عمالة فلسطين بإسرائيل.. معضلة اقتصادية تبحث عن تسوية (إضاءة)
178 ألف عامل فلسطيني كانوا يعملون في إسرائيل حتى عشية حرب غزة..
Istanbul
إسطنبول / الأناضول
للشهر السادس على التوالي، لم تتمكن غالبية العمالة الفلسطينية في إسرائيل من الدخول إلى أماكن عملهم، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتباين المواقف من استئناف دخولهم من عدمه، من جانب الحكومة والكنيست.
ويبلغ عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل حتى نهاية الربع الثالث 2023، نحو 178 ألف عامل بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ويرتفع الرقم مع إضافة العمالة التي تدخل إسرائيل بشكل غير رسمي إلى 210 آلاف.
وعلى الرغم من الخسائر الفادحة التي يتعرض لها الاقتصاد الفلسطيني، بسبب توقف المداخيل المالية للعمال في إسرائيل، فإن الاقتصاد الإسرائيلي لم يكن أفضل حالاً.
وتشير تقديرات سابقة صادرة عن وزارة المالية الإسرائيلية، إلى أن غياب العمال الفلسطينيين في قطاعات البناء والزراعة والصناعة، يكلف الإنتاج خسارة بثلاثة مليارات شيكل (840 مليون دولار) شهريا.
وخلال ستة شهور من منع العمالة الفلسطينية من الوصول إلى منشآت البناء والمزارع والمصانع، فإن مجمل الخسارة يتجاوز 5 مليارات دولار أمريكي.
وتشير بيانات مؤشر قطاع البناء في بورصة تل أبيب إلى تراجعه بأكثر من 18 بالمئة خلال 2023، بينما تجاوزت نسبة التراجع 60 بالمئة خلال الربع الأخير 2023، بينما تراجع مؤشر القطاع الزراعي بأكثر من 13 بالمئة في 2023.
** مخطط تجريبي
والثلاثاء الماضي، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إنه صادق على مخطط تجريبي لإدخال عمال فلسطينيين من سكان الضفة الغربية للعمل في قطاع البناء في إسرائيل.
وذكر مكتب نتنياهو في توضيح أن المخطط التجريبي ما يزال في مرحلة الإعداد، وذلك بدعم من أجهزة الأمن الإسرائيلية التي تؤيد التوجه للإبقاء بعض الاستقرار في الضفة الغربية.
وزاد المكتب حينها: "لا إجراءات عملية ستتخذ بشكل فوري"، وذلك في ظل معارضة شركاء نتنياهو في معسكر اليمين الشديدة، لإدخال العمال من الضفة.
وخلال وقت سابق من الشهر الجاري، صادق الجيش الإسرائيلي على طلب قيادة المستوطنين بدخول 10 آلاف عامل فلسطيني من الضفة الغربية للعمل في مستوطنات الضفة.
** أصوات لاتحادات عمالية
وفي أكثر من مناسبة منذ الحرب الإسرائيلية على غزة، اصطدمت اتحادات العمال في إسرائيل مع الحكومة، بسبب الخسائر الفادحة التي تمنى بها بسبب غياب العمالة الفلسطينية.
وبينما حاولت إسرائيل مضاعفة العمالة الآسيوية من الهند والفلبين وتايلاند خلال فترة الحرب، لتعويض غياب العمالة الفلسطينية، إلا أن الأرقام الفعلية التي دخلت لا تتجاوز 1000 عامل، بحسب وزارة العمل الإسرائيلية.
لكن توجد في إسرائيل أصوات اتحادات عمالية مؤيدة لاستبعاد العمالة الفلسطينية، إذ قال اتحاد العمال الوطني، وهو اتحاد عمالي صغير يضم 100 ألف عامل، الشهر الماضي: "على إسرائيل التوقف عن تشغيل الفلسطينيين وجلب العمال المهرة من بلدان أخرى".
غير أن هذه ليست وجهة نظر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي كانت حتى الحرب الحالية حريصة على المجادلة لصالح الحفاظ على فرص العمل الفلسطينية حتى في أوقات التوترات المتصاعدة.
تفسير وجهة نظر المؤسسة الأمنية، تتمثل بأن الاستقرار الاقتصادي في الضفة الغربية، كفيل بتهدئة الأوضاع هناك، والإبقاء عليها بعيدة عن التصعيد.
في يناير/ كانون الثاني الماضي، قالت جمعية المقاولين والبنائين في إسرائيل، إن قطاع البناء يعاني من نقص 140 ألف عامل، وسط بطء في عمليات جلب عمالة أجنبية غير فلسطينية، وهو واقع لم يتغير حتى اليوم.
وزادت: "في الوقت الحاضر، هناك 50 بالمئة من مواقع البناء في البلاد مغلقة، بسبب النقص الحاد في القوى العاملة، والنشطة تعمل بنسبة 30 بالمئة من قدرتها".
ووجد استطلاع حديث صادر عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، أن 41 بالمئة من مواقع البناء في تل أبيب والمناطق الوسطى، و58 بالمئة من المواقع في منطقة القدس أغلقت منذ اندلاع الحرب.
** بطالة الفلسطينيين
وفي فلسطين، قدرت منظمة العمل الدولية والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن يؤدي استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حتى نهاية مارس/آذار مارس إلى ارتفاع البطالة في فلسطين إلى نسبة 57 بالمئة، خلال الربع الأول 2024.
وذكرت المؤسستان في تقرير مشترك بتاريخ 18 مارس/آذار الجاري، أن تقديراتهما تشير إلى فقدان 507 آلاف وظيفة، بسبب الحرب الجارية واضطرابات الحياة الاقتصادية.
وقالت المنظمة في التقرير المشترك: "فقدت 507 آلاف وظيفة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، بسبب الحرب المستمرة في غزة".
وفي حال استمرار الحرب حتى نهاية مارس، فمن المتوقع أن يصل معدل البطالة السنوي لعام 2024 بأكمله إلى 42.7 بالمئة، وفي حال استمراره في الربع الثاني - حتى نهاية يونيو/حزيران المقبل - فمن المتوقع أن يرتفع المعدل إلى 45.5 بالمئة، وفق التقرير.
أما على المستوى الفصلي الحالي، فمن المتوقع أن يؤدي استمرار الحرب حتى نهاية مارس إلى ارتفاع معدل البطالة في فلسطين إلى نسبة "مذهلة" تبلغ 57 بالمئة خلال الربع الأول 2024.
الأناضول جمعت حقائق وأرقاما عن العمالة الفلسطينية في إسرائيل، استنادا إلى بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ومكتب الإحصاء الإسرائيلي:
- يبلغ إجمالي القوى العاملة في سوق العمل الإسرائيلية حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي 4.2 ملايين فرد.
- يبلغ إجمالي عدد العمالة الفلسطينية في إسرائيل والمستوطنات المقامة في القدس والضفة الغربية 178 ألف عامل.
- يرتفع الرقم إلى أكثر من 210 آلاف عامل مع إضافة العمالة التي تدخل إسرائيل بشكل غير رسمي، بحسب مؤسسات فلسطينية اقتصادية، واتحاد نقابات عمال فلسطين (نقابي).
- 93 ألف عامل من إجمالي العمالة الفلسطينية في إسرائيل والمستوطنات، ينشطون في قطاع البناء والتشييد، بحسب اتحاد المقاولين الإسرائيليين.
- فاتورة أجور العمال الفلسطينيين في إسرائيل تتجاوز شهريا 1.5 مليار شيكل (400 مليون دولار)، إذ يعدون أهم مورد مالي للأسواق الفلسطينية، ما يعني أن الاقتصاد الفلسطيني فقد مداخيل بقيمة 2.4 مليار دولار خلال ستة شهور.
- قرابة 300 شيكل (81 دولارا) متوسط الأجر اليومي للعامل الفلسطيني في إسرائيل، وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، عن فترة الربع الثالث 2023.
- يشكل العاملون في البناء والتشييد ثلثي العاملين في إسرائيل والمستوطنات، يليه التعدين والصناعات التحويلية، ثم التجارة والمطاعم والفنادق.