الدول العربية, التقارير

سليمان الحلبي.. عالم كردي أوجع الاحتلال الفرنسي في مصر (تقرير)

الأربعاء صادف الذكرى السنوية 221 لإعدامه إثر اغتياله الجنرال جان بابتيست كليبر، قائد الحملة الفرنسية على مصر في عهد نابليون بونابرت

18.06.2021 - محدث : 18.06.2021
سليمان الحلبي.. عالم كردي أوجع الاحتلال الفرنسي في مصر (تقرير)

Ile-de-France

ستراسبورغ / علاء الدين دوغرو / الأناضول

صادفت الأربعاء، الذكرى السنوية 221 لإعدام العالم الكردي الشاب سليمان الحلبي، إثر اغتياله الجنرال جان بابتيست كليبر، قائد الحملة الفرنسية على مصر في عهد نابليون بونابرت، ليحضر بذلك الأرضية لانسحاب القوات المحتلة من البلاد.

وبحسب مصادر فرنسية، فإن سليمان ولد عام 1777، وينتمي إلى عائلة "أوس كوبار" الكردية، من قرية "كوكان" التابعة لمنطقة عفرين، شمالي سوريا.

أرسله والده محمد أمين، الذي كان يعمل تاجرا في بيع السمن وزيت الزيتون، إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأخيرا إلى مصر عام 1797، بهدف دراسة العلوم الإسلامية، حيث انتسب إلى الأزهر، وبدأ الاهتمام بالخط العربي.

وبعد تخرجه في الأزهر، عاد إلى قريته شمالي سوريا عام 1800، ومن ثم سافر بعد فترة قصيرة إلى فلسطين لزيارة المسجد الأقصى.

  • تكليفه باغتيال كليبر

خلال رحلته إلى مدينة القدس، تقاطع طريقه مع ضابطين في المخابرات العثمانية، عرضا عليه اغتيال قائد قوات الاحتلال في مصر كليبر، فوافق على المهمة فورا.

سافر الحلبي بعد ذلك إلى القاهرة مع قافلة تجارية، في رحلة استغرقت 20 يوما، وكان بعمر 23 عاما حينها، حيث بات في المسجد الكبير هناك، وبدأ التخطيط لعملية الاغتيال.

وأخبر الحلبي نيته في اغتيال كليبر، 4 علماء سوريين في ساحة المسجد الكبير، إلا أنهم حاولوا ثنيه، لكنه رفض ذلك قائلا "إن هذا الأمر استغرق طويلا وسأنتهي منه حالا".

وبحسب سجلات التحقيق الفرنسية، استمر الحلبي في مراقبة قصر الجنرال الفرنسي لمدة شهر، واشترى في هذه الأثناء خنجرا من مدينة الجيزة المصرية.

وفي 14 يونيو/ حزيران 1800، دخل الحلبي إلى حديقة قصر الجنرال في هيئة متسول، واختبأ خلف جدار قديم، ولدى قدوم كليبر اقترب منه بهدوء وطعنه بالخنجر 4 طعنات، كما وجه 6 طعنات إلى المهندس بروتاين، الذي كان برفقته وحاول الدفاع عنه.

وإثر الطعنات، فارق كليبر الحياة على الفور، فين حين توفي المهندس بعد عدة أيام في المستشفى متأثرا بجروحه.

بينما هرب الحلبي من الموقع بعدما دفن الخنجر في الحديقة، إلا أن الجنود الفرنسيين تمكنوا من إلقاء القبض عليه بعد العثور على مكان اختبائه.

  • الاعتراف بالعملية

ووفق السجلات، تمكن المهندس من التعرف على الحلبي من عمامته الخضراء، كما تم اعتقال العلماء السوريين الأربعة الذين كانوا على معرفة بالعملية.

وبعد خضوعه لتعذيب شديد لفترة طويلة، اعترف الحلبي بتنفيذه الاغتيال، وأنه تلقى الأمر من ضباط عثمانيين بسبب الخسائر الكبيرة التي كبدها كليبر للجيوش العثمانية.

وبعد محاكمة سريعة، قضت سلطات الاحتلال بإعدام الحلبي بواسطة الخازوق، وإعدام العلماء الأربعة بقطع رؤوسهم.

كما تم حرق يد الحلبي التي طعن بها الجنرال، ومن ثم وُضع على الخازوق، حيث ظل يتألم 4 ساعات، قبل أن يشفق لحاله أحد الجنود الفرنسيين، ويسقيه بعض الماء ليعجل بذلك من موته.

واضطرت قوات الاحتلال الفرنسي إلى الانسحاب من مصر بعد عام على اغتيال كليبر.

ويقول الطبيب الفرنسي دومينيك جان لاري، الذي شهد عملية الإعدام، في كتاب عام 1803، إن الشاب الحلبي لم يتخلَّ عن وقفته الشامخة حتى مصرعه.

  • عرض جمجمة الحلبي في متحف بفرنسا

تناول الكاتب المصري ألفريد فرج، بطولة الشاب الحلبي، من خلال مسرحية عام 1965، كما تم إطلاق اسمه على أحد أحياء مدينة حلب، مسقط رأسه.

ونقلت قوات الاحتلال، جمجمة الحلبي، وخنجره، إلى فرنسا، حيث ما زال الخنجر معروضا في متحف بمدينة قرقشونة، ليعد شاهدا على شجاعته إلى يومنا، في حين يتم عرض جمجمته في متحف الإنسان بباريس، تحت اسم "جمجمة مجرم"، لتكون دليلا على وحشية الاحتلال.

كما نُصب تمثال للجنرال في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، ووضع تحته جزء من رفاته، في حين يضم متحف الآثار في نفس المدينة لوحة فنية تجسد اغتيال الحلبي لكليبر.

  • مهندس مصري يسعى لاستعادة رفات الحلبي

رغم العلاقات الطيبة بين الإدارة الفرنسية والحكومة المصرية، إلا أن الأخيرة لم تتخذ أي مبادرة لاستعادة رفات الحلبي من متحف الإنسان في باريس.

لكن من جهة أخرى، أطلق المهندس المصري إحسان محرم، حملة محلية ودولية من أجل استرداد جمجمة ورفات العالم الكردي، لدفنها بشكل مشرف يليق به.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.