6 هجمات على بعثات دبلوماسية بليبيا منذ سقوط القذافي
تتوالى الهجمات على البعثات الدبلوماسية بليبيا منذ سقوط رئيسها الراحل معمر القذافي في أكتوبر/تشرين الأول 2011، حيث استهدفت صباح اليوم الثلاثاء سيارة مفخخة السفارة الفرنسية في العاصمة طرابلس.
هاجر الدسوقي
القاهرة ـ الأناضول
تتوالى الهجمات على البعثات الدبلوماسية بليبيا منذ سقوط رئيسها الراحل معمر القذافي في أكتوبر/تشرين الأول 2011، حيث استهدفت صباح اليوم الثلاثاء سيارة مفخخة السفارة الفرنسية في العاصمة طرابلس، في الهجوم السادس من نوعه على بعثة أجنبية، والأول كاعتداء على المصالح الفرنسية بليبيا ما بعد القذافي.
خبراء سياسيون اعتبروا، في أحاديث منفصلة لمراسلة الأناضول، أن الهجمات المتوالية في ليبيا منطقية في ظل عدم استقرار الظروف الأمنية، وانتشار الميليشيات المسلحة في أرجاء البلاد وسط محاولات من نظام الحكم الجديد لفرض الأمن واستقرار الأوضاع، مشيرين إلى أن "ظروف طرابلس تدفع بها إلى أن تكون قلب الأحداث للمتطرفين، الذين يستغلون وضعها المتوتر بخلاف أي بلد آخر".
وشهدت ليبيا عدة هجمات منذ 10 أبريل/نيسان العام الماضي، حين وقع أول هجوم على بعثة أجنبية عقب ثورة 17 فبراير/شباط 2011، حيث ألقيت حينها قنبلة على قافلة تقل رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا البريطاني ايان مارتن، أثناء زيارته لبنغازي (شرق).
وبعد ذلك بأقل من شهر، وفي 22 مايو/آيار الماضي، أطلقت قذيفة "أر بي جي" على مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بنغازي.
وفي 6، و11 يونيو/حزيران 2012، وقع هجومان متتاليان في مدينة بنغازي، حيث تم إلقاء شحنة ناسفة من سيارة أمام مقر البعثة الدبلوماسية الأمريكية في بنغازي، ثم كان هجوم على قافلة للسفارة البريطانية في بنغازي، وهو ما لم يتسبب في وقوع إصابات.
ورغم أن الهجمات الأربع لم تسفر عن إصابات لكنها بدت لخبراء أمنيين إشارات عن خطورة الأوضاع في ليبيا تزامناً مع حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد، بسبب توفر السلاح في الفترة التي خاضت فيها البلاد انتفاضة مسلحة أدت لسقوط حكم القذافي.
وعقب ذلك بـ 3 أشهر، وبمدينة بنغازي اقتحم ملثمون القنصلية الأمريكية في 11 سبتمبر/أيلول الماضي وشنوا عليها هجوما، أدى إلى مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز وثلاثة آخرين من طاقم السفارة، على خلفية الاحتجاجات التي عمت دول إسلامية ضد الفيلم "المسيء" للرسول محمد خاتم الأنبياء.
وفي سادس هجوم على بعثات دبلوماسية بليبيا، والأول من نوعه كاعتداء على المصالح الفرنسية منذ سقوط القذافي، استهدف صباح اليوم الثلاثاء تفجير سيارة مفخخة السفارة الفرنسية في طرابلس ما ادى إلى اصابة اثنين من الحراس بجروح، أحدهما في حالة الخطر وإلحاق أضرار مادية جسيمة بالمبنى.
أحمد الأمين البشير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة واشنطن قال لمراسلة الأناضول عبر الهاتف إن "الحادث الذي وقع اليوم، ربما يحمل بعداً جديداً لدى مجموعات إسلامية متشددة، من حيث رفضهم التدخل الفرنسي في مالي، ولكن الأهم من ذلك هو استمرار ليبيا بكونها هدفاً للمتطرفين لممارسة هجمات مختلفة، بسبب أوضاعها الغير مستقرة".
البشير أوضح أن "عدم اكتمال مؤسسات النظام الليبي، وعدم قدرته على السيطرة على كافة المفاصل، فضلاً عن وجود ميليشيات، تجعل من ليبيا هدفاً، بخلاف أي دولة أخرى، لتنفيذ هجمات مختلفة الغرض، تارة ضد المسيئين للرسول وتارة ضد المتدخلين في شؤون مالي، وربما نشهد في الأيام القريبة اعتراضات أخرى هناك على سياسات غربية في بعض الدول العربية".
وربط البشير بين ما تعرضت له السفارة الفرنسية في طرابلس وبين ما حدث في هجوم ماراثون بوسطن الأخير في الولايات المتحدة، حيث يكون المقصود من هذه الهجمات "ليس الحكومات ولكن لتمرير رسائل عن الغضب، وكذلك الانتقام كلما أمكن ذلك".
صفوت الزيات، المحلل العسكري المصري، قال للأناضول إن "هجوم اليوم ذو صلة وثيقة بعدم رضا أطراف عدة بالتدخل الفرنسي في مالي، فرغم أن الجانب الفرنسي كان يحظى برضا الشعب الليبي خاصة أن رئيس فرنسا السابق نيكولا ساركوزي كان له دور واضح في مساندة الثوار، عندما شارك في تحالف شن غارات جوية على قوات القذافي، لكن يبدو أن فرنسا تدفع ثمن مغامرتها في مالي".
وأضاف الزيات: "بصرف النظر عن من قام بهذا العمل، لكن الأهم إنه هناك هجمات يقوم بها المتطرفون للتعبير عن رفضهم لممارسات غربية، وأصبحت ليبيا بؤرة تلك الهجمات لأنها الأقرب جغرافياً من تلك الجماعات التي يبدو أنها امتداد لجهاديين متطرفين"، محذراً من "قيامهم (المتطرفين) بهجمات الفترة القادمة في كل من الجزائر والنيجر وبوركينا فاسو".
في السياق ذاته، اتفقت صحيفة "غارديان" و"فايننشال تايمز" البريطانيتين في عددهما الصادر اليوم أن الهجوم الذي شهدته السفارة الفرنسية بليبيا "يرتبط بعناصر تنظيم القاعدة التي تعمل داخل ليبيا، ولها ارتباط بالميليشيات الإسلامية في شمال أفريقيا، والتي كانت قد هددت بمهاجمة المصالح الفرنسية احتجاجا على التدخل الفرنسي في مالي".
وتشن القوات الفرنسية هجوما عسكريا ضد مجموعات متشددة في شمال مالي منذ يناير/كانون الثاني الماضي، بدعوى أنها تهدد الغرب، وتجرى بين الجانبين هجمات كر وفر.