archive

"البوقالات".. سيدة سهرات نسوة الجزائر في رمضان

البوقالة لعبة نسائية خالصة، تعتمد على التغزّل بالحبيب والتفاؤل بمستقبل سعيد معه، والتغني بمحاسنه في سهرات نسائية "جريئة" حول مائدة حلوى وشاي ومكسّرات.

31.07.2012 - محدث : 31.07.2012
"البوقالات".. سيدة سهرات نسوة الجزائر في رمضان

يوسف ضياء الدين

الجزائر- الأناضول

 لا يُعرف إلى اللحظة تاريخ لعبة "البوقالات" الشهيرة في الجزائر، سوى أنها إرث تتقاسمه المدن الساحلية في البلاد منذ ما لا يقل عن ثلاثة قرون، وكثيرا ما ميّز هذا الإرث سهرات شهر رمضان الفضيل وبعض المناسبات.

وتمثل العاصمة الجزائر ومدن البليدة وشرشال وتيبازة وقوراية وبومرداس ودلّس أكثر محاضن "البوقالة" وأشهرها على الإطلاق، وهي تقليد تتوارثه أجيال هذه المناطق ولا تفرّط فيه أبدا.

 تقول السيدة فوزية لارادي، الباحثة في شؤون البوقالات والتراث الشعبي ومؤلفة كتاب "صور من القصبة" الذي ضمّنته حوالي مائة بوقالة، إن البوقالة لعبة نسائية خالصة، تعتمد على التغزّل بالحبيب والتفاؤل بمستقبل سعيد معه، والتغني بمحاسنه في سهرات نسائية "جريئة" حول مائدة حلوى وشاي ومكسّرات.

وتحدّثت السيدة لارادي لمراسل وكالة الأناضول للأنباء حول أسس هذه اللعبة، فقالت: "البوقالات هي سيدة الجلسة في السهرات الرمضانية وفي الأعراس وبعض المناسبات، حيث تجتمع النسوة عند إحداهن وتنوي كل واحدة منهن أن تهدي البوقالة لمن تحب، والبوقالة كلام حسن مسجوع يحمل لصاحبته فألا بمستقبل وردي مع الحبيب".

 وتضيف مُفصّلة: "يُؤتى بقدر من فخار يوضع فيه ماء معطر، وترمي كل واحدة من النسوة خاتما أو قطعة ذهبية من حليها في القدر ويغطى القدر بقطعة قماش، ثم تفتح الجلسة بالبسملة والصلاة على رسول الله، وتُشرف على قراءة البوقالات كبرائهن وعادة ما تكون جدة، وبمجرّد أن تنتهي القراءة تُدخل إحدى الصبايا يدها في القدر فتخرج الخاتم أو القطعة والذهبية والتي يخرج خاتمها يعني أنها صاحبة الفأل، وهكذا دواليك حتى تفرغن جميعا".

تقول السيدة لارادي إن البوقالة ارتبطت بالبحارة الجزائريين الذين كانوا يسافرون شهورا للعمل في عرض البحر بعيدا عن أهلهم وأحبتهم، وقد لجأت الفتيات المحبات والنسوة المتعلقات بأزواجهن إلى ابتداع هذه اللعبة حتى تسليهن في وحدتهن وتخفف عنهن غياب الحبيب، وتكشف لارادي قائلة: "البطل في البوقالة هو الرجل المسافر في البحر، والجلسات النسائية حول هذا البطل لا تكفّ طيلة السنة".

 وتمضي تقول: "في آخر الليل تتقاسم الصبايا الماء الموجود في القدر، وبعد منتصف الليل تصعدن إلى سطح المنزل وترمى كل واحدة منهن نصيبها من الماء ويسمعن الفأل، فمنهن من يلي صوت سقوط الماء الذي ترمي صياح ديك فتتفاءل بفجر ينهي ليل انتظارها، ومنهن من تسمع صوت العصافير فتتفاءل بالسعادة".

وعن كتابها "صور من القصبة"، تقول السيدة لارادي "حاولت أن أجمع فيه زينة البوقالات التي وقعت عليها يدي بعد بحث حثيث"، وتضيف: "أعتقد أن هناك لعبة مشابهة في اليونان وفي تركيا ترتبط هي الأخرى بالفأل، حيث تجمع النسوة الماء من نهر ويرمينه ويسمعن الفأل أيضا".

وتؤكد صاحبة الكتاب حول البوقالات أنه ما من أحد يعرف من ألف البوقالات التي وصلتنا: "هناك شيء واحد أكيد هو أن البوقالات ألفتها نسوة حالمات لهن باع في التغزل بالحسن والجمال والتعبير عن الحب بلغة ساحرة".

وتلت السيدة لارادي على "الأناضول" إحدى البوقالات التي قالت إنها تعشقها لسحر كلماتها، وتقول هذه البوقالة: "سبحان من صوّرك خلقك فتنة للناس.. ما ولدوكش (لم يلدنك) في البهجة ولا مراكش ولا فاس.. فاتح على خدك سبع جناس؛ ورد وياسمين وقرنفل وياس.. ديتي (أخذت) كل السر واش خليتي (ماذا تركت) للناس".

وهي بوقالة تتحدث عن جمال أخاذ لا يضاهيه جمال في هذا الكون، وعن وجه حسن لم يلده أحد في هذه الدنيا.

ومن البوقالات أيضا: باسم الله بديت.. وعلى النبي صليت.. وعلى أصحاب الأسماء ألي تبدأ بالجيم هذي البوقالة نويت..رشّيت (نثرت) عتبة الباب بالزهر والطّيب، وسقيت كل الأحباب بالعسل والزبيب، وكى (ولمّا) نسيت جاني جواب كنت نستناه (أنتظره) من عند البعيد.

وأيضا؛ يا مالكتني بزينك يا زايد في عذابي في الليل نومك وفي النهار نترجاك أعطيني كلمة يرحم اللي رباك.

فاطمة يا فطوم على مولات (صاحبة) الحاجب المقرون (المظفّر)، عليها نخلي (أترك) بلاد دزاير ونزيد بلاد الروم.

في الساقية يغسل في طريفاتو (أطرافه) بالمسك العالي وكحل في عويناتو (العينين) نطلب ربي العالي يخليه لميمتو (لأمه) ويعلي شانو.

أحمد يا أحمد أرواح تشوف حالي (تعال أنظر حالتي)، راني كي الحزين ما عندو الوالي، حن عليا وزيني حالي.

وتختم لارادي قائلة: "البوقالة هي تعبير راق جدا بكلمات منتقاة بدقة حول علاقة الحب بين الرجل والمرأة، إنها تعبير بلغة تنسجها المرأة من أحاسيسها التي لا يدركها إلا حبيبها، وربما لن يدركها".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın