الدول العربية, أخبار تحليلية, التقارير, فلسطين

قرارات "المركزي" الفلسطيني.. لتعزيز نفوذ عباس أم لضخ دماء جديدة؟ (تحليل)

يرى مراقبون أن التعيينات الجديدة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئاسة المجلس الوطني، تُعزز نفوذ الرئيس محمود عباس، في حين رأى آخرون أنها محاولة لـ"ضخ دماء جديدة" بالمنظمة

09.02.2022 - محدث : 09.02.2022
قرارات "المركزي" الفلسطيني.. لتعزيز نفوذ عباس أم لضخ دماء جديدة؟ (تحليل) المجلس المركزي لمنظمة التحرير بمقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله

Ramallah

رام الله/ قيس أبو سمرة ، عوض الرجوب/ الأناضول

اختلفت آراء خبراء سياسيين، حيال قرارات المجلس المركزي الفلسطيني الأخيرة، فرأى البعض أنها "تعزيز لقبضة الرئيس محمود عباس على مقاليد الحكم"، فيما رأى آخرون أنها محاولة لـ"ضخ دماء جديدة في منظمة التحرير الفلسطينية".

وكان المجلس المركزي الفلسطيني، قد استكمل مقاعد شاغرة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وانتخب رئيسا ونائبين للمجلس الوطني، وأمينا للسر.

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، الإثنين، إن عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حسين الشيخ، أصبح عضوا في اللجنة التنفيذية خلفًا للراحل صائب عريقات، ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني (الصندوق السيادي)، محمد مصطفى حلّ بدلا عن حنان عشراوي التي قدمت استقالتها (ديسمبر/كانون الثاني 2021).

وتم انتخاب عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" روحي فتوح، رئيسا للمجلس الوطني.

والمجلس المركزي، هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني (أعلى هيئة تشريعية) التابع لمنظمة التحرير، ومخول بصلاحيات المجلس.

وحملت الدورة الـ31 لاجتماعات المجلس عنوان "تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وحماية المشروع الوطني، والمقاومة الشعبية".

وقاطعت 4 فصائل فلسطينية من داخل منظمة التحرير (لا تضم حركتي المقاومة الإسلامية "حماس" والجهاد الإسلامي)، اجتماعات المجلس المركزي وهي "الجبهة الشعبية"، و"حزب المبادرة الوطنية" و"الجبهة الشعبية-القيادة العامة" و"طلائع حزب التحرير الشعبية"، مبررة ذلك بأن الدعوة للاجتماع تمت "دون توافق وطني".

كما انتقدت حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" بشدة، عقد جلسة "المجلس المركزي".

وتتهم فصائل فلسطينية، حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، بـ"التفرد" في قيادة الشعب الفلسطيني وعدم اتخاذ خطوات حقيقية لإنهاء الانقسام الداخلي، وهو ما تنفيه الحركة.

ويشغل عباس مناصب: رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس حركة "فتح" منذ عام 2004، خلفا للزعيم الراحل ياسر عرفات الذي كان يشغل المناصب الثلاثة.

** انتقاء

ويرى سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدراسات السياسية، أن "التفاهم والتناغم" بين عباس وكل من: حسين الشيخ، ومحمد مصطفى، وروحي فتوح، دفع إلى تبوؤهم هذه المناصب.

وأضاف: "باعتقادي أن هناك انتقاءً بعناية فائقة لهؤلاء الأفراد، ضمن الدائرة الضيقة، أولا لأنهم طوال السنوات الماضية لم يخرجوا عن خط الرئيس عباس، وبالتالي هم من أشد الموالين له، وثانيا هناك تفاهم فيما بينهم على طريقة إدارة الحياة السياسية الفلسطينية ومستقبل السلطة".

ويرى بشارات أن حركة "فتح" تدرك أن المرحلة المقبلة، ستشهد حالة من الفراغ المؤسساتي، إن لم تُرتّب أوراقها، خصوصًا في حال حدوث غياب مفاجئ للرئيس عباس، البالغ من العمر 84 عاما.

وأشار إلى أن الترتيبات الجديدة تهدف إلى "ضمان الانتقال السلس والسلمي، لأي مرحلة مقبلة إذا اقتضى الأمر ذلك".

ويرى بشارات أن انعقاد المجلس المركزي ومخرجاته، جاء ضمن مجموعة محدِّدات، أهمها محاولة حركة "فتح" إعادة لملمة أوراقها التي تبعثرت عقب إلغاء الانتخابات التشريعية العام الماضي، وحدوث حالة من الانقسامات بين تياراتها.

** رسم السياسة الفلسطينية القادمة

من جانبها، تقول نور عودة، المحللة السياسية من رام الله، إن اجتماع المجلس المركزي، وما نتج عنه يهدف إلى "رسم سياسة السلطة الفلسطينية القادمة".

وأضافت عودة، إن تلك السياسة "رُسمت وفُصلت وفق رؤية الرئيس محمود عباس والدائرة الصغيرة المقربة منه".

وتابعت: "بات هناك سلطة مُطلقة للرئيس عباس، وما جرى من اجتماع بطريقة غير شفافة وغير قانونية، يشير إلى ذلك بكل وضوح"، حسب قولها.

وتابعت: "المطلوب أن يُعقد المجلس الوطني وليس المركزي، وينتخب رئيسه، ولجنة تنفيذية (للمنظمة) ترسم السياسات الفلسطينية بطريقة ديمقراطية وشفافة، لكن ما جرى لا صلة له بهذا الشيء".

وأكملت: "المجلس المركزي انتخب رئاسة للمجلس الوطني، كيف للفرع أن ينتخب رئيسا للأساس؟".

** رسائل سياسية

بدوره، يعتقد أيمن يوسف، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية في مدينة جنين (شمال)، أن مخرجات اجتماع المجلس المركزي تؤكد على "تفرد واستحواذ الرئيس الفلسطيني على كافة مقاليد الحكم في منظمة التحرير الفلسطينية، وتحمل رسائل عديدة".

وقال يوسف: "واضح أن عباس ذهب لملء الفراغات في منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني، بأشخاص مقربة منه، وتنسجم مع خطه السياسي، ليرسم المستقبل السياسي الفلسطيني".

ويرى أن تلك التعيينات، والانتخابات، تحمل رسائل أبرزها أنه "يمسك بزمام الأمور، وأن إدارتها بيده، وقوته لم تتأثر رغم الانتقادات التي يواجهها".

وتابع: "هي محاولة لإعادة الروح في مؤسسات منظمة التحرير، في ظل تعثر ملفات رئيسية كالمصالحة الوطنية الداخلية (بين حركتي فتح وحماس) وعقد الانتخابات".

** بث دماء جديدة

ويختلف نعمان عمرو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس المفتوحة برام الله، مع سابقيه، ويرى أن استكمال الشواغر في اللجنة التنفيذية وانتخاب رئيس مجلس وطني، هو "محاولة لبث دماء جديدة في منظمة التحرير الفلسطينية".

وقال عمرو: "اللجنة المركزية لحركة فتح وبالإجماع رشّحت حسين الشيخ وروحي فتوح، وهي قيادات جديدة على هذه المناصب ولها باع في العمل السياسي".

وأضاف: "أعتقد أن ملء شواغر اللجنة التنفيذية للمنظمة، من شأنه إحداث تغيير، وبث دماء جديدة في المنظمة، من أجل تفعيل مؤسساتها وإعادة الاعتبار لها".

واستبعد عمرو، أن يكون للقرار أي تعزيز لقبضة عباس على منظمة التحرير الفلسطينية.

**خطوات عظيمة

وفي ذات السياق، يصف الكاتب يحيى رباح، عقد المجلس المركزي وإضافة وجوه جديدة لهيئة رئاسة المجلس الوطني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بـ "الخطوات العظيمة".

وقال في حديثه للأناضول إن "الإجراءات التي اتخذها المجلس المركزي في ملء الشواغر وتجديد الأجيال خطوات عظيمة، ودليل على عمق الرؤية واتساع الأفق".

وأضاف أن خطوات المجلس "إيجابية؛ عندنا إطارات (سياسية) ونريد تفعليها، والفصائل المعارضة لم تكن موفقة في المقاطعة".

وأضاف: "المجلس المركزي انعقد في ظروف بالغة الصعوبة، ورغم الانتقادات والمقاطعة".

وتابع أنه "من الطبيعي أن تضاف دماء جديدة إلى منظمة التحرير، ولا بد من أجيال جديدة بدل الأجيال التي تقادمت وأصبحت مريضة وأقل قدرة على القيام بواجباتها بسبب الصحة العمر أو الاستقالة".

** تعزيز التمسك بالثوابت

من جهته، يقول الكاتب موفق مطر، إن المجلس المركزي عقد في ظل ظروف بالغة التعقيد، وعزز التمسك بالثوابت الفلسطينية وسينتج عنه تغيير في السياسات الفلسطينية.

وتوقع في حديثه للأناضول أن يتضمن البيان الختامي للمجلس "إعادة النظر في العلاقة مع منظومة الاحتلال، والحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية مع تفعيلها وتطوير مؤسساها وتمتينها".

كما رجّح أن يتضمن البيان الختامي التـأكيد على "الثوابت الفلسطينية وأولها القدس، ليس باعتبارها عاصمة دولة فلسطين، بل لأن القدس روح وجوهر وسر وجود الشعب الفلسطيني، إضافة إلى قضية اللاجئين وحقهم في العودة".

وكان من المفترض أن يصدر بيان المجلس صباح الثلاثاء، لكنه تأخر بسبب وفاة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جمال محيسن، واستشهاد ثلاثة فلسطينيين في نابلس، حسب مطر.

وأضاف أن اجتماع المجلس المركزي سينتج عنه "تعزيز العلاقة مع كل المؤسسات التي تقول إن منظومة الاحتلال هي دولة فصل عنصري، ومع شعوب منظمات وشعوب العالم التي تجاهر بمواقف مماثلة".

وقال الكاتب الفلسطيني إن اجتماع المجلس المركزي جدد الدعوة "للمقاومة الشعبية باعتبارها وسيلة لتحقيق النصر والحرية والاستقلال، بالتوازي مع الحراك السياسي".

واعتبر أن الرسالة الأهم من انعقاد المجلس المركزي: "أننا ثابتون على مبادئنا كما قال الرئيس أبو مازن (..) ولا يمكن نُضيع أو نفرط، مستمرون في مقاومتها وصمودنا".

أما رسالة المجلس إلى المجتمع الدولي، يقول مطر: "صبرنا كثيرا وقدمنا وأوفينا بكل التزاماتنا ولم نجد قرارات فاعلة من المجتمع الدولي، وتحديدا الإدارة الأمريكية".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.