مسؤول تونسي: القوانين الأوروبية لا تحمي تراث العالم من النهب
فوزي محفوظ، مدير "المعهد الوطني للتراث" قال إن عدم حظر استيراد الآثار للبلدان الأوروبية شجّع الشبكات الدولية على نهب الآثار وبيعها.
Tunisia
تونس/ لطفي الحيدوري/ الأناضول
حمّل فوزي محفوظ، مدير "المعهد الوطني للتراث" (حكومي) في تونس، الدول الأوروبية مسؤولية تشجيع الشبكات الدولية على نهب الآثار وتهريبها، من خلال قوانينها التي لا تحظر سوى تصدير الآثار.
وقال محفوظ، في حديث للأناضول، إن "القانون التونسي يمنع الاتجار في الآثار بالاستيراد أو التصدير، في حين أنّ الدول الأوروبية لا تمنع سوى التصدير، ما يساهم في عدم حماية تراث الدول الأخرى".
"فعدم حظر استيراد الآثار للبلدان الأوروبية شجّع الشبكات الدولية على نهب الآثار وبيعها، وهو نفس الأمر الذي سمح بظهور سوق غير قانونية في تونس لتجارة الآثار المنهوبة أو المقلّدة"، وفق تعبيره.
وكشف محفوظ أنّ مختبرات معهد التراث فحصت خلال السنة المنقضية، 3 آلاف و307 قطعة أثرية ضبطتها الأجهزة الأمنية، وقد تبيّن أنّ ألفًا و833 منها فقط أصلية، والباقي مقلدة.
ومنذ2011 وحتى نهاية 2017، بلغ مجموع القطع الأثرية المحتجزة التي عاينها المعهد نحو 33 ألفًا و102 قطعة، بينها 6 آلاف قطعة مقلدة، ما يؤكد توسّع تجارة الآثار المنهوبة والمقلّدة بالبلاد.
ووفق المسؤول التونسي، فإن موضوع جرائم الآثار مرتبط بالسوق، فهناك تجار وشبكات دولية متورطة، حيث أصبحت تونس، منذ سنوات، منطقة عبور لآثار منهوبة من الجزائر ومن ليبيا في اتجاه أوروبا.
ولفت مدير معهد التراث، إلى أنّ وجود قطعًا مقلدة ضبطتها الأجهزة الأمنية، يؤكد وجود سوق للآثار خاضع للعرض والطلب.
** الآثار.. تهريب وتقليد وجرائم أخرى
أظهرت بلاغات نشرتها الداخلية التونسية أنّ جريمة تجارة الآثار والبحث عنها، أصبحت ظاهرة متواترة رافقتها جرائم أخرى مثل السرقة والقتل والتحايل.
وأعلنت الوزارة في بيان صحفي، مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، أنّ وحدات الدرك بمحافظة القيروان، وسط تونس، أوقفت شخصين تورطا في جريمة قتل تعود أسبابها إلى خلافات ناتجة عن البحث عن الكنوز والتنقيب على الآثار.
وفي 12 ديسمبر/ كانون الأول 2017، أعلنت الوزارة ضبط قطعة أثرية تتمثل في رأس تمثال من الحجارة، وتمثالين و15 قطعة نقدية من المعدن الأصفر.
وحسب الموقع الإلكتروني للوزارة، أوقف الأمن التونسي مجموعة من الأشخاص، خلال ديسمبر الماضي، وضبط بحوزتهم 11 قطعة أثرية من المعدن الأصفر، وقطعتين من مادة الكريستال، وقطعتين من الأحجار الكريمة.
كما ضبط أيضًا 3 تماثيل رخامية بيضاء اللون، وتمثالًا من المعدن الصفر، و3 كتب صفراء قديمة، ومجموعة من المجسمات النحاسية صغيرة الحجم.
وفي محافظة باجة (شمال غرب)، ضبطت نقطة تفتيش أمنية، الشهر نفسه، آلة كاشفة للمعادن، وأظهرت التحقيقات مع المشتبه بهم أنّهم كانوا بصدد التنقيب عن الكنوز.
وفي الشهر ذاته، أوقف الدرك التونسي بمحافظة بنعروس، جنوب العاصمة، شخصًا بحوزته قطعًا أثرية كان ينوي بيعها مقابل مبلغ يقدر بمليون دينار (ما يعادل نحو 400 ألف دولار)، وفق الداخلية.
كما داهم الأمن منزلين بمحافظتي نابل (شمال شرق) ومنوبة غرب العاصمة، كانت تجري بهما حفريات بهدف التنقيب عن الكنوز.
وأرجع مدير المعهد التونسي للتراث تنامي جرائم الآثار والبحث عن الكنوز، إلى دوافع الفقر وانتشار الشعوذة في بعض الأوساط الاجتماعية.
** أوروبا.. الوجهة الرئيسية للآثار المهربة
الداخلية التونسية عرضت خلال مؤتمر صحفي عقدته، في مارس/ آذار الماضي، مخطوطة نادرة للتوراة تعود إلى القرن الـ 15 الميلادي، كانت شبكة لتهريب الآثار تستعد لنقلها إلى أوروبا.
وكُتبت المخطوطة بحبر خاص على جلد عجل، ويبلغ طولها 37 مترا وعرضها 47 سنتيمترا، وكانت شبكة التهريب تنوي إدخالها إحدى البلدان الأوروبية، مستفيدة من غياب قوانين بالقارة العجوز تحظر إدخال الآثار من بلدان أخرى.
وبحسب مدير المعهد التونسي للتراث، فإن بلاده على علم بملابسات وخفايا ملف تهريب الآثار. مشيرًا أنّ مؤسسته تتلقى بشكل متواتر قطعًا أثرية مضبوطة.
لكن، وبسبب كثرة وتنوع المواقع والمعالم الأثرية بالبلاد، والتي يبلغ عددها نحو 35 ألفًا، لفت محفوظ إلى أنه من الصعب على سلطات البلاد حماية الخارطة الأثرية ومراقبتها بشكل كامل.
وفي ذات الصدد، انتقد المسؤول عدم وعي فئة من التونسيين بأهمية الآثار، باعتبارها جزءًا من تراثهم وثقافتهم وهويتهم، وجب الحفاظ عليه وحمايته.
من جانبه، أرجع عالم الاجتماع التونسي منصف ونّاس، ظاهرة انتشار التنقيب على الآثار والاعتقاد بوجود الكنوز المخبوءة، إلى بعض خاصيات الشخصية التونسية.
وقال ونّاس، للأناضول، إنّ من سمات الشخصية التونسية، أنّه "يبحث عن الحلول الفردية والسهلة التي لا تتطلب نفسًا طويلًا، ومن بينها الإثراء السريع".
وتابع: "بناء على ما تقدّم، نلحظ سعيه (التونسي) إلى خدمات السحرة والمشعوذين وإلى الاعتقاد في وجود الكنوز تحت الأرض وإلى إمكانية استعمالها في الإثراء السريع الذي لا يتطلب مجهودًا كبيرًا".
ووفق الخبير، "نلاحظ منذ عقود بحثًا محمومًا عن الكنوز والآثار تحت الأرض وفوقها، باعتبارها تحل مشاكل الاحتياج والفقر، وتقود إلى الإثراء دون مجهود".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.