Istanbul
إسطنبول/ الأناضول
الأكاديمي بجامعة بورصة التقنية، علي بوراك دارجيلي، كتب مقال خص بها الأناضول عن صعود وانتشار تنظيم داعش خراسان الإرهابي في آسيا الوسطى.- أعلن داعش أنه في حالة حرب مع روسيا منذ عام 2017
- صعود داعش في خراسان مرتبط بالمنافسة العالمية بين الصين والولايات المتحدة
في 22 آذار/ مارس الجاري، وقعت إحدى أكبر الهجمات الإرهابية في تاريخ روسيا بالعاصمة موسكو، والتي تعد ثاني أكبر هجوم تشهده روسيا بعد مأساة بيسلان في تسعينيات القرن الماضي.
الهجوم الإرهابي الذي باغت ليل موسكو، نفذه 4 مسلحين في قاعة كروكوس للحفلات الموسيقية، وأدى إلى مقتل 135 مدنيا بينهم أطفال، بحسب آخر البيانات الرسمية.
ما هو داعش-خراسان؟
على الرغم من الأخبار المضللة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بخلفية الهجوم، إلا أن "ولاية داعش خراسان" التابعة لتنظيم داعش والتي تنشط في أفغانستان وإيران، تبنّت الهجوم من خلال صور ومقاطع فيديو مختلفة بثتها عبر وكالة أعماق الخاصة بالتنظيم.
هذا التطور دفع إلى التساؤل: من هو داعش- خراسان؟ ما الغرض منه؟ كيف تطور؟ ولماذا استهدف روسيا؟
بدءا من السؤال الأخير، يعلن داعش أنه في حالة حرب مع روسيا منذ عام 2017، فيما يهددها منذ تأسيسه عام 2014، وقبل الهجوم على قاعة مدينة كروكوس بأسبوع، أبلغت موسكو وسائل الإعلام أن المخابرات الروسية أحبطت هجومًا على كنيس يهودي في كالوغا.
وفي ما يتعلق بتطوره، يمكن القول إن داعش- خراسان هو الاسم الذي يطلق على التنظيم في المنطقة الباكستانية الأفغانية، والذي تشكل عام 2013 بعد الانفصال عن الفرع العراقي لتنظيم القاعدة.
ظهر داعش-خراسان لأول مرة في خراسان والمناطق المحيطة بها عام 2015، وأُسس من خلال تجنيد المسلحين الذين تركوا حركة طالبان الباكستانية، ويتكون الهيكل المسلح له تماما مثل العناصر الذين يشكلون العمود الفقري الرئيسي لداعش، من الأشخاص الذين تمكنوا من الفرار أو سمح لهم بالهروب من سوريا والعراق ومختلف الدول العربية، إلى أفغانستان، إضافة إلى القادمين من طاجيكستان، وأوزبكستان، والشيشان، والهند، وبنغلاديش، وأيضا الصين.
ومن المفيد في هذه المرحلة لفت الانتباه إلى عبارة "سُمح لهم بالهروب" لفهم ما يعنيه هذا الكلام، كما أنه من الضروري الحديث عن الاتفاق السرّي الذي أبرمته قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ومسلحي داعش في الرقّة بسوريا عام 2017.
وعند النظر إلى العديد من المعلومات الموثوقة من مصادر مفتوحة حول الاتفاقية التي تم تغطيتها على نطاق واسع من قبل المؤسسات الإعلامية الدولية مثل "بي بي سي" البريطانية، تبرز العناصر التالية:
في عام 2017 تم بسلام، إجلاء 250 من مقاتلي داعش وعائلاتهم الموجودين في مدينة الرقة، بعملية مشتركة قام بها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والذي تأسس تحت ستار القتال ضد داعش في سوريا، مع ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية، والتي يتشكل العمود الفقري الرئيس لها من الجهاز السوري التابع لتنظيم "بي كي كي" الإرهابي.
ومن بين العناصر الذين تم إجلاؤهم قياديون بارزون في تنظيم داعش، بالإضافة إلى العديد من المقاتلين الأجانب، حيث غادر المدينة 250 من مقاتليه ضمن قافلة مكوّنة من مئات المركبات قبل سيطرة إرهابيي "واي بي جي" المدعومين من الولايات المتحدة على الرقة.
العشرات من مقاتلي داعش الأجانب غادروا مدينة الرقة بأمان تحت سيطرة الولايات المتحدة والتنظيم الإرهابي، مع 10 شاحنات محملة بالأسلحة والذخائر، على الرغم من المعلومات الواضحة في وسائل الإعلام الدولية، كان من المفهوم أن لا التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ولا التنظيم الإرهابي المدعوم من التحالف، يريد الاعتراف بدوره في الاتفاقية.
صعود وانتشار في آسيا الوسطى
بعد هذا الإجلاء السلمي لعناصر إرهابية يبرز سؤال: أين ذهب هؤلاء المسلحون؟ رغم ما يتردد في وسائل الإعلام الغربية من أنهم تفرقوا في العمقين العراقي والسوري، وأن معظم المسلحين الأجانب عادوا إلى بلدانهم، في ظل تزايد أنشطة العناصر التابعة لتنظيم داعش في منطقة الساحل الإفريقي وخراسان في الأشهر الأخيرة، كانت الجماعات المعنية موجودة بشكل خاص في أفغانستان.
يمكن القول بقوة إن هذه العناصر انتقلت إلى منطقة الساحل الإفريقي، لأنهم من المسلحين الذين لديهم خبرة خطيرة في الصراع، ويمكنهم استخدام الأسلحة والمتفجرات بشكل جيد، والتخطيط للعمليات من خلال تغيير البلدان سرًّا، والاستطلاع (التجسس)، واستخدام تقنيات الاتصال والاتصالات المشفرة، ويرتبطون أيديولوجيًا بداعش بشكل وثيق.
لذلك يمكن بسهولة استخلاص أن هؤلاء الأفراد لعبوا دورا رائدا في صعود داعش في خراسان والساحل الإفريقي، ومن المهم أيضا أن تكون المحطات المستهدفة للمسلحين، الذين عبروا بأمان إلى خراسان والساحل، هي هذه المناطق نفسها.
لماذا خراسان؟
بداية، من الضروري طرح السؤال، والإجابة عليه تتعلق بموقع خراسان الاستراتيجي ومحيطها، أي أفغانستان، ويمكن تقييم هذا الموقف الاستراتيجي من وجهات نظر مختلفة فيما يتعلق بالنظام الدولي، وقد يكون لصعود تنظيم داعش في خراسان علاقة في المنافسة العالمية بين الصين والولايات المتحدة في السنوات المقبلة.
وكما هو معروف، تلعب أفغانستان دورا مهما في أمن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية العائدة لعام 2013، وتهدف إلى إعادة إنشاء طريق الحرير القديم لتعزيز البنية التحتية للتجارة العالمية، لربط الصين بأسواق آسيا الوسطى والشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا.
لهذا السبب، تريد الصين إدارةً معتدلة ومطيعة من حركة طالبان، لتتمكن من فرض نفوذها على باكستان وتحسين العلاقات مع أفغانستان، إلا أن لدى داعش القدرة على الإضرار بهذا الاختيار.
بالإضافة إلى ذلك تتوقع الصين أنها قد تواجه تهديدا إرهابيا مدعوما من داعش في بلادها عبر تركستان الشرقية، ولذلك فإن صعود وانتشار داعش-خراسان في آسيا الوسطى يمثل تهديدا وخطرا مباشرًا لها.
وفي نطاق الضرر الذي قد يلحقه هذا الوضع بمصالح الصين واستراتيجياتها، يبرز وضع قد يكون مفضلا بالنسبة للولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن نفوذ الصين الاقتصادي والسياسي في الجغرافيا الإفريقية يتزايد تدريجيا، إلا أن هذه الاستثمارات لا تزال في مراحلها الأولى، حيث تمتلك الصين استثمارات تجارية واسعة النطاق مثل عمليات التعدين، واستئجار الموانئ لمدد طويلة الأجل، وإنشاءات البنية التحتية المختلفة في العديد من مناطق إفريقيا.
ومع ذلك، فإن العديد من الدول الإفريقية الفقيرة تدين أيضا بمبالغ كبيرة من الديون للصين، وكل هذه التطورات تزيد من نفوذ الصين في إفريقيا، ولهذا السبب من المحتمل جدا أن يؤدي إرهاب داعش المتمركز في منطقة الساحل الإفريقي إلى زعزعة استقرار إفريقيا بشكل كبير في السنوات المقبلة، وهذا الوضع يمكن أن يعرقل بشكل خطير خطط الصين الإفريقية.
نتيجة لذلك، وفي ضوء هذه التقييمات، يأتي السؤال "كيف اختار داعش الدول المستهدفة؟" لماذا يخطط داعش لشن هجمات في روسيا وتركيا وإيران وآسيا الوسطى بدلاً من استهداف الغرب أو الولايات المتحدة؟ وفي هذا السياق، يمكن الاعتقاد بأن قيادة داعش تعمل تحت رعاية القوات التي تتعاقد معها سرا.
------------------------------
** الأفكار والآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن سياسة الأناضول التحريرية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.