طموحات عراقية لإنجاز اتفاق سعودي إيراني (مقال)
في الاستراتيجيات الإيرانية لا تزال الأولوية للمواجهة المفترضة مع إسرائيل، لكن متغيرات عدة استجدت تدفع السياسة الخارجية الإيرانية إلى تخفيف حدة الخطاب "العدائي" تجاه دول منها السعودية
Iraq
رائد الحامد / الأناضول
في الاستراتيجيات الإيرانية، لا تزال الأولوية للمواجهة المفترضة مع إسرائيل، لكن متغيرات عدة استجدت تدفع السياسة الخارجية لطهران إلى تخفيف حدة الخطاب "العدائي" تجاه دول منها السعودية.
لا تزال إسرائيل تنظر إلى إيران على أنها تهديد "وجودي" يستدعي حشد ما أمكن من مواقف الدول العربية والخليجية والولايات المتحدة، وجهودها للحد من التهديدات الإيرانية عبر القوى الحليفة لها في العراق وسوريا ولبنان، وفي قطاع غزة عبر فصائل مقربة من طهران، مثل حركة الجهاد الإسلامي.
من المهم لإيران عودة العلاقات مع السعودية إلى ما كانت عليه قبل قطع العلاقات بينهما مطلع عام 2016، لتخفيف حدة التوترات مع الولايات المتحدة والدول الغربية بشأن ملفها النووي.
الأمر نفسه مهم أيضا للسعودية، التي ترى أن المخرج من "مأزق" الحرب في اليمن يمر عبر البوابة الإيرانية.
ولتحقيق مصالح مشتركة بينهما، استجابت كل من طهران والرياض لجهود الوساطة العراقية في إنهاء حالة التوتر وإعادة العلاقات بينهما، لإدراكهما حجم المخاطر الناجمة جراء أي مواجهة محتملة على دول منطقة الشرق الأوسط والعالم.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، كان صرّح بأن حضوره إلى جدة لا علاقة له بقطاع الطاقة وأسعار النفط، إنما للمشاركة في ما سمّاه "الاجتماع الدوليّ الكبير" لبحث ما يتعلق بـ "التهديدات الإيرانية على الأمن القوميّ الإسرائيلي" مع قادة الدول العشر.
وسيكون حضور بايدن "قمة جدة" ضمن جدول أعمال جولته إلى الشرق الأوسط من 13 إلى 16 يوليو/ تموز الجاري، التي ستشمل إلى جانب السعودية، إسرائيل وفلسطين.
ومن المحتمل أن تُنجز "قمة جدة" منتصف يوليو "اتفاقاً من حيث المبدأ" على تشكيل تحالف أمني عسكري تشارك فيه إسرائيل، أو بالتنسيق معها، يضمّ عشر دول، الولايات المتحدة ودول الخليج الست ومصر والأردن والعراق.
لذلك قد ترى طهران ضرورة استباق القمة بالتقدم خطوات إضافية لوضع أسس ومبادئ عامة عبر الوساطة العراقية، لترسيخ أسس العلاقات المستقبلية مع الرياض بما يكفل موقفاً سعودياً أقل "عدائية" من إيران، قد يتخذه القادة العشرة بالتنسيق الأمني أو العسكري مع إسرائيل في مواجهة التهديدات الإيرانية على إسرائيل أولاً، وتهديدات مفترضة على بعض دول المنطقة الأخرى.
الوساطة العراقية التي قادها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، نجحت في جمع الطرفين السعودي والإيراني واتخاذهما خلال خمس جولات من المحادثات الثنائية في بغداد، خطوات واضحة نحو إعادة تطبيع العلاقات بينهما.
الأمر الذي عكسته التصريحات الرسمية من قادة البلدين حول رغبتهما المشتركة في طيّ صفحة الخلافات، والتوصل إلى تفاهمات حول ملفات خلافية تتعلق بالحرب في اليمن والدور الإيراني في المنطقة، وما يتعلق بالتحالفات المحتملة ضد إيران، التي تأخذ على محمل الجد تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان برغبة بلاده في علاقات "جيدة" مع طهران.
وفي جولته الأخيرة يومي 26 و27 يونيو/ حزيران الماضي، زار الكاظمي جدة والتقى ولي العهد السعودي، ثم توجّه إلى طهران للقاء الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
بعدها، ذكرت وزارة الخارجية العراقية أن المحادثات بين البلدين ارتقت من المستوى الأمني خلال خمس جولات إلى المستوى السياسي والدبلوماسي، مع ترجيحات بتوقيع اتفاقية ثنائية لإعادة سفراء البلدين في جولة سادسة يستعد العراق لاستضافتها على مستوى وزيري خارجية البلدين.
ويلعب العراق دور الوسيط أيضاً بين إيران من جهة وكل من الأردن ومصر من جهة أخرى، حيث استضافت بغداد "محادثات ثنائية منفصلة" بين إيران ومصر، وكذلك بين إيران والأردن، وفق تصريحات لوزير الخارجة العراقي فؤاد حسين في 30 يونيو الماضي.
ولم ينفِ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان وجود مفاوضات مع مصر ترعاها حكومة مصطفى الكاظمي، لكنه وصفها بـ "مفاوضات غير مباشرة" لاستئناف العلاقات بين طهران والقاهرة في إطار "التعاون بين البلدين وتطوير علاقاتهما بما يخدم مصلحة شعبيهما ودول المنطقة".
وبحسب تصريحات عبد اللهيان، بعد لقائه رئيس الوزراء العراقي في يونيو الماضي، تدعم إيران إعادة فتح سفارتي البلدين في العاصمتين، الرياض وطهران.
وجدد عبد اللهيان تأكيد رغبة بلاده في عودة العلاقات مع السعودية وتبادل السفراء وبدء الحوار السياسي، في تصريحات أدلى بها بعد لقائه مسؤولين سوريين بدمشق، في 2 يوليو الجاري.
ورغم جدية السعودية ورغبتها الحقيقية في عودة علاقاتها مع إيران، فإن المملكة لا تزال "متحفظة" في إعلان موقف رسمي من المحادثات والتقدم الواضح في مسارها، ما دفع صحفاً إيرانية إلى انتقاد موقف الرياض ووصفه بـ "اللامبالاة"، في مقابل تصريحات طهران الواضحة من مستويات رسمية عدة.
ويُتوقع أن يُجري الكاظمي زيارة إلى السعودية قبل قمة جدة، للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومسؤولين آخرين لإطلاعهم على أجواء زيارته الأخيرة إلى طهران والموقف الإيراني من المحادثات بين البلدين والسعي لرفع مستوى تمثيلهما في الجولة السادسة المنتظر أن تكون "الأخيرة" من المحادثات بوساطة عراقية، والتي من المحتمل أن تتوّج بإعلان إعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة بينهما.
وتشير صحف مقربة من مراكز صنع القرار في إيران، إلى أن الكاظمي الذي يعتزم القيام بزيارة وشيكة إلى المملكة، هي الثانية خلال فترة قصيرة، ستكون من أجل دفع المحادثات الإيرانية السعودية إلى الأمام وترتيب عقد جولة محادثات جديدة، قد تكون هي "الفرصة الأخيرة" أمام الرياض قبل انتهاء ولاية الكاظمي.
في إشارة إلى احتمالات نجاح قوى الإطار التنسيقي في تشكيل الحكومة الجديدة المنتظر أن يبدأ العمل عليها بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى في 13 يوليو، وهو توقيت يتزامن مع انتهاء عطلة مجلس النواب للفصل التشريعي الأولى التي بدأت في 10 يونيو الماضي.
ويسعى الكاظمي إلى حشد التأييد العربي المتمثل في السعودية ودول أخرى، وكذلك الدعم والتأييد الإيراني للتجديد له لولاية ثانية عبر الأدوار التي قام بها في تقريب وجهات النظر بين إيران وكل من السعودية ومصر والأردن.
لكن الدعم العربي والإقليمي قد لا يعني الكثير بعد استقالة أعضاء الكتلة الصدرية من مجلس النواب، وفقدان الكاظمي لدعم التيار الصدري.
من غير المستبعد أن يُجري الكاظمي زيارة "استباقية" إلى المملكة للقاء ولي العهد السعودي، ووضعه في أجواء نتائج محادثاته مع الرئيس الإيراني خلال زيارته الأخيرة.
ذلك فضلا عن تدارس ما يتعلق بجدول أعمال قمة جدة مع الرئيس الأمريكي، حيث يثار مزيد من الجدل في أوساط القوى الحليفة لإيران حول جدوى مشاركة العراق في قمة يُنظر إليها أنها تستهدف "إيران أولا"، وأنها تمهد لتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل ثانياً، وفق ما يصدر عن قيادات في الفصائل المسلحة والقوى السياسية العراقية الحليفة لطهران.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.