الكوميديان المصري "عبدالله الشريف": اكتشفت شخصية "الشاب أشرف" بالصدفة
"الشاب أشرف" شخصية تظهر نفاقًا وتملقًا للنظام الحاكم في مصر بشكل ساخر بهدف انتقاد ممارسات السلطات الحالية
Istanbul
إسطنبول / عمر شقليه / الأناضول
قال الفنان المصري الساخر عبد الله الشريف، إنه لا ينتمي إلى أي جماعة أو حزب سياسي، وإن كل أعماله، سواء من الشعر أو الكوميديا، هي "لهدف إنساني بحت" للدفاع عن قضايا "المظلومين والمكبوتين" في مصر.
وفي مقابلة خاصة مع "الأناضول" في إسطنبول، اعتبر "الشريف" أن الكوميديا هي التي صنعت شهرته، لافتًا إلى أن شخصية "الشاب أشرف"، التي يؤديها، وتحظى بنسبة مشاهدة عالية على مواقع التواصل الاجتماعي، اكتشفها مصادفة.
أيضًا، انتقد الشريف عدم اهتمام الإسلاميين بـ"الإعلام"، الذي وصفه بـ"الاستثمار في عقول البشر"، والتركيز بدلا من ذلك على "الاستثمار في البطون"، معتبرًا أن ذلك هو "آفة" الإسلاميين.
وقال الشريف: "لا أنتمي لأية حزب أو جماعة، وكل مشاركاتي سواء كانت شعرية أو كوميدية أو اسكتشات تمثيلية (فقرات درامية كوميدية قصيرة المدة) هي لهدف إنساني بحت، يشمل الدفاع عن المعتقلين في مصر، والبحث عن حقوق شهدائنا"، الذين سقطوا إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 والأحداث التي تلتها.
وأضاف، أن أعماله الفنية "تواجه الظلم والكبت والقهر الذي يعاني منه المصريون حاليا".
وتابع: "قد يرى المشاهد الأعمال التي أقدمها سياسية، لكنني لست سياسيًا، وأعمالي لا أحسبها سياسية، ولكنها أعمال إنسانية".
الفنان الساخر تحدث عن شخصية "الشاب أشرف"، التي تحظى قناتها على موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب" بنحو 252 ألف مشترك، بينها سجلت بعض حلقاتها مشاهدات تجاوزت المليوني مشاهدة.
وقال الشريف، "اكتشفت هذه الشخصية قدرًا (عبر الصدفة)، كنت بهزر (أمزح) ولقيت (وجدت) أبليكيشن (تطبيق)، وجربته في إعداد فقرة كوميدية، وطلعت دمها خفيف (خفيفة الظل)".
واستطرد: "أعددت حلقة من شخصية الشاب أشرف (عبر استخدام هذا التطبيق)، وحظيت بمشاهدات كبيرة جدًا، والناس طلبت مني أن أواصل فأكملت حتى تحول إلى برنامج شهير".
وتظهر شخصية "الشاب أشرف" نفاقًا وتملقًا بشكل ساخر للنظام الحاكم في مصر بعد إطاحة الجيش بـ "محمد مرسي"، أول رئيس مدني منتخب في 3 يوليو/ تموز 2013، كما تتعرض للأوضاع الاجتماعية والسياسية في البلاد، والتصريحات الصادرة عن المسؤولين.
وبدأ الشريف تقديم هذا البرنامج أوائل عام 2014، وكانت انطلاقته عبارة عن مقطع كوميدي قدمه الفنان بعنوان: "أشرف وابتسام"، والذي لاقى وقتها، انتشارًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم أن "عبدالله الشريف" في الأساس شاعر، لكنه يرى جمهور الكوميديا "أوسع بكثير" من جمهور الشعر، معتبرًا أن الكوميديا "جلبت جمهورًا كبيرًا لعبدالله الشاعر الذي لم يكن معروفًا بالقدر الكافي".
وبسخريته المعهودة من النظام الحالي في مصر، اعتبر الشريف أن مستقبل الكوميديا في مصر "مرتبط" باستمرار هذا النظام في الحكم، لافتًا إلى أن خطابات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تمثل بالنسبة له، ولكثيرين، كنزًا لأفكار يعد من خلالها أعماله الكوميدية.
وأضاف ساخرًا: "أظن إذا رحل السيسي من رأس السلطة فإننا سنفقد أكل عيشنا (مصدر رزقنا)".
وفي لقاءه مع الأناضول، تطرق الفنان المصري إلى ما وصفه بـ"الدور الجوهري، الذي يلعبه الإعلام في تغييب وعي الناس أو بنائه".
ومركزًا الضوء على أهمية الإعلام، لفت الشريف إلى أن "الجيوش عندما تحتل الدول، يكون أول جهاز تسيطر عليه هو الجهاز الإعلامي لأنها إذا أعلنت من خلال هذا الجهاز أنها انتصرت تكون بالفعل قد انتصرت".
وفي هذا الصدد، اعتبر أن "آفة الإسلاميين، حتى هذه اللحظة، أنهم يضعون الإعلام ضمن بنود الدرجة الثانية على قائمة اهتماماتهم، أو يرونه كشيء لا يستحق الاهتمام".
وقال: "اهتمام الإسلاميين واستثمارهم منصب على بطون الناس"، لافتًا على سبيل المثال إلى "المليارات التي ينفقها الإسلاميون على مبادرات خيرية مثل شنطة رمضان (مساعدات غذائية تٌقدم للمحتاجين خلال شهر رمضان)، والجمعيات الخيرية، وفي علاج الفقراء بالمستشفيات، وفي المقابل لم تلتفت السلطة الحالية في مصر، إلى مثل هذا النوع من الاستثمار، وكان استثمارهم في عقول الناس عبر الإعلام وبرامج التوك شو (برامج حوارية).
وأشار الشريف إلى التأثير القوي للاستثمار في العقول، قائلًا: "الإسلاميون يتبرعون بشنط رمضان للفقراء، وبعد أن يتناول هؤلاء إفطارهم، ينزلون إلى الشوارع لمواجهة المسيرات المعارضة للسلطات"، مرجعًا تصرف هؤلاء الفقراء الذي يبدو متناقضًا إلى "الإعلام الموالي للسلطات، الذي زيف الحقائق في أذهانهم، وجعلهم ينظرون إلى المعارضين وكأنهم أعداء للبلد".
وأضاف: "لابد أن نستثمر في عقول الناس، ونقول لهم: أحبونا، لابد أن نعرفهم الحقائق مجردة".
وعاد الشريف إلى وضع الإعلام المصري، إبان عهد الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، معتبرًا أن هذا الإعلام "لم يكن ينقل الأخبار، بل كان يصنع أخبارًا كاذبة والناس ترددها، فتصبح واقعًا وحقيقة من كثرة ترديدها".
وبينما يحتل ملف المعارضين المعتقلين في السجون المصرية حيزًا كبيرًا من أعماله، دعا الفنان الساخر إلى أن يكون لملف المعتقلين أولية لدى كل المصريين، قائلًا: "عندنا 50 ألف معتقل يمثلون مع عوائلهم رقمًا ضخمًا إذا افترضنا أن كل معتقل من هؤلاء كان يعول 5 أفراد في المتوسط"، أي أن المعتقلين مع أسرهم يصل عددهم إلى الـ 250 ألف شخص يعانون آلام الفراق والزيارة".
واتهم الشريف الشرطة المصرية بالسعي إلى "إذلال أهالي المعتقلين وكسرهم"، قائلًا: "هكذا تتم معاملة أسر المعتقلين فما بالك بالمعتقلين أنفسهم"، واصفًا السجون المصرية بأنها "أشبه بالمقابر".
واختتم الشريف حواره مع الأناضول، قائلًا: "الناس اللي جوه (داخل السجون) يتعلق أملها بالله ثم بالناس اللي بره (خارج السجون)، والذين يطالبون بحقوق هؤلاء المعتقلين في الحرية".
و"عبد الله الشريف" هو أول عربي فاز بجائرة "إيزرس أوورد" في ديسمبر/كانون الأول 2015، التي تمنح من "مجلس الشورى السويسري" كجائزة للفن الحقوقي الهادف عن قصيدته "عصفور" والتي تجاوزت المليون والنصف مشاهدة على موقع "يوتيوب".
وتعد هذه هي الجائزة الرابعة للشريف، بعد شهادة تميز حصل عليه من إدارة المحرك البحثي الشهر "جوجل" وجائزتان من إدارة موقع "يوتيوب".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.