غزة تجوع.. أزمة الغاز تعطل المخابز والحطب يعود للواجهة (تقرير)
- الفلسطينيون عادوا لاستخدام الحطب بديلا عن غاز الطهي بسبب توقف عمل المخابز - إسماعيل أبو نمر: عدنا لاستخدام الحطب بسبب إغلاق إسرائيل للمعابر الحدودية - صاحب مخبز البغدادي: توقف المخبز الذي يسد احتياجات سكان المخيم منذ 10 أيام

Gazze
غزة / الأناضول
بعد نحو أسبوعين من إغلاق إسرائيل لمعابر غزة أمام المساعدات والبضائع، تحولت الألواح الخشبية الرقيقة والحطب المأخوذ من جذوع الأشجار إلى بديل أساسي عن غاز الطهي، الذي بات سلعة نادرة في القطاع المحاصر والمنكوب.
وبين نقاط بيع هذه البدائل - يتسبب احتراقها بأضرار صحية وبيئية خطيرة - يتنقل الفلسطينيون لشراء كميات منها رغم شح مصادر الدخل لديهم بعدما تحولوا إلى فقراء جراء حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
يلجأ بعضهم إلى شراء ألواح الخشب المصنعة التي تتميز بسعر أقل من الحطب لكونها سريعة الاحتراق، ولا تصمد نارها إلا لفترات زمنية قصيرة بخلاف نظيرتها من جذوع الأشجار التي تبقى لفترات أطول.
لكن بعضهم يعود بخفي حنين لعدم تمكنه من الشراء فيبحث في الشوارع والأزقة وبين الركام عن كل ما يمكن حرقه للحصول على نار للطهي.
توفير النار بات مهمة مكلفة وشاقة بغزة، في ظل إغلاق المعابر بما يفاقم من أزمة الغذاء التي تضرب مفاصل القطاع وتنذر بعودة المجاعة، خاصة بعد توقف ما نسبته 25 بالمئة من مخابز القطاع جراء شح الغاز والوقود، وفق تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
هذه المعاناة المتفاقمة تتزامن مع شهر رمضان المبارك، فيما يصفه الفلسطينيون بـ"الأقسى" على مدار سنوات حياتهم.
وفي 2 مارس/ آذار الجاري أغلقت إسرائيل معابر قطاع غزة أمام المساعدات الإغاثية والطبية والغذائية ما فاقم من معاناة الفلسطينيين الذين أنهكتهم الإبادة الجماعية.
** الطلب على الحطب
في مدينة خان يونس جنوب القطاع، يبحث الفلسطينيون عن الحطب ويرتادون نقاط بيعه على أمل شراء كميات بأسعار تناسب فقرهم الذي دفعتهم إليه الإبادة الإسرائيلية، وفق ما أكدته بيانات البنك الدولي القائلة إن جميع الفلسطينيين بغزة باتوا فقراء.
وبهذا الخصوص، قال الفلسطيني إسماعيل أبو نمر، للأناضول، إن استخدام الحطب عاد إلى الواجهة في هذه الفترة في ظل إغلاق المعابر.
وذكر أبو نمر، وهو يعاين قطع الحطب، أن قطاع غزة يمر في الوقت الحالي بأزمة إنسانية صعبة، حيث لا يتوفر غاز الطهي ولا الطعام ولا المياه.
أما باسم الزقزوق فقال للأناضول إن الفترة التي شهدت فتح للمعابر ودخول غاز الطهي قل فيها الطلب على الحطب، فيما ازداد اليوم بعدما نفد الغاز.
** مصاعب كبيرة
بدوره، قال نشأت سرور، وهو بائع فلافل بمدينة خان يونس، إن الحياة بغزة تحولت بعد إغلاق المعابر إلى مجموعة من المصاعب.
وأضاف وهو يقلي أقراص الفلافل باستخدام الحطب لإشعال النيران: "لم يعد هناك شيء في غزة يمكن الحصول عليه بسهولة، لا الحمص المستخدم في صناعة الفلافل، ولا الزيت، ولا حتى النار".
وأوضح أن إغلاق المعابر أعاد أصحاب المشاريع الصغيرة لاستخدام الحطب في الشوارع.
وفي مناطق متفرقة من القطاع وبشكل كبير، باتت أعمدة الدخان الناجمة عن احتراق الأخشاب والحطب أو البدائل الأقل تكلفة بين الأحياء السكنية المدنية وخيام النازحين.
وفي مشهد يعكس اجتماع أزمتي الغذاء والغاز، يجلس مسن فلسطيني (لم يكشف عن اسمه) أمام خيمته المهترئة، وهو يحرك بخشبة صغيرة القطع الورقية والكرتونية التي يستخدمها لإشعال النيران.
ويشرع المسن بتجهيز وجبة الإفطار الرمضاني، وهو عبارة عن "حساء العدس" فقط، وذلك في ظل انقطاع المساعدات الإغاثية والغذائية عنهم، وتوقف عمل الكثير من التكيات الخيرية، التي كانت توزع الوجبات.
وقال المسن للأناضول، إن إغلاق المعابر أدى إلى حالة غلاء كبيرة جدا ما يحول دون قدرة الفلسطينيين على شراء السلع الغذائية.
وفي بيان الجمعة، قال المكتب الإعلامي الحكومي إن 80 بالمئة من الفلسطينيين فقدوا مصادرهم للغذاء بتوقف التكيات الخيرية أو توقف صرف المساعدات من الجهات الإغاثية لعدم توفر مواد تموينية وغذائية في الأسواق.
وحذر المكتب الحكومي من أن مؤشرات عودة المجاعة لغزة باتت واضحة، في ظل انعدام الأمن الغذائي والمائي جراء إطباق إسرائيل حصارها.
** توقف المخابز
في السياق، شح غاز الطهي تسبب بتوقف مخابز بقطاع غزة عن العمل، حيث يعتبر الغاز المشغل الأساسي لآلياته إلى جانب الوقود الذي تمنع إسرائيل دخوله.
صاحب "مخبز البغدادي" بمخيم البريج وسط القطاع، محمد البغدادي يتفقد آلياته المتوقفة عن العمل منذ 10 أيام، ويقول بحسرة إن مخبزه كان يقدم نحو 2500-3000 ربطة خبز يوميا.
وتابع البغدادي، في حديثه للأناضول: "هذا المخبز هو الوحيد تقريبا في المخيم، الذي كان يسد حاجة الغالبية العظمى من سكانه من الخبز".
وأوضح أن الفلسطينيين باتوا يقطعون مسافات كبيرة جدا من أجل الحصول على الخبز من مخيمات ومناطق أخرى بالقطاع بعد توقف المخبز عن العمل.
وأكمل قائلا: "لا يوجد خضار ولا لحوم، لذا لا يوجد بديل عن رغيف الخبز للمواطنين الذين يعتمدون عليه في وجبتي الإفطار والسحور خلال رمضان، وإغلاق المعبر تسبب بأزمة كبيرة".
وأوضح أن توقف المخبز حرم أيضا 16 عائلة فلسطينية من مصدر رزقها بعد توقف العمال عن العمل، لافتا إلى أنهم كانوا يتقاضون أجورا يومية.
وأكد أن العامل كان يوفر احتياجات كل يوم بيومه لكن منذ 10 أيام انقطع دخلهم مع توقف العمل في ظل ظروف إنسانية صعبة وغلاء كبير.
وطالب البغدادي بضرورة الضغط على إسرائيل لفتح المعابر وإدخال غاز الطهي والدقيق للمواطنين بما يوفر لهم حياة كريمة.
ومطلع مارس/ آذار الجاري انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة التي استمرت 42 يوما، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.
ومع انتهاء المرحلة الأولى، أغلقت إسرائيل مجددا جميع المعابر المؤدية إلى غزة، لمنع دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى استخدام التجويع أداة ضغط على حماس لإجبارها على القبول بإملاءاتها، فيما قطعت لاحقا الكهرباء المحدودة عن محطة تحلية المياه وسط القطاع.
في المقابل تؤكد حركة "حماس" مرارا التزامها باتفاق وقف إطلاق النار وتطالب بإلزام إسرائيل به، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.