دولي, الدول العربية, التقارير, لبنان, إسرائيل

في بلدة "كفر حمام".. الإسرائيلي يقصف واللبناني باقٍ (تقرير)

في بلدة "كفر حمام" الحدودية جنوب لبنان، يبقى انتظار الموت هو الشعور السائد لدى الأهالي، فمن لم يفقد حياته بفعل القصف الإسرائيلي قد يسقط فريسة للجوع وغياب أبسط مقومات الحياة.

Wassim Samih Seifeddine  | 23.07.2024 - محدث : 23.07.2024
في بلدة "كفر حمام".. الإسرائيلي يقصف واللبناني باقٍ (تقرير)

Lebanon

جنوب لبنان / وسيم سيف الدين / الأناضول

- في بلدة "كفر حمام" الحدودية جنوب لبنان انتظار الموت مسألة وقت
- قبيل المواجهات الحدودية كانت البلدة تضم 3500 نسمة واليوم لم يتبق سوى 10 بالمئة
- أجواء الحرب تخيم على البلدة التي لا يغادرها الطيران الإسرائيلي، والدمار في كل مكان
- الحرب ألحقت ضررا واسعا بالأراضي الزراعية مصدر الرزق الأساسي لسكان البلدة
- غالبية من بقي عائلات ليس لها خيار آخر ولا تملك ثمن إيجار منزل

في بلدة "كفر حمام" الحدودية جنوب لبنان، يبقى انتظار الموت هو الشعور السائد لدى الأهالي، فمن لم يفقد حياته بفعل القصف الإسرائيلي قد يسقط فريسة للجوع وغياب أبسط مقومات الحياة.

معظم السكان نزحوا جراء القصف اليومي الذي تتعرض له البلدة، لكن نحو 10 بالمئة منهم قرروا البقاء رغم كل الظروف القاسية التي تعيشها المنطقة، وفي ظل حرب شرسة لم تهدأ منذ أكثر من 10 أشهر، قضت على الأخضر واليابس.

"كفر حمام" قرية صغيرة تبعد عن العاصمة بيروت 117 كيلو مترا وعن الحدود مع فلسطين التاريخية نحو 10 كيلومترات، وقبل الحرب الدائرة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت تعج بالحياة.

وقبيل بدء المواجهات الحدودية بين "حزب الله" اللبناني والجيش الإسرائيلي كانت البلدة تحتضن حوالي 3500 نسمة، لكنها أصبحت اليوم مهجورة، وشوارعها شبه فارغة، حيث غادرها السكان بحثا عن الأمان في مناطق أخرى.

أحياء في انتظار الموت

ووفق مراسل الأناضول، تخيم أجواء الحرب على البلدة التي لا يغادرها الطيران الإسرائيلي المسيّر، وترى الدمار في كل مكان والحرائق في الحقول جراء القصف اليومي.

وبينما خلت شوارع البلدة من ضجيج الحياة وحركة الناس، التقى فريق الأناضول بعضا ممن آثروا البقاء رغم ما يعانوه من وضع قاس في ظل انقطاع الكهرباء والمياه والافتقار لأدنى مقومات الحياة.

المسن أمين إبراهيم (73 عاما) صاحب دكان وسط البلدة، يقول للأناضول إنه بقي رغم خطر القصف لحماية دكانه.

ويضيف متحسرا: "نحن بشر خلقنا لنعيش وليس لنموت، لكننا في هذه الظروف نموت ونحن على قيد الحياة (..) لا ماء ولا كهرباء ولا أكل ولا أي شيء، نحن بشر ولسنا حيوانات".

ويشير إبراهيم إلى أن البلدة تتعرض يوميا عند ساعات العصر لقصف إسرائيلي، وهو ما أدى إلى دمار العديد من المنازل.

واستكمالا في سرد المعاناة، تقول أمينة عطية (50 عاما) التي بقيت رفقة شقيقتيها ووالدتهن المسنة، إن للحرب المستمرة دون هوادة تأثير كبير عليها جسديا ومعنويا.

وتضيف: "أنا مريضة بارتفاع سكر الدم، وعندما أسمع صوت الطائرات أصاب بانهيار عصبي".

وخسرت عائلة عطية الكثير من الممتلكات التي كانت تعتمد عليها لتوفير قوت يومها.

تقول أمينة: "كنا نربي الماعز والدجاج في بيتنا الذي كنا نسكنه قبل الحرب، لكننا خسرنا كل شيء لأنه تعرض للقصف أكثر من مرة، فتركنا كل شيء هناك وأتينا إلى منزل جدي".

لم تنجح رحلة النزوح بتوفير الاستقرار والأمان للعائلة، فما أن وصلت إلى منزل الجد حتى وجدته متهالكا بلا نوافذ أو أبواب بسبب القصف المتواصل على البلدة.

وتتابع أمينة: "سنبقى فلا نملك خيارا آخر أو بيتا بمنطقة أخرى، وسيارتنا تم قصفها ولا نملك ما يمكننا الاستعانة به لنقل والدتنا المريضة إذا حدث معها أي طارئ إلى المستشفى".

"لا جيران لنطرق بابهم لإطعامنا"

أما الأم سليمة حسين (83 عاما) فبكت أوضاعها السيئة مع بناتها، حيث يسيطر عليهن الخوف والفزع، مع غياب يد العون لهن.

وتقول: "حياتنا مهددة في أي وقت جراء القصف المتواصل، نحن بحاجة إلى كل شيء، فقدت بيتي وليس لدي راتب".

وتتساءل مستنكرةً: "ماذا سنأكل أنا وبناتي الثلاث؟ أي باب نطرق لنحصل على الطعام؟"، مشيرةً إلى عدم وجود أي مكان يمكنهن اللجوء إليه عندما بدأت المواجهات الحدودية في 8 أكتوبر الماضي.

وتتابع: "لم نجد حتى جار نطرق بابه، كل من حولنا نزح إلى مناطق أخرى".

"سنصمد حبا في الأرض"

من جهته، يتحدث نجيب سمور (55 عاما) عن الضرر البالغ الذي ألحقته الحرب بالأراضي الزراعية التي تعد مصدر الرزق الأساسي لسكان "كفر حمام".

ويوضح: "الحرب أثرت كثيرا علينا، لم يعد هناك حياة خاصة بالنسبة للمزارعين الذي لم يحصدوا حقولهم، ولم يستطيعوا حتى زراعتها هذا الموسم".

ويلفت إلى أن أبناء "كفر حمام" يعتمدون في مدخولهم ومعيشتهم على الزراعة.

ويردف: "القصف الفوسفوري من قبل إسرائيل ألحق الضرر بالأراضي الزراعية التي احترق معظمها"، مبينا أنه فضل البقاء في ظل هذه الظروف الصعبة "حبا في الأرض".

ويردف قائلا: "بقيت مع عائلتي لأني أحب الأرض، ونحن صامدون رغم نزوح معظم الأهالي وخاصة من لديهم أطفال".

ويوضح أن غالبية من بقى هم عائلات ليس لديها خيار آخر، ولا تملك ثمن إيجار منزل، وليس لديها عمل أو منزل في منطقة أخرى، مبينا أن "من يملك مواشي مثلا لا يستطيع أيضا النزوح".

وفي حديثه للأناضول، اشتكى سمور من تجاهل الدولة لأزمة انقطاع الكهرباء في بلدتهم، قائلا: "بعد قصف إسرائيل محطة الكهرباء في (قرية) مرجعيون (جنوب) باتت المياه غير متوفرة، وأشياء كثير تعتمد على الكهرباء، والدولة لا تسأل".

ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها "حزب الله" مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر "الخط الأزرق" الفاصل أسفر عن مئات بين قتيل وجريح.

وترهن الفصائل وقف القصف بإنهاء إسرائيل حرب تشنها بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، ما خلّف نحو 129 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.​​​​​​​

وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.​​​​​​​​​​​​​​

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.