"حاسي مسعود".. صحراء جزائرية تحولت إلى عاصمة "الذهب الأسود"
تضم بئر بترول تم اكتشافها عام 1917، يقول المسؤولون إنه سيستمر في الإنتاج لنحو 50 سنة مقبلة على الأقل
Algeria
الجزائر/ حسام الدين إسلام/ الأناضول
يجهل كثير من الجزائريين كما الأجانب، أنّ مدينة حاسي مسعود (900 كلم جنوب العاصمة الجزائر)، التي تضخ أكبر نسبة من النفط للاقتصاد الجزائري، لها قصة طريفة وقعت قبل قرن من الزمن جعلت منها عاصمة لـ "الذهب الأسود".
وتضم مدينة حاسي مسعود أهم حقل نفطي في الجزائر، إذ يقول مسؤولون في سوناطراك النفطية (حكومية) أنه سيستمر في الإنتاج لنحو 50 عاماً أخرى على الأقل.
وزارت "الأناضول"، أول بئر بترولية تم اكتشافها في المنطقة، من طرف مسعود روابح، أحد المواطنين الذين ينتمون إلى قبيلة الشعانبة، حيث لا تبعد البئر عن عاصمة المحافظة سوى بضع كيلومترات.
وأطلق اسم المدينة على هذ الشخص لتصبح حاسي (بئر في اللهجة المحلية) مسعود، أي بئر مسعود.
وعند الاقتراب من مكان "البئر"، وجدت "الأناضول" أحفاد مكتشف البئر مسعود روابح في انتظار الطاقم.
وقال "روابح لعلي"، إن جده "عندما همّ بحفر البئر بحثا عن الماء وجد التربة طرية وليّنة.. بعد مواصلته الحفر لبضع أمتار، صعد سائل زيتي لم يعلم ما هو في البداية، لاسيما وأنّه حفر آباراً أخرى بالمنطقة ذاتها ولم يجد لا الماء ولا البترول، لذلك بقي مشدوها إلى ما رآى".
وأضاف "لعلي"، أنّ جده تحدث إلى أولاده وقال لهم يبدو أنّ الأمر جلل خصوصاً بعد الرائحة المنبعثة من الزيت الصادرة عن البئر".
وواصل المتحدث سرد القصة: "حدث ذلك عام 1917، وبعد مضي فترة من الوقت، وجدّي الذي كان يملك قطيعاً من الإبل والغنم، لم يغادر المكان، إلى أن تقدم إلى إدارة الاحتلال الفرنسي وروى لهم ما عثر عليه، أدركت فرنسا أنّ ما عثر عليه روابح مسعود بترول".
وتتواصل مغامرة روابح مسعود، على لسان حفيده روابح لعلي، الذي كشف للأناضول، أن "فرنسا منحت جده قطعة أرض صغيرة لإسكاته، وصادرت من مسعود وأولاده منطقة البئر، وهددتهم بالموت إذا ما اقتربوا منها".
وفي السياق، أوضح المكلف بالإعلام في جمعية تسامح الثقافية لحاسي مسعود "عريف بن عريف"، للأناضول "أنّ حاسي مسعود، كانت منطقة رعوية، تحتوي أشجاراً كثيفة، وكان القدر أسبق، بأن اختار الله، هذا الحاسي مكانا للنفط".
وأكدّ المتحدث أنّ "روابح مسعود حفر البئر بوسائل تقليدية وبدائية، منها قرون الغزال، وقرون حيوانات أخرى، لاسيما وأنّ التربة سهلة ولن تجد صعوبة في حفرها".
وفي السياق ذاته اعتبر بن عريف، أنّه "بحكم الظروف لكون الجزائر مستعمرة، والافتقار آنذاك إلى وسائل التكنولوجيا، استغرب روابح مسعود، المادة الزيتية الموجودة في الماء، ليعرض ما اكتشفه على السلطات الفرنسية الاستعمارية، التي أجرت التحاليل في مخابرها على المادة المستخرجة، وتكشف في الأخير أنّها مادة نفطية صالحة للاستغلال الاقتصادي".
وأكد المتحدث أنّه في تلك السنة (1917) حفرت فرنسا أولّ بئر رسمية تسمى "أم دي وان" غير بعيدة عن حاسي مسعود، "لكن حجم مخزون البترول فيها لم يكن كبيراً".
ولم يغفل بن عريف، أنّه "بعد اكتشاف النفط الذي بدأ استغلاله الفعلي في 1956، سعت فرنسا إلى فصل الشمال الجزائري عن جنوبه، عن طريق استفتاء مزعوم في المنطقة عام 1957، بهدف السيطرة على النفط،، لكنه لم ينتجح".
وتحولت حاسي مسعود، بعد اكتشاف النفط منذ قرن وبدء استغلاله في 1956، إلى قطب صناعي يسهم في أهم موارد الاقتصاد الجزائري بنسبة كبيرة جدا.
وبعد قرار تأميم المحروقات من طرف الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين في 24 فبراير/ شباط 1971، الذي ينص على حصول الجزائر على حصة 51% من حصص الشركات الفرنسية التي كانت تنشط بجنوب الوطن، أصبح النفط يشكل عاملا مهما في الاقتصاد الجزائري.
واحتقل الجزائريون في 24 فبراير/شباط الماضي، بالذكرى الـ 46 لتأميم قطاع النفط في 1971، عن الشركات الفرنسية.
وتمثل صادرات الجزائر من البترول بالإضافة إلى الغاز الطبيعي، نسبة تتجاوز 94% من مداخيل البلاد من العملة الصعبة، ونحو 60% من الإنفاق الحكومي.
وأدى تراجع أسعار النفط في العالم منذ منصف العام 2014، إلى إدخال البلاد في أزمة حادة أجبرت الحكومة الجزائرية على الإعلان عن حالة "التقشف"، وزيادة الضرائب، لمواجهة الأزمة وذلك بعد تراجع المداخيل إلى النصف، حسب أرقام رسمية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.