السياسة, الدول العربية

الجدار الإسرائيلي الفاصل يهدد مصير 17% من المعالم الأثرية الفلسطينية (تقرير)

يقدر خبراء فلسطينيون عدد المواقع الاثرية التي عزلها الجدار الإسرائيلي الفاصل بنحو 1185، وهي تشكل 17% من عدد المواقع التي جرى احصاؤها.

Qays Abu Samra  | 21.02.2018 - محدث : 21.02.2018
الجدار الإسرائيلي الفاصل يهدد مصير 17% من المعالم الأثرية الفلسطينية (تقرير)

Ramallah
رام الله/ أيسر العيس/ الأناضول-

مئات المواقع والمعالم الأثرية الفلسطينية، أصبحت في مهب الضياع والخراب، عقب شروع إسرائيل في بناء الجدار الفاصل بالضفة الغربية والقدس، منذ عام 2002، ليعزل أكثر من 17% من تلك المواقع، ويجعلها خارج السيطرة الفلسطينية.

ويقدر خبراء فلسطينيون عدد المواقع والمعالم الأثرية التي أصبحت تقع خلف الجدار، بنحو 1185، إلى جانب عدد كبير من الخرب والبيوت التاريخية.

وبحسب إحصائيات استندت لمسوحات بريطانية وإسرائيلية وفلسطينية منفصلة، بلغ عدد المواقع والمعالم الأثرية المنتشرة في الضفة الغربية أكثر من 7000 موقع ومعلم أثري.

ويبدو أن غياب عملية تقييم أثرية وبيئية مسبقة، خلال تحديد مسار الجدار الإسرائيلي بالضفة والقدس، سيؤدي الى تدمير منهجي لهذه المعالم، ويحرم الفلسطينيين من جزء كبير من تاريخهم وماضيهم، بحسب ما يرى مراقبون.

ووفقا لتقرير أعده خبير الآثار محمد جرادات، فإن مسار الجدار أدى لتدمير نحو 30 موقعا أثريا بشكل كامل، وأن جزءا مهما منها كان بالإمكان الاستفادة منه كمعلم سياحي.

جرادات، بيّن لوكالة الأناضول صعوبة حصر عدد المواقع الأثرية التي عزلها الجدار، بسبب عدم نشر كافة نتائج المسوحات الإسرائيلية التي تغطي الضفة الغربية، وعدم قدرة السلطة الفلسطينية على حصر كل المواقع، لا سيما الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية في مناطق ج.

وقسّمت اتفاقية أوسلو الضفة الغربية إلى 3 مناطق، هي "أ" و"ب" و"ج"، وتمثل المناطق "أ" نحو 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيًا وإداريًا، فيما تمثل المناطق "ب" 21%، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.

أما المناطق "ج"، التي تشكّل 61% من مساحة الضفة، فتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.

وأشار جرادات إلى أن من بين المواقع التي حرم الفلسطينيون من استغلالها، أحراش أم الريحان غرب جنين، التي تحوي مواقع أثرية رومانية، ووضعتها السلطة الفلسطينية ضمن 20 موقعا تنوي ترشيحها ضمن لائحة التراث العالمي التابعة لليونسكو.

ويؤكد جرادات أن المواقع الأثرية الواقعة في القدس وضواحيها، وفي مناطق غرب رام الله، وسط الضفة، كانت الأكثر عرضة للضياع نتيجة بناء الجدار العازل.

ولفت الى موقع خربة صلاح في منطقة السواحرة الشرقية في القدس، التي تعرضت لتدمير واسع، والتي أظهرت التنقيبات الانقاذية السريعة الى بقايا دير بيزنطي تم التعاطي معه بشكل سريع بفك الأرضيات الفسيفسائية ونقلها إلى مستودعات دائرة الآثار الإسرائيلية.

كما أشار إلى موقع تل الرأس شمال شرق طولكرم، الذي يعود اصل نشوء الحضارة فيه الى العصر البرونزي المتأخرة، والورمانية والبيزنطية، والذي مر منه مسار الجدار، ما أدى الى دماره.

صالح طوافشة، مدير عام حماية الآثار في وزارة السياحة الفلسطينية، أكد عدم قدرة الوزارة على معرفة واقع المعالم التي عزلها الجدار.
وقال لوكالة الأناضول، إن تلك المناطق أصبحت خطرا على موظفي وباحثي الوزارة أو غيرهم.

وأضاف:" أي موظف يحاول الاقتراب قد يتعرض لاعتقال او إطلاق نار أو ما شابه".

وحذر من محاولات إسرائيلية لسرقة تلك الآثار، أو تهريبها.

وقلل طوافشة من إمكانية قيام اليونسكو بدور فعال في حماية تلك الآثار أو استرجاعها، معتبرا أن إسرائيل "ضربت بعرض الحائط كل القوانين والمعاهدات الدولية، وتأثير اليونسكو عليها محدود جدا، بعد قرار إسرائيل الانسحاب منها".

وفي أكتوبر/تشرين أول 2017، أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي، لوزارة خارجيته الذي يحمل حقيبتها، بالتحضير للانسحاب من اليونسكو، متهما المنظمة بـ"الانحياز للفلسطينيين".

وجاء قرار نتنياهو، آنذاك، عقب اعتماد المجلس التنفيذي ليونسكو، في 18 أكتوبر/تشرين أول 2017، قرار "فلسطين المحتلة" الذي نص على "وجوب التزام إسرائيل بصون سلامة (المسجد الأقصى/الحرم الشريف) وأصالته وتراثه الثقافي وفقاً للوضع التاريخي الذي كان قائماً فيه، بوصفه موقعاً إسلامياً مقدساً مخصصاً للعبادة".

وفي 7 تموز/يوليو 2017، قررت لجنة التراث العالمي، التابعة لليونسكو، إدراج البلدة القديمة في مدينة الخليل الفلسطينية على قائمة التراث العالمي.

وتعتبر البلدة القديمة في الخليل رابع موقع ثقافي فلسطيني يدرج على قائمة التراث العالمي بعد القدس (البلدة العتيقة وأسوارها)، وبيت لحم (مكان ولادة السيد المسيح: كنيسة المهد ومسار الحجاج)، وبتير (المشهد الثقافي لجنوب القدس).

من جانبه، اعتبر جهاد ياسين، مدير عام المقتنيات في السياحة الفلسطينية، أن "تطويع" مسار الجدار لمصادرة مواقع أثرية، يمثل جزءا من خطة إسرائيلية ممنهجة وشاملة لتزوير التاريخ.

ولفت إلى أن " بناء الجدار والمستوطنات، يتوازى مع تغيير معالم وأسماء الطرقات والأماكن، ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، ويلتقي كل ذلك في مسعى لتهويد كل ما هو فلسطيني".
وبين لوكالة الأناضول أن الوزارة "تعكف على خطة من أجل توثيق مختلف المواقع الأثرية والتاريخية، ودراسة إمكانية رفعها لجهات دولية للمطالبة بعودتها للملكية الفلسطينية".

تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل بدأت ببناء الجدار بين الضفة الغربية وإسرائيل عام 2002، في عهد حكومة أرئيل شارون، بدعوى "منع تنفيذ هجمات فلسطينية ضد إسرائيل"، ويطلق الفلسطينيون عليه "جدار الفصل العنصري".

ووفق تقديرات فإن مساحة الأراضي الفلسطينية المعزولة والمحاصرة بين الجدار وحدود 1948 (إسرائيل)، بلغت حوالي 680 كم مربع عام 2012، أي أنه يلتهم نحو 12% من مساحة أراضي الضفة الغربية.

وفي العام 2004، اتخذت محكمة العدل الدولية، التابعة للأمم المتحدة، قرارا استشاريا يقضي بإدانة وتجريم جدار الضم والتوسع، كما اعتبر قرار المحكمة، الاستيطان الإسرائيلي بأشكاله كافة، غير شرعي، ومنافي للقانون والشرعية الدولية. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.