الحياة

التداوي بالأعشاب.. تقليد تونسي عريق ينافس الطب الحديث

Yosra Ouanes  | 31.10.2015 - محدث : 31.10.2015
التداوي بالأعشاب.. تقليد تونسي عريق ينافس الطب الحديث

Tunus

تونس/يسرى ونّاس/الأناضول

في زقاق ضيّق متفرّع من أسواق مدينة "العربي" العتيقة بالعاصمة تونس، حيث تنبعث روائح أعشاب ومستخلصات طبيعية وأخرى جبليّة، وعقاقير متنوّعة، تقع سوق "البلاط" ضاربة في القدم، والتي تعد أشهر مكان تباع فيه "الأعشاب الطبّية" التي تنمو في غابات البلاد وجبالها، يرتاده الناس بمختلف مهنهم وأعمارهم وأصولهم.

ولا يقصد أحد دكاكين السوق إلا ووجد ضالته، بحسب روايات الباعة هناك، فإمّا أن يبتاع عشبة يتداوى بها، أو يستعين بإحدى الخلطات التّي توصف له حتّى يتبعها، عله يجد فيها علاجا لمرضه، فيما تخفي السوق أسرارا وخبايا عديدة، ولكل بائع وفي كل دكان قصّة وحكاية.

ففي أحد الدّكاكين التّي اكتظت فيها أنواع مختلفة من الأعشاب، منها ما هو معلّق على الجدران، وحشائش أخرى رصفت في مدخل الدّكان، وتوزعت فيها عقاقير ومستخلصات نباتات جبلية وطبيعية.

الأناضول التقت البائع توفيق بن يعقوب، الذّي حدّثنا عن "تجاربه وخبراته في السوق التي عمل فيها طيلة سنوات عمره، فذاكرته تختزن وصفات عشبية عديدة، وتستحضر أدوية لروّاده، كل حسب مرضه".

ووفق بن يعقوب، فإن "تسمية سوق البلاط كانت نسبة لمكان يقع خلفها، كان معروفا بصنع الرخام وتبليطه"، ويتابع "سوق البلاط تاريخيا يعود إلى عهد الحفصيين (627 – 982هـ |1228 – 1573م)قدم إليه الحكماء بكتبهم ومراجعهم واقتنوا منه الأعشاب والأدوية".

ويضيف بن يعقوب أنّ "هناك طلباتٍ كبيرة على ما يقدّمه السوق من أعشاب، وأنّ أغلب المقبلين على ما يصطلح عليه بالطّب البديل، هم من أصحاب الأمراض المزمنة، كون الأدوية التّي يشترونها من الصّيدليات مركبة من كميّات كبيرة من المَواد الكيميائية".

وبحسب البائع فإّن السوق تحتوي أدوية تساعد على معالجة الأمراض النفسيّة والباطنية والجلدية وحتّى الأمراض المزمنة والمستعصية، ويوجد في تونس –على حدّ قوله- أكثر من 3 آلاف نوع من النباتات الطبيعية، ذكر منها "الريحان، والبسباس الهندي، والذرو، وأم الجلاجل، وأم الروبيا، والشيح، والحدش، والدغفت، والسدر، وغيرها".

أمّا شوقي الفورتي، فهو أيضاً بائع وصاحب دكان منذ 37 عاماً، ورثها "أبا عن جدّ"، كما حدّثنا، إذ يرى أنّ "السوق موروث اقتصادي واجتماعي، دخلت في عادات التونسيين وتقاليدهم، وهو ما يفسّر إقبالهم الكبير عليها، لأن التكلفة أقل، والنجاعة والعلاج أكبر وأسرع، سيما وأن كل المواد المستعملة في الأدوية، طبيعية وخالية من أي تركيبات كيميائية".

وعلى الرّغم من انتشار التداوي بالأعشاب ومستخلصاتها في تونس بأساليب وطرق تقليدية وبدائيّة، إذ يتوجه التونسيون في غالب الأحيان إلى الأسواق والدّكاكين حيث تباع العقاقير والنباتات الطبيعية، إلاّ أن الطبّ البديل كتخصص علمي، لا يزال في بداياته في تونس، ولم يلق إلى اليوم حظّه على غرار الطّب التقليدي.

ويقول طّبيب التداوي بالأعشاب، محمد جعيط -المختص منذ 20 عام-  في حديثه للأناضول "هناك إقبال كبير على الطب البديل، خاصّة وأن الأدوية الكيميائية التي تعطى لمن يحملون أمراضا مزمنة من شأنها أن تخلف آثارا جانبيّة، وهو ما يجعل المريض يتخلّى عنها تدريجيا ليقبل على هذا النوع من العلاج".

ويتابع "كل من يجرب هذا الدواء، يكتشف في الوقت نفسه أن آثار العشبة على الجسم أفضل بكثير من الطب الكيميائي، فهو يجد نفسه أكثر نشاطا، بينما الأدوية الكيميائية لها تأثير سلبي على الجسم، وسيما في الكبد التي تفقد نشاطها بمفعوله".

وبحسب المختص جعيط فإنّ "هذا التخصص لم يعمّم بعد في الجامعة التّونسيّة، بل هو حديث أصبح يدرّس في كلية الصيدلة بالمنستير (شرق) منذ سنة"، مشيراً بهذا الخصوص أنه يوجد في تونس إلى جانبه طبيبة واحدة فقط، مختصة بهذا المجال.

وعن الأعشاب الموجودة في سوق البلاط، يرى جعيط "أنها مهما كانت فهي ليست لها آثار جانبية ومخلفات سلبية على الجسم، فإنها حتى لو لم تؤدّ إلى نتيجة مثلى يرغب فيها المريض، فهي لن تضره، خاصّة وأن السوق لا تحتوي على أعشاب مسمومة".

ويستدرك قائلا "ولكن أعشاب سوق البلاط أقل تكلفة من صيدليات الأعشاب، وهي تعالج العوارض فقط، وهي غير مقننة قد تحمل أوساخا أو جراثيم أو فطريات، وهنا يكمن الخطر، على عكس التخصص الذّي يتعامل مع أعشاب مصدرها المختبرات، إما من الخارج أو تلك التّي تصنّع في تونس وتتماشى مع معايير النظافة والصّحة".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın