الدول العربية, التقارير

"الإخوان" الليبية.. خلفيات التحول من الجماعة إلى الجمعية (تقرير)

بعد إعلان جماعة الإخوان المسلمين الليبية، في 2 مايو/أيار الجاري، انتقالها إلى جمعية "الإحياء والتجديد"، برزت تساؤلات في الأوساط الليبية حول أسباب هذا التغيير ودوافعه، وعلاقته بالمشهد السياسي في البلاد.

06.05.2021 - محدث : 06.05.2021
"الإخوان" الليبية.. خلفيات التحول من الجماعة إلى الجمعية (تقرير)

Istanbul

محمد ارتيمة/ الأناضول

- الوحيشي: جماعة الإخوان تحولت إلى جمعية الإحياء والتجديد للتركيز على العمل المجتمعي
- شنيبة: دون تغيير حقيقي لأفكار الجماعة لن يحبها عدوها ولن يتركها أتباعها
- محلل مصري: بهذا التحول أعلنت الجماعة انتهاءها بشكل كامل لمحاولة إبعاد أي استهداف لها مستقبلا
- محمود إسماعيل: يجب تقبل الآخر ومن الضروري أن تكون هذه الجماعات منظمة وفي إطار قانوني
 

بعد إعلان جماعة الإخوان المسلمين الليبية، في 2 مايو/أيار الجاري، انتقالها إلى جمعية "الإحياء والتجديد"، برزت تساؤلات في الأوساط الليبية حول أسباب هذا التغيير ودوافعه، وعلاقته بالمشهد السياسي في البلاد.

وقال عمر الوحيشي، عضو مجلس إدارة جمعية "الإحياء والتجديد"، للأناضول: "الانتقال ليس وليد اللحظة، فقد سبقه عمل طويل يمتد إلى عدة سنوات، وكطبيعة النقلات المفصلية في حركة المؤسسات فإنها تقابل بكثير من عدم الرضا".

وأوضح الوحيشي أن هذا الانتقال أخذ منهم كل هذه المدة "من أجل إحداث حالة من الإجماع، نحرص في أساسها على جمع الصف كله وحشد طاقته نحو الانطلاقة الجديدة".

ومن بين الأسباب الأخرى التي ساهمت في تأخير إعلان إخوان ليبيا الانتقال لجمعية "ظروف الاعتداء على العاصمة طرابلس"، بحسب الوحيشي.

ففي 4 أبريل/نيسان 2019، هاجمت مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، طرابلس، بهدف إسقاط الحكومة، والسيطرة على الحكم بالقوة، لكنها انهزمت تماما في 4 يونيو/حزيران 2020، وفرت نحو الشرق.

وبخصوص الاعتقاد بأن تحول الجماعة إلى جمعية يهدف للمشاركة في الانتخابات، نفى الوحيشي ذلك، وقال "نحن في جمعية الإحياء والتجديد، ليست لنا أي نوايا للمشاركة في الانتخابات".

وأضاف "في ميثاق المؤسسة نتعامل مع الشأن الوطني كشأن عام يؤثر على حياة الليبيين، ولن نشارك في العملية السياسية".

وبيّن أن هدف الجمعية "التركيز أكثر على العمل المجتمعي، والمساهمة بقدر أكبر في بناء الوطن، وتماسك المجتمع ووحدته، ووحدة البلاد وسيادتها".

** أسباب ودوافع التغيير

من جانبه، يعتقد المحلل السياسي الليبي بدر شنيبة، في تصريحات للأناضول، أن انتقال الإخوان المسلمين من جماعة إلى جمعية "محاولة جديدة للخروج من أزمتها الداخلية التي تعيشها منذ فترة، والصراع الجاري داخلها بين فريقين".

وأوضح شنيبة، أن "الفريق الأول يطالب بالاستمرار على نهج الحركة وأسلوبها القديم، والفريق الثاني يطالب بتغيير نهج الحركة وتجديد خطابها، منطلقا من ازدياد العداوة لاسمها، وكل من ينتسب لها".

وأضاف أن "هذه الأزمة انعكست على واجهتها السياسية المتمثلة في حزب العدالة والبناء، بتعطل مؤتمره العام لسنوات، دون تجديد لقيادة الحزب، بسبب الصراع بين الطرفين، ومحاولتهما السيطرة عليه وفرض رؤيتهما".

فيما يرى المحلل السياسي الليبي محمود إسماعيل، أن "تحول الجماعة قد يكون محاولة منها لتقديم نفسها إلى الليبيين من زاوية، وللعالم الخارجي من زاوية ثانية، والعمل بوتيرة أخرى من زاوية ثالثة، ونعتقد أن هذا الشيء من آليات التصحيح التي تتبعها هذه الجماعة".

وأضاف إسماعيل، "لا أعتقد أن هذا أمر سيء، فيجب تقبل الآخر، وأن يكون هناك توجه في أن تكون هذه الجماعات منظمة، وفي إطار قانوني".

وتابع "العمل السياسي لا بد أن يكون مباحا بالمطلق، وألا توجد غظاظة في إمكانية اختلاف الرأي، فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية".

لكن المحلل السياسي المصري المهتم بالشأن الليبي علاء فاروق، يعتقد أن سبب تغيير اسم الجماعة نتيجة طبيعية لكونها "ضعيفة وعانت من انشقاقات داخلية، لأنها لم تلتزم بمخرجات الجمعية العمومية الأخيرة".

** هل سينتهي استهداف الجماعة بعد تغيير اسمها؟

في هذا الصدد، يعتقد شنيبة، أن "هذه الخطوة ستكون محدودة التأثير، لأن المدرك للواقع الليبي يعلم جيدا أن من يستهدف الحركة يستهدف فكرها وليس اسمها، ومن انضم إليها انضم لفكرها وليس لاسمها".

ويشدد على أنه "دون تغيير حقيقي لأفكارها وأسلوبها في الواقع، لن يحبها عدوها، ولن يتركها أتباعها".

وأضاف، "نعلم أن استهداف الحركة في عدة مناطق بليبيا، خاصة التي يسيطر عليها حفتر، كان استهدافا لكل من يحمل فكرا إسلاميا أو أبدى تأييده لأفكار الحركة ولم ينحصر في أعضائها فقط".

واعتبر شنيبة، أن "تغيير وضع الحركة إلى جمعية لن يوقف العداوة ضدها أو ضد أتباعها، بل قد يضر صورة الحركة لدى أنصارها، الذين قد يرون أن الخطوة انصياع منها لرغبات طرف معين داخلها ومهادنة لأعدائها".

من جانبه، يرى فاروق، أنه "بعد هذا التحويل أعلنت الجماعة انتهاءها بشكل كامل، لمحاولة إبعاد أي تهم أو استهداف لها مستقبلا".

لكنه أشار إلى أن "هذا القرار لم توافق عليه الجمعية العمومية للجماعة، كما لم يوافق عليه جُل الإخوان الموجودين في ليبيا، فهي مجموعة أرادت أن تظل تعيش في نفس فلك هذا الفكر، وهي التي ضغطت لتسمي الجماعة باسم الإحياء والتجديد".

فيما رأى إسماعيل، أنه "من المهم جدا إدراك البعد الحقيقي فيما يتعلق بتغير الجماعات أو محاولة ارتداء ثوب آخر، وعلى الليبيين أن يدركوا أن العمل السياسي يجب أن يكون مباحا بالمطلق، ومن المهم المضي قُدُما فيما يتعلق بتكوين الأحزاب واستمراريتها ونشأتها ودعمها كعمل سياسي".

** استقلالية الحزب عن الجماعة

يقول فاروق: "أظن أن الجماعة لا ترتبط بشكل كبير بجماعات أخرى خارج ليبيا كونها ضعيفة وعددها أتباعها قليل، غير أن هذه المجموعات ضمها تنظيم عالمي أو دولي، ولكن في ليبيا كانت شبه مستقلة أو مبتعدة عن التنظيم الدولي".

ويضيف أنه "بعد تغيير اسمها الآن أصبحت الجماعة غير ملزمة أن تكون تحت أي مسمى، أو يربطها أي شيء يسمى جماعة الإخوان في الخارج أو الجماعة الأم كما يسمونها".

ويتوقع المحلل السياسي المصري، "انتهاء تام لهذه الجماعة في الداخل الليبي، ويتجلى ذلك منذ بداية ابتعاد الحزب الذي كان محسوب عليها (العدالة والبناء)، وبدأ يحدث أيضا انشقاقات أو ابتعاد إداري ومالي تام عن هذه الجماعة".

فيما يقول شنيبة، إن الجماعة "دخلت منذ سنوات في حوار داخلي لم يعلن عن تفاصيله، لكن ما يفهم من مخرجاته هو التوصل إلى اتفاق لإنهاء اسم حركة الإخوان المسلمين في ليبيا وتحويلها إلى جمعية".

واعتبر أن ذلك "خطوة على ما يبدو لفك الارتباط بحزب العدالة والبناء، وإزالة الضغط على أعضائها في المجال السياسي، وانتقالها إلى وضع مشابه لوضع الإخوان المسلمين في عدة دول مثل المغرب والجزائر، خاصة وأن ليبيا مقبلة على انتخابات عامة نهاية العام، ما قد يفسر توقيت القرار".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.