"القاضي الثائر" أول مذكرات لرئيس يمني
أضُيف لسجل عبدالرحمن بن يحيى الإرياني، الذي اشُتهر في اليمن بلقب "الرئيس القاضي"، لقبا آخر في تراثه السياسي والنضالي بعد صدور مذكراته مؤخرا ليصبح أول رئيس للجمهورية اليمنية يقوم بهذه الخطوة.

مأرب الورد
صنعاء- الأناضول
أضُيف لسجل عبدالرحمن بن يحيى الإرياني، الذي اشُتهر في اليمن بلقب "الرئيس القاضي"، لقبا آخر في تراثه السياسي والنضالي بعد صدور مذكراته مؤخرا ليصبح أول رئيس للجمهورية اليمنية يقوم بهذه الخطوة.
ويعتبر بعض المؤرخين الإرياني أول رئيس عربي يقدم استقالته طواعية ، رغم أن خصومه يشككون في ذلك ويعلنون أنه أطيح به في انقلاب أبيض في 13 يونيو / حزيران 1974 على خلفية صراعا بين قادة الثورة اليمينية وهو ثاني رئيس لليمن بعد عبد الله السلال.
ورأس الإرياني للمجلس الجمهوري خلال الفترة من 1967 إلى 1974 حيث أدت الأوضاع المتردية بعد الثورة إلى تشكيل هذا المجلس ليقود دفة البلاد والثورة إلى بر الأمان، وفي عام 1974 ترك العمل السياسي، واستقر في العاصمة السورية دمشق في رحلة جديدة للتأمل والتأليف والراحة حتى رحل في 14مارس/آذار 1998م.
ويقول سياسيون إن تأخر نشر أسرة الإرياني لمذكراته ربما يأتي التزاما بأن تنشر بعد وفاته تجنبا لما قد ينشئ من إحراج مع الشخصيات المشار إليها في المذكرات، كما أن فترة الثورة التي عاشتها اليمن وتمكنت في النهاية من الاطاحة بنظام علي عبدالله صالح أنسب فترة لنشر هذه المذكرات.
وتتكون المذكرات، التي صدرت الأسبوع قبل الماضي عن مطابع الهيئة العامة للكتاب، من جزأين يقع كل منهما في أكثر من خمسمائة صفحة من القطع المتوسط: يبدأ الجزء الأول من عام 1910، وهو العام الذي ولد فيه صاحب المذكرات، وينتهي بعام 1962، وهو العام الذي قامت فيه الثورة التي أطاحت بالنظام الملكي.
ويبدأ الجزء الثاني من الكتاب بهذا التاريخ، وينتهي بعام 1967، وهو العام الذي وقع فيه الانقلاب الأبيض المعروف بـ(حركة 5 نوفمبر)، والذي بموجبه تولى الإرياني مقاليد الحكم في اليمن، بعد الإطاحة بالرئيس عبدالله السلال.
وتمثل المذكرات والتي صدرت تحت عنوان (مذكرات الرئيس القاضي عبدالرحمن بن يحيى الإرياني) ويظهر من المقدمة أن الإرياني كتبها بنفسه إضافة مهمة لمكتبة تاريخ الثورة اليمنية كونها تأتي تقدم شهادة تاريخية على مشهد تشكّل العمل الثوري في مراحله المختلفة مرورا بالأحداث والزلازل التي شهدتها الساحة الثورية، ووصولا إلى قيام الجمهورية العربية اليمنية بديلا عن الحكم الإمامي الأسري الذي ظل مسيطرا على اليمن قرونا طويلة.
وعلى الرغم من أن الكتاب في مجمله يؤرخ لمرحلة من أهم فترات التاريخ المعاصر في اليمن؛ إلا أن الجزء الثاني منه يمثل أكثر أهمية؛ لأن المؤلف أصبح لاعبا أساسيا في الأحداث التي يؤرخ لها هذا الجزء، حيث يقدم شهاداته عن كثب لأهم الأحداث التي وقعت بعد قيام الثورة الجمهورية عام 1962م.
أبرز تلك الأحداث فترات التوتر بين السعودية ومصر في رسم مسارات حكومات العهد الجديد في اليمن ثم وصول الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر إلى اليمن قبل أن يقع الشقاق مع أعضاء مجلس قيادة الثورة اليمنية ليتم اغتيال محمد الزبيري أحد قيادات الثورة بعد خلافه مع عبدالناصر، ثم كشف الإرياني عن أسماء المتورطين في الإغتيال.
ويوجه المؤلف انتقادات حادة للحقبة الناصرية قائلا "رغم جسامة التضحيات التي قدمتها مصر في دعم الثورة اليمنية إلا أن سياسة عبدالناصر التي نفذها في اليمن لم تتجرد من روح التسلط الإقليمي، والغرور الشخصي".
وتطور الشقاق في العهد الناصري إلى استدعاء لحكومة اليمن إلى القاهرة عقب تفاقم الخلاف بينها وبين الرئيس عبدالله السلال ثم اعتقال أعضاء الحكومة بالقاهرة، وهي الحادثة التي قال فيها أحد قادة الثورة : "كنا نطالب بحرية القول، فأصبحنا نطالب بحرية البول"، ليتطور الأمر للإطاحة بالرئيس السلال، ليحل الإرياني محله على رأس المجلس الجمهوري في انقلاب أبيض عام 1967م.
والإرياني لا يسرد هذه الأحداث كوقائع عابرة، ولكنه يتحدث عنها كوقائع عاشها، وكان شاهد عيان عليها، بل وشخصية محورية في بعضها، وهو في سرد هذه الأحداث يجمع بين سلاسة الأديب، وعقلانية السياسي، محاولا أن يقدم في تفسيراته للأحداث والوقائع برؤية موضوعية، بعيدا عن التحيز والانجرار إلى الخطاب الموقفي الذي كثيرا ما يفسد على المؤرخ مصداقيته، ويحيله إلى شاهد زور لا أكثر.
وقد تضمن الكتاب جملة من الملاحق (تصل إلى 50 ملحقا)، وعددا من الصور التي استمدها المؤلف من أرشيفه الخاص، واختارها بعناية فائقة حتى لتوشك كل صورة منها أن تكون وثيقة إثبات لا شجنا مستعاد لسالف الأيام.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.