دولي, الدول العربية, التقارير, فلسطين, إسرائيل, قطاع غزة

معارضتها جريمة.. مدرس إسرائيلي يدفع ثمن انتقاده الحرب على غزة (تقرير)

** مدرس التاريخ والتربية الاجتماعية مئير باروتشين في حوار مع الأناضول: الفلسطينيون لدى معظم الإسرائيليين مجرد صورة غامضة.. لهذا أريد إضفاء طابع إنساني على قضيتهم

Enes Canlı, Hişam Sabanlıoğlu  | 16.03.2024 - محدث : 16.03.2024
معارضتها جريمة.. مدرس إسرائيلي يدفع ثمن انتقاده الحرب على غزة (تقرير)

Quds

القدس / أنس جانلي / الأناضول

** مدرس التاريخ والتربية الاجتماعية مئير باروتشين في حوار مع الأناضول:
- الفلسطينيون لدى معظم الإسرائيليين مجرد صورة غامضة.. لهذا أريد إضفاء طابع إنساني على قضيتهم
- ما حدث في غزة بعد 7 أكتوبر وحتى قبله لا يشكل كارثة إنسانية فحسب، بل كارثة أخلاقية أيضا
- مديرية الأمن بالقدس استدعتني للاستجواب بتهمة "خيانة دولة إسرائيل والإخلال بالنظام العام"
- الطلاب الإسرائيليون نشأوا فقط على "التعاليم الصهيونية" منذ لحظة ولادتهم

وثق مدرس تاريخ وتربية اجتماعية إسرائيلي تحول بلاده بشكل متزايد نحو اليمين المتطرف بعد أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث يتعرض أي شخص يُظهر تعاطفا مع الفلسطينيين للاضطهاد، لافتا إلى أنه أحد ضحايا هذا الاضطهاد، وأنه تعرض بسببه للفصل من عمله لنحو 3 أشهر.

وبعد هجمات 7 أكتوبر على مستوطنات محاذية لغزة وما تلاها من حرب دموية بدأتها إسرائيل على القطاع، اعتقلت السلطات الإسرائيلية عشرات الفلسطينيين وأصدرت أوامر اعتقال بحق آخرين بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

والتقطت الشرطة أمام العلم الإسرائيلي صورا للفلسطينيين المعتقلين ونشرتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

ولم يقتصر تنكيل الشرطة الإسرائيلية على الفلسطينيين فحسب، بل شمل الإسرائيليين الذين يتحدثون عن ضرورة تخفيف اضطهاد سلطات الاحتلال للفلسطينيين.

الإسرائيلي مئير باروتشين، الذي يعمل مدرسًا لمادة التاريخ والتربية الاجتماعية منذ 35 عامًا، أحد هؤلاء الذين تضرروا جراء مواقفهم الرافضة للاضطهاد الواقع على الفلسطينيين.

حتى أن ذلك وصل معه إلى حد فصله من عمله، قبل أن يعود إليه بعد مدة إثر معركة قضائية خاضها ضد السلطات الإسرائيلية.

** بداية المأساة

وبخصوص ما حدث معه، تحدث باروتشين لمراسل الأناضول قائلا إنه يعمل منذ 17 عاما مدرسا في ثانوية بمدينة "بتاح تكفا" القريبة من تل أبيب، مشيرا إلى أن بلدية المدينة يديرها منذ عام 2018 يمينيون متطرفون يدعمون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وذكر أن لديه حسابا على فيسبوك ينشر عبره منشورات تتناول الشأن الفلسطيني.

وقال: "الفلسطينيون لدى معظم الإسرائيليين مجرد صورة غامضة بلا اسم ولا وجه ولا أسرة ولا أمل ولا خطة ولا شيء".

وأضاف: "لهذا السبب أريد إضفاء طابع إنساني على قضيتهم من خلال منشوراتي على فيسبوك. آمل أن يتمكن المزيد من الإسرائيليين من رؤية الفلسطينيين باعتبارهم بشرا، والتواصل معهم دون اللجوء إلى العنف".

وتابع: "بعد أحداث 7 أكتوبر، شاركت منشورات عن الفلسطينيين في غزة، والأسر المدمرة، وحياة النساء والأطفال في القطاع".

** فصل واستجواب واحتجاز

وذكر باروتشين أن بلدية بتاح تكفا انزعجت من منشوراته، وتقدمت بشكوى ضده، ولاحقا فصلته وزارة التربية من عمله في 19 أكتوبر، قبل أن تلغي رخصة التدريس الخاصة به في الـ24 من الشهر ذاته، ما يعني حرمانه من العمل في مدارس أخرى.

لم يتوقف الأمر مع باروتشين عند هذا الحد، إذ استدعته مديرية الأمن بالقدس للاستجواب بتهمة "خيانة دولة إسرائيل والإخلال بالنظام العام"، وفق ما يقول.

وأضاف: "في اللحظة التي دخلت فيها إلى مديرية الأمن قاموا بتقييد يدي وقدمي ومصادرة هاتفي".

وتابع: "بعدها اقتادني 5 من أفراد الشرطة إلى منزلي. قلبوا المكان رأسًا على عقب، وقاموا بتفتيشه بدقة. لم يجدوا شيئًا. ثم أعادوني إلى مديرية الأمن للاستجواب".

واستطرد: "أثناء التحقيق عرضوا أمامي 14 منشورا، أغلبها كتبتها قبل 7 أكتوبر. سألوني أسئلة مثل: ما الذي أقصده بهذه المنشورات؟ وما هدفي؟ وما الذي سيفهمه الشخص الذي يقرأ المنشور؟".

ولفت باروشين إلى أنه احتجز بعد الاستجواب في زنزانة داخل سجن موسكوبية في القدس الغربية "المعروف بحالات تعذيب وسوء معاملة"، والذي يقبع فيه "سجناء مصنفون على أنهم شديدو الخطورة".

وزاد: "لم يُسمح لي بأخذ أي شيء معي، ولا حتى كتابًا أو ملابس. نمت بنفس الملابس لمدة 4 أيام. بعد إطلاق سراحي، رفعت دعوى قضائية ضد بلدية بتاح تكفا ووزارة التربية الإسرائيلية، وحصلت على أمر قضائي يتيح لي العودة إلى العمل اعتبارا من 14 يناير/ كانون الثان الماضي".

** شتائم بأقذع الألفاظ

وذكر باروتشين أن مدير المدرسة فوجئ بعودته إلى وظيفته، وطلب منه وقتًا لإبلاغ الطلاب وأولياء الأمور بذلك.

وقال إنه قبل يوم واحد من عودته للتدريس، تلقى معلومات من مدير المدرسة تفيد باحتمال حدوث احتجاجات خارج المدرسة، لذا ستتواجد فرق من الشرطة عند مدخلها للحيلولة دون وقوع مصادمات.

ولفت إلى أنه تعرض بالفعل لهجوم من قبل طلاب أمام المدرسة في 19 يناير، حيث لم يكن هناك أحد من عناصر الشرطة لحفظ الأمن.

وعن ذلك، أوضح قائلا: "أحاط بي الطلاب. لقد كانوا عنيفين للغاية. تعرضت لسيل من الشتائم بأقذع الألفاظ. كان أولئك الطلاب من طلاب المدارس المتوسطة، ولم يكن طلابي من بينهم".

وأضاف باروتشين: "بدا الأمر كما لو كنت محاصرًا في المدرسة. فقد كان عشرات الطلاب يطرقون نوافذ غرفة المعلمين، ويكيلون الشتائم لي".

وتابع: "في نهاية اليوم، حتى عندما كنت أغادر المدرسة، كان هنالك طلاب يركضون ورائي من أجل إهانتي والبصق علي".

وذكر أن بلدية بتاح تكفا لم تتركه بشأنه أيضًا بعد خسارة قضيتها معه، وقال: "بعد خسارتها الدعوى القضائية، بدأت البلدية بحملة ممنهجة لتصعيب حياتي وإذلالي".

ولفت المدرس الإسرائيلي إلى أن البلدية استأنفت ضد قرار المحكمة بعودته إلى العمل، وأن عملية التقاضي ما زالت مستمرة.

وأفاد بأن المحكمة العليا سمحت له بمواصلة التدريس عبر اتصال مرئي دون الذهاب إلى المدرسة جسديًا، حتى 31 مارس/ آذار الجاري.

** التعاطف مع غزة يعني خسارة الوظيفة

وأشار باروتشين إلى أن زملاءه الذين عبروا سرا عن دعمهم له، لم يتمكنوا من التحدث علنًا بسبب الضغوط الاجتماعية والوظيفية عليهم.

وقال: "هم يعلمون جيدًا أن أي إسرائيلي يجرؤ على إظهار ولو الحد الأدنى من التعاطف مع شعب غزة أو انتقاد سياسات الحكومة سيتعرض للاضطهاد السياسي، والإذلال العلني، ويخسر وظيفته، وحتى قد يجد نفسه قابعًا في السجن".

فإسرائيل، وفقًا له، تتحول بشكل متزايد إلى اليمين المتطرف، حيث بات المجتمع الإسرائيلي أكثر تطرفًا خلال السنوات الأخيرة وأن هذا التوجه يزداد سوءًا كل عام.

ولفت باروتشين إلى أن الطلاب الإسرائيليين نشأوا فقط على "التعاليم الصهيونية" منذ لحظة ولادتهم، ولم يعيشوا في بيئات مشتركة مع أقرانهم الفلسطينيين.

وأضاف: "أقوم بتدريس مادة التاريخ والتربية الاجتماعية، وجوهر اختصاصي يقوم على الحوار الديمقراطي. بالنسبة لي، الحوار الديمقراطي ليس بيئة يتحدث فيها الجميع بصوت واحد ويفكرون بالطريقة نفسها".

وشدد باروتشين على أنه "لا أدعم مطلقا" حماس، وقال إن "ما حدث في غزة بعد 7 أكتوبر وحتى قبله لا يشكل كارثة إنسانية فحسب، بل كارثة أخلاقية أيضا. لقد فقد العديد من الإسرائيليين الذين يعتبرون أنفسهم ليبراليين وإنسانيين حدودهم الأخلاقية".

واختتم حديثه قائلا: "نحن مسؤولون عن كل هذه الوحشية. انظروا إلى ما فعلته حماس بنا في 7 أكتوبر، لقد كان أمرًا فظيعًا وصادمًا، لكنه لا يبرر بأي حال من الأحوال ما فعلناه في غزة".

ورغم دخول شهر رمضان، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın