انتخابات وجفاف و"أميصوم".. أبرز أزمات الصومال في 2021 (حصاد)
الأزمات ليست داخلية مثل المتعلقة بالانتخابات والجفاف الحاد فحسب، لكن طفت على السطح أخرى إقليمية كالنزاع البحري مع الجارة كينيا، وكذلك مستقبل البعثة الإفريقية "أميصوم"
Somalia
مقديشو / نور جيدي / الأناضول
يأبى عام 2021 أن يمضي دون إثقال كاهل الصومال بأزمات متلاحقة، ليست داخلية مثل المتعلقة بالانتخابات والجفاف الحاد فحسب، لكن طفت على السطح أخرى إقليمية كالنزاع البحري مع الجارة الكينية، وكذلك مستقبل البعثة الإفريقية "أميصوم".
هذه الأزمات كادت تعصف بالاستقرار النسبي الذي يتمتع به الشعب الصومالي، خاصة تلك المتعلقة بالخلافات السياسية حول الانتخابات.
"الأناضول" تسلط الضوء على تلك الأزمات مع استشراف مستقبلها في العام المقبل:
* انتخابات متأزمة
دخل الصومال عام 2021 وسماؤه ملبدة بغيوم خلافات الانتخابات، رغم توصل الحكومة الاتحادية ورؤساء الأقاليم الفيدرالية، في 17 سبتمبر/ أيلول 2020، إلى اتفاق لإجراء انتخابات غير مباشرة للبرلمان (عبر ممثلين للقبائل وليس بالاقتراع المباشر)، على أن ينتخب الأخير رئيسا البلاد، دون التمكن من الاتفاق على موعد الاستحقاقين.
وبرزت الخلافات بعد انتهاء ولاية البرلمان في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2020، فيما انتهت ولاية الرئيس محمد عبد الله فرماجو، وهي من أربع سنوات، في 8 فبراير/ شباط 2021.
لكن عدة جولات من المفاوضات لم تنجح خلال نهاية العام الماضي والشهور الأولى من العام الجاري في التوصل إلى مواعيد نهائية للانتخابات بعد تحديد أخرى أولية وتأجيلها نحو 5 مرات.
وآنذاك تعددت أسباب عدم التوصل إلى اتفاق حول موعد الانتخابات، وكان أبرزها الخلاف حول آلية تشكيل اللجان الانتخابية حيث اعترضت المعارضة على وجود عناصر أمنية ضمن تشكيل اللجان.
واشتدت حدة الخلافات في أبريل/ نيسان 2021، بعد قرار البرلمان تمديد ولاية الرئيس فرماجو عامين على أن تجرى الانتخابات خلالهما، وهو ما لاقى اعتراضات إقليمية ودولية وكذلك محلية أسفرت عن اشتباكات مسلحة بالعاصمة مقديشو بين مؤيدين ومعارضين، وانتهى الأمر بتراجع البرلمان عن قراره.
بعد ذلك قرر الرئيس فرماجو في مايو/ أيار 2021، إسناد ملف الانتخابات برمته إلى رئيس الوزراء محمد حسين روبلي، في قرار لاقى ترحيبا من معظم الأطراف.
ونجح روبلي واللجان الانتخابية في الانتهاء من انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فيما تتواصل انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى) ببعض الولايات الفيدرالية، فيما لم يحدد بعد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية.
لكن منذ انطلاق الانتخابات البرلمانية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تزداد شكاوى المرشحين من عدم تطبيق النزاهة والشفافية وإجراء الانتخابات بمخالفة القوانين المنظمة لها في البلاد.
وإثر ذلك، أعلن الرئيس الصومالي في بيان، "فشل" رئيس الحكومة روبلي في قيادة مهمة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالبلاد، لتشتد حدة الغموض مرة أخرى وتلبد السماء بالغيوم مجددا حول مستقبل ملف الانتخابات.
- هجمات متزايدة لـ"الشباب"
استغلت حركة "الشباب" المسلحة مشهد تأزم الانتخابات خلال 2021، في إضافة أعباء جديدة على الصومال الرسمي والشعبي، عبر تكثيف هجماتها في ربوع البلاد مستغلة انشغال المؤسسات الرسمية المختفلة بالاستحقاق.
وشهد الصومال منذ بداية العام الجاري نحو 57 تفجيرا ما بين انتحاري وبسيارات مفخخة وألغام أرضية، وطال أغلبها المقاهي الشعبية والمركبات العسكرية الحكومية والإفريقية.
وكان الأكثر دموية التفجير الانتحاري الذي استهدف مقهى "لول يمني" بمقديشو في مارس/ آذار الماضي، حيث قتل نحو 25 شخصا وأصيب 30 آخرون بجروح متفاوتة.
وربط محللون في تصريحات سابقة للأناضول، تكثيف الهجمات الإرهابية بالفترة الانتقالية التي يمر بها الصومال، وبتراجع العمليات العسكرية الحكومية، ولقوات "أميصوم" ضد مقاتلي "الشباب" التي تنشط بقرى وبلدات جنوب ووسط البلاد.
وقال عبد الرحمن محمود رئيس المخابرات الأسبق، في حديث سابق للأناضول، إنه من المألوف أن تكثف حركة "الشباب" عملياتها ضد أهداف حكومية وغير حكومية في الفترة الانتقالية أي العام الأخير من النظام الحاكم.
وأضاف أن الحركة تهدف من ذلك إلى "خلط الأوراق السياسية ورفع معنويات مقاتليها الذين التي خسروا ميدانيا أمام القوات الحكومية بدعم من القوات الإفريقية أميصوم" في 2020.
فيما أشار حسن شيخ المحلل السياسي والأمني، في حديث سابق للأناضول، إلى أن عدة عوامل ساهمت في تراجع العمليات العسكرية الحكومية هذا العام، منها محدودية عمليات "أميصوم" نتيجة نقص التمويل، إلى جانب انخراط المؤسسات الأمنية في الحياة السياسية خلال الفترات الانتقالية.
* جفاف لا يرحم
للعام الرابع على التوالي يشهد الصومال ندرة في سقوط الأمطار الموسمية، لكن عام 2021 كان هو الأشد، ليضيف عبئا جديدا على كاهل البلاد.
فمطلع أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث، أن نحو 7.7 ملايين مواطن يواجهون أوضاعا إنسانية مزرية جراء عوامل الجفاف والجراد الصحراوي وتذبذب موسم الأمطار إلى جانب تداعيات وباء كورونا.
وحسب إحصائيات غير رسمية أجبر الجفاف حتى الآن أكثر من 100 ألف قروي على النزوح من مناطق سكناهم بحثا عن المياه، فيما تسبب في نفوق نحو 60 ألفا من الماشية في الأقاليم جنوب ووسط الصومال.
وفي 23 نوفمبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء الصومالي دخول بلاده حالة إنسانية طارئة بسبب أزمة الجفاف التي ضرب معظم الأقاليم الجنوبية في البلاد.
وفي الشهر ذاته، توقعت الأمم المتحدة وحكومة مقديشو، في تقرير مشترك، ارتفاع نسبة الصوماليين الذين يحتاجون إلى معونات إنسانية إلى 30 بالمئة (إجمالي السكان نحو 14 مليونا)، بسبب الحالة الإنسانية الراهنة نتيجة غياب الأمطار الموسمية، إلى جانب آفة الجراد ووباء كورونا، بينما يعيش أكثر من ثلثي الصوماليين تحت خط الفقر.
ويأمل الصوماليون انتهاء أزمة الجفاف مطلع أبريل المقبل، حيث يبدأ موسم الأمطار، ويتوقع أن يكون أكثر غزارة من العام الماضي الذي كان متذبذا.
* انفراجة في ملف كينيا
في ديسمبر 2020، أعلن الصومال قطع علاقاته الدبلوماسية مع كينيا، لتستمر تلك القطيعة منذ نحو 5 أشهر، حتى حل أبريل 2021، لتعلن مقديشو عودة العلاقات بعد نجاح وساطة قطرية.
التوتر بين مقديشو ونيروبي كان نتيجة خلافات حول عدة قضايا أبرزها نزاع الحدود البحرية، إلى جانب اتهام كينيا بالتدخل في شؤون الصومال الداخلية.
لكن المحادثات التي جرت في 2021 أفضت إلى زيارة وزيرة الخارجية الكينية راشيل إمامو، لأول مرة إلى مقديشو، في 8 أغسطس/ آب، لبحث سبل ترميم العلاقات بين البلدين.
كما سلمت إمامو، دعوة لرئيس الوزراء الصومالي، الذي لبى الدعوة سريعا، حيث زار نيروبي في 11 أغسطس، مع وفد رفيع المستوى.
واعتبر محللون تلبية الزيارة بهذه السرعة تعكس مدى استعداد البلدين لطي صفحة الخلافات فيما بينهما.
وفي أكتوبر الماضي، أصدرت محكمة العدل الدولية، حكما نهائيا يمنح بموجبه الصومال حق السيطرة على الجزء الأكبر من المنطقة البحرية المتنازع عليها مع كينيا.
وكان النزاع يدور حول طريقة ترسيم الحدود البحرية، حيث يطالب الصومال بترسيمها عند المحيط الهندي بطريقة مماثلة لحدوده البرية جنوبا باتجاه كينيا، بينما تطالب كينيا بترسيم الخط في شكل زاوية قائمة في عمق الحدود البحرية للصومال.
* إعادة هيكلة قوات "أميصوم"
منتصف مارس الماضي، مدد مجلس الأمن الدولي ولاية بعثة حفظ السلام الإفريقية بالصومال "أميصوم" حتى نهاية ديسمبر الجاري، لكنه أوصى بالبحث عن خيارات لتمويل البعثة بالاشتراك مع الاتحاد الإفريقي والتشاور مع مقديشو.
وآنذاك، قدمت لجنة تابعة للاتحاد الإفريقي ثلاثة سيناريوهات، منها تحويل بعثة "أميصوم" إلى قوات مشتركة من الاتحاد والأمم المتحدة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما يعني توسيع مهام البعثة ومنحها صلاحيات جديدة في قيادة السياسات الأمنية بالصومال.
إلا أن الصومال رفض في عدة بيانات رسمية منتصف 2021، هذا الاقتراح جملة وتفصيلا، وأصر على إبقاء البعثة كما هي دون تعديل في مهامها.
وطالبت الخارجية الصومالية الاتحاد الإفريقي بالعدول عن خطة تحويل بعثة "أميصوم" إلى مهمة مشتركة مع الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى خطة يمكن العمل والتعاون عليها معا.
ومطلع نوفمبر الماضي، طرد الصومال نائب الممثل الخاص للاتحاد الإفريقي سيمون مولونغو، واعتبره "شخصا غير مرغوب فيه"، وذلك في اعتراض مباشر على تعديل مهام البعثة.
وفي 9 من الشهر ذاته، زار وفد مجلس السلم والأمن الإفريقي مقديشو للتهدئة، وبحث مستقبل بعثة "أميصوم"، الذي يدخل عام 2022 دون حسمه.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.