نقص الوقود وتدمير الآبار يحرمان غزة والشمال مياه الشرب (تقرير)
حسين المسارعي العامل في محطة تحلية مياه شمال غزة: نقص المياه في الأجواء الحارة خطر على المواطنين
Gazze
غزة/ الأناضول
**حسين المسارعي العامل في محطة تحلية مياه شمال غزة:- نقص المياه في الأجواء الحارة خطر على المواطنين
- نواجه صعوبة في توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطة
**حسني مهنا، المتحدث باسم بلدية غزة:
- حالة عطش شديد تواجه الفلسطينيين بسبب تعمد إسرائيل تدمير الآبار وخطوط المياه
- العدوان الإسرائيلي المتواصل تسبب بتدمير واسع في البنية التحتية لشبكات المياه
يتنقل الفلسطيني حسين المسارعي بين أجهزة محطة "تحلية المياه"، التي يعمل بها شمالي قطاع غزة، عقب توقفها عن العمل خلال الساعات الماضية بسبب عدم توفر الوقود اللازم لتشغيلها.
يتساءل المسارعي وغيره من العاملين داخل هذه المحطة، التي تعتبر واحدة من بين المحطات القليلة العاملة في محافظة شمالي القطاع، عن أوضاع السكان والنازحين بدون مياه، في حال عدم توفر الوقود.
ويوماً بعد يوم تزداد حدة أزمة المياه في شمال قطاع غزة، مع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، التي دمرت البنى التحتية في القطاع وشبكات المياه والصرف الصحي وعددا من محطات التحلية العاملة، فضلا عن تداعيات الحصار المشدد ومنع إدخال الوقود ومستلزمات الحياة الاساسية للمنطقة.
ويعاني مئات آلاف الفلسطينيين شمالي قطاع غزة من صعوبة بالغة في توفير المياه الصالحة للشرب، حيث يقطعون مسافات طويلة من أجل الحصول على بضعة لترات منها.
ويقنن سكان الشمال من استخدامهم لمياه الشرب خشية من انقطاعها وعدم الحصول على كميات جديدة.
وفي مارس/ آذار الماضي، قال بيان مشترك صدر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وسلطة المياه الفلسطينية، إن إجمالي المياه المتوفرة آنذاك في قطاع غزة يقدر بحوالي 10-20 بالمئة من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان، حيث تخضع تلك الكمية لتوفر الوقود.
وأضاف إن الحرب خلفت آثارا "كارثية على البنية التحتية للمياه، وشبكات المياه ومصادر الإمدادات بشكل عام، "إذ تم تدمير 40 بالمئة منها، وتعطلت المضخات الرئيسية بسبب القصف أو بسبب نفاد الوقود"، وفق البيان.
وتراجعت حصة الفرد الفلسطيني في قطاع غزة من المياه بنسبة 96.5 بالمئة خلال الحرب، حيث بالكاد يستطيع المواطن في قطاع غزة الوصول إلى ما بين 3-15 لترا من المياه يومياً في ظل الحرب المتواصلة، بحسب البيان.
ارتفاع أسعار الوقود
يقول المسارعي للأناضول: "منذ بداية الحرب نشغل المحطة بصعوبة شديدة نظراً لعدم توفر الإمكانات والاستهداف الإسرائيلي المتكرر".
ويوضح أن أبرز المعوقات التي حالت دون تشغيلها أو تخفيض تشغيلها تمثلت بـ"عدم توفر الوقود واللجوء لشراء كميات منه من السوق السوداء بأسعار مرتفعة وصلت لـ15 ضعف سعره الطبيعي".
ويبقى توفر الوقود حتى في السوق السوداء أمر نادر، وفق قول المسارعي، الذي أضاف إنه بالعادة يكون "مخلوط بزيوت تتسبب بإعطاب الأجهزة، لكننا نضطر لاستخدامه لعدم توفر البديل".
وتزود المحطة التي يعمل بها المسارعي المواطنين في منطقة شمال غزة بالمياه الصالحة للشرب، عبر 35 مركبة تعتمد تشغيلها على "السولار"، وفق قوله.
وأشار إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في الوقت الحالي يزيد من استهلاك المواطنين للمياه، وهذا ما تتطلبه أجسادهم للبقاء، محذرا من خطورة نقصها خلال الأجواء الحارة.
وناشد المسارعي "الجهات المعنية بضرورة التدخل العاجل وإدخال السولار اللازم لتشغيل محطات التحلية لتوفير المياه الصالحة للشرب للسكان".
**عطش شديد
وفي محافظة غزة، لا يبدو الوضع مختلفا حيث يحذر المتحدث باسم بلدية غزة حسني مهنا من "حالة عطش شديد تواجه الفلسطينيين هناك".
وقال للأناضول: "الفلسطينيون بالمحافظة يعانون من حالة عطش شديد، حيث أن كمية المياه المتوفرة تقدر بربع الكمية قبل العدوان في أفضل الأحوال، وهي تغطي ما نسبته 40 بالمئة فقط من مساحة المدينة".
وتابع: "هذا العطش نجم عن نقص المياه الحاد جرّاء سياسة تدمير الآبار وخطوط المياه منذ بداية الحرب الإسرائيلية المدمرة".
وأوضح أن المدينة تواجه أزمة حقيقة في توفر المياه، خاصة العذبة والصالحة للشرب.
وذكر أن العدوان الإسرائيلي المتواصل للشهر العاشر على التوالي تسبب "بتدمير واسع وكبير في البنية التحتية لشبكات المياه، منها تدمير نحو 42 بئرا بشكل كامل، و16 بئرا بشكل جزئي، فضلا عن تدمير حوالي 70 ألف متر طولي من شبكات المياه".
وأوضح أن الجيش الإسرائيلي ما زال يتعمد "استهداف شبكات وآبار المياه لتعطيش السكان".
وفي عمليته العسكرية الأخيرة في حي الشجاعية (شرق) التي بدأها نهاية يونيو/ حزيران الماضي، وجنوب غرب المدينة والتي بدأها الاثنين، فقد ألحق الجيش أضرارا متفاوتة بــ 4 آبار للمياه، وفق مهنا.
وكانت وكالة "أونروا" قد حذرت مطلع يونيو الماضي، من تداعيات توقف عمل محطات لتحلية المياه في قطاع غزة.
وقالت الوكالة الأممية في تغريدة على منصة إكس آنذاك: "لعدم توفر الوقود في غزة محطات مهمة لتحلية المياه توقفت عن العمل".
وتابعت: "ليس لدى الناس ما يكفي من المياه، أصبح البقاء على قيد الحياة تحديا كبيرا".
وأوضحت أن توقف تلك المحطات يجبر "العائلات بما في ذلك الأطفال على السير طويلاً للحصول على المياه".
معاناة المواطنين
يشتكي الفلسطيني حمدي أبو سعدة، من مخيم جباليا للاجئين الواقع شمالي القطاع، من ندرة المياه الصالحة للشرب بالمنطقة.
ويقول لـ "الأناضول": "نعاني كثيراً من قلة المياه وما يصلنا في حاراتنا وشوارعنا المدمرة بفعل العدوان الإسرائيلي لا يفي بالغرض".
ويضيف أبو سعدة أنهم كل 3 أيام يتمكنون من تعبئة جالونات المياه الصالحة للشرب مرّة واحدة والكمية التي يحصل عليها تكفي عائلته في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
ويطالب أبو سعدة العالم "بالوقوف إلى جانب سكان غزة وتوفير المستلزمات الحياتية لهم خاصة السولار اللازم لتشغيل محطات تحلية المياه".
مسافات طويلة
المواطن كامل كريزم من حي "الكرامة" شمال غرب مدينة غزة، يضطر أبناؤه يومياً لقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام لتوفير المياه الصالحة للشرب.
ويقول للأناضول، من داخل "محطة تحلية" تبعد عن مكان سكنه نحو 700 مترا وصلها مشيا على الأقدام، من أجل الحصول على كميات قليلة من المياه: "تصل المياه المحلاة إلى منطقتنا المدمرة مرة واحدة كل أسبوع، ومع هذا الحر الشديد لا تكفي الكمية التي نحصل عليها، فنضطر للبحث في أماكن أخرى بعيدة عن المنزل".
ويحذر كريزم من أن نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات تحلية المياه سيزيد من معاناتهم اليومية و"سيلقي بظلال كارثية جديدة على الأهالي في شمال قطاع غزة".
أما الشاب حمزة أبو سعدة من "مخيم جباليا"، فيقول إنه يقف من 3 إلى 4 ساعات "تحت أشعة الشمس الحارقة" حتى يتمكن من تعبئة جالونات مياه صالحة للشرب لعائلته.
ويوضح أنه لا يتمكن من التعبئة يومياً بسبب تدافع الناس على عربات المياه وكثافة السكان المخيم.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة بدعم أمريكي، خلفت نحو 127 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.
وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وبتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.