مراقبون عرب: فوز الإصلاحيين لن يغير سياسة إيران في المنطقة

إسطنبول/إحسان الفقيه/الأناضول

رأى مراقبون عرب متابعون للشأن الإيراني، أن فوز الإصلاحيين في الانتخابات التي جرت مؤخرًا في إيران، لن يغير السياسة الخارجية لطهران في المنطقة، بسبب ما وصفوه بخضوع تلك السياسة للسلطة الدينية المتمثلة في المرشد الأعلى للثورة.

وأظهرت نتائج انتخابات البرلمان ومجلس الخبراء - الذي ينتخب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية - فوز التيار الإصلاحي المكوّن من عدة تكتلات سياسية ذات ميول يسارية، والذي ينتمي إليه الرئيس حسن روحاني، على التيار المحافظ الذي تمتع بأغلبية برلمانية طيلة 3 دورات انتخابية متتالية، ما أثار التساؤلات حول مدى احتمالية تغيّر السياسة الخارجية لإيران في المنطقة.

من جانبه، شبّه الباحث اليمني ياسين التميمي، فوز الإصلاحيين في مجلس الخبراء بـ "فوز الرئيس روحاني بمنصب الرئاسة، الذي لم ينعكس على سياسة إيران تجاه دول المنطقة العربية".

وقال التميمي، للأناضول، إنه "من السابق لأوانه الحديث عن تغيّر جوهري في السياسة الخارجية الإيرانية نتيجة التقدم الذي أحرزه الإصلاحيون في مجلس الخبراء".

وأضاف التميمي، أن النتائج عكست "أولويات الشعب الإيراني الذي ضاق ذرعًا بنفوذ المحافظين، وانطلق بثورة شعبية جرى قمعها بقوة، ومع ذلك ظلت مؤسسات نظام الولي الفقيه متحكمة بمفاصل القرار الإيراني"، حسب تعبيره.

وفي ذات السياق، لم يجد التميمي ثمة ما يشير إلى "فروقات واضحة بين الإصلاحيين والمحافظين في مواقفهم من قضايا المنطقة"، مؤكدًا "البون الشاسع بين إرادة الشعب الإيراني الذي يريد التركيز على قضايا الإصلاح السياسي والتنمية الاقتصادية، وتوجهات النخبة الإصلاحية أو المحافظة في التركيز على السياسات الخارجية وزيادة النفوذ الإيراني".

وأردف قائلًا، "ومع هذا هناك دلائل على إجماع إيراني شعبي وسياسي على الأولويات الداخلية ذات الطابع الاقتصادي".

وأشار الباحث اليمني، إلى ما وصفه بـ "المسافة الشاسعة بين الرئيس الإصلاحي والمرشد الأعلى الذي يتحكم بالسياسة الخارجية ويمسك بالقرار الأمني والعسكري، إضافة إلى قنوات تأثير موازية تصب في خدمة سياسات المرشد باعتباره مرجعًا دينيًا"، لافتا أن "مجمل السياسة الإيرانية تجاه اليمن لن تشهد أي تغيير جوهري".

وتدعم إيران انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية في اليمن، وترفض العمليات العسكرية التي يشنها التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين.

ورأى التميمي، أن فوز الإصلاحيين لن يقود إلى "تغييرات طموحة على المدى القريب طالما ظلت السياسة الخارجية الإيرانية خاضعة لإرادة المرشد الأعلى وسلطاته المطلقة"، على حد تعبيره.

من جانبه، تحدث الإعلامي اللبناني، حسين شمص، إلى الأناضول قائلًا، "إن السياسات الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية لا ترتبط بمجلس الخبراء أو مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) إنما بالنظام وبقائد الثورة رغم تداول السلطة بين المحافظين والإصلاحيين".

ورأى، بناء على ذلك، "عدم حدوث أي تغيير في سياسات إيران الخارجية، خاصة في لبنان".

وقال مستدلًا بتصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن الانتخابات ونتائجها سيكون لها "تأثير كبير على الملفات الداخلية فقط، وفي مقدمتها الملف الاقتصادي الذي يعطيه روحاني أهمية كبرى في سياسته، ويسعى لخصخصة بعض المجالات".

وحول طبيعة العلاقة بين إيران والأطراف اللبنانية، واحتمالات انعكاس نتائج الانتخابات على سياسة إيران في لبنان، أضاف شمص، "إن الجمهورية الإسلامية تتواصل بشكل دائم مع كل الأطراف اللبنانية، بما فيها أطراف أساسية في قوى 14 آذار، كحزب الكتائب".

ورأى أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة "الانفتاح الإيراني على الغرب بعد توقيع الاتفاق النووي ورفع العقوبات الدولية"، حسب تعبيره، داعيًا الدول العربية إلى "منافسة الغرب في بناء علاقات أخوية تصب في مصلحة شعوب المنطقة مع الجمهورية الإسلامية النووية"، كما وصفها.

أما الخبير اللبناني في شؤون حزب الله، قاسم قصير، فقد ركّز خلال حديثه إلى الأناضول على ارتباط "السياسة الخارجية الإيرانية بشخص المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، وليس بمجلس الخبراء، أو مجلس الشورى الإسلامي".

وقال قصير، إن أية نتائج للانتخابات الإيرانية، سواء كانت لصالح المحافظين أو الإصلاحيين "لن يكون لها أثر في المدى المنظور على حزب الله ولبنان"، معللًا ذلك بوجود ما أسماه "توافق إيراني داخلي في مراكز القرار على دعم حزب الله".

وحول سياسات إيران في المنطقة واحتمالات حدوث تغييرات في الموقف من بعض الملفات الشائكة في المنطقة، عبّر قصير عن اعتقاده بـ "ثبات السياسة الخارجية الإيرانية"، وتطرق للملف السوري قائلًا، "إن إيران تدعم الاتفاق الروسي الأمريكي على وقف النار، والمضي قدمًا في الحل السياسي للأزمة".

وعن الموقف من العراق، أكد قصير على "استمرار الدعم الإيراني للحكومة العراقية في مواجهة تنظيم داعش"، مشددًا على أن إيران "تدعم إجراء انتخابات رئاسية لبنانية تضمن حصر القرار بيد حزب الله والأطراف اللبنانية"، بحسب تعبير الخبير اللبناني.

أما الباحث العراقي، نزار السامرائي، مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، فقد أكد على أن "الانتخابات الإيرانية ليست أكثر من لعبة سياسية تحاكي العالم الغربي للإيحاء بنجاح سياسات إيران فيما يتعلق بالملف النووي".

ورأى في اتصال مع الأناضول أن الانتخابات تحمل في طياتها "رسالة أخرى إلى الداخل بأنّ الاتفاق النووي بدأ يعطي نتائجه في التوجه نحو التنمية الاقتصادية وتقليل الإنفاق على الدور الخارجي".

وحول انعكاسات نتائج الانتخابات على الدول العربية، والعراق خاصة، لم يجد السامرائي أي "فرق بين سياسة المحافظين والإصلاحيين تجاه العرب والعراق"، حسب رأيه.

وأضاف، أن "الانتخابات الإيرانية منذ سيطرة المنظومة الدينية على الحكم تحكمها النتائج المسبقة وفقًا لما يتفق والمصالح الإيرانية العليا كما ترسمها دوائر القرار، ممثلة بالمرشد الأعلى وعدد من المؤسسات النافذة المرتبطة به، لا كما تعكسها توجهات الشعب الإيراني المتطلع للحرية والنماء الاقتصادي والانفتاح على العالم الخارجي"، بحسب السامرائي.

أما رئيس حزب العدالة والتنمية السوري المعارض، عمر شحرور، فقد كشف للأناضول، أن "خسارة إيران 3 آلاف مقاتل من فيلق القدس والحرس الثوري في سوريا، والإنفاق الهائل من الميزانية الإيرانية لدعم وتمويل الحرب، قد أثّر على الوضع الاقتصادي الداخلي، وأدى إلى تحول اتجاهات الرأي العام الإيراني نحو الإصلاحيين، على أمل استثمار نجاحات الرئيس الإصلاحي حسن روحاني في الاتفاق مع الدول المعنية بالملف النووي، وما تبعه من رفع القيود عن الأصول الإيرانية المجمدة لمزيد من فرص التنمية الاقتصادية الداخلية".

وكان الرئيس الإيراني، قد ركز في أول تصريح له بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات، على الشأن الداخلي، دون التطرق إلى الشؤون الإقليمية أو الدولية، حيث قال "حان الوقت لتنمية اقتصادية وفق القدرات المحلية والفرص الدولية"، في إشارة إلى الاتفاق الأممي حول البرنامج النووي، ورفع الحظر عن الأصول الإيرانية المجمدة اعتبارًا من منتصف كانون الثاني/ يناير 2016.

وتوقع شحرور، أن يكون لنتائج تقدم الإصلاحيين "أثر إيجابي على مجمل الوضع في سوريا"، خاصة وأن ذلك "يتزامن مع التدخل العسكري الروسي الذي ألجم الدور الإيراني"، حسب تعبيره، مضيفًا أن "روسيا استلمت الدور الريادي في سوريا، وأصبحت هي اللاعب الأول وهي من تقرر مصير الحكم في سوريا، وليس إيران".

وأكد شحرور، أن "بروز الدور الروسي في سوريا أعطى دفعة للحل الأممي من خلال العملية التفاوضية لتحقيق انتقال سلمي للسلطة يُستبعد منها بشار الأسد وهو ما تم الاتفاق عليه بموافقة روسيّة وفق القرار 2254، الذي يؤكد على خروج جميع القوات الأجنبية من البلد، بما فيها الميليشيات الشيعية العراقية، والحرس الثوري الإيراني، وحزب الله اللبناني، أي جميع أذرع إيران في سوريا"، على حد قوله.

وأضاف، "نحن كسوريين، ندرك تمامًا أن الحكم الإيراني منذ نجاح ثورة 1979 وحتى اليوم، هو نظام حكم معادي لتطلعات الشعب السوري وشعوب المنطقة"، من وجهة نظره، مطالبًا ما أسماه "قوى الثورة والمعارضة ممثلة بهيئة التفاوض" إلى "الحوار مع الأصدقاء والأعداء على حد سواء".

واختتم حديث للأناضول، بالقول، "نحن لا نخشى الجلوس إلى أي أحد كان، والحوار معه تحت سقف ثوابت الثورة السورية".