زعيمة ميانمار تحاول التلاعب بالأمم المتحدة (مقال تحليلي)
كتبه الدكتور ماونغ زرني، منسق الشؤون الاستراتيجية في منظمة ائتلاف الروهنغيا الحر، ومستشار بالمركز الأوروبي لدراسة التطرف في مدينة كامبردج ببريطانيا
Cambridgeshire
كامبردج/ الأناضول
في الاجتماع الأول، الذي عقد الأربعاء الماضي، بين زعيمة ميانمار، أون سان سو تشي، ومبعوثة الأمم المتحدة كريستين شرانير برغنر، دعت حكومة ميانمار الأمم المتحدة إلى فهم "الوضع الحقيقي" في إقليم أراكان (غرب)، الذي فر منه نحو 700 ألف من الروهنغيا من ميانمار إلى بنغلادش.
عبارة "الوضع الحقيقي"، دقت أجراس الإنذار في رأسي، لأنها عكست سنوات طويلة من الانتهاكات وأعمال العنف التي ترتكب بشكل مستمر بحق مسلمي الروهنغيا.
ومنذ 13 عامًا، كانت "الحالة الحقيقية في ميانمار"، هي الكلمات ذاتها التي استخدمها الفريق ماينت سوي، رئيس الاستخبارات العسكرية في ميانمار آنذاك، عندما حثني على نقل نهجهم إلى العالم من خلال المقالات، والمقابلات الإعلامية، واجتماعات مع سياسيين ودبلوماسيين.
كان ذلك هو اللقاء الأول من نوعه الذي يجمعني مع "ماينت سوي" في يانغون، بحضور نائبه العقيد ميا تون أوو، الذي أصبح الآن الرئيس المشترك للقوات المسلحة.
وكنت آنذاك قد عدت حديثا إلى بلادي بعد غياب دام في الولايات المتحدة حوالي 17 عامًا، وأنا على رأس المعارضة للحكم العسكري في ميانمار.
وكان الهدف الأساسي من عودتي إلى البلاد هو دعم القيادة العسكرية المحاصرة بسبب العقوبات الغربية ليتم إعادة دمج بلدنا في المجتمع الدولي مجدداً.
وفي فترة ما بعد الحرب الباردة، تم عزل ميانمار بسبب الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان المرتكبة من قبل الجيش.
وكان الفريق "ماينت سوي"، مضيفي الرسمي الذي رتب لي العودة الآمنة والطوعية واستئناف الجنسية الميانمارية.
وفي الوقت المناسب، أدركت تماماً ما الذي كان يعنيه رئيس الجواسيس بـ "الوضع الحقيقي"، أراد ببساطة أن أكون الناطق باسم الجيش، وأن أقدم للعالم صورة جميلة عن أعمال جيش ميانمار، تنافي حقيقته.
واستخدم القائد العسكري خلال حديثه معي عبارات عكست نفاقه؛ مثل "العالم لا يصدقنا"، مؤكداً ثقته أن كلامي سيكون ذو مصداقية بصفتي مواطن، درست وعشت في الغرب لسنوات طويلة.
وبالتالي، سواء كان "الوضع الحقيقي" بالنسبة للجيش يتوافق مع المحن التي يعيشها مسلمي الروهنغيا منذ أعوام أم لا، فإن هذا لا يهم القيادة العسكرية بأكملها.
ومنذ ذلك الحين أنهيت دعمي للقيادة العسكرية التي كنت أعتبرها "إصلاحية".
وقبل عام، أنشأت حكومة ميانمار اللجنة الوطنية في أعقاب الضغط الدولي على مستشارة الدولة للتحقيق في أعمال عنف ارتكبها الجيش العسكري بحق مسلمي الروهنغيا.
إلا أن تقرير اللجنة، الصادر في يناير/كانون الثاني 2017، نفى ارتكاب جرائم الاضطهاد والإبادة ضدّ الروهنغيا في ميانمار، وعلاوةً على ذلك، برّرت اللجنة رد قوات الأمن بأنه قانوني وملائم.
من المؤلم أن نرى أن التاريخ يعيد نفسه، والقادة الوطنيين والسياسيين والعسكريين الحاليين مازالوا يخفون حقائق الجيش القبيحة، ويتلاعبون بها، تماماً كما فعل سابقوهم.
وتواجه " سو تشي"، انتقادات حادة في أنحاء العالم بسبب عدم تعاطفها مع أقلية الروهنغيا المسلمة، التي تعتبر الأكثر عرضة للاضطهاد حول العالم، وتواجه بحسب الأمم المتحدة "تطهيرا عرقيا".
وتعرضت زعيمة ميانمار لسحب عدة جوائز منحت إياها سابقاً، ومنها جائزة متحف الهولوكوست في واشنطن، وجائزة "وسام الحرية" من مجلس مدينة "أكسفورد" في بريطانيا.
من جهتها، اعتبرت منظمة العفو الدولية أن سو تشي، وحكومتها "يدفنون رؤوسهم في الرمال" بتجاهل دور الجيش في العنف.
ومنذ 25 أغسطس/ آب الماضي، أطلق جيش ميانمار ومليشيات بوذية متطرفة موجة جديدة من الجرائم ضد أقلية الروهنغيا المسلمة في إقليم أراكان.
وبحسب معطيات الأمم المتحدة، فر نحو 700 ألف من مسلمي الروهنغيا من ميانمار إلى بنغلادش، 60 بالمائة منهم أطفال، بعد حملة القمع التي وصفتها المنظمة الدولية والولايات المتحدة بأنها "تطهير عرقي".
وجراء تلك الهجمات، قتل ما لا يقل عن 9 آلاف شخص من الروهنغيا، بحسب منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية.