غزة.. أثاث عصري من خشب "المشاطيح" (تقرير)
- بسبب الأوضاع المعيشية المتردية راج في قطاع غزة استخدام خشب مستخدم في نقل البضائع يسمى "مشاطيح" في صناعة الأثاث المنزلي نظرا لقلة تكلفته مقارنة بالخشب الجديد..

Gazze
غزة/ نور أبو عيشة/ الأناضول
- بسبب الأوضاع المعيشية المتردية راج في قطاع غزة استخدام خشب مستخدم في نقل البضائع يسمى "مشاطيح" في صناعة الأثاث المنزلي نظرا لقلة تكلفته مقارنة بالخشب الجديد..**صاحب ورشة نجارة للأناضول:
- تكلفة شراء "المشاطيح" تقل بنسبة 80 بالمئة عن تكلفة شراء الخشب الجديد
- الأثاث المصنع من "المشاطيح" سعره أقل من المصنع بالخشب الجديد
- وفر العمل بخشب "المشاطيح" فرصا لعشرات العاطلين
على الطراز الحديث يحوّل الفلسطيني عمار النحال (27 عاما)، قطع الأخشاب المستخدمة في نقل البضائع وتسمى باللهجة الدارجة "مشاطيح" إلى أثاث منزلي يتسم بالبساطة والأناقة معا.
ومن بين عشرات "المشاطيح" الملقاة فوق بعضها البعض، يختار "النحال" أمتنها ليبدأ بتفكيك القطع الخشبية المكونة لها، تجهيزا لصناعة كرسي خشبي "هزاز".
وداخل منجرته في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، يساعد النحال عاملان في عملية فصل القطع الخشبية باستخدام قضيب من الحديد.
وبعد تفكيك "المشاطيح" يشرع عمال آخرون بتنظيف القطع الخشبية من الشوائب والنتوءات، باستخدام آلات يدوية.
** فرص عمل وتكلفة أقل
لم يجد النحال وهو خريج جامعي تخصص "إدارة صحية" فرصة عمل في مجاله تخصصه الأكاديمي لسوء الأوضاع المعيشية في القطاع وارتفاع نسبة البطالة، الأمر الذي دفعه إلى التفكير بمهنة توفر له قوت يومه، كما يقول للأناضول.
ويوضح النحال، أنه بعد أن "قضى فترة طويلة عاطلا عن العمل بدأ مع شقيقه، بصناعة قطع صغيرة من الأثاث باستخدام خشب المشاطيح".
وتطورت هذه الفكرة بعد أن لمس النحال استحسان منتجاتها من قبل السكان، الأمر الذي دفعه إلى افتتاح ورشة لتصنيع الأثاث من خشب نقل البضائع.
وفي الوقت الحالي يعمل لدى النحال في منجرته نحو 9 عمال فلسطينيين.
ويقول النحال، إن مشروعه "بسيط التكلفة ساهم في توفير مصدر دخل لنحو تسع عائلات، في ظل انعدام توفر فرص العمل، وتردي الأوضاع المعيشية".
ويصنع النحال أصنافا من الأثاث المنزلي مثل "الكراسي، والطاولات، والأراجيح، وأسرة النوم، وقواعد زينة لحمل الورود".
ويوضح أن "تكلفة شراء خشب المشاطيح تقل بنسبة تصل إلى 80 بالمئة، عن تكلفة شراء الخشب الجديد ذا الجودة الممتازة المستخدم في صناعة الأثاث".
ويضيف النحال أن "انخفاض تكلفة الخشب، يعني انخفاض سعر الأثاث المصنع منه".
ويردف أن "هذا الأمر دفع الآلاف من سكان قطاع غزة، الذين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة إلى الإقبال على شرائه لتأثيث منازلهم بسعر أقل".
وتتميز بعض أخشاب "المشاطيح" بالجودة والمتانة، وفق النحال، مشيرا أنها "تنوع ما بين الزان، والسويد، والساندويتش".
ويتراوح سعر "المشطاح" الواحد، بحسب النحال، ما بين (1.5 إلى 7 دولارات) حسب نوع الخشب المصنع منه وجودته.
** إقبال وتأثيث أماكن عامة
إلى جانب الأثاث المنزلي، يتجه أصحاب المشاريع السياحية الصغيرة إلى تأثيثها بالاستعانة بخشب "المشاطيح" كونه أقل تكلفة مالية.
المقاعد والكراسي والأراجيح الخشبية المنتشرة في الأماكن العامة وعلى شاطئ البحر، أصبحت مصنعة من أخشاب "المشاطيح"، بحسب النحال.
ويضيف أن "الكثير من أصحاب المحال التجارية أيضا صمموا الديكورات الداخلية لها باستخدام خشب المشاطيح، لانخفاض تكلفته، وسهولة تشكيله بما يتوافق مع رغباتهم".
وفي مدينة غزة، يعمل الشاب وسيم فلفل منذ أكثر من 6 سنوات في ورشة متخصصة بتصليح "المشاطيح" وتفكيكها بهدف بيعها.
وبعد أن أغرق "مشطاحا" في الماء لتسهيل فك قطعه الخشبية عن بعضها البعض قال فلفل للأناضول، إن "إقبال ورشات النجارة على شراء هذا الخشب زاد نسبيا في السنوات الأخيرة".
ويوضح أن "العاملين في هذا المجال يحصلون على المشاطيح من التجار الذين يستوردون البضائع التجارية المحمولة عليها".
ويشير فلفل إلى أن "المشاطيح التالفة يتم تحويلها إلى نشارة خشبية، ومن ثم توريدها لمزارع الدواجن".
** حافظت على الصناعات الخشبية
الاقتصادي الفلسطيني محمد أبو جياب يقول للأناضول، إن فكرة استخدام خشب "المشاطيح" في صناعة الأثاث المنزلي "جاءت لتساير انخفاض القوة الشرائية، وغياب القدرة لدى المواطن للحصول على الأثاث المصنوع من أنواع الخشب الجيد".
ويضيف أبو جياب أن "قطع الأثاث المصنعة محليا أو المستوردة من أنواع الخشب العادي والممتاز مكلفة جدا على المستوى المالي"، لافتا إلى "تردي الأوضاع الاقتصادية بغزة حد من شراء هذا النوع من الأثاث".
ويردف "لكن تصنيع قطع الأثاث باستخدام خشب المشاطيح فتح الباب أمام المواطنين لتوفير الحد الأنى من مستلزماتهم المنزلية، بأقل تكلفة وبما يتناسب مع أوضاعهم المادية".
ويوضح أبو جياب أن "هذه المواءمة حافظت على دورة التشغيل، والعمل في المصانع".
ويرى أبو جياب أن هذه الفكرة "حققت نجاحا على المستوى الاقتصادي وحافظت على مهنة كانت قد تأثرت سلبيا بفعل الحصار والأوضاع الاقتصادية".
وبفعل الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ نحو 13 عاما، يعاني قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من مليوني فلسطيني أوضاعا اقتصادية ومعيشية متردية للغاية.
ومع بداية عام 2020 ارتفع مؤشرا الفقر والبطالة إلى 52 بالمئة، و50 بالمئة، على التوالي.
وقال المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان (مقره جنيف) نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، إن نصف سكان القطاع فقراء، فيما يتلقى أربعة أشخاص من بين كل خمسة مساعدات مالية.