دولي, التقارير, إسرائيل

مفارقات واشنطن.. تزود إسرائيل بـ"ثاد" وتلوح بوقف المساعدات (تقرير إخباري)

- بلينكن وأوستن زعما أن واشنطن ستتخذ "إجراءات" حال عدم سماح إسرائيل بدخول مساعدات لغزة في 30 يوما

Abdel Ra'ouf D. A. R. Arnaout  | 16.10.2024 - محدث : 16.10.2024
مفارقات واشنطن.. تزود إسرائيل بـ"ثاد" وتلوح بوقف المساعدات (تقرير إخباري)

Quds

القدس / عبد الرؤوف أرناؤوط / الأناضول

- بلينكن وأوستن زعما أن واشنطن ستتخذ "إجراءات" حال عدم سماح إسرائيل بدخول مساعدات لغزة في 30 يوما
- ميلر: هناك عواقب بموجب القانون الأمريكي ونأمل أن تجري إسرائيل التغييرات المطلوبة
- يديعوت أحرونوت يعتبر ذلك "أقسى رسالة أرسلتها الولايات المتحدة إلى إسرائيل منذ عقود"

في مفارقة غريبة قد تبدو للفلسطينيين ذرا للرماد في العيون، ترسل واشنطن منظومة الدفاع الجوي "ثاد" إلى إسرائيل بالتزامن مع توجيه رسالة تلوح بوقف الإمدادات العسكرية إلى تل أبيب في حال عدم سماحها بدخول مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة في غضون 30 يوما.

ومنذ بداية حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تقدم الولايات المتحدة الأمريكية دعما سياسيا وعسكريا مطلقا لإسرائيل، وتزودها بالسلاح بما في ذلك القنابل التي لا تتوقف على القطاع ولبنان.

وأشارت دراسة معهد "واتسن" للشؤون الدولية والعامة في جامعة براون الأمريكية الشهر الجاري، إلى أن الحكومة الأمريكية وافقت منذ 7 أكتوبر 2023 على مساعدات أمنية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وأماكن أخرى بقيمة 17.9 مليار دولار.

ويستمر تدفق السلاح الأمريكي إلى إسرائيل برغم إعلان إيطاليا وفرنسا ودول أوروبية أخرى وقف تصدير السلاح إلى تل أبيب.

** منظومة "ثاد"

والثلاثاء، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في بيان حصلت الأناضول على نسخة منه، وصول منظومة الدفاع الجوي "ثاد" المخصصة لاعتراض الصواريخ البالستية بعيدة المدى إلى إسرائيل، برفقة عسكريين أمريكيين سيشرفون على تشغيلها.

وأضافت: "على مدار الأيام المقبلة، سيستمر وصول عسكريين أميركيين إضافيين ومكونات بطارية نظام ثاد إلى إسرائيل"، مشيرة إلى أن "البطارية ستكون قادرة على العمل بكامل طاقتها في المستقبل القريب، ولكن لأسباب أمنية تتعلق بالعمليات، لن نناقش الجداول الزمنية".

وتابعت: "نشر بطارية نظام ثاد في إسرائيل يؤكد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن إسرائيل والدفاع عن الأميركيين في إسرائيل من أي هجمات صاروخية بالستية من قبل إيران".

رسالة بلينكن وأوستن

وللمفارقة فقد كشف في ذات اليوم إعلام أمريكي عن رسالة وجهها وزيرا الخارجية والدفاع أنتوني بلينكن ولويد أوستن إلى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر تلوح بالإضرار بالمساعدات العسكرية في حال عدم إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة في غضون 30 يوما.

وجاء في نص الرسالة: "لعكس مسار التدهور الإنساني، وبما يتفق مع تأكيداتها لنا، يتعين على إسرائيل، بدءاً من الآن وفي غضون 30 يوماً، أن تتخذ تدابير ملموسة" لإدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة.

وأضافت: "قد يؤدي الفشل في إظهار التزام مستدام بتنفيذ هذه التدابير والحفاظ عليها إلى تداعيات على السياسة الأميركية بموجب المذكرة رقم 20 والقوانين الأميركية ذات الصلة" المتعلقة بالدعم العسكري.

وقال متحدث الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، في المؤتمر الصحفي اليومي الثلاثاء: "كتب وزير الخارجية بلينكن بالاشتراك مع وزير الدفاع أوستن رسالة إلى غالانت وديرمر، الأحد لتوضيح مخاوفنا بشأن مستويات المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة".

وأضاف: "أعتقد أنه يتعين عليكم وضع هذه الرسالة في سياق اتصالاتنا المستمرة وطويلة الأمد ومخاوفنا بشأن مستويات المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المدنيين الفلسطينيين".

وتابع ميلر: "ما رأيناه على مدى الأشهر القليلة الماضية هو أن مستوى المساعدات الإنسانية لم يكن مستدامًا. في الواقع، انخفض بنسبة تزيد عن 50 بالمئة عن ذروته".

وأردف: "لذا فقد رأى الوزيران أنه من المناسب أن نوضح لحكومة إسرائيل أن هناك تغييرات لابد وأن تجريها مرة أخرى لضمان رفع مستوى المساعدات التي تصل إلى غزة من المستويات المنخفضة للغاية التي وصلت إليها اليوم".

وردا على سؤال عن عواقب عدم امتثال إسرائيل للطلب، قال ميلر: "لن أتحدث عن ذلك اليوم، أوضحنا عندما أصدرنا تقريرنا الذي تم تكليفنا به بموجب مذكرة الأمن القومي رقم 20 أن هناك أحكاماً بموجب القانون الأمريكي تتطلب منا تقديم شهادات معينة، ولكي نتمكن من تقديم هذه الشهادات يتعين علينا أن نتأكد من أن إسرائيل لا تمنع بشكل تعسفي المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة".

وأضاف: "هناك عواقب بموجب القانون الأمريكي، وبموجب السياسة، لن أتحدث عنها هنا إلى حد كبير لأننا نأمل أن تجري إسرائيل التغييرات التي حددها الوزير في الرسالة. لقد رأينا إسرائيل تجري تغييرات من قبل، وعندما تجري تغييرات، يمكن أن تزيد المساعدات الإنسانية".

وتابع ميلر: "لذا فإننا نعلم أنه من الممكن إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. ونعلم أنه من الممكن تحقيق ذلك. ونعلم أنه من الممكن التغلب على العقبات اللوجستية والبيروقراطية المختلفة، وبالتالي فإن من واجب حكومة إسرائيل التغلب على هذه التحديات وإدخال المساعدات".

أقسى رسالة

في المقابل نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن مسؤولين إسرائيليين مساء الثلاثاء، أن رسالة بيلنكن وأوستن تعد "أقسى رسالة أرسلتها الولايات المتحدة إلى إسرائيل منذ عقود، وخاصة مع التهديد بقطع إمدادات الأسلحة، وسوف تضطر إسرائيل قريبًا إلى اتخاذ إجراءات كبيرة لزيادة المساعدات الإنسانية لتجنب أزمة مع الولايات المتحدة".

وأضافت: "يعزو المسؤولون الأميركيون الرسالة القاسية إلى افتقار الإدارة الأميركية إلى الثقة في نوايا إسرائيل، ويقال إن المسؤولين الأميركيين يخشون أن تكون إسرائيل تخطط لتجويع غزة، بما يتماشى مع ما يسمى خطة الجنرالات التي اقترحها اللواء المتقاعد غيؤرا آيلاند، والتي تنطوي على عزل شمال غزة".

وأشارت الصحيفة إلى أن "إسرائيل أزالت القطاع الخاص من توزيع المساعدات وأغلقت المعابر في شمال غزة، مما أدى إلى انخفاض كبير في عدد شاحنات المساعدات التي تدخل الجيب الفلسطيني".

وقالت: "أثار ذلك الشكوك في واشنطن بأن إسرائيل كانت تحد من المساعدات عمداً".

غير أن الصحيفة أشارت أيضا إلى أن "الخلفية وراء هذا الوضع تتمثل في أزمة الثقة المتنامية بين البيت الأبيض ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".

وقالت: "جدير بالذكر أن الرسالة من بلينكن وأوستن كانت موجهة إلى وزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، متجاوزة نتنياهو".

وأضافت الصحيفة: "المضمون الأعمق لرسالة بلينكن وأوستن هو أنه إذا لم تعالج إسرائيل الأزمة الإنسانية شمال غزة في غضون 30 يومًا، فقد تواجه أزمة أسلحة حادة، مع استمرار الولايات المتحدة في تأخير شحنات القنابل الثقيلة".

وتابعت أن "الفشل في تلبية مطالب الولايات المتحدة قد يؤدي إلى تعريض استمرار المساعدات العسكرية للخطر، الأمر الذي يتطلب موافقة كل من بلينكن وأوستن".

ولفتت إلى أنه "تستشهد الرسالة بالمادة 620i من قانون المساعدات الخارجية، التي تحظر تقديم المساعدات العسكرية للدول التي تمنع المساعدات الإنسانية الأمريكية".

وقالت: "كما تشير إلى مذكرة الأمن القومي التي أصدرها الرئيس جو بايدن في فبراير/شباط، والتي تلزم وزارة الخارجية بتقديم تقرير إلى الكونغرس بشأن امتثال إسرائيل للقانون الأمريكي والدولي في استخدامها للأسلحة الأمريكية".

واستدركت الصحيفة: "قال كبار المسؤولين إن الرسالة لم تكن مفاجئة، حيث كانت الولايات المتحدة تحذر إسرائيل منذ أسابيع من أنها تتجه في هذا الاتجاه. ووصفوها بأنها جرس إنذار لإسرائيل للامتثال للتشريع الأمريكي، مشيرين إلى أن قدرة الإدارة على توفير الذخائر قد تكون مقيدة".

وفي 7 أكتوبر الجاري، وبالتزامن مع مرور عام على اندلاع حرب الإبادة بغزة، بدأ الجيش الإسرائيلي تهجير سكان بلدات بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا إلى جنوبه، ما عدّته وسائل إعلام تطبيقا غير معلن لـ"خطة الجنرالات".

و"خطة الجنرالات" كشف عنها موقع "واي نت" العبري، في 4 سبتمبر/ أيلول الماضي، وتهدف إلى "تحويل كامل المنطقة الواقعة شمال ممر نتساريم (وسط القطاع)، أي محافظتي غزة والشمال، لمنطقة عسكرية مغلقة".

الخطة أعدها عسكريون إسرائيليون سابقون، وتقضي بـ"إجلاء السكان قسرا خلال أسابيع قليلة، وفرض حصار على المنطقة، لدفع المسلحين بمدينة غزة للاستسلام أو الموت"، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، في 22 سبتمبر الماضي.

وبدعم أمريكي، أسفرت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ 7 أكتوبر 2023 عن أكثر من 141 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

كما تتحدى إسرائيل طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت؛ لمسؤوليتهما عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحوّلت إسرائيل قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم، إذ تحاصره للعام الـ18، وأجبرت حرب "الإبادة الجماعية" نحو مليونين من مواطنيه البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.