الدول العربية, التقارير, قطاع غزة

غزة تحت القصف.. الكلاب تنهش الأشلاء والجوع لا يرحم الأحياء (تقرير)

- يعاني سكان قطاع غزة خاصة بمحافظتي غزة والشمال أوضاعا قاسية جراء عدم توفر المواد الغذائية الأساسية ومعاناتهم من "الجوع"

Nour Mahd Ali Abu Aisha  | 26.01.2024 - محدث : 26.01.2024
غزة تحت القصف.. الكلاب تنهش الأشلاء والجوع لا يرحم الأحياء (تقرير)

Gazze

غزة/ الأناضول

- يعاني سكان قطاع غزة خاصة بمحافظتي غزة والشمال أوضاعا قاسية جراء عدم توفر المواد الغذائية الأساسية ومعاناتهم من "الجوع"
- مع اشتداد الحصار تمنع إسرائيل دخول حتى المساعدات الإغاثية إليهما، اضطر الفلسطينيون لاستعمال النباتات البرية وأعلاف الحيوانات كطعام لهم
- نقص الطعام أصاب السكان خاصة الأطفال، بأعراض سوء التغذية|، وأبرزها ضعف المناعة، التي تساهم بشكل كبير في انتشار وتفشي الأمراض المعدية

وسط ضجيج انفجارات الحرب الإسرائيلية المستمرة لأكثر من 4 شهور، يتسلل الجوع لينهش أجساد الفلسطينيين في كافة أنحاء القطاع، خاصة بمحافظتي غزة والشمال.

غالبية سكان القطاع فقدوا عددا من الكيلوات من أوزان أجسادهم جراء تفشي الجوع ونقص الأغذية السليمة والنظيفة.

تجد الناس هناك يشقون طرق الموت والمعارك بأجسادهم الهزيلة وعيونهم الغائرة، بحثا عن سبل لتوفير طعام يعينهم على البقاء أحياء.

ومع اشتداد الحصار الإسرائيلي على محافظتي غزة والشمال اللتين تمنع إسرائيل دخول حتى المساعدات الإغاثية إليهما، اضطر الفلسطينيون لاستعمال النباتات البرية وأعلاف الحيوانات كطعام لهم.

في حين أن الآلاف منهم يقضون أياما دون أن يتناولوا لقمة واحدة من الطعام بسبب انعدام توفرها.

من جهة أخرى، تلجأ الكلاب وغيرها من الحيوانات التي أصابها الجوع أيضا إلى نهش جثث القتلى الملقاة على الطرقات لعدم القدرة على دفنها نظرا لكثافة القصف الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر.

وفي محاولة لسد رمق بعض العائلات، يفتتح مواطنون بمبادرات تطوعية تكايا خيرية لتوزيع الطعام الساخن على النازحين والجائعين.

نقص الطعام أصاب هؤلاء السكان خاصة الأطفال منهم بأعراض سوء التغذية وأبرزها ضعف المناعة، التي تساهم بشكل كبير في انتشار وتفشي الأمراض المعدية.

ومنتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن جميع سكان قطاع غزة يعانون "انعدام الأمن الغذائي"، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأغلقت إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي، المعابر الواصلة بين القطاع والعالم الخارجي، فيما تم فتح معبر رفح البري مع مصر بشكل جزئي لدخول مساعدات محدودة وخروج عشرات المرضى والمصابين وعددا من حاملي الجوازات الأجنبية.

وسمحت إسرائيل في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، بدخول كميات شحيحة من المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح، ضمن هدنة استمرت أسبوع بين الفصائل بغزة وإسرائيل، تم التوصل إليها بوساطة قطرية مصرية أمريكية، تخللها صفقة تبادل أسرى.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على القطاع، خلفت حتى الخميس "25 ألفا و900 شهيد، و64 ألفا و110 مصابين، معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.

**الطعام مقابل الموت

في رحلتهم للحصول على الأغذية، يتعرض الفلسطينيون للموت بالرصاص والقذائف من قبل آلة الحرب الإسرائيلية.

منذ بداية الحرب، عمد الجيش الإسرائيلي لاستهداف مخابز قطاع غزة التي اصطف الفلسطينيون على أبوابها في طوابير للحصول على بضعة أرغفة لإطعام عائلاتهم.

ومع طول أمد الحرب وتدهور الأوضاع واشتداد الجوع على الغزيين، وبالتزامن مع السماح لعدد شحيح من شاحنات المساعدات الإغاثية للوصول إلى القطاع خاصة محافظتي غزة والشمال، بدأ الجيش باستهداف تجمعات المواطنين الذين يأملون بالحصول كميات قليلة من الطعام للبقاء أحياء.

آخر هذه الاستهدافات، كانت الخميس، حينما قصفت الآليات الإسرائيلية المدفعية تجمعا للجياع قرب دوار الكويت جنوبي مدينة غزة ألحقته طائرات مسيرة بإطلاق الرصاص، ما أسفر بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، عن مقتل 20 فلسطينيا وإصابة 150 آخرين بجراح مختلفة.

**نفاد الأغذية الأساسية

في مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع، حيث وصلت إليها أعداد هائلة من النازحين منذ بداية الحرب قدرت بما يزيد عن المليون، تصل كميات شحيحة من المساعدات الإنسانية.

هذه المساعدات، أتاحت للمواطنين فرصة للحصول على أصناف مختلفة من المواد الغذائية، لكن بأسعار خيالية وذلك لندرة توفرها.

لكن في المناطق الشمالية من القطاع حيث محافظتي غزة والشمال، ينعدم توفر المواد الغذائية الأساسية في ظل تشديد القيود الإسرائيلية عليهما.

وتمنع إسرائيل دخول المساعدات الإغاثية لهذه المناطق، باستثناء عدد قليل من الشاحنات التي ترسلها "أونروا" منذ بداية يناير/ كانون الأول الجاري.

وكانت "أونروا" قد قالت الخميس، إن "الأوضاع المعيشية في قطاع غزة ككل وبالأخص في محافظتي غزة والشمال كارثية جداً".

وقالت إيناس حمدان، القائم بأعمال مدير مكتب الإعلام بـ"أونروا" في غزة، في حديث للأناضول: "أقل ما يمكن أن يقال هو أن الوضع مأساوي للغاية، فالمواد الغذائية الأساسية مثل الطحين والأرز غير متوفرة، والسكان هناك بالفعل لا يجدون ما يكفي لسد جوعهم".

وأوضحت حمدان، أن نقص الأغذية "يزيد من المشاكل الصحية في ظل انعدام ظروف حياتية ملائمة".

بدوره، كشف برنامج الأغذية العالمي، الخميس، عن عدم قدرة فرقه على الوصول المنتظم إلى معظم مناطق قطاع غزة، التي تكون فيها احتياجات الغذاء كبيرة.

وأضاف البرنامج في بيان: "بهدف تجنب المجاعة، نحتاج إلى الوصول الآمن والمنتظم إلى جميع مناطق غزة، حيث يعاني الناس من الجوع".

وقال البيان: "حتى الآن خلال يناير/ كانون الثاني الجاري، تتمكن المزيد من شاحنات برنامج الأغذية العالمي من العبور إلى غزة يوميا، لكن لا يمكننا الوصول بشكل منتظم إلى معظم مناطق غزة التي تكون فيها احتياجات الغذاء كبيرة".

وكانت الأمم المتحدة حذرت، في وقت سابق، من أن 2.3 مليون شخص في قطاع غزة معرّضين لخطر المجاعة.

**نباتات برية وأعلاف حيوانات

وفي ظل عدم توفر المواد الغذائية في مناطق شمالي القطاع، لجأ الناس لجمع النباتات البرية من الأراضي الزراعية خاصة "الخبيزة"، التي تحمل فوائد غذائية كبيرة، كبديل عن الطعام.

لكن من الصعب في هذا الوقت العثور على المواد الأساسية المشبعة كالخبز والأرز، إلا لدى عدد قليل من العائلات الذين ما زالوا يحتفظون بكميات قليلة من الدقيق أو القمح غير المطحون.

وبدأ سكان الشمال بطحن أعلاف الحيوانات وحبوب الذرة التي تستعمل في صناعة هذه الأعلاف، لصناعة الخبز وإطعام أطفالهم.

هذه الحبوب غير النظيفة والمصنوعة من مكونات ضارة بصحة الإنسان، تكون ممتلئة بالحشرات التي ظهرت بسبب التخزين السيئ بفعل الحرب وارتفاع درجة الرطوبة، وفق إفادة مراسل الأناضول نقلا عن شهود عيان.

إلا أن السكان رغم ذلك اضطروا للاستعانة بها لصناعة الخبز والبقاء على قيد الحياة.

الشاب الثلاثيني هايل ياغي، من بلدة جباليا شمالي القطاع، قال للأناضول، إن الوضع في هذه المنطقة صعب جدا خاصة فيما يتعلق بتوفير الأغذية الأساسية.

وأضاف: "أدنى مقومات الحياة الأساسية كالدقيق والخبز غير متوفر، قد نمضي يوما كاملا بدون طعام".

ولتخطي هذه المحنة، أشار إلى أنهم لجأوا لطحن أعلاف الحيوانات لتوفير الخبز الذي يتم صناعته باستخدام نيران الحطب.

وذكر أن الأطفال والكبار من عائلته باتوا يمضون يومهم كاملا معتمدين على وجبة طعام واحدة، من الخبز المصنوع من العلف، لضمان توفره في الأيام القادمة.

وبسبب سوء التغذية، قال ياغي إن الأطفال دائما مصابون بارتفاع في درجات الحرارة ونزلات معوية، الأمر الذي يضاعفه عدم توفر الأدوية أو المستشفيات.

وختم قائلا بصوت يائس: "الوضع هنا صعب، ومن الصعب وصفه".

أما العشرينية رنان قويدر، من منطقة الصحابة بحي الدرج في مدينة غزة، فتقول للأناضول إنها وكل من تعرفه، فقدوا الكثير من أوزانهم بسبب نقص وسوء التغذية.

وتشكو قويدر من عدم توفر الدقيق اللازم لصناعة الخبز، معربة عن تخوفاتها من الدخول في مجاعة كبيرة في الأيام القليلة القادمة.

وتضيف للأناضول: "نحصل على كميات قليلة من القمح غير المطحون، الذي نعكف على طحنه بطرق بدائية لساعات طويلة".

**تزاحم حول "التكايا"

في محاولة لسد الجوع الشديد الذي أصاب مواطنين في مناطق جنوب وشمال القطاع، أطلق عدد من الفلسطينيين مبادرات فردية تطوعية لتوفير الوجبات الساخنة لعشرات المحتاجين.

بتكايا الخير الصغيرة، بدأ هؤلاء المبادرون توزيع وجبات الطعام على النازحين والجائعين الذين يتزاحمون حولهم وهم يحملون أوان بلاستيكية وحديدية لتعبئتها.

ويصف الفلسطينيون، الذين لم يتخيلوا أن يمروا بهذه الظروف الصعبة، مشهد التزاحم للحصول على الطعام، بـ"القاسي والمأساوي".

وأفاد مراسل الأناضول، نقلا عن شهود عيان، أن عددا من الفلسطينيين يعملون منذ بداية الحرب الإسرائيلية في تكية ببلدة جباليا (شمال) لتوزيع الوجبات الساخنة على الجائعين.

وبحسب شهود العيان، فإن التكية تواجه صعوبة في توفير الأغذية وطهيها للمواطنين خاصة في ظل عدم توفر المواد الغذائية الأساسية كالأرز والدقيق.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.