صهر عبد الله عزام: الجهاد أسهل من بناء الدولة والمجتمع (مقابلة)
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول في اسطنبول مع عبدالله أنس، وهو جزائري، وكان يشغل منصب مدير مكتب خدمات المجاهدين في بيشاور، في فترة مقاومة الاحتلال السوفييتي.

Istanbul
إسطنبول / محمد اوزتورك / الأناضول
عبد الله أنس في حوار مع الاناضول:
- إذا سنحت الفرصة لأفغانستان أن تستقر أتصور أنها ستكون النموذج الثاني للمسلمين بعد تركيا
- جيل اليوم متأثر بالجيل الذي جاهد في أفغانستان ضد الروس مع عبد الله عزام
- الجهاد يختلف عن تفسيرات بعض الغربيين، وتفسير بعض الأجيال الجديدة
- الجهاد والشهادة والتضحية قد يكون أسهل من بناء الدولة والمجتمع
- الأمة العربية والإسلامية قادرة على تقديم الشهداء، لكن أين أولئك الذين يبنون التعليم والاقتصاد والمجتمعات الحرة؟ هذا التحدي أصعب من الأول
- الجهاد الأفغاني مر بثلاث مراحل، امتدت من عام 1979 إلى الآن، والجهاد الأفغاني الحقيقي كان في مراحله الأولى فقط
- كلا الطرفين، الغرب والمنظمات المتطرفة، مثل داعش والقاعدة، لم يعطوا مفهوم الجهاد حقه وشوهوه
بلهجة قاطعة وحاسمة، يجزم "عبدالله أنس" (60 عاماً)، صهر الزعيم الروحي للأفغان العرب، الشيخ عبد الله عزام، أن "الجهاد والشهادة والتضحية قد يكون أسهل من بناء الدولة والمجتمع، لأن بناءهما أصعب بكثير من أن تمسك الكلاشينكوف وتذهب للخندق وتقاتل الأعداء".
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول في اسطنبول مع أنس، وهو جزائري، وكان يشغل منصب مدير مكتب خدمات المجاهدين في بيشاور، في فترة مقاومة الاحتلال السوفييتي.
وفي المقابلة، تحدث أنس، صاحب التجربة الجهادية الثرية، عن كتابه الجديد، الذي تم نشره مطلع العام الجاري، "حياتي مع الجهاد.. من الجزائر إلى أفغانستان"، حيث تمحورت عن فترة الجهاد ضد الاحتلال السوفييتي في أفغانستان، وعن مفهوم الجهاد نفسه وما تعرض له من تشويه.
ومن منظور أعمق، يتحدث أنس، الذي يقيم في بريطانيا حاليا، عن تجربته مع الجهاد ضد الاحتلال السوفييتي، فيقول إن "بناء الدولة من التعليم والصحة والاقتصاد وحقوق الإنسان والحريات أصعب من حمل السلاح للقتال، وهذا ما حدث في أفغانستان بعد عام 1992"، مع سقوط النظام الشيوعي في هذا البلد.
ويتابع: "كنا نحلم مع إخواننا المجاهدين باللحظة التي سندخل فيها كابل، ولكن عندما وصلنا إلى كابل وسقط النظام الشيوعي، لم نقطف الثمرة التي كنا نسعى إليها، وهذه المرحلة فتحت سؤالا هاما جداً، وهو: لماذا لم تبن دولة مستقلة في أفغانستان بعد تحريرها؟".
وأشار في السياق ذاته أنه "لما جاء الربيع العربي اكتشفت أن ثقافة بناء الدولة ليست موجودة عندنا، فالأمة العربية والإسلامية قد تكون قادرة على تقديم الشهداء، لكنها قد تعجز عن بناء الدولة، فلذلك لا يكفي أن نطلب الشهداء والمجاهدين، وانما نريد أيضا أولئك الذين يبنون التعليم والاقتصاد والمجتمعات الحرة، وهذا التحدي أصعب من الأول".
وبالعودة لفترة الجهاد الأفغاني، أوضح أنس أنه "مر بثلاث مراحل، المرحلة الأولى وهي السنوات العشر من 1979 إلى 1989، وهي فترة وجود الروس، والثانية من 1989 إلى 1996 وأنا أسميها مرحلة الحرب الأهلية، والثالثة من 2001 إلى الآن".
وشدد على أن "الجهاد الأفغاني حقيقة كان في المرحلة الأولى فقط، من عام 1979 حتى عام 1989".
**لماذا كتاب عن الجهاد في أفغانستان؟
وتابع "عندما تقرأ لبعض الأكاديميين والمحللين الخبراء عن فترة الـ 10 سنوات ما بعد عام 1979، وهي فترة وجود السوفييت في أفغانستان، تجدهم يتكلمون كباحثين عنها، لكن لم يعيشوها على الأرض، وهذا خلّف بعض المحطات الغير واضحة".
ويستطرد قائلا: "لذلك بعض الناس يتساءلون: لماذا عبد الله عزام لم يجاهد في فلسطين وذهب لأفغانستان؟، ولماذا قتلت القاعدة أحمد شاه مسعود (القيادي الجهادي الأفغاني)؟ وهل هو شيعي؟ ولماذا الشباب تركوا أوروبا وماليزيا والجزائر وغيرها من الدول وذهبوا إلى أفغانستان؟ كل هذه الشواهد أردت أن أتكلم بها كشاهد للعيان (في كتابه الجديد)، وليس كخبير أو محلل".
وحول الكتاب الذي تم نشره باللغة الإنجليزية تحت عنوان (My Life in Jihad, from Algeria to Afghanistan)، قال أنس "يبدأ الكتاب مع رحلتي، كسيرة ذاتية، ولم أرد كما اوضحت أن أكون محللاً في هذا الكتاب، لأن المشهد الأفغاني له أكثر من مشهد: مشهد المهاجرين، ومشهد مكاتب المجاهدين، والعمل الإغاثي، والمعسكرات والتدريب، والعديد من المشاهد، وأنا لم أغط كل المشاهد في الجهاد الأفغاني، فقط تحدثت عن التي أنا عايشتها".
"أردت أن أخدم القارئ من خلال ما رأيته وعشته، وليس بالضرورة أن كل من يقرأ الكتاب سيحيط بكل الجهاد الأفغاني، ولكني أتصور الكتاب يعطي صورة واضحة عن الحالة العامة في أفغانستان"، يضيف صهر الشيخ عبد الله عزام.
ويوضح المزيد من دوافعه لإصدار هذا الكتاب بالقول: "لمست، في الفترة الأخيرة، ضرورة كتابتي لهذا الكتاب، لأن جيل اليوم، وجدته متأثرا بالجيل الذي جاهد في أفغانستان ضد الروس مع عبد الله عزام، فالناس الذين يذهبون إلى الجهاد اليوم متأثرون بالجهاد الأفغاني، وأفغانستان أصبحت تؤثر في كل الأجيال".
ولفت إلى أن "الناس يظنون أن الجهاد في أفغانستان بدأ مع القاعدة أو طالبان، أو بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، لكن إذا قرأت عن الجهاد فقط في هذه المراحل، فأنت لا تقرأ عن الجهاد الأفغاني الحقيقي، وهذا واحد من الأهداف التي أردت أن أعرضها وأوضحها في الكتاب، وهو أن الجهاد في أفغانستان بدأ مع دخول الإتحاد السوفييتي هذا البلد عام 1979، ومن يفهم هذه الفترة، سيفهم الفترات التي لحقتها، وأنا لا أريد أن تفهم الأجيال الجديدة أن الجهاد فقط بدأ من مراحل طالبان أو القاعدة أو أحداث 11 سبتمر".
**تشويه كلمة "جهاد"
وشدد أن مفهوم "كلمة جهاد اليوم لم يعد واضحا، فهذه الكلمة تعني عند الأنظمة الدكتاتورية الإرهاب، وأصبحوا يساوون بين الإرهاب والجهاد، فيما أصبح بعض الشباب من الأجيال الجديدة اليوم، ينظرون للجهاد على أنه الإجرام"
"وبنظري - يضيف أنس - أنا عشت نشاط الجهاد الحقيقي، وفلسفته مع الشيخ عبد الله عزام، وصورته مختلفة تماما عما يظنه الغرب أنها تعني الإجرام والإرهاب، ويدق من أجلها ناقوس الخطر الأمني، كما أن بعض المنظمات المتطرفة التي تظن نفسها أنها تجاهد، كالقاعدة وداعش وأخواتها، تسفك الدماء وتجرم بالفعل باسم الجهاد، بالتالي لم يعط كلا الطرفين (الغرب وتلك المنظمات) الجهاد حقه".
وأستطرد مبينا: "بحكم أني مارست الجهاد مع أئمة الجهاد وقادته الحقيقيين، كالشيخ عبد الله عزام وأحمد شاه مسعود، فقد رأيت معهم فلسفة الجهاد على الأرض، وأدركت أن الجهاد يختلف عن تفسيرات بعض الغربيين، وتفسير بعض الأجيال الجديدة، فأردت في كتابي أن أكتب عن الجهاد كما عشته ورأيته".
وحول زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، أوضح أنه "كان أحد المؤسسين معنا في مكتب الخدمات الذي أسسه عبد الله عزام، وبقي معنا حتى إنفصل عنا في نهاية عام 1988، وانضم إلى (فكر) جماعة الجهاد المصرية، بواسطة أيمن الظواهري وسيد إمام، وهؤلاء كانوا تكفيريين ويؤمنون بقتل المدنيين، وعندما جاءوا إلى بيشاور لم يكونوا يصلّون خلف الشيخ عبد الله عزام".
وتابع "كان الظواهري يفتي بعدم الصلاة خلف الشيخ (عزام)، ويقول أن رؤية الشيخ عبد الله عزام ليست واضحة وعقيدته فيها خلل، وكانوا يوصون الشباب ألا يتبعونه، ومع الأسف، نجحوا خلال فترة معينة في ذلك، واستطاعوا أن يجلبوا أسامة بن لادن إلى فكرهم".
وحول علاقته الحالية بأفغانستان، أجاب أنس: "ما زلت على اتصال مع أفغانستان، وأفغانستان فيها جيل جديد من الذكور والإناث يدركون القيمة الكبيرة للحرية، فلذلك إذا جاءت فرصة لأفغانستان أن تستقر، أتصور أنها ستكون النموذج الثاني للمسلمين بعد تركيا، غير ان هذا (الاستقرار) يتوقف على عدم تدخل الجوار بشؤونها".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.