الدول العربية, فلسطين, إسرائيل

إسرائيل تشوه ملامح الطفولة في وجه "سيلا حوسو" (تقرير)

- والدة سيلا للأناضول: ابنتي كانت تلعب وتضحك قبل أن تتعرض للإصابة في الهجوم الإسرائيلي

Hosni Nedim  | 16.08.2024 - محدث : 16.08.2024
إسرائيل تشوه ملامح الطفولة في وجه "سيلا حوسو" (تقرير)

Gazze

غزة/ حسني نديم / الأناضول

- الطفلة سيلا: أتمنى السفر والحصول على العلاج وأستعيد حياتي الطبيعية مع أصدقائي

تجلس الطفلة الفلسطينية سيلا حوسو (7 سنوات)، على سرير داخل مستشفى "شهداء الأقصى" في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بعين مصابة، وجروح عميقة تشوه ملامح وجهها الطفولي، بينما يملأ رأسها بـ"الدبابيس الجراحية" التي تجمع عظام جمجمة هشمها صاروخ إسرائيلي.

سيلا، البالغة من العمر سبع سنوات، لم تفهم بعد ما الذي حدث، وكل ما تدركه وتشعر به هو أن الألم لا يزال في رأسها، وأن عالمها الصغير قد تغيّر كثيرا، بعد إصابتها بجراح خطيرة في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدرسة "خديجة" تؤوي نازحين في دير البلح في 27 يوليو/ تموز الماضي.

**استهداف الملاذ

وجدت عائلة سيلا، نفسها مضطرة للنزوح قسرا في بداية الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، حيث توجهوا إلى دير البلح بحثا عن ملاذ آمن، وأقاموا مؤقتا لدى أقرابهم هناك، لكنهم اضطروا للنزوح عدة مرات قبل الوصل إلى مدرسة "خديجة".

ولم تكن عائلة سيلا تتوقع أن تكون مدرسة خديجة، التي أصبحت مأوى للعديد من العائلات النازحة، عرضة للاستهداف الإسرائيلي، لوجود نقطة طبية ميدانية تابعة لمستشفى شهداء الأقصى بداخلها.

بينما كان الجميع يصرخ هاربا من مدرسة خديجة أثناء وقوع الغارة الإسرائيلية الأولى، كانت سيلا تتحدث عبر الهاتف النقال مع والدها، الذي ما يزال في مدينة غزة.

وأثناء الاتصال فجأة، ملأ صوت الانفجار والصراخ المكان، سقطت سيلا أرضا، وشعرت وكأن رأسها قد انقسم، والعالم أصبح مظلما.

واليوم، تعاني سيلا من كسر في الجمجمة وتمزق في شبكة العين، مما أدى إلى انحراف شديد في النظر وعدم القدرة على التحكم في جفن العين، بالإضافة إلى صعوبة في الرؤية بعينها اليسرى.

** ذكريات مؤلمة

وتجلس والدة سيلا بجانب ابنتها، تراقبها بقلق يملأ عينيها، وتتحسس جبينها بلطف بين الحين والآخر، محاولة تهدئة الألم الذي يصعب وصفه بالكلمات.

وتقول الوالدة لمراسل الأناضول، وهي تقلب صور سيلا قبل إصابتها: "كانت سيلا تلعب وتضحك مع أصدقائها في المدرسة، وترتدي فستانا جميلا، تحمل شهادتها بيدها وتوزع الحلوى على معلماتها وزميلاتها، كانت أيام جميلة".

ثم تضيف الأم بصوت مليء بالأمل: "إن شاء الله، سيعود كل شيء كما كان وأفضل"، وكأنها تحاول أن تواسي نفسها قبل طفلتها.

وتتابع الوالدة وهي تحاول كبح دموعها: "اليوم، كل ما أريده هو أن أراها تضحك مرة أخرى".

سيلا، التي تحمل كل هذا الألم في جسدها الصغير، لا تزال تنتظر أن يتحقق هذا الأمل، أن تعود لتلعب وتضحك كما كانت من قبل.

وتصف الطفلة البريئة لحظة الإصابة، بالقول: "كنت أحاول الابتعاد عن المدرسة المستهدفة مع والدتي وإخوتي، حينها أصبت بشظية شعرت بألم شديد في الرأس وكاد قلبي يتقطع ألما".

وتتلقى سيلا الرعاية الطبية داخل مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، لكن الإمكانيات المتوفرة لا تكفي، خاصة وأن المستشفى يعاني من نقص حاد في الأجهزة والمستهلكات الطبية والأدوية.

ورغم كل ما تمر به، لا تزال سيلا تحمل بين طيات قلبها الصغير بقايا أحلام طفولتها التي سلبها الاستهداف الإسرائيلي.

وتحلم الطفلة المصابة بأن تعود للعب واللهو مع أقرانها وكبقية أطفال العالم، وأن تكبر لتصبح طبيبة تعالج المرضى وتعيد الأمل للحياة للأطفال.

وتتمنى سيلا أن تتمكن من السفر لتلقي العلاج الذي تحتاجه خارج غزة، لكن الحصار الإسرائيلي المشدد وقلة الموارد والإمكانيات يقفان عائقًا أمام تحقيق هذا الحلم.

وتقول سيلا بصوت ضعيف: "أريد أن أسافر إلى الخارج، أريد أن أرى العالم وأعود لألعب مع أصدقائي، أنا أحبكم كثيرا، وأريد أن أكون بخير".

وتفتقد سيلا ذات الوجه الذي يفيض ببراءة الطفولة، بعد أن غطته الجروح والغرز الحديدية، والدها المتواجد في مدينة غزة يرعى جدها المسن وعائلته حيث لم يتمكن من النزوح معهم.

ويحول حاجز محور "نيتساريم" الذي يفصل بين شمال قطاع غزة وجنوبه دون قدرة والدها على زيارتها والاطمئنان عليها، كباقي العائلات الفلسطينية في قطاع غزة والتي فرقت الحرب جمع أفرادها.

وتتمنى الوالدة الحزينة والمنهكة، انتهاء معاناة سكان قطاع غزة، ووقف الحرب الإسرائيلية المدمرة بعد نحو 11 شهرا.

والخميس، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أن إسرائيل، منذ إغلاق معبر رفح الواصل بين قطاع غزة ومصر، منعت سفر 25 ألف مريض وجريح لديهم طلبات سفر وتحويلات للعلاج في الخارج، وقد توفي منهم ألف طفل ومريض وجريح.

وفي 6 مايو/ أيار الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية عسكرية في رفح متجاهلا تحذيرات دولية من تداعيات ذلك على حياة النازحين بالمدينة، وسيطر في اليوم التالي على معبر رفح الحدودي مع مصر.

وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 132 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın