İstanbul
إسطنبول/ محمد شيخ يوسف/ الأناضول
يبحث كل مقيم في إسطنبول؛ تلك المدينة الكبيرة، عما يذكره بالأرياف الجميلة، حيث تحيط بها قرى وبلدات ذات طبيعة رائعة وخصبة، تجعل من سكانها يشعرون بحنين للريف ومنتاجاته، فهل تعلم أن الخضار والفاكهة الطازجة في إسطنبول بين يديك؟
متعة قطف الثمار الطازجة الطبيعية من البساتين، حلم يداعب كل شخص، ولكن كثيرون لا يعلمون أن على أطراف إسطنبول بساتين غناء تنتظر زائريها، تستقطب أهاليها للاستمتاع بكرم الطبيعة، وتنقل الخضار والفاكهة من البساتين إلى الموائد.
وتنتشر في القرى والأرياف المحيطة، عشرات المراكز التي يتم فيها بيع الخضار والفاكهة الطازجة، حيث تشكل محطة هامة لأهالي إسطنبول، وخاصة في فصل الصيف، لشراء الخضروات الصيفية، وتخزينها للاستهلاك شتاء.
وبحلول نهايات الأسبوع، تتحول هذه البساتين إلى محطة هامة لاستقبال القادمين من مختلف مناطق إسطنبول، حيث تأتي العائلات لقضاء العطلة في الأرياف من جهة، والتموين بالمأكولات الطازجة والطبيعية العضوية من جهة أخرى.
قرية "تبي كينت" التابعة لمنطقة "بويوك جكمجة"؛ هي إحدى هذه المناطق المميزة التي تقع بالجانب الأوروبي من إسطنبول، وتنتشر فيها البساتين بجانب بحيرة "بويوك جكمجة"، منطقة قريبة من الأحياء الأوروبية.
وثمة أسباب عدة تستقطب الزائرين من أهالي إسطنبول لهذه البساتين، أولها أنها تجعلهم يلتصقون بالطبيعة والمنتجات العضوية الحقيقية التي يفتقدونها، ويشتاقون لها من ضغط حياة العمل المتواصلة على مدار الأيام والأسابيع.
ومن تلك الأسباب أيضا الأسعار الجيدة المناسبة التي تجعل من القاطنين بإسطنبول يشترون كميات كبيرة منها وبأسعار مناسبة، فيحملون في السيارات ما لذ وطاب من تلك الثمار الطازجة.
كما أن المؤونة الشتوية هي من أحد أهم الأسباب التي تدفعهم لقصد هذه المناطق، فالشتاء طويل وبحاجة للخضر والفاكهة العضوية، فتمتلئ مجمدات المنازل بمختلف الأنواع من تلك المنتجات الزراعية.
ولعل أهم الأسباب، هو الإمكانية المتاحة للزبائن بأن يقطفوا تلك الخضروات والفاكهة بأنفسهم، أي أنهم يمكن أن يصطحبوا أكياسهم ويقوموا بقطف ما يريدون من الثمار الطازجة، وبذلك يجمعون بين متعة الريف، والاطمئنان على مشترياتهم؟.
وخلال جولة للأناضول في المنطقة، التقطت العدسة صورا لزائرين للمنطقة، يتوقفون ويشترون ما يرغبون به من البساتين التي رتبت بعناية، وتزينت بمختلف أنواع الثمار الخضراء والحمراء.
وتنوعت المزروعات في البساتين، فمن الخضروات كانت هناك الطماطم الطازجة، والباذنجان، والخيار، والبامية، فضلا عن الفلفل الأخضر والأحمر بكل أنواعها، والفاصولياء، واللوبياء، والكوسا، وغيرها.
أما في ما يتعلق بالفاكهة، فإن البطيخ الأحمر، والبطيخ الأصفر بأنواعه المتعددة، حاضرة في تلك البساتين، فضلا عن الفاكهة الأخرى، فيما يقبل كثيرون على شراء أنواع من البطيخ الأصفر الذي يتم تجميده واستهلاكه شتاء لقابليته على المقاومة، وحلاوة طعمه.
كما تتوفر في البساتين الذرة الصفراء، وبذور عباد الشمس، ومعظم هذه المنتجات يتم تخزينها في المجمدات من قبل أهالي إسطنبول، لأن معظمها قابل لأن يبقى طازجا لفترة طويلة، فضلا عن أن شراءه تم من منطقة مضمونة، وثقت العين مصدره.
وتكثر في أغسطس/ آب وبدايات أيلول/ سبتمبر من كل عام الزيارات لهذه المنطقة، قبل أن يبدأ الخريف بطرق أبوابه، فتتزين الموائد من جهة، وترتاح النفوس بجمال الطبيعة ومنتجاتها، وتستكمل الاستعدادات لموسم الشتاء الطويل.
العم محمد ديرك، وهو مالك أحد البساتين في المنطقة، تحدث للأناضول عن وضع البساتين وأعمالهم خلال الفترة السابقة، وحركة الإقبال التي تشهدها البساتين من قبل أهالي إسطنبول.
وقال ديريك: "نبدأ في شهر مارس (آذار) بزراعة البساتين، ورش الأسمدة المناسبة، والسقي المتواصل، وبعدها تتم عمليات التحضير لنحو شهر ونصف من العناية، وتبدأ المنتجات بالنضج بعد هذه الفترة ويحين موعد القطف والبيع، وكل من يأتي يشتري من هذه المنتجات".
وأضاف متحدثا عن المنتجات والثمار المعروضة لديه: "هناك الطماطم، والباذنجان، والخيار، والفلفل بنوعيه العادي والحار، وكثير من الأنواع الأخرى، كل ما تريده يمكن أن تراه هنا في إسطنبول".
وأردف: "أهالي إسطنبول طيبون يحبون الطبيعة والبساتين، ويأتون لقطف الثمار إلى هنا، أهالي إسطنبول من الأتراك، والأجانب المقيمين، ومن العرب أيضا يقصدون البساتين، نتركهم يقطفون براحتهم ما يشاؤون، ومن ثم يدفعون الثمن".
العم الذي أمضى حياته في الزراعة أكد أن "شهر أغسطس هو قمة الازدحام من قبل الأهالي، وخاصة في أيام نهاية الأسبوع، أي أيام السبت والأحد، يتدفق علينا الكثيرون فينتشرون في البساتين بأعداد كبيرة، من أجل قطف الثمار ونقلها، وهم يعجبون بها بأنها ثمار طبيعية".
وأبدى عدد من الزبائن إعجابهم ومحبتهم بما يجري في هذه البساتين من عمليات بيع للمنتجات الطبيعية المناسبة، والتي تجعل من هذه البساتين محطة هامة لهم في فصل الصيف، مع توافر كثير من المنتجات من الخضار والفاكهة، ومن البيض البلدي الطبيعي.
وبهذا تكون إسطنبول تلك المدينة مترامية الأطراف، على موعد مع الريف، وعلى موعد مع الطبيعة وخيراتها الطبيعية، الأمر الذي قد لا يعلمه كل مقيم في المدينة، وبذلك يمكن البدء بالتحضير لموسم الصيف القادم منذ الآن.