آلية عمل "العدل" و"الجنائية" الدوليتين لمقاضاة إسرائيل على جرائمها
على ضوء التحقيقات الجارية في الجرائم الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين في قطاع غزة المحاصر ومعاقبة المسؤولين عنها، تسلط الأناضول الضوء على مهام واختصاصات وصلاحيات محكمتي العدل والجنائية الدوليتين

Netherlands
إسطنبول / الأناضول
مع تواصل انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تحقق محكمة العدل الدولية في جرائم الإبادة الجماعية، كما تحقق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل.
أثبتت المنظمات التابعة للأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان في تقاريرها، انتهاكات إسرائيل لقانون الحرب وقانون حقوق الإنسان في غزة، وهنا يبرز دور محكمتي العدل والجنائية الدوليتين، ومقرهما في مدينة لاهاي الهولندية، باعتبارهما المؤسستين الأكثر فعالية، من حيث التحقيق في الجرائم المعنية ومحاسبة المسؤولين عنها.
وعلى ضوء التحقيقات الجارية في الجرائم الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين في قطاع غزة المحاصر ومعاقبة المسؤولين عنها، تسلط الأناضول الضوء على مهام واختصاصات وصلاحيات محكمتي العدل والجنائية الدوليتين.
** محكمة العدل الدولية
في يونيو/ حزيران 1945 تم إنشاء محكمة العدل الدولية، الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، وبدأت أنشطتها في أبريل/ نيسان 1946 بقصر السلام بمدينة لاهاي، العاصمة الإدارية لهولندا.
والمهام الرئيسية للمحكمة تشمل فضّ النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول وفقا للقانون الدولي وتصدر توجيهات قانونية بشأن تفسير وتطبيق الاتفاقيات الدولية.
وتتألف المحكمة، التي تختص فقط في النزاعات بين الدول، من 15 قاضيًا يعملون لمدة تسع سنوات ويتم انتخابهم بشكل مشترك من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وتغطي الأمم المتحدة كامل مصاريف محكمة العدل الدولية.
** المحكمة الجنائية الدولية
تأسست "الجنائية الدولية" محكمة جنائية مستقلة ودائمة، بناء على ما يعرف بنظام روما الأساسي الذي تم التصويت عليه في اجتماع للجمعية العمومية للأمم المتحدة في إيطاليا عام 1998، وهي تحاكم الأشخاص الحقيقيين الذين يرتكبون جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والعدوان.
يقع مقر المحكمة في لاهاي وبدأت نشاطها عام 2002، وبدأت عملها بالنظر في القضايا الخاصة المتعلقة برؤساء الدول والموظفين الحكوميين رفيعي المستوى.
وتتألف "الجنائية الدولية" من 18 قاضياً يتم انتخابهم لمدة 9 سنوات، أما نفقات المحكمة فتغطّيها مساهمات الدول الأطراف وتبرعات دول ثالثة.
** اختصاصات "العدل الدولية"
تتعلق الدعاوى القضائية للعدل الدولية بالسيادة، والنزاعات الحدودية، والبحرية، والتجارة، والموارد الطبيعية، وانتهاكات اتفاقيات حقوق الإنسان، وتفسير الاتفاقيات، مع الأخذ بالحسبان اختلاف موضوع الاتفاقيات الدولية التي تتعارض فيها الدول.
بالإضافة إلى قراراتها الملزمة لحل النزاعات بين الدول، يمكن للمحكمة أيضًا تقديم رأي استشاري غير ملزم بشأن موضوع يتطلب خبرة في القانون الدولي.
** الجرائم التي تحقق فيها الجنائية الدولية
وفقا لنظام روما الأساسي، الذي أنشئت على ضوئه "الجنائية الدولية"، فإن الجرائم الأربع التي يمكن للمحكمة النظر فيها هي: جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجرائم العدوان.
الجرائم الثلاث الأولى تم تعريفها بالتفصيل في نظام روما الأساسي عام 1998، في حين تم تعريف جريمة العدوان في مؤتمر كمبالا بأوغندا عام 2010.
** الجهات المخولة برفع دعاوى أمام المحكمتين
الدول فقط هي التي لها الحق في رفع قضايا النزاعات إلى "العدل الدولية"، حيث بإمكان 193 دولة عضوا في الأمم المتحدة القيام بذلك.
لا يجوز للأشخاص أو المنظمات غير الحكومية أو الشركات أو المنظمات الخاصة الأخرى أن يكونوا طرفًا في قضية أمام محكمة العدل الدولية.
حتى لو قدمت دولة ما أمام المحكمة شكوى ضد دولة أخرى نيابة عن أحد مواطنيها، فإن الأمر ينظر إليه على أنه نزاع بين دولتين.
يجوز للهيئات المعتمدة لدى الأمم المتحدة أن تطلب رأيا استشاريا (ليس ملزما) من "العدل الدولية" بشأن مسألة تتعلق بالقانون الدولي، شرط أن تكون ذات صلة بأجهزة الأمم المتحدة ومجالات نشاطها. ولا يجوز للدول أن تطلب توجهات من المحكمة.
أما المخول الوحيد لرفع دعوى أمام "الجنائية الدولية" فهو رئيس الادعاء في المحكمة.
ورغم أن الدول أو الأشخاص بإمكانهم تقديم شكوى إلى مكتب مدعي عام "الجنائية الدولية"، فإن قرار رفع القضية يعود إلى المدعي العام الرئيسي، بشرط حصوله على موافقة المحكمة.
كما يجوز الاعتراض من قبل دائرة التحقيق الابتدائي بالمحكمة على قرار رئيس النيابة العامة رفع الدعوى من عدمه.
** رفع القضايا أمام "العدل الدولية"
لا تملك "العدل الدولية" سلطة محاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
وبما أن "العدل الدولية" ليست محكمة جنائية، فليس لديها مدعٍ عام لرفع القضية.
ولا تتمتع المحكمة بسلطة التعامل مع النزاع بمبادرة منها، كما لا تستطيع التعامل مع النزاع إلا بناء على طلب دولة أو أكثر.
ويجب على الدول الأطراف في النزاع تقبل اختصاص المحكمة، أي يجب أن توافق على تعامل "العدل الدولية" مع النزاع المعني. يمكن للدول إظهار هذه الموافقة بثلاث طرق:
أولا: يمكن لدولتين أو أكثر لديهما نزاع بشأن قضية معينة الاعتراف باختصاص المحكمة من خلال اتفاق خاص بينهما لتقديم النزاع بشكل مشترك إلى "العدل الدولية". تم النظر في قضية مشروع غابسيكوفو ـ ناغيماروس بالمحكمة بموجب اتفاقية خاصة بين المجر وسلوفاكيا.
ثانيا: تحوي معظم المعاهدات الدولية بنودا تنص على تعهد الدول بقبول اختصاص محكمة العدل الدولية في حالة وجود نزاع بشأن تفسير المعاهدة أو تطبيقها.
اليوم وفي أكثر من 300 معاهدة متعددة الأطراف، ثمة مواد تخول المسؤولية للمحكمة، فإن أساس الاستماع إلى قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام "العدل الدولية" يبرز من خلال حقيقة أن المادة 9 من اتفاقية الإبادة الجماعية تخول محكمة العدل الدولية حل النزاعات.
ثالثا: يمكن للدول من خلال إعلان أحادي واضح، أن تقر باختصاص محكمة العدل الدولية في جميع القضايا التي تكون طرفا فيها.
ثمة 74 دولة تعترف باختصاص المحكمة بهذه الطريقة، إلا أن "العدل الدولية" لا يمكنها استخدام سلطتها إلا في حالات النزاعات التي يكون جميع الأطراف فيها من بين الدول الـ 74. وعلى هذا النمط فُتحت قضية النزاع على الحدود البرية والبحرية بين نيكاراغوا وهندوراس في البحر الكاريبي.
وفي المنازعات الدولية المرفوعة أمام "العدل الدولية"، لا يتم النظر إلى مسألة اختصاص المحكمة ما لم يعترض الطرف المدعى عليه، وعدم الاعتراض يعني ضمنا قبول اختصاص المحكمة، وبالتالي يصبح القرار ملزما لتلك الدولة.
وفي قضية قناة كورفو بين بريطانيا وألبانيا، لم تعترض بريطانيا المدعى عليها على اختصاص المحكمة، وبالتالي تم الاعتراف فعليا باختصاصها.
** رفع القضايا أمام "الجنائية الدولية"
يمكن للمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية أن يفتح التحقيق بثلاث طرق:
أولا: يستطيع المدعي العام فتح تحقيق بحكم المنصب فيما يتعلق بالجرائم التي يرتكبها أي شخص على أراضي دولة طرف أو التي يرتكبها مواطن دولة طرف في جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن الموقع.
فعلى سبيل المثال، فتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تحقيقا بحكم المنصب في الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت أثناء الاضطرابات الداخلية في كينيا بعد الانتخابات عامي 2007 و2008.
ثانيا: يمكن للمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية أن يبدأ تحقيقا بناء على طلب يتلقاه من الدول، وقد يأتي من دول أطراف في المحكمة، أو قد يستند إلى اختصاص قضائي مؤقت ومحدود تمنحه دول ليست أطرافا في المحكمة، عملا بالفقرة 3 من المادة 12 من نظام روما الأساسي.
وتم فتح التحقيق في الجرائم المرتكبة في فلسطين وأوكرانيا لدى "الجنائية الدولية" للمرة الأولى بناء على المادة 12 (3) من نظام روما الأساسي، وبعد ذلك أصبحت الدولتان طرفين في المحكمة.
ثالثا: يمكن رفع الدعاوى القضائية فيما يتعلق بالقضايا المحالة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وعلى عكس الطريقتين الأخريين، فإن القضايا المحالة إلى مكتب المدعي العام لـ"الجنائية الدولية" من مجلس الأمن تكون ملزمة لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لأنها تستند إلى القرار المتخذ بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ولا تتطلب من الدولة المشار إليها أن تكون طرفا في المحكمة.
وقد تمت إحالة التحقيقات المتعلقة بليبيا والسودان في "الجنائية الدولية" إلى مكتب المدعي العام للمحكمة بموجب قرارات مجلس الأمن.
** الإبادة الجماعية في القانون الدولي
تم إدراج "الإبادة الجماعية" للمرة الأولى في الوثائق الدولية عبر اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها عام 1948.
تتضمن المادة الثانية من الاتفاقية المعنية الآتي:
أي من الأفعال الآتية المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية تشكل جريمة إبادة جماعية.
1) قتل أعضاء من الجماعة.
2) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
3) إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
4) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
5) نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
استُخدم نفس التعريف الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية في النظام الأساسي للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين المنشأتين لرواندا ويوغوسلافيا السابقة، حيث تم إدراج جريمة الإبادة الجماعية باعتبارها مادة في القانون الجنائي، وفي المادة 6 من نظام روما الأساسي، أي الاتفاقية التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية.
وكان العنصر البارز في الكشف عن هذه الجريمة هو تحديد "نية الإبادة الجماعية" لدى مرتكب الجريمة، والأفعال التي تهدف إلى التدمير "لمجرد الانتماء إلى تلك الجماعة، دون أي سبب آخر"، تشير إلى نية الإبادة الجماعية.
** قرارات الإبادة الجماعية في المحكمتين
في قرارها الصادر بتاريخ 26 فبراير/ شباط 2007، في القضية التي رفعتها البوسنة والهرسك، أدانت "العدل الدولية"، صربيا بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية وذلك لعدم تسليم راتكو ملاديتش إلى "الجنائية الدولية" ليوغوسلافيا السابقة بسبب جرائم الإبادة الجماعية التي اقتصرت على سريبرينيتسا.
وأدانت "الجنائية الدولية" الخاصة برواندا في 2 سبتمبر/ أيلول 1998، جان بول أكايسو، عمدة مدينة طابا، ورئيس الوزراء الرواندي السابق جان كامباندا في 4 من الشهر نفسه، بارتكاب جرائم إبادة جماعية وحكمت عليهما بالسجن مدى الحياة.
كما أدانت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، في 2 أغسطس/ آب 2001، راديسلاف كريستيتش بارتكاب جرائم إبادة جماعية لقتل رجال مسلمين بوسنيين في سريبرينيتسا.
في 10 يونيو 2010، أدانت محكمة يوغوسلافيا فويادين بوبوفيتش، وليوبيسا بيرا، ودراغو نيكوليتش لارتكابهم جرائم إبادة جماعية ضد مسلمي شرق البوسنة.
** التحقيقات بشأن في "الجنائية الدولية"
في 1 يناير/ كانون الثاني 2015، أصدرت الحكومة الفلسطينية بيانا بموجب المادة 12 (3) من نظام روما الأساسي، بقبول اختصاص "الجنائية الدولية" بالجرائم المزعوم ارتكابها "في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، منذ 13 يونيو 2014"، وأصبحت دولة طرفا في المحكمة من خلال تقديم شهادة مشاركتها فيها إلى الأمين العام للأمم المتحدة في اليوم التالي.
وأعلنت المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة، أنه تم فتح التحقيقات في 3 مارس/ آذار 2021، بعد استكمال تحقيق أولي استمر قرابة 6 سنوات بالوضع في دولة فلسطين، وبينما لم يحدث أي تطور في التحقيق منذ 2021، يبدو أن هدف المدعي العام الحالي كريم خان المتمثل في إحراز تقدم في التحقيق لم يتحقق وذلك وفقاً لبيانه بعد 7 أكتوبر الماضي.
رغم أن كريم خان طلب إصدار مذكرة اعتقال على مستوى رئيس دولة خلال فترة سنة واحدة من التحقيق في أوكرانيا، فإنه لم يصدر بعد مذكرة اعتقال على خلفية الجرائم المرتكبة في فلسطين رغم مرور 8 سنوات، الأمر الذي أثار انتقادات قائلة إن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يطبق "معايير مزدوجة".
** قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام "العدل الدولية"
في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، رفعت جمهورية جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية دعوى قضائية ضد إسرائيل لانتهاكها اتفاقية الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة الإبادة الجماعية لعام 1948، من خلال الأفعال التي ارتكبتها في غزة منذ 7 أكتوبر، وطلبت إصدار أمر قضائي كتدبير احترازي لإسرائيل.
ووفقا للمادة 9 من اتفاقية الإبادة الجماعية، إذا انتهكت دولة ما مواد الاتفاقية، فيمكن لأي دولة طرف فيها رفع دعوى قضائية ضد الدولة المخالفة أمام محكمة العدل الدولية.
وبينما طلبت جنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية إصدار أمر قضائي احترازي بسبب عجالة الوضع في فلسطين، فإن جلسات الاستماع بشأن هذه التدابير الاحترازية سوف تعقد في لاهاي يومي 11 ـ 12 يناير الجاري.
وسابقا، تلقت محكمة العدل الدولية قضايا بشأن الإبادة الجماعية من قبل البوسنة والهرسك، وكرواتيا بشكل منفصل ضد صربيا، بناء على اتفاقية الإبادة الجماعية.
وتستند القضيتان المرفوعتان أمام "العدل الدولية" من قبل غامبيا ضد ميانمار بشأن "التحقيق في الإبادة الجماعية ضد مسلمي الروهنغيا"، وأوكرانيا ضد روسيا، إلى اتفاقية الإبادة الجماعية، وفي كلتا الحالتين، قبلت المحكمة طلبات الأمر القضائي من الدولتين المتقدمتين وأمرت ميانمار وروسيا بوقف الانتهاكات حتى انتهاء عملية التقاضي.
** ماذا كانت ردة فعل إسرائيل؟
وصف رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، اتهام جنوب إفريقيا إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بأنه "افتراء"، وقال: "سوف ننضم إلى (القضية) وندحض الاتهام السخيف الذي يصل إلى حد فرية الدم".
وأعلنت إسرائيل أنها ستحضر جلسات الاستماع التي ستعقد في المحكمة يومي 11 و12 يناير الجاري.
** تطورات الرأي الاستشاري في مشروعية احتلال فلسطين
وبقرار اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2023، طلبت المحكمة رأيا استشاريا تقيم فيه شرعية ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وستنقل 57 دولة ومؤسسة دولية، من بينها تركيا، بياناتها شفويا إلى المحكمة بشأن الرأي الاستشاري في شرعية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، خلال جلسات الاستماع التي ستبدأ في 19 فبراير 2024.
على الرغم من أن الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمة، يبدو أن العديد من الدول والمنظمات قد أخذتها بالحسبان وتصرفت وفقا للرأي المقدم.
فإذا كان رأي محكمة العدل الدولية هو أن الاحتلال مخالف للقانون الدولي، فإن الضغط على إسرائيل سيزداد وستتهم الدول التي تدعمها بالتواطؤ العلني في الانتهاك بنظر المجتمع الدولي بسبب هجمات غزة.
وفي الرأي الاستشاري الذي أصدرته المحكمة عام 2004 بشأن الجدار الذي بنته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، قامت العديد من الدول والشركات بتقييد تجارتها بمواد البناء مع إسرائيل بعد أن تقرر أن الجدار غير قانوني.
** قرارات محكمة العدل الدولية
يمكن للمحكمة رسم الحدود أو تحديد السيادة أو تحديد تفسير لمعاهدة اعتمادا على موضوع الاختصاص القضائي.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كان موضوع النزاع ضررا أو انتهاكا لمعاهدة من جانب دولة ما، يجوز للمحكمة أن تطلب في قرارها إنهاء الانتهاك، والاعتراف به، وتقديم اعتذار للدولة الضحية، وإذا أمكن إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل المخالفة ودفع التعويضات.
إذا قررت المحكمة أن إسرائيل انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية، فيمكنها أن تقرر إنهاء الاحتلال في غزة، والاعتراف بالإبادة الجماعية، وتعويض سكان غزة عن خسائرهم.
وبما أن "الجنائية الدولية" هي محكمة جنائية، فمن الممكن أن تحكم على الشخص المدان بالسجن المؤبد أو لمدة معينة على ألا تتجاوز 30 سنة كحد أقصى.
ويجوز للمحكمة، بالإضافة إلى السجن، أن تأمر بالغرامة، والمصادرة، ووضع اليد على الأرباح وفقا للمعايير التي تحددها اللائحة الداخلية.
** قرارات المحكمتين تؤثر على بعضهما
رغم أن قرارات "العدل الدولية" و"الجنائية الدولية" ليست ملزمة لبعضهما، فمن الممكن أن تؤثر قرارات المحكمتين على بعضهما فيما يتعلق بالحدث نفسه.
وبما أن "العدل الدولية" أكثر حسما من المحاكم الأخرى، فإن قرارها المحتمل بشأن الإبادة الجماعية سيمهد الطريق لرفع دعوى قضائية أمام "الجنائية الدولية" ضد العديد من المسؤولين الإسرائيليين بتهمة جريمة الإبادة الجماعية.
يمكن استخدام أقوال الجانب الإسرائيلي في قضية الإبادة الجماعية أمام "العدل الدولية" كاعترافات بالذنب أو دليلا جديدا في الدعاوى أمام "الجنائية الدولية".
وبالمثل، إذا تمت معاقبة إسرائيلي بتهمة الإبادة الجماعية في "الجنائية الدولية"، فقد تحكم "العدل الدولية" بأن إسرائيل تصرفت بشكل يتعارض مع التزامها بمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.