ذكريات صارت سرابا.. نازحو شمال غزة يصدمون بدمار "كارثي" (تقرير)
الفلسطيني رأفت الزعانين من مخيم جباليا: حجم الدمار كارثي ولا يستوعبه العقل ولا يمكن وصف المشهد
Gazze
غزة/ حسني نديم - محمد أبو دون/ الأناضول
الفلسطيني رأفت الزعانين من مخيم جباليا:- حجم الدمار كارثي ولا يستوعبه العقل ولا يمكن وصف المشهد
- كأن زلزالا ضرب المنطقة وأهلكها بشكل كامل
الفلسطيني فوزي أبو ركبة:
- أول ما وصلت منزلي، تفاجأت بالذي رأيته، للأسف بيتي غير موجود مكانه
- منزلي كان جميلا جدا وبنيته بتعب السنين وكنت أجمع القرش فوق القرش لتغطية تكاليفه
لم ينتظر آلاف الفلسطينيين النازحين بمدينة غزة بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، وسارعوا منذ ساعات الفجر الأولى، الأحد، بالعودة لتفقد منازلهم ومناطقهم السكنية بمحافظة الشمال، ومع بزوغ الصبح دخلوا المنطقة ليفاجئوا بحجم وكمية دمار "كارثي".
وأفاد مراسل الأناضول، بأن مناطق جباليا وبيت لاهيا والصفطاوي بمحافظة الشمال شهدت عودة للنازحين من مدينة غزة، لتفقد منازلهم التي دُمرت أو تضررت بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وتُعد هذه المرة الأولى التي يتمكن فيها الفلسطينيون من دخول شمال قطاع غزة منذ بدء العملية العسكرية البرية الإسرائيلية المكثفة في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأوضح أن النازحين عادوا مشيًا على الأقدام أو باستخدام عربات الكارو التي تجرها الدواب والدراجات الهوائية، في ظل تدمير واسع للبنية التحتية والنقص الكبير في المركبات وعدم توفر الوقود اللازم لتشغيلها، بسبب الحصار الإسرائيلي المطبق على شمال قطاع غزة منذ بداية حرب الإبادة الجماعية.
وامتلأت الشوارع بجثت القتلى المتحللة والذين استهدفهم الجيش الإسرائيلي في أيام الاجتياح الذي بدأ منذ يوم 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بحسب مراسل الأناضول.
ورافق مراسل الأناضول الأهالي في طريق وصولهم الصعبة التي زاد من مشقتها الركام والحجارة.
وتفاجأ الأهالي من حجم الدمار الكبير بالمنطقة حيث أن هناك أحياء كاملة مسحت ولم يتبقَ فيها أي منزل على حاله.
** أرض محروقة
يقول الشاب رأفت الزعانين الذي وصل إلى قلب مخيم جباليا لمراسل الأناضول إن "حجم الدمار كارثي ولا يستوعبه العقل ولا يمكن بأي شكل من الأشكال وصف المشهد".
ويشير إلى أن "الأهالي مصدمون من حجم الدمار في المنطقة والكل يسير مندهشاً كأن زلزالا ضرب المنطقة وأهلكها بشكل كامل".
ووصل الشاب إلى مركز النزوح الذي كانت تقيم به عائلته بعد دمار منزلهم في بلدة بيت حانون بداية حرب الإبادة، وتفاجأ أن الجيش هدم أجزاء كبيرة منه وأحرق الأخرى و"عاث به فساداً"، على حد وصفه.
ويضيف أن "جثث الشهداء كانت في الشوارع وعلى طول الطريق وهناك رائحة تدلل على تحللها ووجود أعداد كبيرة من الجثث تحت الركام والأنقاض".
ويحكي أن "الجيش الإسرائيلي تعمد تدمير كل البنية التحتية في شمال قطاع وترك المنطقة محروقة وغير صالحة للحياة بأي شكل من الأشكال".
** طريق طويل ومتعب
مع بداية اجتياح مخيم جباليا، نزح الفلسطيني فوزي أبو ركبة من شمال قطاع غزة إلى المدينة بعدما أقدم الجيش الإسرائيلي على اقتحام مركز الإيواء الذي كانوا داخله.
وفي معرض وصفه لمشاعر حماسه للعودة وتفقد منزله، قال أبو ركبة لمراسل الأناضول: "لم أستطع الانتظار حتى وقت دخول الهدنة المعلن فسارعت كما كل الناس لتفقد بيتي، وللتأكد من وجود قبر أخي في الأرض المجاورة للمنزل والذي دفناه فيها قبل عدة أشهر".
وأضاف: "تركت منزلي وهو كامل ووضعه جيد، وطوال أيام الاجتياح الإسرائيلي، كنت أفكر ببيتي وتراودني مخاوف أن أراه مدمراً".
و"كنت أتساءل بحال وجدت المنزل مدمراً أين سآوي عائلتي المكونة من 9 أفراد، منهم اثنان من ذوي الاحتياجات الخاصة"، أردف أبو ركبة.
وأكمل: "منزلي كان جميلا جدا وبنيته بتعب السنين وكنت أجمع القرش فوق القرش لتغطية تكاليفه".
وأضاف: "صراحة الطريق للبيت كانت طويلة ومتعبة ومليئة بمشاعر القهر لأنه كل ثانية كنا نمر جانب ركام وردم المنازل".
** دمار كامل
أبو ركبة أفاد أن "كل شيء في شمال قطاع غزة مدمر بشكل كامل".
وقال بحسرة: "أول ما وصلت منزلي، تفاجأت بالذي رأيته، للأسف بيتي غير موجود مكانه، وليس له أي أثر، حيث تم هدمه وتجريفه ونقل ردمه لمكان آخر".
وأشار أبو ركبة إلى أن "ذكريات أكثر من 12 عاماً ردمت تحت الأنقاض وصارت سرابا".
وأوضح أن "مشاعر قهر كبيرة تملكته في تلك اللحظة"، إلا أنه حمد الله على قدره.
وتأتي عودة النازحين وسط آمال بأن يساهم اتفاق وقف إطلاق النار في تهدئة الأوضاع، وفتح الباب أمام جهود إعادة الإعمار وعودة الحياة إلى طبيعتها تدريجيًا في قطاع غزة الذي يعاني من دمار واسع النطاق جراء العدوان الإسرائيلي.
والأحد، أعلن الجيش الإسرائيلي قصف أهداف في شمال ووسط قطاع غزة بالمدفعية والطيران المسيّر، منتهكا بذلك اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ قبل ساعات.
وصباح الأحد، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بغزة حيز التنفيذ بناء على الموعد الذي حدده الوسطاء عند الساعة 6:30 (ت.غ)، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد في بيان لمكتبه أن وقف إطلاق النار لن يبدأ إلا بعد استلام قائمة الأسيرات الثلاثة المفترض الإفراج عنهن اليوم، حيث قالت حماس آنذاك إن تأخرها بتسليم القائمة جاء لأسباب "فنية ميدانية".
ولاحقا، سلمت حماس قائمة الأسماء للوسطاء فيما نشرت كتائب القسام أسماء الأسيرات الثلاث، ليعلن مكتب نتنياهو عن دخول وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى بقطاع غزة حيز التنفيذ الساعة 11:15 بتوقيت فلسطين (09:15 ت.غ).