تونس.. آلاف المصلين يتسابقون إلى جامع "عقبة" لإحياء ليلة القدر
بعد عامين من إجراءات صحية فرضتها جائحة كورونا..

Tunisia
القيروان (تونس)/ناجح الزغدودي/الأناضول
آلاف المصلين أسرعوا الخطى، بُعيد موعد الإفطار إلى "جامع عقبة بن نافع" بالقيروان وسط تونس، لحجز مقاعدهم خلف أئمة الجامع لأداء الصلوات بمناسبة إحياء ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان.
ليلة يعتبرها التونسيون ليلة القدر، وهي عالية الشأن كما ورد ذكرها في القرآن الكريم، وبمجرد وصولهم إلى محيط الجامع، يجد هؤلاء آلافا ممن سبقوهم وأقاموا موائد الإفطار تحت أسوار المدينة العتيقة وتحت المئذنة الضخمة.
** شوق لنفحات رمضان
هؤلاء جميعا، دفعهم الشوق إلى الجامع بهذه المناسبة التي تسببت جائحة كورونا في حرمانهم من نفحاتها فجاء العدد مضاعفا للتعرض إلى نفحات شهر رمضان لا سيما في هذه الليلة المباركة.
عند أبواب الجامع الثمانية، تراصت الصفوف قبيل صلاة العشاء، ومع اكتمال الآذان، امتلأ المسجد المزدانة أرضيته بالسجاد القيرواني بصفوف المصلين من الرجال والنساء خلف الإمام محمد بوحولة.
وبعد أداء صلاة العشاء تواتر الأئمة والقراء في صلاة التراويح بتعداد عشرين ركعة تقسم بين ثلاثة أئمة من الحفظة والقراء بأصوات ندية.
**حنين إلى العبادات
محمد الحبيب العلاني دكتور وباحث في العلوم الإسلامية، وأحد أئمة صلاة التراويح بجامع عقبة، يقول لوكالة الأناضول: "لاحظنا ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، عودة قوية للمصلين بعد عامين من توقف صلوات التراويح وقيام الليل".
وتابع أن "هذا الحنين إلى العبادة من قبل المواطنين أعاد لجامع عقبة ألقه وعاد بقوة إلى سالف إشعاعه".
وخلال شهر رمضان هذا العام تم تسجيل حضور أعداد كبيرة من المواطنين بالجامع يأتون أفواجا من مناطق عديدة.
ويتضاعف عدد المصلين بالجامع خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، إذ يهرع الناس إلى صلاة التراويح والتهجد.
وأشار الدكتور العلاني إلى تسجيل حضور كبير لفئة المقبلين على حفظ القرآن الكريم وتجويده. وشهد جامع عقبة عودة نسق الاحتفاء بالقرآن الكريم هذا العام ما يعيد لجامع عقبة قيمته العلمية الرمزية العالمية.
ولفت أيضا إلى محافظة جامع عقبة على السند المتصل عن فقهاء المدينة المنورة، وأكد أن "البيئة الإسلامية للقيروان أول من عرفت الكتّاب لتحفيظ القرآن الكريم وتعود إلى ما قبل العام 50 هجريا".
كما حافظت على المذهب المالكي وكان تأسيس أول مدرسة للمذهب المالكي مع الإمام سحنون وأسد بن الفرات.
والقيروان بيئة قرآن وقراء كما أنها حفلت بالقرآن الكريم مع الفقهاء العشرة لسنة 99 للهجرة وأشهر القراء منهم قراء الكوفة وقراء بلاد الشام وقراء المدينة أي قالون وورش.
كما تحتفي مدينة القيروان بالتفسير الفقهي والعناية بالحديث النبوي عبر شروح صحيح البخاري وموطئ الإمام مالك وغيرهم من العلماء.
**القيروان مخزون ديني وثقافي
من جانبه، يقول الطيب الغزي للأناضول، وهو الإمام الأول لجامع عقبة بن نافع: "عودة صلاة التراويح في جامع عقبة واختتام القرآن الكريم ليلة القدر وصلاة التهجد كلها ظروف طيبة تمت وسط إقبال كبير للرجال والنساء والأطفال بعد عامين من التوقف".
كما وفد المصلون من كل فج عميق من أطراف محافظة القيروان وجهات أخرى وأيضا أشقاء عرب ومسلمين من عديد البلدان".
واعتبر أن ما يجذب هؤلاء المخزون الديني والثقافي والحضاري لمدينة القيروان وجامعها الأعظم الذي يعطي زائره مشاعر غامرة وإحساسا عميقا بالهدوء والطمأنينة.
وأضاف الشيخ الغزي أنه "لا يزال بدوره يقف برهبة قبالة أقدم محراب في العالم الإسلامي أو عند اعتلاء ثاني أقدم منبر في العالم الإسلامي. حيث يعد منبر جامع عقبة (عمره 1200 عام) بعد حرق منبر المسجد الأقصى هو أقدم منبر".
وتابع: "هذه الليلة نختم القرآن في صلاة التراويح. كما يقام حفل توزيع الجوائز على حفظة القرآن الكريم عقب انتهاء الصلاة".
وبعد انتهاء صلاة التراويح التقى جمع المصلين المغادرين مع جمع الزائرين الوافدين على الجامع ممن يتطلعون بشغف إلى استكشاف هذا المعلم الإسلامي التاريخي العريق الذي يعد متحفا يضم آلاف القطع الفنية من زخارف ونقوش وهندسة ومعمار وحسابات دقيقة فضلا عن نفحاته الروحية والحضارية.
ويخلق الجامع وعودة الصلاة به أنشطة ثقافية متنوعة بين حفلات الأناشيد الفلكلورية والدينية كما تنشط حركية اقتصادية وفعاليات ثقافية عادت إليها الروح مع شهر رمضان هذا العام.
كما استعادت الأسواق التقليدية نشاطها خلال النصف الثاني من شهر رمضان مع رغبة العائلات في إسعاد أطفالها باللعب والملابس والحلويات والتي تضفي حركية اقتصادية على مدينة القيروان في ظل صعوبات اقتصادية واجتماعية من مخلفات جائحة كورونا.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.