Istanbul
إسطنبول/ مجاهد تورتكن/ الأناضول
- ما يزال المعماري الشهير سنان خالداً في أذهان الجميع بآثاره المعمارية الفريدة رغم مرور 433 عاماً على وفاته
- خلف 365 أثرًا معماريًا متنوعاً ما بين جوامع وجسور وأضرحة وغيرها
- من أشهر آثاره جوامع شهزاده والسليمانية في إسطنبول والسليمية في أدرنة
رغم مرور 433 عاماً على وفاته، مايزال المعماري الشهير سنان باشا، خالداً في أذهان جميع الاتراك بآثاره المعمارية الفريدة التي تركت بصمتها في تاريخ فن العمارة، وعبقريته التي تخطت حدود عصره.
ولد سنان في قرية آغيرناص الواقعة حالياً بولاية قيصري وسط تركيا، عام 1490 لأسرة مسيحية، انتقلت فيما بعد إلى إسطنبول. ثم اعتنق سنان الإسلام في عهد السلطان العثماني سليم الأول.
التحق سنان بحملة السلطان ياوز سليم إلى مصر، وتعرف فيها جيداً على البيئة المعمارية، وشهد الآثار الباقية منذ عهد الدولة السلجوقية وآثار الصفويين واكتسب خبرة كبيرة في مجال العلاقة بين طبيعة المدينة والمعمار.
التحق سنان بقوات الإنكشارية في عهد السلطان سليمان القانوني، وشارك في حملات بلغراد عام 1521 ورودوس عام 1522، وبعدها بدأ يترقى ويذيع صيته.
وفي عام 1534، خلال الحملة ضد الصفويين، شيد سنان ثلاث قواديس (سفن بمجاديف) بأمر من الصدر الأعظم لطفي باشا في منطقة تاتوان، وزودها بأسلحة ومدافع وخرج بها في مهمة استطلاعية لجمع معلومات عن الوحدات العسكرية الصفوية.
وخلال حملة قره بوغدان (مولدوفا) وبتكليف من لطفي باشا، نجح سنان في تشييد جسر على نهر بروت خلال 13 يوماً فقط. فحاز على إعجاب وتقدير وثقة السلطان سليمان القانوني الذي منحه منصب "كبير المعماريين" لينفصل المعماري سنان عن الجيش ويسخر حياته لفن العمارة.
استمر المعمار سنان في وظيفة كبير المعماريين لمدة 49 عاماً في عهد كل من السلطان سليمان القانوني والسلطان سليم الثاني والسلطان مراد الثالث.
توفي المعمار سنان عام 1588، مخلفا وراءه 365 أثرًا معماريًا ، تمثّلت في 92 جامعاً كبيراً، و52 مسجداً صغيراً، و55 مدرسة عثمانية، و7 دور لتحفيظ القرآن الكريم، و20 ضريحًا، و17 دارا لإطعام وإيواء الفقراء، و3 مستشفيات، و6 ممرات مائية، و10 جسور، و20 خانًا، و36 قصرًا، و8 مخازن، و48 حمامًا.
اهتم بكل فروع الفن في عصره وعكسها في آثاره.
تنتشر آثار المعمار سنان في جميع أرجاء الأراضي التي حكمتها الإمبراطورية العثمانية، وله ثلاثة أعمال تمثل مراحل حياته المهنية: جامع شهزاده بإسطنبول عام 1548 ويمثل مرحلة التلمذة بالنسبة له، وجامع السليمانية بإسطنبول عام 1557 ويمثل مرحلة النضج، وجامع السليمية بأدرنة، وقد أتم بناؤه عام 1575 ويمثل مرحلة الأستاذية.
- مرحلة التلمذة.. جامع شهزاده
أُنشيء الجامع بين عامي 1543 و1548 وقد أمر ببنائه السلطان سليمان القانوني ليحمل اسم ولده محمد الذي توفي في الثانية والعشرين من عمره وهو حاكما لسنجق ساروهان.
أنشي الجامع على شكل مربع تعلوه قبة كبيرة تحيط بها أربعة أنصاف قباب. وترتكز كل القباب على أربعة ركائز ضخمة.
وللمسجد صحن خارجي كبير له ستة أبواب وله مأذنتان لكل منهما شرفتان. وإلى جانب الجامع يضم المجمع مدرسة ودارا لإطعام الفقراء و أخرى للاستراحة وعدة أضرحة.
- مرحلة النضج.. جامع السليمانية
يعد جامع ومجمع السليمانية من أهم الجوامع في إسطنبول وفي العمارة العثمانية. وقد تعرض الجامع لعدة زلازل شديدة إلا أنه لم يتضرر.
أنشئ بأمر من قبل السلطان سليمان القانوني. وبدأ المعمار سنان بناءه عام 1551 وأتمه عام 1557.
وتعلو الجامع قبة كبيرة يصل ارتفاعها إلى 53 متراً ونصف قطرها 27,5 مترا وترتكز القبة مثل قبة آيا صوفيا على أنصاف قباب.
وللجامع أربعة مآذن بأطوال مختلفة في زوايا الصحن. اثنان في طرفي واجهة الجبهة الأمامية بارتفاع 56 متراً ولكل منهما شرفتان. أما المئذنتان الأخرتان فتقعان في الواجهة الخلفية، ويبلغ ارتفاع كل منهما 76مترا وبكل منهما ثلاثة شرفات.
وتحتوي رقبة القبة على 32 نافذة صغيرة لتوفير إضاءة جيدة.
وصحن الجامع عبارة عن مساحة مستطيلة يتوسطها شادِروان للوضوء ويحيط به 28 رواقاً. ينقسم المجمع إلى 15 قسمًا: المسجد، المدرسة الرابعة، المدرسة الثالثة، المدرسة الأولى، المدرسة الثانية، مدرسة الطب، ضريح سليمان القانوني، وضريح زوجته هُرّم سلطان، غرفة حارس الضريح، مستشفى، دار ضيافة، مدرسة دار الحديث، جناح الزائرين وعابري السبيل، ضريح معمار سنان، والحمّام.
- مرحلة الأستاذية.. جامع السليمية
يعتبر جامع سليمية، الذي يتوسط مدينة أدرنة، حجر الأساس لفن العمارة الإسلامية التركية، ويعتبر تحفة فنية تزين المدينة.
كما يعد من أبرز الآثار المعمارية في كل العالم وليس بالعمارة العثمانية فقط.
أنشأ المعماري سنان المسجد بتكليف من السلطان العثماني سليم الثاني. واختار سنان موقعاً متميزاً لبناء المسجد، يُظهر مدى خبرته في التخطيط العمراني إضافة إلى براعته في العمارة، إذ اختار الموقع على تلة مرتفعة تطل على كل أرجاء المدينة.
شُيد الجامع من الحجر وتبلغ مساحة القسم الداخلي له 1620 متر مربع بينما تبلغ المساحة الكلية بالصحن 2475 متراً.
تعلو الجامع قبة ارتفاعها 43.28 متراً وبقطر 31,30 مترا، وترتكز القبة على 6 ركائز ضخمة. كما تدعم القبة أربعة أنصاف قباب بالزوايا ونصف قبة فوق المحراب.
للجامع أربع مآذن تتخذ شكل أقلام يبلغ ارتفاعها 85 مترا، وهي ثاني أعلى مآذن العالم ارتفاعا بعد مئذنة "قطب منار" في نيودلهي بالهند. ويخطف الجامع عقول الزوار بالخزف الملون الذي يزينه، ومنبره المغطى بالرخام ومقصورة السلطان.