السياسة, الدول العربية

منذ المصالحة الخليجية.. نشاط مكثف لدبلوماسية الوساطة القطرية (تقرير)

استعراض لدوافع الدوحة للعب دور الوسيط في النزاعات والملامح المميزة له وأسباب نجاحها في ملفات إقليمية ودولية معقدة

05.03.2021 - محدث : 05.03.2021
منذ المصالحة الخليجية.. نشاط مكثف لدبلوماسية الوساطة القطرية (تقرير)

Qatar

الدوحة/ أحمد يوسف/ الأناضول

منذ إعلان المصالحة الخليجية، في 5 يناير/ كانون الثاني الماضي، تنشط قطر بقوة في لعب دور الوساطة في ملفات إقليمية ودولية معقدة.

وخلال السنوات الماضية، نجحت الوساطة القطرية في وضع نهايات سعيدة لأزمات وصراعات عديدة بالمنطقة، سواء بين دول أو جماعات سياسية أو حركات مسلحة أو حتى قوى معارضة.

وهي نجاحات تعود إلى إمكانيات الدوحة الدبلوماسية وعلاقاتها القوية مع الأطراف المختلفة، بالإضافة إلى الأهمية التي توليها لهذا الدور.

ومن أبرز وساطاتها، في السنوات الأخيرة، الإفراج عن أسرى جيبوتيين لدى إريتريا (2016)، والإفراج عن جنود لبنانيين مختطفين لدى "جبهة النصرة" (2015)، واتفاق قبيلتي "التبو" و"الطوارق" بليبيا (2015)، واتفاق دارفور غربي السودان (2013)، ومفاوضات الحكومة الأفغانية وواشنطن مع حركة "طالبان" (متواصلة).

وكذلك المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" الفلسطينيتين (2012)، ووثيقة سلام دارفور (2011)، والمصالحة بين جيبوتي وإريتريا (2011)، و"اتفاق الدوحة" الخاص بلبنان (2008)، وأزمة الممرضات البلغاريات بليبيا (2008).

كما لعبت قطر دورا بارزا في التوصل إلى هدنة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل خلال الحروب التي شنتها الأخيرة على قطاع غزة أعوام 2008 و2012 و2014.

ودخلت الدوحة على خط الوساطة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، في محاولة لتقريب وجهات النظر بينهما في قضايا منها الاتفاق النووي.

كما ترعى قطر مفاوضات سلام تاريخية بين "طالبان" والحكومة الأفغانية، وقادت وساطتها إلى توقيع اتفاق تاريخي بين الحركة وواشنطن.

** مدرسة مميزة

ووفق بتول دوغان عكاش، باحثة في الشؤون الخليجية، في حديث للأناضول، فإن "وساطة الدوحة مكنتها من الجلوس على طاولة المفاوضات في مناطق شديدة الحساسية، كلبنان والسودان وسوريا وأفغانستان واليمن والاتفاق النووي مع إيران، ولم تظل كأي دول صغيرة لا يمُكنها لعب دور في الأزمات الدولية بالنظر إلى دورها الديموغرافي والسياسي".

وأضافت بتول، مرشحة الدكتوراه بالبرنامج المشترك بين جامعة قطر وجامعة دورهام البريطانية لدراسات الخليج، أن "الملامح الرئيسية لدور الوساطة القطرية تتمثل في جلب واستضافة الأطراف في الدوحة، وإرسال مندوبين إلى هذه المفاوضات بشكل مريح من قبل الجهات الدولية الفاعلة بسبب الظروف الأمنية في قطر، وتقديم وعود استثمارية للأطراف لما بعد الصراع".

وتابعت: "دور الوساطة القطري يهدف إلى إنتاج سياسة خارجية متخصصة في المنطقة وعلى الصعيد الدولي".

وأردفت: "لذلك فإن مبدأ الوساطة في مناطق الصراع هو أحد عناصر السياسة الخارجية لقطر، منذ عهد الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة (1995-2013)".

واستطردت: "كما أن الوساطة أحد الركائز الأساسية للدستور القطري، حيث أكد على "تعزيز السلام الدولي، وتعزيز الحلول السلمية في النزاعات الدولية، والتعاون مع الدول الساعية للسلام".

وأفادت بأن "قطر تتميز بمدرسة وساطة لا تعطي الأولوية للتدخل العسكري، وتفعل مثلها الكويت وسلطنة عُمان، وتؤكد على دعوتها إلى الدبلوماسية".

وأوضحت أن "موقف قطر في حل النزاعات يُعطي الأولوية للاستقرار السياسي والقوة الناعمة الموجهة نحو الاستثمار، على عكس دول إقليمية أخرى تشارك بنفسها في مناطق الصراع من خلال العمل العسكري".

** تعزيز أمن قطر

"وعززت أنشطة الوساطة أمن قطر السياسي كدولة صغيرة (مساحة وسكانا)، وفتحت لها مجالا للمناورة في المنطقة قبل وبعد الربيع العربي (بداية من 2011)، وزادت من مصداقيتها على الساحة الدولية"، بحسب الباحثة بتول.

وتابعت: "لهذا عندما اندلعت الأزمة الخليجية (يونيو/ حزيران 2017)، اتهمت دول الحصار (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) قطر بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وبأن شبكة العلاقات القطرية من خلال مجموعات سياسية بمناطق الأزمة دخلت مجالها الخاص. وكانت رغبتها أن تصبح قطر سلبية في سياستها بمجال الوساطات."

وضربت مثلا بـ"اليمن، فعندما بدأت أزمة الخليج، صرح وزير الدفاع القطري، خالد العطية، بأن الدوحة تدعم الحل الدبلوماسي في اليمن، على عكس السعودية والإمارات."

واستطردت: "عدم ميل السعودية للدور التصالحي لقطر في اليمن ورؤية الإمارات لقطر كمنافس اقتصادي مع الاستثمارات التي ستقوم بها بعد الصراع، منع قطر من إنتاج سياسات مرنة في اليمن".

ومنذ 2015، تقود السعودية تحالفا عربيا ينفذ عمليات عسكرية في اليمن، دعما للقوات الموالية للحكومة في مواجهة الحوثيين، المدعومين من إيران.

** عودة للوساطة

وأفادت بتول بأنه "في الفترة التي اشتد فيها التوتر في المنطقة مع أزمة الخليج، لم تلعب قطر دورا تنفيذيا في نقطة الوساطة، لا سيما في المشاكل الداخلية باليمن والسودان والتوتر النووي مع إيران."

وأضافت: "بعد حل الأزمة خطوة بخطوة، فإن إعلان قطر بدء (جهود) عملية مصالحة (خليجية) مع إيران هو مؤشر هام على أنها ستؤكد دورها كوسيط في هذا الجو الإيجابي".

ورأت أن "زيارة وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لإيران مطلع فبراير (شباط الماضي) جاءت في إطار جهود الدوحة للوساطة بين واشنطن وطهران ونزع فتيل التصعيد بالمنطقة عبر دعم الدبلوماسية للعودة إلى الاتفاق النووي (لعام 2015)".

والتقي "آل ثاني"، خلال الزيارة، بالرئيس الإيراني، حسن روحاني، ونظيره محمد جواد ظريف.

وفي يناير/ كانون الثاني 2020، أعلنت إيران تعليق جميع تعهداتها الواردة بالاتفاق النووي، ردا على اغتيال واشنطن، قبلها بأيام، قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، في غارة جوية ببغداد.

وفي مايو/ أيار 2018، انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي الموقع بين إيران ومجموعة (5+1)، وهي تضم الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وفرضت على طهران عقوبات اقتصادية.

وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي، لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.

** الحكومة اللبنانية

في ملف وساطة آخر، زار رئيس الوزراء اللبناني المكلف، سعد الحريري، الدوحة في 18 فبراير الماضي، بعد أيام من زيارة وزير خارجية قطر لبيروت.

وأجرى الحريري، المكلف بتشكيل الحكومة منذ 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مباحثات مع كل من أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووزير خارجيتها، تطرقت إلى الصعوبات أمام تشكيل الحكومة.

وأكد أمير قطر، خلال اللقاء، دعمه للبنان، مشددا على ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة جديدة لمواجهة "الأزمات والتحديات".

وقبلها، أعرب وزير خارجية قطر، في بيروت، عن استعداد بلاده لتسهيل ولادة الحكومة، في ظل علاقة الدوحة بجميع الجهات اللبنانية المعنية.

وجراء خلافات سياسية داخلية، يعجز لبنان عن تشكيل حكومة لتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، التي استقالت في 10 أغسطس/ آب الماضي، بعد 6 أيام من انفجار كارثي بمرفأ بيروت.

** السودان وإثيوبيا

وفي 31 يناير/ كانون الثاني الماضي، زار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قطر وبحث مع أميرها ووزير خارجيتها ملفات، بينها أزمتا سد "النهضة" والحدود المتنازع عليها بين السودان وإثيوبيا.

وكانت هذه أول زيارة يجريها وفد سوداني رفيع المستوى للدوحة، منذ عزل الرئيس عمر البشير، في 11 أبريل/ نيسان 2019.

** سلام أفغانستان

وفي 23 فبراير الماضي، بحث مطلق القحطاني، مبعوث وزير خارجية قطر لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، مع مسؤولين باكستانيين رفيعي المستوي مسار عملية السلام في أفغانستان.

وشملت لقاءاته كلا من وزير الخارجية الباكستاني، مخدوم شاه محمود قريشي، ووزير الشؤون الداخلية، شيخ رشيد أحمد، وقائد أركان الجيش، الجنرال قمر جاويد باجواه.

وبوساطة قطرية، انطلقت في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، مفاوضات سلام تاريخية في الدوحة بين الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان"، بدعم من الولايات المتحدة، لإنهاء 42 عاما من النزاعات المسلحة بأفغانستان.

وقبلها، لعبت قطر دور الوسيط في مفاوضات بين واشنطن و"طالبان" أسفرت عن توقيع اتفاق تاريخي، في 29 فبراير الماضي، يقضي بانسحاب أمريكي تدريجي من أفغانستان وتبادل للأسرى.

** تركيا والسعودية

في 8 يناير الماضي، أعرب وزير خارجية قطر عن استعداد بلاده للإسهام في وساطة بين تركيا وبعض دول الخليج.

وقال "آل ثاني" إن "الخلافات بين تركيا وبعض الدول بالمجلس (التعاون الخليجي) قد تكون لأسباب ثنائية، ولا تعني قطر بشكل مباشر".

وتابع: "إذا طُلب منا الإسهام في جسر الهوة بين تركيا وأي دولة بالمجلس، نحن نرحّب بذلك، وهذا الدور في كافة الملفات".

وبعد ثلاثة أيام، أعرب القحطاني عن استعداد بلاده للوساطة بين تركيا والسعودية، وكذلك بين الأخيرة وإيران.

وأردف: "إذا رأت هاتين الدولتين أن يكون لدولة قطر دور في هذه الوساطة، ففي الإمكان القيام بهذا".

وتابع: "من مصلحة الجميع أن يكون هناك علاقات ودية بين هذه الدول، خاصة بين دول أساسية ورئيسية، مثل السعودية وتركيا وإيران".

** الاتفاق النووي

وفي 23 فبراير الماضي، بحث وزير خارجية قطر مع مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، قضايا إقليمية، بينها إيران وأفغانستان.

وبعدها بثلاثة أيام، عقد اجتماعا في الدوحة مع سفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهي الدول الأوروبية في الاتفاق النووي مع إيران.

وشدد "آل ثاني" على "عمل بلاده الدؤوب في هذا الاتجاه وموقفها الثابت المشجع على الدبلوماسية والحوار".

وأكد "استعداد قطر الدائم للعمل البناء ودعم كافة الجهود التي تصب في صالح استقرار المنطقة والأمن والسلم الدوليين".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın