تركيا, التقارير

أكاديمي تركي: التلوث الضوئي خطر يهدد الكائنات والنبات (مقابلة)

رئيس قسم البيئة والبيولوجيا البيئية في جامعة أنقرة التركية، لطيف قورت، للأناضول: التلوث الضوئي الصناعي سبب اضطراب الساعة البيولوجية لدى البشر والحيوانات والنباتات.

14.04.2023 - محدث : 14.04.2023
أكاديمي تركي: التلوث الضوئي خطر يهدد الكائنات والنبات (مقابلة)

Istanbul

إسطنبول/ بيريز أوزبكر/ الأناضول

رئيس قسم البيئة والبيولوجيا البيئية في جامعة أنقرة التركية، لطيف قورت، للأناضول:
- التلوث الضوئي الصناعي سبب اضطراب الساعة البيولوجية لدى البشر والحيوانات والنباتات.
- عدد كبير من الطيور تضل مسار هجرتها بسبب الإضاءة الاصطناعية.
- يلاحظ تشوهات وتغييرات واضطرابات في التنفس لدى النباتات المعرضة للإضاءة الاصطناعية
- 99 بالمئة من سكان الولايات المتحدة وأوروبا لا يستطيعون الاستمتاع بليلة طبيعية

حذّر أكاديمي تركي من اضطراب الساعة البيولوجية لدى البشر والحيوانات والنباتات بسبب التلوث الضوئي الاصطناعي، ما يهدد النظام البيئي وحياة الكائنات الحية.

ووفقًا لدراسة أجراها علماء من الولايات المتحدة وألمانيا بين عامي 2011 و2022 ونشرت مجلة "ساينس" نتائجها مطلع العام الحالي، فإن السماء تغدو أكثر سطوعًا في الليل بنسبة 10 بالمئة كل عام، الأمر الذي يتسبب في ضياع منظر الليل الطبيعي.

وللاطلاع على الآثار الجانبية للتلوث الضوئي على الطبيعة والبشر بسبب زيادة الإضاءة الاصطناعية، أجرت الأناضول لقاء مع البروفيسور لطيف قورت، رئيس قسم البيئة والبيولوجيا البيئية في جامعة أنقرة التركية.

وقال قورت إن جميع الكائنات الحية لها ساعة بيولوجية وهذا يسمى نظام التوقيت الضوئي (استجابة نبات أو حيوان إلى الطول النسبيّ للضوء والظلمة اللذيْن يتعرض لهما).

وأوضح أن تغيّر النظام الدوري للضوء، أي مدة دورة الضوء والظلام عبر الإضاءة الاصطناعية، عامل يخلّ بالتوازن البيئي ويؤثر سلبًا على جميع الكائنات التي تعيش في النظام البيئي، ويجعلها غير قادرة على أداء سلوكياتها التكاثرية، وتضطرب بنيتها الهرمونية وتتدهور أجهزتها المناعية.

وبحسب الأكاديمي التركي، فإن "الإضاءة الاصطناعية تعتبر عامل تلوّث لأنها تغير دورات حياة جميع الأنواع التي تعيش في النظام البيئي، كما أنه عامل مقيّد للحياة عند استخدامه دون سبب، وقد تتسبب في تبعات من شأنها أن تهدد انقراض بعض الأنواع الحيوانية".

ولفت قورت إلى أنه "عند ذكر التلوث الضوئي تتبادر إلى الأذهان النظم البيئية في المدن، إلا أن الإضاءة غير الضرورية المستخدمة في المناطق الريفية، وخاصة تلك المستخدمة على الطرق السريعة، توثر سلبًا على الحياة البرية".

** تهديد لأعداد الحيوانات

الأكاديمي التركي أشار أيضًا إلى أن تفاعلات النمو لدى جميع الكائنات الحية تحدث في الظلام، وقدّم على ذلك مثالاً أنه "إذا دخلت بيتًا بلاستيكيا (للنباتات) في الليل تسمع داخله أصوات طقطقة، فهذا هو صوت النمو، فبعض الهرمونات تنشط بتركيز ثاني أكسيد الكربون في الظلام، وبعبارة أخرى، يمكنك أن ترى أن نبتة الخيار قد أثمرت وتحولت من زهرة في المساء إلى ثمرة في الصباح".

وأضاف: "عندما ترى الطيور المهاجرة مصادر ضوء اصطناعي، فإنها تلجأ إلى مصادر الأضواء هذه، وتقوم بالدوران لتصطدم بالمباني، ما يتسبب في نفوق عدد كبير من الطيور التي تضلّ مسار هجرتها بسبب الإضاءة الاصطناعية".

ومثالاً على ضرر الضوء الاصطناعي على الحشرات، قال قورت: "تبعث اليراعات (الخنافس المضيئة) الضوء من 14 مترًا بغرض التزاوج، إلا أن هذه العملية لا تحدث في المناطق المضاءة اصطناعيًا دون سبب، وتتعرض لاضطراب في التكاثر والهجرة".

وأضاف قورت: "على سبيل المثال، نصادف الضفادع ليلا على حافة الملاعب الرياضية في حياتنا اليومية، وهذه الضفادع لا تستطيع التزاوج في المناطق المضيئة، ولذلك انخفضت أعداد الضفادع بشكل خطير".

كما تتسبب الإضاءة الاصطناعية بحسب قورت، في "تضليل طريق صغار سلاحف "كاريتا كاريتا" التي تفقس من بيوضها على رمال الشواطئ وتحاول الوصول إلى البحر مستعينة بضوء القمر، إلا أنها قد تضل طريقها إذا ما انعكست عليها أنوار الأضواء الاصطناعية في الشواطئ، فتتجه نحو اليابسة ظنًا منها أنها تتجه إلى البحر، الأمر الذي يتسبب بانخفاض أعداها.

وفي إشارة إلى أن اضطراب التوازن البيئي يعدّ العامل الأهم الذي يهدد حياة الحيوانات، أكد قوت أن "الضوء الاصطناعي يؤثر سلبًا على أوقات السبات والهجرة لدى الحيوانات".

وبحسب قورت يلاحظ تشوهات وتغييرات واضطرابات في التنفس لدى النباتات المعرضة للإضاءة الاصطناعية، وتنجم عن ذلك جملة مشاكل مثل الإزهار المبكر وعدم القدرة على دخول فترة الراحة.

** أميركا وأوروبا بلا ليال طبيعية

عن المصادر الرئيسية للتلوث الضوئي، قال قورت إن "إضاءة الطرق والشوارع والمنتزهات والحدائق والإضاءة الخارجية للمباني واللوحات الإعلانية والإضاءة الاصطناعية المستخدمة لأغراض أمنية، تعد المصدر الرئيسي للتلوث الضوئي في المدن".

وذكر أن "ما يقرب من 80 في المئة من سكان العالم يتأثرون سلبًا بالتلوث الضوئي"، وأن "99 بالمئة من سكان الولايات المتحدة وأوروبا لا يستطيعون الاستمتاع بليلة طبيعية".

وقال: "لا يمكن الحديث عن نمو صحي للأطفال في بيئة غير معتمة بشكل جيد، لأن هرمونات النمو لا تنشط في البيئة المضاءة، أضف إلى ذلك إضعاف جهاز المناعة لعدم إفراز الجسم الكمية الكافية من هرمون الميلاتونين المتعلق بالنوم".

وتابع: "لذلك، عندما نتحدث عن التلوث الضوئي، فإننا نتحدث عن مجموعة واسعة من التلوث التي تؤثر سلبًا على صحة الإنسان وجميع الكائنات في النظام البيئي".

** الإضاءة الصحيحة

ووصف الأكاديمي التركي الإضاءة الصحيحة بأنها "تلك التي تضيء المكان المناسب بقدر الحاجة، ومنها الإضاءات المزوّدة بالحساسات وتستشعر الحركة وعندما يختفي صوت الحركة تنطفئ الأنوار".

"هذه الطريقة لا توفر الطاقة فحسب، بل تمنع أيضًا التلوث الضوئي لا سيما في إنارة الشوارع"، وفق قورت.

وفي هذا الإطار، أشار إلى أن الإضاءة غير الضرورية تسبّب إهدارًا للطاقة، وقال "نستهلك الطاقة بشكل كبير لأننا لا نستخدمها بشكل صحيح، ونشعل الأنوار بطريقة غير مجدية".

وعلى سبيل المثال، "تتكبد الولايات المتحدة سنويًا خسارة ما بين 10 و15 مليار دولار بسبب إهدار 30 بالمئة من الطاقة المخصصة للإنارة"، بحسب ما أفاد به قورت.

وفي ختام حديثه، اقترح البروفيسور التركي تحديد أنواع الإنارة من خلال اللوائح، ووضع معايير الإضاءة المثلى للمكان المراد إنارته.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.