دولي

شرطة فرنسا غاضبة.. فهل من مُجيب؟

مظاهرات متواصلة منذ خمسة أيام احتجاجا على ظروف العمل، وهولاند يعقد اجتماعا مع نقابات الشرطة الثلاثاء المقبل

Seif Eddine Trabelsi  | 22.10.2016 - محدث : 22.10.2016
شرطة فرنسا غاضبة.. فهل من مُجيب؟

Tunisia

سيف الدين الطرابلسي / الأناضول

"الشرطة في غضب".. هكذا قرر لفيف من الشرطة الفرنسية، قبل أيام، الاحتجاج في العاصمة باريس ومدن أخرى، في مظاهرات يبدو أنها ستتواصل رغم محاولات الحكومة نزع فتيلها قبيل أشهر من الانتخابات الرئاسية.

غضبٌ غير مرخص أشعله اعتداء على زملاء لهم بزجاجات مولوتوف من قبل متظاهرين في إحدى ضواحي باريس في الثامن من أكتوبر/تشرين أول الجاري، فأعلن هؤلاء أنهم "لم يعودوا مجهزين بما يكفي للدفاع عن أنفسهم".

وعلى مدار خمس ليالي بدأت الإثنين الماضي، جاب المئات من عناصر الشرطة، شوارع العاصمة ومدن أخرى، احتجاجاً على الظروف الصعبة التي يعملون فيها وتعرضهم للمخاطر باستمرار من "دون حماية كافية". مرددين هتافات من قبيل "استقالة كازنوف" و"استقالة فالكون"، في إشارة إلى وزير الداخلية بيرنار كازنوف والمدير العام للشرطة الوطنية جان مارك فالكون.

تحركُ استدعى تدخلاً من الرئيس فرانسوا هولاند الذي أعلن، يوم أمس الجمعة، أنه سيستقبل ممثلي نقابات الشرطة مطلع الأسبوع الجاري، في محاولة منه على ما يبدو لامتصاص غضب هؤلاء، وفق مراقبين، وذلك قبل مظاهرات دُعي لها أمام قصر العدل، الثلاثاء المقبل.

فما تأثير هذا الغضب في بلد يقف على عتبة استحقاق انتخابي لأحزاب اليمين في نوفمبر/تشرين ثان المقبل تمهيداً لرئاسيات 2017 في ظل ظروف أمنية تستدعي أن تكون الشرطة في الجبهة الأمامية لحماية الأراضي الفرنسية لاسيما في ظل استمرار حالة الطوارئ التي أعلنتها البلاد في أعقاب هجمات باريس التي وقعت في نوفمبر/تشرين ثان 2015 وأودت بحياة 130 شخصاً، وتبناها تنظيم "داعش"؟.

رجل القانون "ماتيوس فيليب"، قال للأناضول إن "ما نراه اليوم من مظاهرات عشوائية للشرطة في الشوارع أمر غير مسبوق في فرنسا".

النزول إلى الشوارع بدون ترخيص وخاصة من قبل رجال الأمن "فيه كثير من التجاوزات"، وفق ما يرى "فيليب".

فالتجاوزات هنا في نظر رجل القانون تتمثل في أن "فرنسا تعيش حالة طوارئ وليس من حق الشرطة التظاهر والإضراب في مثل هذه الحالات، وهذا أمر معلوم ومنصوص عليه في القوانين الداخلية التي تنظم عمل الشرطة".

أمرٌ ثان، وهو أنه ليس هناك أي مواطن له الحق في التظاهر الفوضوي، وبدون إذن من السلطة، بما في ذلك رجال الأمن والشرطة".

ثالثاً أن "هذه المجموعات استعملت سيارات وأسلحة الشرطة وهي ملك للدولة، وهذا أمر ممنوع".

وعلى خُطى "فيليب"، انتقد "كريستوف كومباديليس" الأمين العام للحزب الاشتراكي (الحاكم)، والذي صرح قبل يومين لوسائل إعلام، بأنه يرى بصمات اليمين المتطرف وراء هذه التحركات.

وبشكل مباشر، اتهم "كومباديليس"، حزب الجبهة الوطنية (يمين متطرف) الذي تقوده مارين لوبان بتحريك هذه المظاهرات.

وهو ما لفت إليه المدون اليساري "سيباستيان لومبار" الذي قال إن الدعوات للتظاهر انطلقت من "مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي التي يديرها مدونون محسوبون على اليمين المتطرف العنصري، كانت معزولة و لم يعر لها أحد اهتمام".

مستدركاً "لكن بعد نزول مجموعات من الشرطة للشارع بهذا الشكل، أصبحت هذه الدعوات تتصدر المشهد الآن".

من جهته، قال الإعلامي الفرنسي "برينو روجي بوتي" في تدوينة على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إن "تظاهر الشرطة الفوضوي في الشارع وهم ملثمين أثار خوف الناس".

وذهب الإعلامي إلى وصف هذا الأمر "بسلوك عصابة لا سلوك رجال أمن".

المحلل السياسي الفرنسي "لوران كوتيي" رأى أن ما يقع الآن من قبل الشرطة "أمر غير مسبوق".

وقال "كوتيي" للأناضول إن "نزول أي قوة حاملة للسلاح إن كانت من الجيش أوالشرطة بدون أوامر قياداتها أمر كنا نراه في دول العالم الثالث أو الدول التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي، هذا المشهد نراه اليوم في باريس".

مضيفاً "صحيح أن الشرطة الفرنسية تمر بفترة صعبة جداً منذ هجوم شارلي إبدو بداية 2015، وما تلاه من هجمات إرهابية أواخر العام في باريس، وهو يجعل أعوان الأمن يعيشون تحت ضغط مستمر، ولكن هذا لا يبرر أن يصبحوا هم من يساهمموا في الفوضى في الطريق العام".

الإعلامي المختص في الشؤون الأمنية "بيير بيروتان" له رأي آخر في هذه المظاهرات، وهو أنه "تعبير عفوي عن الغضب".

"بيروتان" قال للأناضول "قطعاً هناك أطراف سياسية أبرزها اليمين المتطرف تعمل على ركوب الحدث والاستفادة منه، ولكن الانطلاقة لم تكن مسيسة وهي تعبير عفوي عن الغضب".

وأردف "رجال الأمن يريدون إسماع صوتهم لا أكثر".

وفي تفسيره لهذا السلوك أوضح أنه "ليس هناك مطالب دقيقة ومحددة، ولكن هناك غضب عام ناتج عن نقص في الإمكانيات، وساعات العمل الطويلة".

ويشير "بيروتان" إلى الارتفاع في عدد الهجمات التي تتعرض لها الشرطة "وفي المقابل لا يشعر رجال الأمن أن القضاء يعاقب هؤلاء بالحزم المطلوب". معتقداً أن "كل هذه التراكمات هي التي أنتجت هذه المظاهرات العشوائية".

الإعلامي نفسه اختتم حديثه بتحميل القيادة النقابية للشرطة جزء من المسؤولية "ما حصل هو أيضاً نتيجة فشل القيادة النقابية للشرطة التي لم تنجح في صياغة مطالب واضحة تقدمها لوزارة الداخلية والحكومة، النقابة فشلت في تأطير الغضب المستمر منذ فترة لدى رجال الأمن، هذا إن لم تساهم في تفاقمه".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın