هديل الصبيحي.. أردنية ترث فن صناعة القش وتحفظ هويته (تقرير)
تعد الصبيحي من النساء الأردنيات القليلات اللاتي يحرصن على إحياء الموروث التاريخي المتعلق بالحرف اليدوية في بلادهن، وقد اقترن اسمها بتلك الصناعات.
Jordan
إربد/ ليث الجنيدي/ الأناضول
التميز المقترن بالتفرد يحقق لصاحبه فرصة لخطّ اسمه في سجلات المبدعين، خاصة عند استحضار موهبة وحرفة تراثية طمسها الزمان، بفن وإتقان، وكأنه شاهد عيان.
الأردنية "هديل الصبيحي" (45 عاما)، اختارت وهي في ريعان شبابها، قبل ما يزيد على 23 عاما أن ترسم طريقا لمستقبلها، آخذة بعين الاعتبار أن بلوغ النجاح لا يحتاج إلا إلى عزيمة وإصرار، مع التركيز على حسن اختيار الأفكار.
عبر قشّ هشّ، استطاعت السيدة الأردنية أن تفرض اسمها على قائمة الحرفيات الأكثر إبداعا، بل وتعدت ذلك؛ إذ اقترن ذكرها بصناعة "القشيّات"، لتتحول إلى مدربة معروفة على مستوى المملكة في هذا المجال.
مراسل الأناضول تتبع الصبيحي أثناء تقديمها برنامجا تدريبيا في لواء "بني كنانة" التابع لمحافظة إربد، شمال البلاد، واطلع على واقع موهبتها في تشكيل المصنوعات القشية وزخرفتها.
قالت الصبيحي: "أنا أعشق الصناعات الحرفية وأعمل بها قبل 23 عاما، ورغم التحاقي بالجامعة وإنهاء متطلبات الحصول على درجة البكالوريوس في المحاسبة، إلا أنني قررت الاستمرار، حتى أصبحت مدربة قبل 13 عاما".
وأضافت: "أجيد 23 حرفة يدوية، منها النحاسيات وتهديب الشماغ (الرداء الأردني التقليدي الذي يضعه الرجال على رؤوسهم)، لكنني متخصصة في القشيات".
وتابعت الصبيحي: "هذه الحرفة هي صناعة توارثناها عن الآباء والأجداد، ونستخدم فيها أعواد قش القمح ويسمى القصل، وعسف النخيل، وأعواد الحلفة أو ما يعرف بالبوط، وهي نباتات بحرية تنمو على أطراف الينابيع والسدود".
أما ألياف شجر الموز، فبالإضافة إلى استخدامها في التصنيع، قالت الصبيحي: "نقوم بتشكيلها على شكل فتل وطبب (كرات دائرية) ونقوم ببيعها لجهات في تركيا؛ لاستخدامها في بعض الصناعات".
وذكرت: "بعض هذه المواد كان يتم جمعها وحرقها، ما يؤدي إلى تسببها بتلوث بيئي، ولكننا من خلال حرفتنا تمكننا من تطويعها وتشكيلها عبر مراحل مختلفة يتم فيها برمها وتجديلها، لنتمكن بعد ذلك من صناعة الأدوات التراثية التي كانت تصنع من القشيات منذ قديم الزمان".
ومن أبرز ما يتم تصنيعه من تلك المواد، بينت الصبيحي بأنها "سلة القش (تستخدم لحفظ الأغراض وحملها)، والصينية الملونة (تستخدم كطبق يوضع عليه أصنافا مختلفة من الطعام)، والجونة (وعاء قشي عميق لحفظ الخبز)، والقُبعة (لحفظ الطحين والحبوب)".
كما تقوم الصبيحي بصناعة "القرطلّة (وعاء لحفظ التين)، والحصيرة (فرش للأرضيات)، وطاولة وكراسي قشية تستخدم للجلوس في ساحات المنازل، والحقائب".
واستدركت: "ليس ذلك فقط ما نقوم بإنتاجه، فهناك من يطلب منتجات أخرى تكون مصنوعة من القش، بحيث نضفي صبغة الحداثة عليها، مع الاحتفاظ بأصالة المواد الخام، ليمتزج التراث بمستوى التطور الذي وصلنا إليه".
ولفتت الصبيحي بأن تلك المنتجات هي "مقصد الراغبين في إضفاء الطابع التراثي داخل منازلهم، ويتم تصنيعها بحسب الطلب".
وأوضحت أن "مدة تصنيعها تختلف بحسب الأيدي العاملة، لكنها لا تقل عن يومين ولا تزيد على أسبوع حتى تكتمل".
وتتراوح الأسعار، وفقها، ما بين 1 دينار أردني (1.4 دولار أمريكي) و 140 دينارا (197 دولارا)".
ونوهت الصبيحي بأنها من خلال ورشات التدريب التي تعقدها في عدد من الجمعيات المنتشرة بمختلف محافظات المملكة، تمكنت من خلق فرص عمل للنساء الراغبات في ذلك "والمواد تصلهن إلى بيوتهن لتجهيز ما يتم طلبه".
وبينت السيدة الأردنية أن خبرتها وسمعتها في إنتاج القشيات حققت لها المشاركة بمعارض دولية في البحرين وتونس والإمارات والهند والمغرب.
وأردفت: "تلك المشاركات كانت بدعوة شخصية لي وعلى نفقتي الخاصة، ومع الأسف لم أتلق أي دعم مادي من أي جهة كانت، رغم ما وفرته من فرص عمل بالمئات لسيدات أردنيات".
وتعد الصبيحي من النساء الأردنيات القليلات اللاتي يحرصن على إحياء الموروث التاريخي المتعلق بالحرف اليدوية في بلادهن، وقد اقترن اسمها بتلك الصناعات، نظرا لأسلوبها الاحترافي في التصميم والتنفيذ.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.