الألغام ومخلفات الحروب.. قاتل صامت يحصد أرواح العراقيين (تقرير)
قبل خمسة أعوام وضعت آخر الحروب أوزارها في العراق، إثر إعلان بغداد الانتصار على تنظيم "داعش" الإرهابي واستعادة ثلث مساحة أراضي البلاد التي اجتاحها التنظيم عام 2014.
Istanbul
بغداد / إبراهيم صالح / الأناضول
- الألغام والذخائر غير المنفجرة تنتشر على مساحة 2700 كيلومتر- جهود إزالة الألغام بدأت في 2004 وجرى تطهير 53 بالمئة من المساحة الملوثة
- اتفاقية حظر الألغام حددت عام 2028 موعداً لطي صفحة الألغام في العراق
- "يونيسف": مقتل وإصابة 16 طفلا عراقيا في فبراير 2022 جراء مخلفات الحروب
قبل خمسة أعوام وضعت آخر الحروب أوزارها في العراق، إثر إعلان بغداد الانتصار على تنظيم "داعش" الإرهابي واستعادة ثلث مساحة أراضي البلاد التي اجتاحها التنظيم عام 2014.
لكن هذا الانتصار لم يضع حداً لمسلسل تهديد حياة العراقيين المستمر منذ عقود؛ حيث تواصل خلايا "داعش" المنتشرة في أجزاء واسعة من البلاد شن هجمات عنيفة ضد أهداف عسكرية ومدنية ما يخلف ضحايا.
ولا يشكل التنظيم وحده تهديدا لحياة العراقيين فحسب؛ إذ يتربص بهم قاتل صامت يواصل حصد أرواحهم منذ ثمانينيات القرن الماضي دون أن يتمكن البلد من وضع حد له وهو الألغام والقنابل والمخلفات الحربية الأخرى غير المنفجرة.
ولا تتوفر أرقام دقيقة عن ضحايا الألغام ومخلفات الحروب في العراق، وتشير تقديرات متداولة إلى أن عددهم يراوح بين 130 ألفاً و250 ألف قتيل ومعاق.
- "لا إطار زمني للتخلص من الألغام"
وقال ممثل العراق بالاتفاقية الدولية لإزالة الألغام أحمد عبد الرزاق، للأناضول، إن "العراق لا يملك إطاراً زمنياً محدداً للتخلص من الألغام والمخلفات الحربية في البلاد".
وأضاف أن "اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد والتي انضم إليها العراق؛ أكدت أن عام 2028 سيكون موعداً لنزع الألغام من عموم العراق في حال توفر التمويل اللازم والفرق التخصصية لعمليات التطهير".
وأشار عبد الرزاق، إلى أن "حجم التلوث الكلي في العراق كان قد تجاوز 6000 كيلومتر مربع، لكن نتيجة الجهود الكبيرة التي بذلت خلال الفترات السابقة من قبل الجهد الوطني والمنظمات والشركات الوطنية والدولية تم تقليل المساحة إلى قرابة 2700 كيلومتر مربع".
ولا تتوفر أرقام محلية تقريبية عن عدد الألغام والذخائر الحربية غير المنفجرة في العراق، إلا أن الأمم المتحدة قدرت عددها بـ 50 مليونا، أي ما يفوق عدد سكان البلاد البالغ نحو 41 مليوناً، وفق ما نشرته صحيفة "الصباح" الحكومية عام 2021.
وابتلي العراقيون بهذه المواد القاتلة بدءاً من الحرب العراقية - الإيرانية التي اندلعت مطلع ثمانينيات القرن الماضي واستمرت على مدى ثماني سنوات.
وتركت الحرب وراءها الكثير من القنابل والقذائف والصواريخ غير المنفجرة التي أطلقتها الطائرات والمدافع، إضافة إلى زرع الألغام على طول الحدود بين الدولتين والبالغ 1458 كيلومتراً من إقليم كردستان شمالاً وصولاً إلى محافظة البصرة أقصى جنوبي البلاد.
وقبل أن تلتئم جراح هذه الحرب، اجتاح العراق الكويت مطلع تسعينيات القرن الماضي، قبل أن يتم إخراجه من هناك على يد قوات دولية قادتها الولايات المتحدة (17 يناير/ كانون الثاني 1991)، حيث تعرضت مناطق واسعة من البلاد لقصف جوي من طائرات التحالف الدولي.
وفي 2003، اجتاحت قوات دولية بزعامة أمريكا العراق وأسقطت النظام الذي كان يديره الرئيس الراحل صدام حسين، ثم بدأ مسلسل مقاومة الجيش الأمريكي وأعمال عنف طائفية استمرت لعدة سنوات.
وخاض العراق آخر الحروب على أرضه عندما اجتاح "داعش" الإرهابي ثلث مساحة أراضيه صيف عام 2014، واستعادت بغداد كامل أراضيها إثر حرب طاحنة استمرت ثلاث سنوات بدعم من تحالف دولي قادته أمريكا أيضاً.
- "مقتل وإصابة 16 طفلا في فبراير 2022"
وقال مدير دائرة شؤون الألغام والمخلفات الحربية، في وزارة البيئة، ظافر الساعدي، للأناضول، إن "الجهات المعنية وبالتعاون مع المنظمات الدولية تمكنت من إزالة نحو 53 بالمئة من الألغام في المحافظات العراقية منذ عام 2004 إلى الآن".
وأشار إلى أن "العراق يحتاج إلى وقت طويل للتخلص من المخلفات الحربية، لأن هناك مساحات واسعة ملوثة بأنواع مختلفة من المخلفات كالعبوات الناسفة، ورؤوس الصواريخ، والقنابل العنقودية".
وتحدث الساعدي، قائلاً إن "عمليات رفع التلوث الحربي مستمرة من قبل القوات الأمنية العراقية والجهات المختصة، فيما يركز الجهد الدولي على رفعها في المناطق المحررة من قبضة داعش".
ومنتصف مارس/ آذار 2022، أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، بأن مخلفات الحروب تسببت بمقتل وإصابة 16 طفلا عراقيا خلال فبراير/ شباط 2022.
وقالت المنظمة في بيان إن "فبراير كان من أكثر الشهور خطورة على الأطفال في العراق في الآونة الأخيرة"، مبينة أن "6 أطفال (جميعهم من الفتيان) فقدوا حياتهم، وأصيب 10 أطفال (9 فتيان وفتاة واحدة) بالتشوّه بفعل المتفجرات من مخلفات الحرب".
وأضافت أن "هذه المخلفات أحد الأسباب الرئيسية لقتل وتشويه الأطفال في العراق، مع تضرر الفتيان بشكل خاص".
وأعربت المنظمة عن "قلقها من ارتفاع عدد الأطفال المتضررين من المتفجرات من مخلفات الحرب".
وحثت جميع أصحاب المصلحة على "تسريع الجهود لإزالة الألغام الموجودة والذخائر الحربية غير المنفجرة، وتوسيع التوعية بالمخاطر، وتعزيز مساعدة الضحايا هذا يصون حق الأطفال في بيئة آمنة".
وفي محافظة المثنى جنوبي العراق على حدود السعودية، قال أحمد حمدان، نائب رئيس منظمة حماية البيئة والتنوع الأحيائي بالمحافظة إن "الألغام تتركز في ناحية بصية وبادية المثنى وتشكل 90 بالمئة من مساحة المحافظة الاجمالية".
وأضاف للأناضول أن "المخلفات الحربية تعود إلى قصف قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن إبان غزو العراق للكويت، إذ تعرض نحو 4 آلاف شخص للقتل أو الإعاقة منذ تاريخ القصف إلى اليوم".
وأوضح أن "العدد الإجمالي للمتوفين في المحافظة جراء الألغام أصبح الآن أكثر من 1500 شخص؛ أغلبهم دون الـ 18 عاماً".
وتابع حمدان أن "الألغام تسببت أيضاً بنفوق آلاف الحيوانات من الإبل والأغنام والماعز، فضلاً عن انفجارها على عشرات السيارات المدنية في تلك المناطق".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.