قلق شديد في غزة بعد اكتشاف إصابات بـ"كورونا" (تقرير)
يعيش سكان قطاع غزة، هذه الأيام، في قلق شديد، من تفشي فيروس "كورونا"، بعد أن ظلت منطقتهم، لشهور عديدة، في منأى عن مخاطر انتشاره.
Palestinian Territory
غزة/ محمد أبو دون/ الأناضول-
يعيش سكان قطاع غزة، هذه الأيام، في قلق شديد، من تفشي فيروس "كورونا"، بعد أن ظلت منطقتهم، لشهور عديدة، في منأى عن مخاطر انتشاره.
وساعد الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عام 2007، والإجراءات المشددة التي اتخذتها السلطات (تديرها حركة حماس) في عزله عن مخاطر تفشي الفيروس.
ومنذ بدء جائحة "كورونا"، كانت جميع الإصابات المسجلة بغزة، هي من بين العائدين للقطاع، عبر معبري رفح مع مصر، وإيرز/ بيت حانون مع إسرائيل، والذين يتم استضافتهم في مراكز خاصة للحجر الصحي لمدة 21 يوما، وهو ما أشاع أجواءً من الشعور بـ"الأمان".
لكن هذا الإحساس تلاشى، مساء الإثنين الماضي، بعد أن أعلنت وزارة الصحة اكتشاف 4 حالات أصيبت داخل القطاع، ولم تكن من ضمن العائدين من الخارج.
ولاحقا، أعلنت الوزارة عن إصابة 12 آخرين، (توفى أحدهم) ليرتفع عدد الحالات المكتشفة من داخل القطاع إلى 16 شخصا.
ولم تستطع السلطات، (حتى 14:50 تغ) تحديد مصدر العدوى.
وعلى الفور، سارعت الحكومة التي تديرها حركة حماس، إلى فرض حظر شامل للتجوال، على كافة مناطق القطاع، لمدة 48 ساعة، تنتهي مساء اليوم الأربعاء.
وأغلقت المحال التجارية، والمؤسسات الحكومية والتعليمية والخاصة، والمساجد أبوابها.
ويُتوقع أن يتم تمديد الحظر، واتخاذ إجراءات أخرى مشددة، للحد من تفشي الفيروس.
ويأتي "الزائر" غير المرغوب فيه، في وقت يعاني فيه سكان غزة من مشكلات اقتصادية ومعيشية متعددة جراء الحصار المفروض منذ عام 2007.
وتسبب تشديد إسرائيل للحصار، خلال الأسبوعين الأخيرين، في زيادة معاناة السكان.
وبررت إسرائيل تشديد الحصار، بإطلاق نشطاء في غزة، بالونات حارقة، تتسبب بإشعال حرائق في المناطق الإسرائيلية المحاذية، ردا على "مماطلة إسرائيل في تخفيف الحصار عن القطاع".
ومن هذه الإجراءات، إغلاق معبر كرم أبو سالم، في وجه غالبية البضائع، وخاصة الوقود ومواد البناء.
وأدى منع إدخال الوقود إلى توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل، الأمر الذي تسبب بانقطاع الطاقة عن السكان لمدة تصل إلى 20 ساعة في اليوم.
والأربعاء، حذر مركز الميزان لحقوق الإنسان، من إمكانية حدوث "كارثة حقيقية" في قطاع غزة، في حال انتشار فيروس كورونا.
وقال المركز، في بيان له، إن وزارة الصحة بغزة، لا تملك المقومات اللازمة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا.
ودعا المركز، المجتمع الدولي إلى "دعم قدرات السلطات المحلية للحيلولة، دون خروج الوباء عن السيطرة".
وطالب بالضغط على إسرائيل لرفع حصارها "فورا وتزويد القطاع بحاجاته من الوقود والتيار الكهرباء ودعم القطاع الصحي بكل احتياجاته".
من جانبه، قال جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة، إن أزمة كورونا وتخوفات تفشيه بشكل واسع بين المواطنين في القطاع، أدخلت السكان في "وضع خطير جداً، وجعلتهم على مقربة من كارثة إنسانية محتملة".
وأضاف لوكالة الأناضول "الإنتاج بغزة، حالياً صفر، والاستمرار بهذا الوضع، سيعمق الأزمة وسيزيد من ضعف استجابة المواطنين للتعامل معها، خاصة وأنهم يعانون أثناء جلوسهم في المنازل، من مشكلة توفر المياه، والكهرباء التي تنقطع لحوالي ٢٠ ساعة يومياً".
ونوّه إلى أن غزة، تحتاج لجهود وإمكانات "هائلة" من دول العالم، لمواجهة تفشي الفيروس.
وأضاف الخضري "بالأساس، غزة، كانت تعاني عجزاً في النظام الصحي".
كما أشار إلى أن قطاع غزة، يعاني من "انعدام الأمن الغذائي بنسبة ٨٠ بالمئة، إضافة لأن ٣٢٠ ألف عامل كانوا قبل الأزمة، بلا عمل".
وقال الخضري "بعض المؤسسات الإغاثية والخيرية، التي تقدم المساعدات الإنسانية والغذائية للمواطنين، علقت عملها في غزة مع بدء حظر التجوال، وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، أبرز تلك المؤسسات، كونها تقدم المساعدات الغذائية لحوالي مليون لاجئ في غزة".
وشدد على ضرورة "الضغط على إسرائيل لأجل دفعها لوقف اعتداءاتها اليومية، بحق سكان القطاع، ولإعادة فتح المعابر وإدخال المساعدات الطبية والغذائية، والوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء".
**السكان قلقون
ويثير تفشي فيروس كورونا، قلق شريحة كبيرة من السكان، الذين يعتمدون في معيشتهم على العمل بنظام "اليومية".
ويقول المواطن علّام أبو حليمة (42 عاماً)، الذي يسكن شمالي القطاع، إنه "لا يتيقن من قدرته على الصمود برفقة عائلته، لأيامٍ طويلة ضمن الحجر المنزلي، وذلك لأن احتياجاتهم من الطعام والشراب، ليست بسيطة".
ويضيف لوكالة الأناضول، إنه لن نتمكن من تأمين احتياجات أسرته، طالما لم يخرج للعمل في بيع الخضار بسوق مخيم جباليا للاجئين.
وتابع "أشعر أن خطر الإصابة بالفيروس بات قريباً من عائلتي المكونة من تسعة أفراد (أطفاله وزوجته ووالديه)، لاسيما بعد الإعلان عن وجود أكثر من بؤرة لانتشاره داخل القطاع، لكنّ الخطر الأكبر بالنسبة لي سيكون في الأيام القادمة، التي قد أعجز فيها عن توفير الطعام ومستلزمات الحجر للأسرة".
ولفت أبو حليمة إلى أنّ حالة سكان القطاع الراهنة صعبة اقتصادياً، فجلهم يعاني تراجعاً في قيمة الدخل والقدرة الشرائية، التي تقلصت كثيراً في الفترة الأخيرة، بسبب التقليصات بالرواتب وتشديد الحصار الإسرائيلي.
من جهته، ذكر المواطن سهيل غَبِن الذي يقطن غرب مدينة غزة، ويعمل في محلٍ لبيع الملابس، أن استقباله لخبر تسجيل أول حالات الإصابة خارج مراكز الحجر الصحي، كان صادماً جداً، كونه يعلم مسبقاً أن هكذا وضع صحي، سيتطلب من الجهات الحكومية، فرض إجراءات قاسية على المواطنين لأجل احتواء الخطر.
وأضاف "أنا كمواطن لست ضد أي إجراء من الحكومة، لكنّي في المقابل آمل أن توفر لي ولعائلتي ولكل عائلات العمال الذين يعملون بنظام اليومية، سُبل العيش البسيطة خلال أيام الحجر المنزلي، إن طالت الفترة".
ويتذمر غبن من استمرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، خلال فترة منع التجوال، "لاسيما في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وعدم ملائمة الكثير من المنازل للعيش الآدمية، وانسداد أفق التسلية".
**فترة عصيبة
ويصف أمجد الشوّا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، المرحلة الحالية بـ"العصيبة".
ويقول لوكالة الأناضول "الفترة الحالية عصيبة جداً، وهي امتداد للكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع، منذ سنوات بسبب الحصار الإسرائيلي، الذي تم تشديده في الأيام الأخيرة".
وتابع "هناك عشرات آلاف العمال والباعة، فقدوا مصادر رزقهم اليومية بسبب الأزمة، ولو طال أمر الحجر المنزلي ومنع الخروج، ستكون الآثار عليهم كارثية".
وأكمل "الأمر يتطلب من الجميع التكاتف لمواجهة الأزمة، وللخروج منها بأقل الخسائر".
وأوضح الشوا أنّ "استجابة القطاعين الصحي والاقتصادي في غزة، لمثل هكذا كوارث إنسانية ولحالة الطوارئ ضعيفة".
وأشار إلى أن المرحلة الحالية، "تتطلب دعماً عاجلاً وجهوداً محلية ودولية كبيرة، تساهم في احتواء الأزمة".
وبيّن الشوا أن "الاكتظاظ السكاني في مخيمات اللاجئين بقطاع غزة، وبعض الأحياء الرئيسية، يضاعف الخطر، ويهدد بانتشار سريع للوباء خلال الأيام القادمة".