإسلامي كل دولة خلافة سواء العباسية

أو الأموية أو الفاطمية أو العثمانية، اتخذت لها ألوان أعلام تميّزها، وهذه الألوان تعد مظهرًا من مظاهر السيادة، أما اللون الأبيض فيرمز للسلام".

ونوّه ضيف الله إلى أن "الهلال كرّسته الدولة العثمانية، مقابل الصليب، بالنسبة للدول المسيحية، والهلال يرمز إلى الإسلام ووحدة المسلمين، أما النجم فيرمز إلى قواعد الإسلام الخمس".

ولفت المؤرخ التونسي إلى أن الشبه الكبير بين خصائص العلمين يعكس علاقة متينة بين البلدين ونوعًا من الاستمرارية والتواصل.

واليوم، يرفرف العلم التونسي على جميع المباني العامة، ومقرات المنظمات الإقليمية والدولية ومراكز البعثات الدبلوماسية التونسية، ويتم عرض العلم التونسي خلال الاحتفالات الوطنية،

ومنذ سبتمبر/أيلول 1989، أصبحت تحية العلم التونسي إلزامية في جميع مدارس البلاد.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.