الدول العربية

تونس في رمضان.. "موائد الكبارية" تجمع المحتاجين وعابري السّبيل (تقرير)

على قارعة أحد شوارع الأحياء الشعبية في العاصمة تونس، نُصبت نحو 150 مائدة خصصت لإطعام أكثر من 400 محتاجا وعابر سبيل، في مساء رمضاني تفوح منه روح التكافل والتعاون.

05.06.2018 - محدث : 21.11.2018
تونس في رمضان.. "موائد الكبارية" تجمع المحتاجين وعابري السّبيل (تقرير) على قارعة أحد شوارع الأحياء الشعبية في العاصمة تونس، نُصبت نحو 150 مائدة خصصت لإطعام أكثر من 400 محتاجا وعابر سبيل، في مساء رمضاني تفوح منه روح التكافل والتعاون. سيارات وشاحنات خصصت لتزويد "موائد الرحمة" مجّانا بما تيسر من أطعمة ومشروبات وفواكه، وليس بعيد عنها يعكف عشرات المتطوعين على تجهيزها. ( Yassine Gaidi - وكالة الأناضول )

Tunisia

تونس / يسرى ونّاس / الأناضول

على قارعة أحد شوارع الأحياء الشعبية في العاصمة تونس، نُصبت نحو 150 مائدة خصصت لإطعام أكثر من 400 محتاجا وعابر سبيل، في مساء رمضاني تفوح منه روح التكافل والتعاون.

سيارات وشاحنات خصصت لتزويد "موائد الرحمة" مجّانا بما تيسر من أطعمة ومشروبات وفواكه، وليس بعيد عنها يعكف عشرات المتطوعين على تجهيزها.

وقبيل موعد آذان المغرب، تبدو حركة المقبلين من المحتاجين وعابري السبيل على أشدها في منطقة "الكبارية".

والكبّارية هي ضاحية تقع جنوب العاصمة تونس تتكون من 8 أحياء شعبية يعود أصل تسميتها إلى شجيرة الكبار (الشلفح أو الأصف) التي كانت تنتشر بكثافة في المكان قبل بدء تعميره في سبعينات القرن الماضي، وفق الموقع الرسمي للبلديات التونسية.

مشهد يتكرّر منذ سبع سنوات خلال شهر الرحمة، بعد أن خصص التونسي "علي الهادفي" مطعمه ليكون قبلة الصائمين في رمضان، لا سيما أصحاب الدّخل المحدود، والطلبة الأفارقة المغتربين عن عائلاتهم.

**موائد مرح

"سعيد المرابطي" أحد منظمي هذه الموائد إلى جانب "الهادفي"، يتحدث للأناضول عن فعاليتهما السنوية، فيقول: "هدفنا الأساسي يتمثل بالاهتمام بالعائلات محدودة الدخل والمعوزة (المحتاجة)".

ويضيف في وصف مائدته: "تتميز بالمرح؛ فهي ليست تلك الصدقة المشحونة بالمن والأذى، بقدر ما أنها تندرج في إطار عائلي يتعارف فيها الجميع على بعضهم".

"شعارها ما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل، إنها مبادرات فردية"، يقول المرابطي.

وتستقطب المائدة جميع الفئات من أجل الحصول على الدعم، سواء كانوا دكاترة أو جامعيين أو نوابا في البرلمان، أو حتّى مواطنا بسيطا يرغب في المساعدة ولو بالقليل.

وتقدم موائد إفطار "الكبارية" وجبات لأكثر من 420 صائما يوميا، منهم قرابة 90 طالبًا أفريقيًا، إضافة إلى 30 عائلة أخرى يتناولون الطعام في منازلهم.

ويعتبر "المرابطي" أنّ "تقديم الوجبات للطلبة الأفارقة، يدعم صورة تونس من حيث التكافل والتراحم وحسن الضيافة، يحملونها إلى بلدانهم حين عودتهم إليها".

** أجواء عائلية

وعلى بعد بضعة أمتار من المطعم، تنبعث رائحة زكيّة؛ حيث ينغمس الطهاة المتطوعون في إعداد وجبات الطعام، وسط أجواء مليئة بـ"التضحية من أجل الآخرين" و"حب الخير لهم".

ونتيجة زيارتهم المتكررة لموائد الرحمة كل عام، أصبحت تحكم هذه الإفطارات الجماعية أجواء عائلية؛ إذ يسبق وقت الإفطار أحاديث وأهازيج يغلب عليها الضحك والمرح، إلى حين "شقان الفطر" (موعد الإفطار بالعامة التونسية).

في الأثناء يبدأ أصحاب المبادرة بإعداد الموائد، ويساعدهم في ذلك شباب وأطفال جاؤوا رفقة آبائهم ليتعلموا "حب الخير ومساعدة الفقراء"، وهو مشهد يومي يتكرر طيلة الشهر الفضيل.

** "مبادرات فردية"

ويقول صاحب المطعم للأناضول: "قبل الثورة (التونسية في 2010)، كنت استقبل الصائمين وأقدّم لهم الوجبات بمقابل، لكن اكتشفت لاحقا أن عددا مهما عاجر عن تأمين إفطاره".

وهذا السبب الذي دفع "علي الهادفي" إلى تخصيص مطعمه وجهده لمساعدة هؤلاء بالتعاون مع صديقه "سعيد" وآخرون ممن يرغبون في العون.

وتابع: "كانت البداية صعبة. شرعنا بمائدة إفطار صائم بإمكانات ومساهمات بسيطة من سكان المنطقة، لتتوالى الأعوام فتصبح عادة وثقافة سنوية".

وهذه العادة الرمضانية "برزت خلالها أجواء حب الخير لدى كل من لديه حس إنساني، حتى لا يبقى أحدا دون إفطار في شهر الصّيام"، كما يقول "الهادفي".

وعن مصدر المساعدات يقول: "تأتينا يوميا. كل حسب استطاعته؛ فهناك من يقدم المياه والمشروبات، وهناك من يجلب الخبز، وآخرين يأتون بالمواد الأولية للطبح".

ويشير إلى أن "من لا يقدر على المساعدة المادّية، فإنه يكرس وقته لإعداد وجبات الطعام، وتجهيز الموائد قبل موعد الإفطار".

وليس للشابين "المربطي" و"الهادفي" أية غاية من عملهما، ولا ينتظران مقابلا ماديا؛ فهما يؤكّدان أنّ نشاطهمها الإنساني "غير سياسي". 

وعلى إحدى موائد الإفطار، يجلس "علاء العيّادي"، وهو أحد المنتفعين؛ إذ يقول إنه يجد فيها وسيلة لمن ليس لديه دخل يمكّنه من توفير قوت يومه، خاصة في رمضان.

ويضيف في حديث للأناضول: "إنها تذكّر الأغنياء والميسورين بأن هناك محتاجين في تونس، وهي أيضا فرصة للتعرف على أصدقاء جدد".

ويرى العيّادي أن "فعل الخير عقلية ولا ترتبط بالأغنياء فقط؛ فهناك أناس بسطاء ويساعدون ويرغبون في تقديم يد العون لنا ولو بشيء بسيط".

وتعتبر موائد "الكبارية" من أوجه التكافل في شهر ترهق مصاريفه كاهل نسبة كبيرة من التونسيين المتأثرين بوضع اقتصادي صعب ومقدرة شرائية متردية يوما بعد آخر.

وتعيش تونس ظروفا اقتصادية صعبة؛ إذ قُدّرت نسبة البطالة في الربع الأول من 2018، بـ15.4 بالمائة (634.2 ألف عاطل عن العمل)، حسب تقارير رسمية حكومية.

تونس في رمضان.. "موائد الكبارية" تجمع المحتاجين وعابري السّبيل
على قارعة أحد شوارع الأحياء الشعبية في العاصمة تونس، نُصبت نحو 150 مائدة خصصت لإطعام أكثر من 400 محتاجا وعابر سبيل، في مساء رمضاني تفوح منه روح التكافل والتعاون. سيارات وشاحنات خصصت لتزويد "موائد الرحمة" مجّانا بما تيسر من أطعمة ومشروبات وفواكه، وليس بعيد عنها يعكف عشرات المتطوعين على تجهيزها. ( Yassine Gaidi - وكالة الأناضول )
05.06.2018 Yassine Gaidi
1 / 12
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.