"الاعتقال الإداري"...أقسى تحدٍ يواجهه المعتقلون الفلسطينيون
هذا النوع من الاعتقال، يتم دون أي محاكمة، ولمدة تتراوح بين شهر إلى ستة أشهر، قابلة للتجديد بشكل متواصل، بذريعة وجود "ملف سري" للمعتقل
Gazze
غزة/محمد ماجد/الأناضول
لا يخشى المعتقلون الفلسطينيون، في السجون الإسرائيلية، شيئا، كخشيتهم من "الاعتقال الإداري".
فهذا النوع من الاعتقال، يتم دون أي محاكمة، ولمدة تتراوح بين شهر إلى ستة أشهر، قابلة للتجديد بشكل متواصل، بذريعة وجود "ملف سري" للمعتقل.
ولا يحق للمعتقل أو محاميه، الاطلاع على هذا الملف.
وتلجأ إسرائيل لاستخدام هذا "السلاح"، ضد القادة والشخصيات الاعتبارية الفلسطينية، حينما تعجز عن تقديم لوائح اتهام بحقهم، بحسب مؤسسات حقوقية.
وقد يقضي المعتقل عدة سنوات، في السجن، تحت بند الاعتقال الإداري، قبل أن تُفرج عنه السلطات الإسرائيلية، لفترة محدودة، وتعيد اعتقاله مجددا كي تخضعه مرة أخرى للاعتقال الإداري، بحسب معتقلين ومنظمات حقوقية.
ولذلك، يعتبر المعتقلون قرار "الاعتقال الإداري"، أقسى تحدٍ، و"معاناة" قد تواجههم داخل السجن.
وتصف منظمات حقوقية دولية وفلسطينية قرار "الاعتقال الإداري" بأنه سيف مسلط على رقاب المعتقلين.
وبدأ الاعتقال الإداري في فلسطين، عام 1945، على يد سلطات الانتداب البريطاني.
وكانت السلطات قد اعتقلت عددًا من الفلسطينيين، وحولتهم للاعتقال الإداري، لعدم وجود أدلة كافية تثبت التهم الموجه إليهم.
وعقب الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، عام 1967، لجأت إسرائيل إلى تطبيقه ضد الفلسطينيين.
وتقول جمعيات ومنظمات حكومية وأهلية معنية بشؤون الأسرى إن السلطات الإسرائيلية، تعتقل الفلسطينيين وتحولهم للاعتقال الإداري، بناء على توصيات جهاز المخابرات استنادًا إلى ملف سري، لا يعرض على المعتقل أو محاميه.
وبموجب هذا القانون تحتجز إسرائيل في سجونها حاليا، نحو 500 معتقل فلسطيني، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين (حكومية).
وتقول المؤسسات الحقوقية إن إسرائيل تلجأ إليه، كإجراءٍ "عقابي" ضد من لا تستطيع توجيه لوائح اتهام ضدهم، مستندة بذلك إلى قانون الطوارئ الذي ورثته عن الانتداب البريطاني، بعد أن أضافت مزيداً من الأوامر لتوسيع دائرة الاعتقال.
وتقول هيئة شؤون الأسرى في بيان تلقت وكالة الأناضول نسخة منه بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني إن السلطات الإسرائيلية، صعدت في الآونة الأخيرة من إصدار أوامر الاعتقال الإداري بحق الفلسطينيين، "ودون تمييز بين كبير وصغير ورجل وامرأة".
وقالت الهيئة، إن السلطات الإسرائيلية أصدرت منذ عام 2000، 26 ألف أمر اعتقال إداري، ما جعله وسيلة للعقاب الجماعي، مشيرة إلى أن هذا يعتبر جريمة حرب من منظور القانون الدولي.
وأضافت الهيئة:" الاعتقال الإداري تحوّل إلى سيف للقهر والتعذيب النفسي بحق الأسرى، وبديلًا عن إجراءات المحاكمة العادلة، حيث يستند إلى اعتقال تعسفي وبأوامر عسكرية دون الاستناد إلى أمر قضائي أو لوائح اتهام محددة".
ويُجدَّد الاعتقال حال إقرار قائد المنطقة (القائد العسكري في الجيش الإسرائيلي) بأن وجود المعتقل ما زال يشكل خطرًا على أمن إسرائيل.
ويُعرض التمديد الإداري للمعتقل على قاضٍ عسكري، لتثبيت قرار القائد، وإعطائه "صبغة قانونية".
وتستهدف إسرائيل من خلال هذا القانون اعتقال شخصيات مؤثرة في المجتمع الفلسطيني، كنواب المجلس التشريعي (البرلمان)، وأكاديميين، وأساتذة جامعات، وشخصيات اجتماعية بارزة وسياسية أيضًا، وصحفيين.
ويقول عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، لوكالة الأناضول إن السلطات الإسرائيلية جعلت من "الاعتقال الإداري" وسيلة للعقاب الجماعي.
وأضاف:" الاعتقال الإداري أداة إسرائيلية ضد حرية الرأي والتعبير، وبهدف التنكيل والقمع بالفلسطينيين".
وتابع:" يشكل الاعتقال الإداري، تحديا قويا للمعتقلين، كما أنه من الناحية القانونية جريمة خاصة إذا ما أدركنا وعلمنا بتطبيقه بحق عشرات الآلاف من الفلسطينيين".
وشدد على أن السلطات الإسرائيلية جعلت من الاعتقال الإداري أشبه بسياسة "العقاب الجماعي".
واستدرك:" وهي بذلك تضرب كافة المواثيق الدولية بعرض الحائط".
وبحسب المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية والحقوقية فإن سجن أي شخص دون توجيه تهمة له أو تقديمه للمحاكمة خلال فترة زمنية محددة، يعدّ خرقاً خطيراً لحق الفرد في الحماية من الاعتقال التعسفي، كما يحقّ لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني الحصول على تعويض.
ومنذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس عام 1967، ارتفعت معدّلات المعتقلين إدارياً.
وبحسب إحصائيات نادي الأسير الفلسطيني، صدر منذ العام 1967 أكثر من (50) ألف قرار، ما بين قرار جديد أو تجديد الاعتقال الإداري.
وأشار فروانة إلى أن المعتقلين يواجهون القرار بأسلوبين، الأول "الصمود والثبات"، والثاني، الإضراب عن الطعام.
وقال:" الإضراب خيار مؤلم وقاسٍ، ويحتاج إلى مساندة المعتقلين على المستوى الرسمي والحقوقي".
وفي عام 2014 أعلن 130 معتقلا إدارياَ إضرابا عن الطعام، استمر 63 يوما، مما دفع إسرائيل في الحالتين إلى التعهد بإعادة النظر في الاعتقال الإداري، وهو ما لم يحدث حتى اليوم.
وسجّل "سامر العيساوي"، أطول إضراب عن الطعام في السجون الإسرائيلية ينّفذ بشكل فردي، واستمر طيلة 227 يوما، بين أغسطس/آب عام 2012 وأبريل/نيسان عام 2013، احتجاجاً على اعتقاله الإداري.
ومن أشهر المعتقلين المضربين عن الطعام، بلال كايد أحد نشطاء الجبهة الشعبية، الذي استمر في إضرابه 71 يوما، احتجاجا على عدم إطلاق سراحه، رغم انتهاء فترة محكوميته البالغة 15 عاما، وتحويله للاعتقال الإداري.
والإضراب المفتوح عن الطعام، هو امتناع المعتقل عن تناول كافة أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناول المعتقلين باستثناء الماء وقليلٌ من الملح.
ويعتبر "خضر عدنان" أول من خاض إضرابا مفتوحا عن الطعام في مايو/أيار 2015، واستمر "66" يوما رفضا للاعتقال الإداري.
وعلق مطلع الشهر الماضي الصحفي الفلسطيني محمد القيق، إضرابه عن الطعام بعد 32 يوما من خوضه، إثر اتفاق مع السلطات الإسرائيلية بعدم تمديد اعتقاله الاداري، والإفراج عنه منتصف الشهر المقبل.
وتلك هي المرة الثانية التي يخوض فيها القيق إضراباً عن الطعام، إذ سبق أن خاض إضراباً مماثلاً ضد اعتقاله الإداري العام الماضي، استمر 94 يوماً.
وتعتقل إسرائيل في سجونها نحو 6500 معتقل فلسطيني، حسب إحصاءات فلسطينية رسمية حديثة.
ويحتفل الفلسطينيون اليوم الإثنين بيوم الأسير الفلسطيني، عبر فعاليات تستمر أسبوعا.