الدول العربية, رمضان, فيروس كورونا

كورونا يغير هوية شهر رمضان في العراق (تقرير)

امتدت تأثيرات الوقاية من فيروس كورونا في العراق إلى إلغاء تقاليد رمضانية كانت متبعة منذ عقود، وتحديد عادات اجتماعية متوارثة لم يتركها العراقيون في ظل أصعب ظروف مرت بها البلاد سابقا.

04.05.2020 - محدث : 04.05.2020
كورونا يغير هوية شهر رمضان في العراق (تقرير)

Baghdad

بغداد/ علي جواد/ الأناضول

- الخوف من تفشي فيروس "كورونا" والإجراءات الحكومية أدت إلى إلغاء تقاليد متبعة تعتبر هوية لرمضان 
- اضطر الجميع إلى التخلي طواعية عن عادات لطالما رافقت رمضان، منها تجمع العائلة والأقارب بعد الإفطار، أو المناسبات
- الأمسيات الرمضانية والأنشطة الاجتماعية المختلفة طالها حصار كورونا

امتدت تأثيرات الوقاية من فيروس كورونا في العراق إلى إلغاء تقاليد رمضانية كانت متبعة منذ عقود، وتحديد عادات اجتماعية متوارثة لم يتركها العراقيون في ظل أصعب ظروف مرت بها البلاد سابقا.

فالخوف من تفشي فيروس كورونا والإجراءات الحكومية المتخذة للوقاية منه كفرض حظر التجوال الجزئي، ومنع التجمعات، وإغلاق المساجد، أثرت بشكل مباشر وأدت لإلغاء تقاليد متبعة كانت تعتبر هوية لشهر رمضان في طول البلاد وعرضها.

** صلاة التراويح بالمنازل

ياسين الجبوري (62 عاما) يسكن منطقة الفضل في العاصمة بغداد، قال إنه منذ صغره لم تمنعه الظروف التي مرت على البلاد من الذهاب إلى المسجد عقب الإفطار، لأداء الصلوات وقراءة القرآن، لكنه أجبر في رمضان الحالي على القيام بذلك في المنزل.

وأضاف الجبوري للأناضول، "الذهاب إلى المسجد هو من أبرز العبادات التي اعتدت عليها منذ صغري. لم أتخلف عن الصلاة في المسجد خلال شهر رمضان إلا هذا العام بسبب جائحة كورونا، وهذا شيء مؤسف جدا".

وتابع الجبوري: "كان على الحكومة أن لا تغلق المساجد بشكل نهائي، هناك حلول، منها إلزام الجميع بشروط السلامة ومنع انتشار العدوى، وهذا كان ممكنا، فالجميع لديهم وعي لخطورة المرض".

** التسوق الجماعي قبل الإفطار

اكتظاظ الأسواق بالمتبضعين قبل وقت الإفطار كان من أبرز العادات التي تشكل هوية شهر رمضان في العراق، لكنها ألغيت حاليا في ظل تفشي كورونا.

وقالت زكية حمدي (55 عاما) وهي ربة منزل: "فقدنا عادات جميلة في شهر رمضان الحالي، لم أكن أتوقع يوما أن أكتفي بيوم واحد في الأسبوع للذهاب إلى السوق خوفا من عدوى كورونا".

وأضافت حمدي، لمراسل الأناضول، أن "غالبية النساء يستمتعن بالتسوق بشكل يومي قبل الإفطار، أما الآن فهذه العادة أصبحت ملغاة، الجميع خائف من الإصابة بالفيروس وخصوصا كبار السن، لذلك أوكلت مهمة التسوق لدى الكثير من العائلات إلى صغار السن والأصحاء".

** التزاور والولائم الرمضانية.. تراث مندثر

وانعكست المخاوف من تفشي الوباء العالمي على التقاليد الاجتماعية للعائلة العراقية خلال شهر رمضان ومن أهمها التجمعات والزيارات وإقامة احتفالات الإفطار الجماعي التي تم حظرها ذاتيا.

وقالت جميلة الكعبي (40 عاما): "للمرة الأولى نضطر إلى التخلي طواعية عن عادات وتقاليد لطالما رافقتنا خلال شهر الصيام، منها تجمع العائلة والأقارب بعد الإفطار وإقامة الولائم وموائد الإفطار الرمضانية".

وأوضحت الكعبي (ربة منزل) "زوجي يعاني من أمراض القلب، وبحسب الإرشادات الصحية، قررنا عدم استقبال أي زائر سواء من الأصدقاء أو الأقارب خوفا من العدوى، خصوصا في رمضان حيت كنا نلتقي بشكل يومي سواء للإفطار معا أو بعد الإفطار".

وتفرض السلطات العراقية حظرا للتجوال يبدأ بعد الإفطار وينتهي عند الساعة السادسة بتوقيت بغداد في اليوم التالي، في مسعى للحد من حركة المدنيين بهدف السيطرة على الوباء.

** توقف الأمسيات الرمضانية

الأمسيات الرمضانية والأنشطة الاجتماعية المختلفة طالها أيضا حصار كورونا، فقد تم إلغاء دور المسحراتي، ومنعت إقامة التجمعات الثقافية، والمسابقات، والفعاليات الدينية.

وقال جميل الحسني، وهو مسحراتي كان يعمل في منطقة بغداد الجديدة، شرقي العاصمة: "لأول مرة منذ 20 عاما أتوقف عن ممارسة مهنتي خلال رمضان، بسبب فرض حظر التجوال ضمن تدابير مواجهة كورونا".

وأضاف الحسني لمراسل الأناضول، أن "المسحراتي من الموروث الاجتماعي المرتبط برمضان، لذلك دأبت طيلة السنوات الماضية على المحافظة على هذا الموروث".

تدابير مكافحة كورونا أوقفت أيضا لعبة "إخفاء الخواتم" الشعبية، وهي مسابقة شعبية تنظم خلال فترة ما بعد الإفطار في رمضان، ويعتقد أنها تعود إلى العصر العباسي بين القرنين الثامن والثالث عشر ميلادي.

وتقوم لعبة "إخفاء الخواتم" على تشكيل فريقين بعدد متساوٍ من اللاعبين، وقد يصل العدد في بعض الحالات إلى مئة شخص لكل فريق، ويتم إخفاء الخاتم بيد أحد أعضاء الفريق الأول ويبدأ الفريق الثاني في رحلة طويلة للكشف عن الخاتم وانتزاعه من خصمه.

وتعتمد اللعبة بالأساس على الفراسة وقراءة العيون وإدخال هاجس الخوف لدى حامل الخاتم وصولًا الى انتزاعه؛ لكن هناك طرق تمويه للفريق حامل للخاتم تتمثل بأن يُظهر آخرون مشاعر الخوف لإيهام الفريق الخصم أنهم يحملون الخاتم.

وقال محسن البيضاني، أحد منظمي اللعبة، إنه "بسبب حظر التجوال والخوف من تفشي كورونا، قررنا إلغاء تنظيم لعبة المحيبس (إخفاء الخواتم) هذا العام، على أمل أن ننظمها العام المقبل".

وأوضح البيضاني لمراسل الأناضول، أن المسابقة كانت من أكثر الألعاب الشعبية التي تمارس بعد الإفطار في رمضان، ويشارك فيها المئات وتخلق أجواء من الود بين مختلف طبقات المجتمع العراقي.

وحتى صباح الإثنين، بلغ إجمالي الإصابات بفيروس "كورونا" في العراق 2085، بينها 93 حالة وفاة، و1375 حالة شفاء، وفقا لآخر إحصائية لوزارة الصحة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın