هل تحقق الجزائر شروط الانضمام إلى "بريكس" في 2023؟ (تحليل)
الجزائر بحاجة لمضاعفة صادراتها من الغاز وزيادة صادراتها خارج المحروقات لرفع ناتجها الداخلي الخام فوق 200 مليار دولار
Istanbul
إسطنبول / الأناضول
ـ الجزائر بحاجة لمضاعفة صادراتها من الغاز وزيادة صادراتها خارج المحروقات لرفع ناتجها الداخلي الخام فوق 200 مليار دولارـ روسيا والصين وجنوب إفريقيا وافقوا على انضمام الجزائر لمنظمة بريكس والبرازيل في الطريق بعد عودة دا سيلفا للسلطة، ولا حديث عن الهند
رغم تأكيد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون انضمام بلاده نهاية 2023، لمنظمة "بريكس" بقيادة روسيا والصين، إلا أنه أقرّ بأن ذلك يتطلب تحقيق جملة من الشروط، ما يدعو إلى التساؤل حول ما إذا كانت الجزائر تتوفر فيها هذه الشروط أو قادرة على تحقيقها في غضون نهاية العام المقبل.
و"بريكس" تكتل سياسي واقتصادي عالمي يضم كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
وهناك من يعتبره بمثابة منظمة موازية لمجموعة السبعة الكبار، التي تقودها الولايات المتحدة وعضوية كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان.
وتمثل "بريكس" 41 بالمئة من سكان العالم، و40 بالمئة من مساحته و24 بالمئة من الاقتصاد العالمي و16 بالمئة من التجارة العالمية.
فالصين والهند أكبر بلدين من حيث عدد السكان وثاني وثالث أكبر اقتصادين في العالم على التوالي، وروسيا تملك أكبر مساحة في العالم والمصدر الأول للطاقة عالميا، بينما البرازيل أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، وجنوب إفريقيا أكثر دول القارة السمراء تقدما رغم أن اقتصادها الثالث إفريقيا.
وتسعى دول بريكس لزيادة نصيبها من التجارة العالمية ومن إجمالي الناتج الداخلي الخام، وذلك من خلال ضم دول لها ثقلها الاقتصادي والتجاري والبشري وأيضا من حيث المساحة.
والجزائر تمتلك بعض المقومات التي تمثل إضافة لبريكس، فهي أكبر بلد إفريقي وعربي من حيث المساحة وأكبر مُصدر للغاز الطبيعي في إفريقيا، ورابع أكبر اقتصاد في القارة السمراء، وديونها الخارجية شبه معدومة، ما يمنحها استقلالية أكبر في صناعة القرار.
ويرى الرئيس الجزائري أن الانضمام إلى البريكس يتطلب مواصلة الجهود في مجال الاستثمار، والتنمية الاقتصادية والبشرية من جهة، والانتقال إلى مستويات أعلى في التصدير" وأيضا رفع الناتج الداخلي الخام ما فوق 200 مليار دولار، موافقة جميع دول البريكس على انضمام الجزائر.
** مضاعفة الصادرات
من المتوقع أن تصل صادرات الجزائر 56.5 مليار دولار مع نهاية 2022، منها 49.5 مليار دولار صادرات النفط والغاز، ونحو 7 مليارات دولار صادرات خارج قطاع المحروقات، بحسب السياسة العامة للحكومة.
ورغم أن هذه الأرقام تمثل قفزة في الصادرات مقارنة بعام 2021، زيادة بنحو 17 مليار دولار، مدفوعة بارتفاع أسعار النفط والغاز وزياد الكمية المصدر من الغاز ومن السلع خارج المحروقات، إلا أنها تمثل أقل من نصف صادرات جنوب إفريقيا التي بلغت في 2021 أكثر من 121 مليار دولار.
وهذا ما يفسر تأكيد الرئيس الجزائري على زيادة حجم الصادرات كأحد الشروط الضرورية للانضمام إلى بريكس.
وفي هذا الصدد، دعا تبون إلى مضاعفة إنتاج الغاز لبلوغ صادرات بـ 100 مليار متر مكعب سنويا في 2023.
بينما وضعت الحكومة هدفا للوصول إلى 10 مليارات دولار صادرات خارج المحروقات في نفس العام، و15 مليار دولار في الأعوام المقبلة.
حيث تنتج الجزائر نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بمعدل سنوي، صدرت منه رقما قياسيا في 2022، بلغ 56 مليار متر مكعب، بينما استهلكت نحو 50 مليار متر مكعب، وتعيد ضخ نحو 30 مليار متر مكعب في الآبار للحفاظ على نشاطها.
وللوصول إلى هذا الهدف كثفت الجزائر من استثماراتها في قطاع المحروقات وخصصت لها نحو 40 مليار دولار، وحققت اكتشافات هامة في 2022، من النفط والغاز، ودخلت في شراكات مع شركات متعددة الجنسيات على غرار إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية و"أوكسدونتال" الأمريكية، لاستغلال حقول الغاز وزيادة الانتاج.
وتسارع الجزائر الخطى لمضاعفة إنتاجها من الطاقات المتجددة على غرار الطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، بالشراكة مع عدة دول على غرار ألمانيا وإيطاليا، بهدف توفير كميات أكبر من الغاز للتصدير، وأيضا تصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء إلى أوروبا مستقبلا.
كما تسعى البلاد لتصدير الكهرباء إلى أوروبا بالنظر إلى امتلاكها فائضا كبيرا منها قابلا للتصدير، إذ تنتج 25 ألف ميغاواط، بينما لا تستهلك في أوقات الذروة بالصيف سوى 17 ألف ميغاواط، ويتقلص هذا الرقم إلى 11 ألف ميغاواط في الشتاء.
وتراهن الحكومة الجزائرية على رفع الصادرات خارج المحروقات إلى 10 مليار دولار في 2023، و15 مليار دولار في الأعوام المقبلة، بعدما نجحت نسبيا في رهان 5 و7 مليارات دولار في 2021 و2022 على التوالي.
ويعتمد مدى قدرة الجزائر للوصول إلى هذا الهدف من خلال وصولها إلى الأسواق الإفريقية، من خلالها تسريعها العمل على شق طريق نحو موريتانيا للوصول إلى أسواق غرب إفريقيا، وكذلك تسريع الخط العابر للصحراء نحو نيجيريا ووسط القارة السمراء.
والتحرك لفتح معارض لمختلف السلع الجزائرية، وأيضا فروع لبنوك جزائرية في عدد من العواصم الإفريقية.
وتنشيط الاستثمارات في قطاع المناجم، خاصة استخراج الفوسفات في شرق البلاد والحديد بالجنوب الغربي والذهب والأتربة النادرة بأقصى الجنوب.
ـ زيادة الناتج الداخلي الخام
إحدى العقبات أمام انضمام الجزائر إلى منظمة بريكس، تواضع ناتجها الداخلي الخام الذي بلغ 163 مليار دولار في 2021، وفق بيانات البنك الدولي.
بينما يبلغ الناتج الداخلي الخام لجنوب إفريقيا (أصغر اقتصاد في بريكس) 419 مليار دولار، أي مرتين ونصف ضعف الاقتصاد الجزائري.
لذلك وضع الرئيس تبون، تجاوز 200 مليار دولار ناتج داخلي خام، هدفا لدخول بريكس، وهو هدف ليس مستحيلا ولا صعبا، ولكنه مرتبط بمدى ارتفاع أسعار النفط والغاز بالدرجة الأولى.
إذ إن الناتج الداخلي الخام للجزائر ما بين 2011 و2014، تجاوز سقف 200 مليار دولار، وبلغ 213.8 مليار دولار في 2014، نتيجة لارتفاع أسعار النفط لتتجاوز سقف 100 دولار للبرميل، وزيادة إنتاج النفط الجزائري ليبلغ 1.5 مليون برميل يوميا.
وإنتاج الجزائر حاليا من النفط في حدود مليون برميل يوميا، بالنظر إلى حصتها المحدد من "أوبك+"، والأسعار من المتوقع أن ترواح بين 70 و100 دولار للبرميل في 2023، وفق بعض التقديرات.
لذلك تراهن الجزائر على إمكانياتها الكبيرة من الغاز الطبيعي لمضاعفة الإنتاج الذي يكثر عليه الطلب أوروبيا، لرفع ناتجها الداخلي الخام بزيادة تتجاوز 37 مليار دولار في عام واحد.
فالناتج الداخلي الخام، يعني بأبسط تعريفاته قيمة مجموع السلع والخدمات داخل الدولة.
والجزائر تملك القدرة على تطوير مداخيلها من الخدمات خاصة السياحة وتحويلات العمال من الخارج، من خلال تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة للأجانب، وفتح فروع بنكية في البلدان التي تتواجد بها جالية جزائرية كثيفة.
ـ موافقة الدول الخمسة
إحدى شروط انضمام الجزائر إلى البريكس ضرورة موافقة الدول الخمسة، وإن كانت كل من روسيا والصين أعلنتا موافقتهما على انضمام الجزائر عبر سفيريهما بالجزائر، فإن الرئيس تبون أكد موافقة جنوب إفريقيا أيضا.
فجنوب إفريقيا تعد حليف تقليدي للجزائر في الاتحاد الإفريقي، وكانت الجزائر استضافت على أراضيها الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا في 1962، عندما كان يخوض كفاحه ضد التمييز العنصري في بلاده، واستمر هذا التحالف التاريخي إلى اليوم.
أما بالنسبة للبرازيل، فإن عودة الرئيس اليساري لولا دا سيلفا، إلى الحكم يخدم مساعي الجزائر للانضمام إلى بريكس، خاصة وأنه تربطه بها علاقات طيبة منذ زيارته لها في 2006، خلال ولايته الرئاسية الأولى.
ولفت تبون، إلى هذا الأمر خلال لقائه مع الصحافة المحلية، قائلا: "البرازيل أعتقد أنهم مع الانتخابات الجديدة (فاز بها سيلفا) موافقون".
لكنه لم يشر إلى موقف الهند لا سلبا ولا إيجابا، ما يعني على الأقل أن المفاوضات ما زالت متواصلة معها لإقناعها بالموافقة.
غير أن الرئيس أكد مشاركته في قمة بريكس المقبلة نهاية 2023، بعدما سبق له وأن شارك في قمة بكين التي جرت عبر الفيديو في 23 يونيو/حزيران 2022.