الثقافة والفن, الحياة, الدول العربية, المغرب

سلا المغربية.. إبداع خزفي عابر للزمن (تقرير)

يعمل حرفيو مدينة سلا وسط خوف من تراجع الإقبال على منتوجاتهم التي يحبها المغاربة ويرتبطون بها وجدانيا وتاريخيا..

05.01.2023 - محدث : 05.01.2023
 سلا المغربية.. إبداع خزفي عابر للزمن (تقرير)

Rabat

سلا (المغرب)/ الأناضول

- يعمل حرفيو مدينة سلا وسط خوف من تراجع الإقبال على منتوجاتهم التي يحبها المغاربة ويرتبطون بها وجدانيا وتاريخيا..
- في المنطقة التي تسمى "الولجة" تزدهر الصناعات التقليدية، غير أن الشباب العمال يؤكدون أن الحرف القديمة لم تعد تغري الجيل الجديد..
- يدعو الحرفيون إلى دعم قطاع الخزف وإعطائه الاهتمام اللازم كونه يوفر عددا كبيرا من فرص العمل.

على بعد أمتار من أكبر عمارة في البلاد على نهر أبي رقراق الفاصل بين العاصمة الرباط ومدينة سلا (غرب)، توجد ورشات "الولجة" التي تعنى بالحرف التقليدية مثل منتجات الخزف والجلد.

ووسط مد وجزر بين ماضٍ عريق وحاضر ينافس المنتجات التقليدية، يعمل مدير ورشة الحرفيين التزارني إدريس (50 سنة) في ورشة الخزف مع عماله كخلية نحل.

إدريس الذي يطلق عليه اسم المعلم، لخبرته القديمة في المجال، يشكو إدريس من تراجع الإقبال على شراء الخزف، خصوصا بعد جائحة كورونا وتزايد منافسة المنتوجات المستوردة.

ويجتهد إدريس وزملاؤه في المنطقة التي تعج بالورش، في إبقاء صناعة الخزف صامدة في المغرب رغم الكثير من المعوقات التي تقف أمامها.

** طين وجمال

تستقبل ورشة التزارني للخزف زوارها برائحة الطين وعجين القوالب، بينما عمالها منهمكون في صنع الأواني والكؤوس والمزهريات قبل وضعها في الفرن ثم بعد ذلك تلوينها.

تشير تجارب العمال الشباب إلى أنهم تعلموا الحرفة منذ صغرهم، ويعملون بجد في عمل قريب من الفن والإبداع، فكل يوم يبتكرون أشكال جديدة تسر الناظرين.

في المنطقة التي تسمى "الولجة" تزدهر الصناعات التقليدية التي تفوح منها روائح التاريخ القديم فتبدو شبيهة بمتحف عتيق، غير أن الشباب العمال يؤكدون أن الحرف القديمة لم تعد تغري الجيل الجديد.

في واجهة كل ورشة في المنطقة المزدحمة بالعمال، يوجد متجر للبيع، وزبائن المكان مخيرون بين اقتناء الخزف الجميل أو القيام بإطلالة على مسار صناعته منذ مراحل التحضير الأولى نهاية بالرسم عليه.

** خبرة طويلة

تعلّم التزارني إدريس صناعة الخزف عن طريق والده عام 1983، ويتمثل بالمثل المغربي السائر "ولد المعلم لديه نصف الحرفة" ليؤكد أنه تعلم الحرفة بعد ما كان يلتحق بورشة والده في كل عطلة دراسية.

وأوضح إدريس للأناضول أن عملية التعلم تستغرق عدة مراحل تبدأ بالتدرب على جهاز "التورنور" الذي يقوم بالدوران من أجل إعداد الخزف، ويتطلب إتقان العمل عليه وقتا يستغرق بين عام وعامين.

ولأجل التعمق في دروب المهنة واكتساب مهارة الإبداع يتطلب الأمر، وفق إدريس، خوض تجربة الاحتكاك بالحرفيين، خصوصا في مجالي الصباغة والرسم.

إدريس الذي يقضي نهار عمله بين الورشة والمتجر متجاذبا أطراف الحديث مع زملائه وزوار المكان، يبدو سعيدا بالحظ الذي رافقه منذ تعلم المهنة من والده.

** أرباح شحيحة

ويصل الخزف الجاهز إلى مرحلة النهاية، بعد سلسلة من المراحل المترابطة، وكأنه يسافر من مكان إلى آخر، ومن يد إلى أخرى ليصل إلى وجهته الأخيرة للزينة أو المطبخ أو الاستعمال اليومي.

بعد عملية نقل الطين من المقالع (مكان وجود الطين)، يقول إدريس إنهم يضعونه تحت الشمس، ثم ينتقلون إلى عملية العجن لتبدأ عملية التور (الدوران لصناعة أنواع الخزف)، وبعد ذلك يتم إدخال ما تم إعداده من خزف للفرن، إما مرة أو مرتين على حسب المنتوج.

الفرن المخصص كبير الحجم، يضم الخزف بشكل متراص ويتعرض لدرجات حرارة عالية لمدة نصف يوم، قبل أن يكون جاهزا للمراحل التالية.

يشكو إدريس من تراجع الإقبال على شراء الخزف، خصوصا بعد جائحة كورونا، ويؤكد أن الجائحة خلفت الكثير من الخسائر للقطاع، بجانب منافسة المنتوجات المستوردة من الخارج.

يشير إدريس إلى أنهم يعملون من أجل لقمة العيش فقط، ويقول: " لا يمكن تحقيق أرباح إضافية، وكما لاحظت في مداخل المتاجر هناك قلة في الزبائن".

ويتابع المعلم كلامه والابتسامة تعلو محياه: "الحرفة إلى ما غناتش تستر " (الحرفة إذا لم تغن المرء تستره).

** دعم المهنة

داخل الورشات الموجودة وراء المتاجر، يعمل العديد من العمال في حرفة أحبوها وأتقنوا تفاصيلها، فهناك من يمسك الطين ويعجنه، وآخر يصنع أشكالا وتحفا، والبعض ينشغل بالفرن وكأنه ينتظر خبزا طازجا، وآخرون ينهون العملية بريشاتهم واضعين ألوانا زاهية.

يعمل الحرفيون في هذا المنطقة بينما يكمن وراء حديثهم خوف من تراجع الإقبال على منتوجاتهم التي يحبها المغاربة ويرتبطون بها وجدانيا وتاريخيا، مثل الطاجين (آنية تتكون من صحن وغطاء يزال بعد الطهي ويوضع فوق المائدة).

لحماية الحرفة والعاملين فيها، يدعو إدريس إلى دعم القطاع وإعطائه الاهتمام المستحق، لأنه كما يقول يوفر عددا كبيرا من فرص العمل.

وبحسرة، يتساءل إدريس: " الحرفيون متخوفون من هذا الركود الذي ضرب القطاع، فهل هو مؤقت أم سيطول؟".

ويتابع: "أغلبية الحرفيين هنا مصدر عيشهم هو الخزف، وهو أمر يقتضي فتح حوار معهم حتى يستمرون في عملهم لحماية هذه المهنة من الاندثار في المستقبل".

يتجول إدريس قليلا داخل المتجر الذي يضم أنواع الخزف المعروض بطريقة المتاحف الثمينة، متمنيا أن تحافظ المهنة على الخزف ليستمر حضوره في الموائد والمنازل داخل المغرب وخارجه.​​​​​​​

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın