مفكر مغربي: تركيا ستتجاوز آثار الزلزال بحمية شعبها وجدية حكومتها (مقابلة)
المفكر المغربي أبو زيد المقرئ الإدريسي للأناضول: - تضامن الشعوب مع ضحايا زلزال تركيا وسوريا سيزداد وحاجز الترقب سينكسر

Rabat
الرباط/ الأناضول
- تضامن الشعوب مع ضحايا زلزال تركيا وسوريا سيزداد وحاجز الترقب سينكسر
- أرسلت دول مساعدات وأطقم إغاثة وخبراء بينما تأخرت دول أخرى كثيرا
- عندما نتابع عدد الشاحنات ورقم الأطنان التي وصلت من الأمم المتحدة، ندرك أنه شيء هزيل
قال المفكر المغربي أبوزيد المقرئ الإدريسي، إن تركيا دولة قوية، قادرة على تجاوز آثار الزلزال المدمر، وذلك بالنظر إلى إمكانياتها و"حمية شعبها، وجدية حكومتها".
وتوقع الإدريسي، في مقابلة مع "الأناضول"، أن يزداد التفاعل مع حملات الاستجابة لكارثة الزلزال في كل من تركيا وسوريا، وأن يتصاعد التضامن مع المنكوبين.
وانتقد الإدريسي، وهو من الوجوه البارزة في المغرب، الاستجابة الدولية "الهزيلة" لا سيما من الأمم المتحدة لكارثة الزلزال، واصفا تفاعل الدول بأنه "متفاوت، وهذا التفاوت مؤلم".
وفجر 6 فبراير/شباط الجاري، ضرب زلزال جنوبي تركيا وشمالي سوريا بلغت قوته 7.7 درجات أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات ومئات الهزات الارتدادية العنيفة ما خلف خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.
** حالة صدمة
وعن الانطباع الأول لما حدث في تركيا وسوريا، أوضح الإدريسي أنه "كان حالة صدمة، ويبدو أن هذا مشترك بين جميع المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي، وربما كان أيضا مشتركا مع أغلب الإنسانية".
وأضاف أن "كارثة بالحدة التي شاهدناها، وزلزال بتلك القدرة التدميرية، وضحايا من الشهداء إن شاء الله، ومن الجرحى والمشردين، لا يمكن أن تفي بوصف الحالة النفسية المترتبة عنه إلا كلمة صدمة".
وتابع: "بعد الشعور بالصدمة والذهول وحالة الرعب التي تشل الإنسان مهما كانت رباطة جأشه، وهو يسمع الأنين والبكاء، وخاصة بكاء ذوي الشهداء، تأتي حالة الأسى والشفقة والحزن ويتحول ذلك إلى دعاء إلى هؤلاء المنكوبين".
ومنذ الزلزال، عبر ناشطون عرب على مواقع التواصل الاجتماعي عن حزنهم وتضامنهم مع المنكوبين في كل من تركيا وسوريا، كما انتشرت دعوات إلى جمع تبرعات عينية ومالية لإغاثة المتضررين.
وتفاعل ناشطون في تونس، ومصر، وقطر، والكويت، والسعودية، والصومال، مع الكارثة، بين معبّر عن تضامنه مع الشعبين، ومتطوع لجمع تبرعات وإيصالها للمنكوبين.
** استجابة متفاوتة
وفيما يتعلق بتقييمه لتعامل دول العالم مع تداعيات الزلزال في كل من تركيا وسوريا، قال المفكر المغربي إن "الاستجابة تجاه الكارثة كانت متفاوتة، وهذا التفاوت مؤلم".
وأضاف: "المفروض أن تكون الاستجابة واحدة، هناك دول اتصلت بالهاتف مباشرة، ودول أرسلت رسائل مواساة وأكدت عزمها على أن تساهم في دعم إخوانهم المنكوبين".
وتابع: "ثم بدأت دول ترسل المساعدات وأطقم الإغاثة والخبراء، بينما بعض الدول تأخرت كثيرا، واكتفت برسائل باردة أو بجمل جاهزة لمثل هذه المناسبات".
وأوضح أنه في المغرب "على مستوى التعاطف والأحاسيس وما يطفو في وسائل التواصل الاجتماعي واتصالات الناس بعضهم ببعض، الشعب المغربي مهموم بهذا المصاب ومعني به كمسلمين وكبشر".
وعقب الزلزال، بعث عاهل المغرب الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعرب فيها عن "تضامن المملكة الفاعل ووقوفها إلى جانب الشعب التركي الشقيق، في هذا الظرف العصيب".
** الحملات الشعبية
وعن أسباب التفاوت في الاستجابة الشعبية للكارثة بين الدول، قال الإدريسي، إنه في بعض البلاد "الحملات (الإغاثية) مقيدة بقوانين تعاقب على العمل الإغاثي بدون ترخيص".
وأوضح: "خرج البعض يخوف الناس، فقال لهم: انتبهوا، من أرسل المساعدات مباشرة إلى سوريا، فإنه قد يجد نفسه في لائحة الداعمين للإرهاب، التي تفرضها الولايات المتحدة والأمم المتحدة".
يأتي ذلك رغم أن هناك "دول احتضنت حملات شعبية لجمع التبرعات، في السعودية وباكستان مثلا وداخل تركيا نفسها، وهذا شيء يسر ويشرف" وفق المفكر المغربي.
لكنه توقع أن تتصاعد الاستجابة مع الوقت، فقال: "الحملات الشعبية متصاعدة مع تصاعد الأزمة، فكل ساعة نسمع مزيدا من الشهداء والمشردين، وبمرور الوقت لم يعد لنا أمل في أن نسمع بمزيد من الناجين".
وذهب إلى أنه "مع تصاعد هذه الأوضاع المرعبة، أظن أن التفاعل الشعبي سيزيد، وحتى حاجز الترقب سيكسر، وأيضا الخوف من الاتهام الأمريكي الباطل، أو من تشريعات تؤطر العمل التضامني بقوانين صارمة".
وخلف الزلزال دمارا في إحدى عشرة ولاية تركية، هي قهرمان مرعش، غازي عنتاب، وشانلي أورفة، ودياربكر، وأضنة، وأدي يامان، وعثمانية، وهطاي، وكيليس، وملاطية وألازيغ.
** المسؤولية الدولية
أما عن استجابة المجتمع الدولي والأمم المتحدة لكارثة الزلزال، فقال الإدريسي: "عندما نتابع عدد الشاحنات ورقم الأطنان التي وصلت من الأمم المتحدة، ندرك أنه شيء هزيل".
وتساءل: "هل يعقل أن الأمم المتحدة بكل سلطاتها وإمكانياتها ومواردها، ترسل بضع شاحنات فقط لدعم المتضررين من الزلزال؟ بالإضافة إلى التعقيدات والمماطلة".
وأجاب مستنكرا: "الأمم المتحدة وجهت دعوات لجمع التبرعات، وحددت سقف 46 مليون دولار، لنحو 23 مليون متضرر لحد الآن، وهذا رقم هزيل جدا".
وخلص إلى أن "الأمم المتحدة والغرب، يرسلان الحد الأدنى من المعونات رفعا للعتب فقط".
والإثنين، نظم عشرات من أعضاء منظمات إنسانية محلية والدفاع المدني السوري، احتجاجا في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، على "تخاذل الأمم المتحدة في الاستجابة للكارثة التي حلت في مناطقهم جراء الزلزال".
والأحد، أقر مسؤول المساعدات في الأمم المتحدة مارتن غريفيث، عبر "تويتر"، بأن سكان شمال غربي سوريا محقون في شعورهم بالخذلان بعد الزلزال المروع.
** إعادة الإعمار
وفيما يخص مرحلة ما بعد الانتهاء من عمليات الإنقاذ وانتشال جثامين الضحايا، تساءل المفكر المغربي: "هل ستقوم الأمم المتحدة بإعادة الإعمار؟" للمباني والبنية التحتية في مناطق الزلزال.
وتابع: "لننظر ماذا فعلت (الأمم المتحدة) في إعادة إعمار غزة والصومال والعراق وسوريا، وحين نرى النتائج الهزيلة والبئيسة والبطيئة والجزئية والانتقائية والمسيسة، نعرف مصير تركيا وسوريا".
وتوقع أن تتجاوز تركيا تداعيات الزلزال، "فهي دولة قوية رغم أن الزلزال جاء أقوى منها، لكن لها إمكانات، وفي شعبها حمية، وفي حكومتها جدية، لذا ستكون الوطأة أقل شدة عليها".
والثلاثاء، أعلن الرئيس التركي أن حكومة البلاد ستبدأ مطلع مارس/آذار القادم ببناء 30 ألف وحدة سكنية للمتضررين من الزلزال، متعهدا "ببناء كل منزل ومقر عمل تهدم أو أصبح غير صالح للاستخدام وسنسلمه لصاحبه".
وختم الإدريسي حديثه بأن هذه "المعطيات الإيجابية (في تركيا) غير متوفرة في الضفة المقابلة في شمال سوريا، لذا سيكون مصير سوريا مؤلما، لأن هناك وضع مأساوي".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.