مسجد مدمر.. ملاذ عائلة فلسطينية في بيت لاهيا شمال غزة (تقرير)
** أبو محمود، محدثا عن اللحظات التي سبقت قصف منزله والمسجد المجاور له: - كنا نزين البيت والمسجد معًا، ننتظر الأذان لنجتمع على مائدة الإفطار، اليوم كل شيء تحطم

Gazze
غزة / جمعة يونس / الأناضول
** أبو محمود، محدثا عن اللحظات التي سبقت قصف منزله والمسجد المجاور له:- كنا نزين البيت والمسجد معًا، ننتظر الأذان لنجتمع على مائدة الإفطار، اليوم كل شيء تحطم
- نموت مئة مرة في اليوم، والعيش في هذا المكان رغم خطورته أفضل من العودة إلى مخيمات النزوح
في قلب مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، حيث تتشابك حكايات الصمود والمعاناة، تعيش عائلة رفيق قاعود "أبو محمود" على أنقاض منزلها المدمر ومسجد "أُولو العزم" الملاصق له، بعدما دمرتهما حرب الإبادة الإسرائيلية.
لم يبقَ للعائلة ملجأ سوى ما تبقى من جدران المسجد ومنزلهم المهدّم، رغم المخاطر المحدقة المتمثلة باحتمال انهيار السقف عليهم في أي لحظة.
يقف رب الأسرة أبو محمود وسط الدمار بوجه مكفهرّ وعينين مليئتين بالحزن تحكيان واقعًا مأساويًا يعيشه مع عائلته بين أنقاض المنزل والمسجد الذي كان يومًا منارة روحانية وأملا.
وبصوت متهدّج، أشار إلى الركام وقال لمراسل الأناضول: "هنا كنا نصلي، هنا كانت تجمعنا الأعياد والمناسبات"، ثم التقط مصحفًا ممزقًا من بين الحطام، وانسالت من عينيه الدموع قائلا: "حتى كلام الله لم يسلم من هذا الدمار".
أبو محمود تحدث عن اللحظات التي سبقت القصف، وكيف كانت العائلة تستعد لاستقبال شهر رمضان في منزلها المجاور للمسجد، وقال: "كنا نزيّن البيت والمسجد معًا، ننتظر الأذان لنجتمع على مائدة الإفطار".
لكن كل ذلك تبدد في لحظة، عندما سقطت القذائف وحولت المكان إلى ركام.
ومع تصاعد الهجمات الإسرائيلية، وجدت العائلة نفسها مضطرة للنزوح إلى مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، حيث أقامت في خيام تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة.
ومع عودتها إلى بيت لاهيا بعد تعليق حرب الإبادة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، صُدمت العائلة بحجم الدمار الذي لحق بمسكنها والمسجد العزيز.
لم يكن أمامها خيار سوى الاحتماء بما تبقى من المسجد، فنصبت خيمة عند مدخله الرئيسي، ووضعت أدوات المطبخ فوق منبره، في مشهد يجسّد مرارة الواقع.
** نموت مئة مرة يوميا
أبو محمود عبّر عن حزنه العميق لتحول مكان العبادة إلى مأوى مؤقت، وقال: "أريد أن يشاهد العالم هذه المناظر... نحن نموت مئة مرة كل يوم".
ويؤكد مشيرا إلى المصاحف الممزقة والملطخة بالدماء داخل المسجد، أن العيش في هذا المكان رغم خطورته، أفضل من العودة إلى مخيمات النزوح.
هذه القصة ليست الأولى من نوعها؛ فحسب بيانات وزارة الإسكان بغزة الصادرة في 16 فبراير الماضي، تسببت الإبادة الإسرائيلية بتدمير 250 ألف وحدة سكنية، منها 170 ألفًا بشكل كلي و80 ألفًا بشكل جزئي، مع توقعات بارتفاع العدد إلى نحو 280 ألف وحدة.
وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أظهرت صور الأقمار الصناعية تدمير 1190 كم من شوارع غزة، إضافة إلى تعرّض 415 كم من الشوارع بالقطاع لأضرار شديدة، و1440 كم أخرى لأضرار بالغة.
** رمضان اليوم.. كل شيء تحطم
مع حلول شهر رمضان، يستذكر أبو محمود بحسرة الأوقات الجميلة التي كان يقضيها مع عائلته وجيرانه في المسجد، قائلاً: "كنا نعيش أجواءً رائعة في رمضان... الآن لم يبق شيء من ذلك، لم نعد نسمع الأذان، لم تعد لدينا رغبة في الطعام أو الشعور بالسعادة، كل شيء تحطم".
ورغم كل الصعاب، يصرّ أبو محمود على البقاء على الأنقاض، قائلاً: "لن نعود إلى المخيمات، سأسكن في بيتي المدمر بأي طريقة كانت".
ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي يروّج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمخطط تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضته البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.
في ظل هذا الواقع المرير، تبقى معاناة عائلة قاعود وآلاف العائلات الفلسطينية الأخرى شاهدة على حجم المأساة التي يعيشها قطاع غزة، وسط نداءات مستمرة للمجتمع الدولي والعالم الإسلامي للتحرك وإنهاء معاناتهم.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
وعند منتصف ليل السبت/ الأحد، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة رسميا والتي استغرقت 42 يوما، بينما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.
ويريد نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية، وذلك إرضاء للمتطرفين في حكومته.
بينما تؤكد "حماس" مرارا التزامها بتنفيذ الاتفاق وقف إطلاق النار، وتطالب بإلزام إسرائيل بما نص عليه، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.