هل تؤثر الأقلية المغاربية في انتخابات الرئاسة الفرنسية؟ (مقال)
- تجري جولة الانتخابات الأولى الأحد، بمشاركة 14 مرشحا، أبرزهم الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون.
Istanbul
سليمان شعباني/ الأناضول
- تجري جولة الانتخابات الأولى الأحد، بمشاركة 14 مرشحا، أبرزهم الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون.- تختلف وجهات النظر حول قدرة الأقلية المغاربية على التأثير في الانتخابات.
- الأقلية المغاربية تمثل 5-6 بالمئة من جملة الناخبين في فرنسا الذين يتجاوز عددهم 45 مليونا.
يصوت أكثر من ثلاثة ملايين فرنسي من أصول مغاربية في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع إجراء جولتها الأولى، الأحد.
ويتنافس في الانتخابات 14مترشحا أبرزهم الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، ومرشح اليمين المتطرف إيريك زمور، والمرشحة اليمينية مارين لوبان، إضافةً إلى مرشح حزب "فرنسا الأبية" اليساري جون لوك ميلونشون.
ويتصدر ماكرون قائمة المرشحين للفوز بالانتخابات حسب آخر استطلاعات الرأي بـ 26 بالمئة، تليه لوبان بـ 23 بالمئة، ثم ميلونشون بـ17 بالمئة.
** أي دور للأقلية المغاربية بالانتخابات؟
الأقلية المغاربية رقم مهم في الانتخابات الرئاسية، حيث تعد من أكثر الأقليات الأجنبية تأثرا وتأثيرا بالانتخابات ونتائجها، وتمثل بين 5 و6 بالمئة من جملة الناخبين في فرنسا الذين يتجاوز عددهم 45 مليونا.
في هذا السياق، كان سفير الجزائر لدى باريس عنتر داود، قد صرح خلال الأزمة الدبلوماسية بين البلدين في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن "على الجالية الجزائرية بفرنسا أن تلعب دورها في الحياة السياسية وتؤثر في المشهد الفرنسي".
ويستأثر الجزائريون بأعلى نسبة ولادات للأقليات المهاجرة، بلغت 12.7 بالمئة وفقا لأرقام المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا، ويأتي المغاربة في المرتبة الثانية بـ 12 بالمئة، والتونسيون في المرتبة الرابعة بـ4.5 بالمئة.
وتشير إحصاءات إلى أن عدد الجزائريين في فرنسا بلغ 5.5 مليون نسمة، مقابل 3 مليون مغربي، فيما يقدر عدد التونسيين بحوالي مليون.
** الهجرة و"الإسلاموفوبيا"
يحتل ملف الهجرة، المرتبة الخامسة في أولويات الناخب الفرنسي بعد القدرة الشرائية والحرب في أوكرانيا والبيئة والنظام الصحي، حسب تقرير شركة "إبسوس" المختصة في عمليات سبر الآراء.
وجاء في التقرير أن 22 بالمئة من الفرنسيين، يعتبرون ملف الهجرة محدد مهم في اختيار رئيس البلاد القادم، فيما تشير الأرقام أن 4 من 10 فرنسيين يدعمون فكرة التصدي للهجرة.
ومثلت الهجرة محورا هاما في البرامج الانتخابية، حيث يعتبر مرشحي اليمين، المهاجرين عبئا على المجتمع الفرنسي و سببا في انتشار كل الظواهر السلبية من جريمة وغيرها.
وأعلن إيريك زمور، مرشح اليمين المتطرف نيته إحداث وزارة لإعادة المهاجرين وطرد الأجانب، متعهدا بطرد مليون مهاجر خلال فترة حكمه.
كما شدد زمور بأنه وفي حال وصوله إلى الحكم سيزور كل من الجزائر والمغرب وتونس للاتفاق معهم حول تنظيم عودة المهاجرين.
فيما يرفض مرشحو اليسار معاملة المهاجرين بشكل سيء، ويؤكد بعضهم على أن مصلحة الاقتصاد الفرنسي تكمن في عدم الاستغناء عنهم، خاصة وأن بعض القطاعات تقوم عليهم، على غرار قطاع البناء والمستشفيات والمطارات والفنادق وشركات التنظيف والأمن والنقل والسيارات أو صناعة المواد الغذائية، حسب ما جاء في البيان الانتخابي لمرشحة حزب "النضال العمالي" نتالي ارتو .
وفي السنوات الأخيرة تصاعدت حملة "الإسلاموفوبيا" (الخوف من الإسلام) في الإعلام الفرنسي حيث يتبنى اليمين واليمين المتطرف هذا الخطاب، فيما يعتبر المفكر الفرنسي فرنسوا بورغا، أنه أصبح "خطاب رسمي يعبر عن موقف الدولة".
ويعد قانون "مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية" أو ما يسمى بقانون" الانفصالية"، الذي يستهدف المسلمين من أهم مظاهر توجه الدولة الفرنسية برئاسة ماكرون نحو شرعنة خطاب العنصرية ضد المسلمين.
هذا ما أفاد به أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الجزائرية عمار سيغة للأناضول، قائلا: "يعد قانون الانفصالية خطوة عدائية من قبل الحكومة الفرنسية تجاه المسلمين بهدف استمالة أنصار اليمين واليمين المتطرف من قبل ماكرون".
** ميلونشون.. مرشح الجالية المغاربية
جاء في استطلاع رأي صادر عن "معهد دراسات الرأي والتسويق في فرنسا والعالم"، شمل 1108 ناخبين من أصول إفريقية، أن 38 بالمئة من المستجوبين من أصول جزائرية ومغربية وتونسية ينوون التصويت للمرشح جون لوك ميلونشون، فيما ينوي 25 بالمئة منهم التصويت للرئيس الحالي ماكرون.
و"في حال تواجها المرشحين في الدور الثاني سيصوت الأفارقة، بما فيهم الجالية المغاربية لصالح ميلونشون بـ 51 بالمئة، مقابل 49 بالمئة، لفائدة ماكرون"، وفق استطلاع الرأي.
وأظهر نفس الاستطلاع، أن "نسبة نوايا التصويت لدى الجالية المغاربية لمرشحي اليمين واليمين المتطرف تتراوح بين 7 بالمئة لصالح إيريك زمور، و 10 بالمئة لفائدة مارين لوبان".
واعتبر أستاذ التاريخ في الجامعة الفرنسية عادل المحرزي، أن "الدعم الذي يحظى به ميلونشون من قبل الجالية المغاربية مرده مواقفه المعتدلة من قضايا الهجرة ومعاداته لخطابات الإسلاموفوبيا".
وأردف للأناضول: "فضلا عن مواقف ميلونشون المشرفة من القضية الفلسطينية وكذلك خياراته الاقتصادية والاجتماعية المنصفة للفئات الضعيفة".
واستطرد: "يحسب له أيضا مقاربته للعلاقة بين الشمال والجنوب القائمة على التعاون والتكامل".
** هل تؤثر الجالية المغاربية في الانتخابات؟
تختلف وجهات النظر بين قدرة الأقلية المغاربية على التأثير في الانتخابات الرئاسية الفرنسية بين مؤيد ومشكك.
يقول الأكاديمي سيغة: "تبقى الجالية المغاربية في فرنسا مهمة في كل مناسبة انتخابية، لاسيما وأنها تمثل الرقم الأعلى من حيث المقيمين، بالإضافة إلى ما يجمع بين فرنسا و المغرب العربي من روابط تاريخية ومصالح اقتصادية".
وأضاف أن "تأثير الجالية المغاربية يظهر أيضا من خلال المواقع المهمة التي يشغلها العديد منهم خاصة في مجالات الإعلام والثقافة والرياضة".
وأرجع المتحدث، "اهتمام بعض المرشحين بالناخب المغاربي وقضاياه إلى تأثيره المهم في نتائج الانتخابات".
في المقابل، يرى الأكاديمي المحرزي، أن "الكتلة المغاربية في فرنسا كتلة مهمة ولكن غير مؤثرة كما يجب، خاصة في ظل عزوف أغلبهم عن المشاركة بالانتخابات، حيث لا تتجاوز عادة نسبة المصوتين منهم 50 بالمئة".
وأوضح أن غالبية الأقلية المغاربية "خاصة الجيل الثالث من أبناء المهاجرين قد اندمجوا في المجتمع الفرنسي وصار ما يحدد اختياراته هو القضايا الجامعة للفرنسيين على غرار مواجهة غلاء الأسعار وتخفيض التأثيرات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا".