5 وسائل للحشد من أجل رئاسيات مصر (تحليل)
رغم استخدام خمس وسائل تتم عبرها محاولات لحشد الناخبين المصريين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، أواخر مارس الجاري، إلا أن الترجيحات متباينة بشأن مدى استجابة الناخبين، في ظل "انعدام المنافسة" الانتخابية و"التحديات والأزمات" الراهنة
Al Qahirah
القاهرة/ فيولا فهمي/ الأناضول-
أيام قليلة تفصل المصريين عن الانتخابات الرئاسية في بلدهم، والتي تُجرى بلا منافسة تُذكر بين مرشحين اثنين فقط، أحدهما هو الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي.
وتبدو نتيجة انتخابات، مارس/ آذار المقبل، محسومة لصالح السيسي، لا سيما عقب تراجع أربع شخصيات عن اعتزامهم الترشح، واستبعاد خامس؛ لـ"مخالفته النظم العسكرية"، وهو الرئس الأسبق للأركان، الفريق سامي عنان.
ويواجه السيسي منافسا واحدا تقدم بأوراق ترشحه قبيل إغلاق باب الترشح بسويعات، وهو رئيس حزب الغد (ليبرالي)، موسى مصطفى موسى، الذي تبدو فرصته في الفوز منعدمة، فضلا عن أنه أعلن قبل ترشحه تأييده للسيسي، ما جعل منتقدون يعتبرونه مرشحا غير حقيقي.
ورجح خبير سياسي مصري ضعف إقبال الناخبين عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية؛ لـ"انعدام التنافسية بين المرشحين"، فيما اعتبر حقوقي بارز أن "مزاج الناخب المصري متقلب ومُفرط الحساسية حيال المخاطر"، ما يساعد على زيادة الكتلة التصويتية.
وبلغت نسبة المشاركة، عام 2012، في أول انتخابات رئاسية عقب الثورة، والتي جرت على جولتين حوالي 52% من الناخبين، وفاز فيها محمد مرسي، قبل أن تتم الإطاحة به، في 3 يوليو/ تموز 2013، حين كان السيسي وزيرا للدفاع.
فيما انخفضت نسبة المشاركة إلى نحو 47% في الانتخابات الرئاسية التالية، عام 2014، والتي فاز فيها السيسي بولاية رئاسية من أربع سنوات، بدأها في 8 يونيو/ حزيران من العام نفسه.
وتدعو أحزاب وقوى سياسية إلى مقاطعة انتخابات الشهر المقبل، نظرا لما تقول إنها قيود مفروضة على المناخ العام، بما لا يسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، فيما تقول السلطات إنها ملتزمة بتكافؤ الفرص وضمان الحريات وفق القانون والدستور.
ولم يحدد القانون المصري نسبة معينة كحد أدنى لمشاركة المصريين في الانتخابات للاعتراف بنتائجها.
وتأمل المعارضة في نسبة مشاركة ضعيفة بما يمثل، وفق تقديرها، تشكيكًا في شرعية النظام وإحراجًا له، فيما تأمل السلطات في مشاركة كثيفة توفر له مساحة للتحرك داخليًا وخارجيًا.
** 5 وسائل للحشد
اعتادت السلطات المصرية والموالون لها على استخدام آليات للحشد الشعبي، لتعزيز المشاركة في الانتخابات، أبرزها خمس وسائل، في مقدمتها استخدام الدين، والتلويح بتطبيق غرامة مالية على المقاطعين، وفق تقارير.
وخلال مؤتمر خصصه لاستعراض كشف حساب ولايته الأولى، دعا السيسي، في يناير/ كانون ثان الماضي، المصريين إلى المشاركة بكثافة في الاقتراع الرئاسي، قائلا: "اوعى تسيب (إياك أن تترك) حقك لغيرك (..) انزل حتى يكون ضميرك مرتاح".
ومنذ إعلان السيسي اعتزامه الترشح لفترة رئاسية ثانية، لم يتوقف الإعلاميون المؤيدون للسيسي عن دعوتهم الناخبين إلى التصويت لصالحه.
وعادة ما تلجأ السلطات المصرية إلى الإعلان عن تطبيق غرامة مالية قدرها 500 جنيه (حوالي 28 دولاراً أمريكياً) بحق كل من يقاطع الانتخابات، غير أنها لم تطبق هذا الإجراء في أي من الانتخابات السابقة.
ومع اقتراب موعد إجراء الرئاسيات، تنقل وسائل إعلام محلية عن شيوخ أزهريين قولهم إن "المشاركة واجبة شرعا"، وإن الدعوة إلى المقاطعة "آثمة".
كما تنتشر في الخطاب الإعلامي الرسمي رسائل يعتبرها معارضون "فزاعات" تستهدف ترهيب المواطنين من خطط تسعى إلى استهداف أمن واستقرار البلاد، وتلجأ عادة إلى استخدام لغة "التخوين" حيال معارضي النظام.
ومنذ بدء موعد الدعاية الانتخابية الذي حددته هيئة رئاسيات مصر (مستقلة، مقرها القاهرة)، في 24 فبراير/ شباط الماضي، تنتشر اللافتات (أغلبها مؤيد للسيسي) بكثافة في شوارع مصر، إضافة إلى تنظيم عشرات الفعاليات لحملة السيسي، في أغلب محافظات البلاد، دون حضور الأخير لأي منهم حتى الآن.
** مشاركة موسمية
معلقا على المشهد الانتخابي الراهن، مَيز زياد عقل، أستاذ علم الاجتماع السياسي والمتخصص في الحركات الاجتماعية والتحول الديمقراطي، بين المشاركة الانتخابية "الموسمية" والمشاركة السياسية التي تتطلب "جهدًا تراكميًا".
وقال عقل، في حديث للأناضول، إن "المشاركة السياسية عمل لا يمكن إحياؤه بوتيرة مفاجئة بعد فترة انقطاع تدوم نحو أربع سنوات (مدة الرئاسة المُحددة وفق الدستور)".
وتابع أن "نسبة إقبال الناخبين تتأثر بطبيعة الحال بعدم الاكتراث الشعبي بالحياة السياسية، وهو ما لا يضمن تأمين نسبة معقولة من المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة".
وعزا أسباب ضعف الإقبال المتوقع إلى "انعدام التنافسية"، إضافة إلى ضعف شعبية المرشح الآخر مقارنة برئاسيات 2014، التي تنافس فيها مع السيسي اليساري البارز، حمدين صباحي.
ويواجه السيسي في الانتخابات المقبلة مرشح لم تكن له مشاركات لافتة في الحياة السياسية بمصر، طيلة السنوات العشر الماضية.
وقال عقل إن "الحشد الديني إذ تم استخدامه في الانتخابات لن يكون خارج إطار مؤسسات الدولة"، مستبعدا أن تحشد تيارات إسلامية موالية للسلطة للرئاسيات المقبلة.
وتوقع متخصصون، تحدثت معهم الأناضول في وقت سابق، أن تمثل الكتلة التصويتية للسفليين (موالين للنظام) قوة لا يستهان بها في أية فعالية انتخابية، خاصة حال تمسكهم بالقاعدة الشرعية الشهيرة بعدم الخروج على الحاكم.
** مزاج انتخابي "متقلب"
انطلاقًا من تجربته في مراقبة الانتخابات المصرية على مدى عشرين عاما، وصف المحامي الحقوقي، سعيد عبد الحافظ، مزاج الناخب المصري بـ"المتقلب".
وقال عبد الحافظ، في حديث للأناضول، إن "تجربة الانتخابات في مصر أثبتت أن مزاج الناخبين متقلبًا وشديد الحساسية حيال الأزمات والتحديات".
ودلل على صحة رأيه بـ"إقبال نحو 25 مليون ناخب (حوالي 47%) على صناديق الاقتراع في رئاسيات 2014، رغم أنها كانت محسومة لصالح السيسي على غرار الرئاسيات المقبلة".
وتوقع أن تشهد الانتخابات الرئاسية "إقبالًا كثيفًا"، على خلفية اضطرابات أمنية تشهدها البلاد، إضافة إلى خلق تحديات جديدة بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية.
وأضاف أن "شعور قطاع واسع من الشعب المصري بالخطر من تفشي الإرهاب، وما يترتب عليه من عدم استقرار، قد يساهم في حشد كتل غير تقليدية نحو صناديق الاقتراع".
ويوم 9 فبراير/ شباط الجاري، أطلق الجيش المصري عملية عسكرية موسعة ضد الإرهاب في شمال ووسط سيناء (شمال شرق) ومناطق بدلتا مصر (شمال) والظهير الصحراوي غربي وادي النيل.