المطاعم الشامية.. "بيزنس" اللاجئين السوريين في مصر
اللاجئون من الطبقة المتوسطة يفضّلونها لأن مصر تسهّل لهم تراخيصها، ولأنها بيزنس "أقل خطورة"، بحسب تصريحات رجال أعمال سوريين للأناضول.
حازم بدر
القاهرة - الأناضول
"وجدتها.. وجدتها".. بهاتين الكلمتين علا صوت أبو أسعد السوري أثناء تجوله في منطقة باب اللوق بوسط القاهرة، حيث شاهد زحامًا على أحد المطاعم السورية، ليتخذ قراره بافتتاح مطعم شامي كوسيلة لكسب الرزق.
أبو أسعد، الذي كان يعمل موظفًا حكوميًا في مدينة دمشق قبل أن ينتقل للإقامة في مصر بعد قيام الثورة، يقول لمراسل وكالة الأناضول للأنباء: "قدمت لمصر منذ ثلاثة أشهر.. كنت لا أعرف كيف أمضي يومي، خاصة أني تعودت على العمل منذ نعومة أظافري، لكني وجدت ضالتي مؤخرًا في (بيزنس المطاعم)".
ويستعد أبو أسعد لافتتاح مطعمه خلال أسبوع، بعد أن نجح في توفير عمالة سورية ماهرة في إعداد الطعام الشامي، أغلبهم من السوريين المقيمين في مصر.
وينتمي أبو أسعد – بحسب وصفه - إلى الطبقة المتوسطة في سوريا، التي وجدت أن المطاعم هي السبيل الملائم لكسب الرزق خلال إقامتهم الطويلة بمصر التي فرضتها ظروف الثورة السورية.
ويبلغ عدد المطاعم الشامية التي افتتحها سوريون بمصر بعد قيام الثورة السورية ما يقرب من مائة مطعم نصفها بالقاهرة والجيزة (القاهرة الكبرى)، وفق تقدير الناشط السياسي والإعلامي السوري عمار أبو شاهين، والذي يقيم بالقاهرة منذ قيام الثورة السورية العام الماضي.
ويرجع أبو شاهين، في تصريحات لمراسل الأناضول، انتشار المطاعم السورية إلى المرونة التي تبديها السلطات المصرية مع السوريين في الحصول على التراخيص اللازمة لإنشاء المطاعم، وهو ما لا يجده السوريون في دول أخرى مثل الأردن، مما دفع – مؤخرًا – أعدادًا من السوريين المقيمين بالأردن إلى النزوح لمصر.
ووفق تصريحات سابقة لمحمد الديري، مدير مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالقاهرة، لـ"الأناضول" فإن عدد اللاجئين السوريين بمصر يقدر بـ 150 ألفًا، منهم 4 آلاف و800 فقط مسجلون لدى المفوضية.
السهولة التي تبديها الحكومة المصرية في الحصول على التراخيص ليست السبب الوحيد لجذب أبو أسعد لافتتاح مطعم، بل إن هناك سببًا آخر يراه نزار الخراط رجل الأعمال السوري المقيم بالقاهرة منذ 40 عامًا.
الخراط بعقلية رجل الأعمال قال، لمراسل الأناضول، إن "المطاعم هي الأنسب لطبيعة السوريين الذي يلجأون لهذا النوع من البيزنس".
وقال الخراط لمراسل وكالة الأناضول للأنباء: "الذين يقدمون على هذا النوع هم غالبًا الطبقة المتوسطة التي لا تتحمل خطورة عالم البيزنس، ولذلك يختارون مجالاً هو الأقل خطورة".
وأوضح أن الطبقة الثرية تختار مشروعات من نوع آخر مثل المصانع والشركات، وهو ما حدث بالفعل، حيث شهد مجتمع الأعمال المصري انضمام رجال أعمال سوريين لهذا النوع من النشاط.
ويقدر عدد رجال الأعمال السوريين الذين وصلوا إلى مصر بـ30% من أعداد رجال الأعمال الذين فروا من سوريا والبالغ عددهم حوالى 50 ألف مستثمر، وذلك وفق تصريحات صحفية للمستثمر السوري المقيم بمصر باسم الكويفي.
وتحقق المطاعم فائدة ليس فقط لأصحابها، بل هي وسيلة لاستيعاب العمالة السورية التي تبحث عن عمل في بلد يئن تحت مشكلة البطالة.
محمد كرزون، صاحب أحد المطاعم بمدينة السادس من أكتوبر (غرب القاهرة)، وصل عدد العاملين معه الآن إلى 15 أغلبهم سوريون، وهذا – من وجهة نظره – دعم كبير يقدمه للثورة السورية.
يقول لمراسل الأناضول: "هناك أعداد كبيرة من اللاجئين يقيمون بمدينة 6 أكتوبر، فإذا نجحت في توظيف عدد منهم، فهذا دعم كبير أقدمه للثورة".
ولا ينظر كرزون لهذه العمالة على أنها عبء عليه، بل هي مصدر دخل وفير، كما أكد لمراسل الأناضول.
ويقول: "بسبب هذه العمالة السورية نجحت في إدخال أصناف جديدة من الطعام وجذبت الكثير من الزبائن، كما أن مذاق الطعام صار أفضل وأقرب إلى المذاق الشامي الأصيل، لأن المسؤولين عن إعداده من سوريا".
وأدخل كرزون إلى مطعمه – مؤخرًا – صنفين جديدين، هما " الشاورمة" بالطريقة الشامية، والفلافل السورية.
أحد المسؤولين عن إعداد هذه الأصناف الجديدة، محمد ابن مدينة حمص مهد الثورة السورية، والذي كان يعمل في أحد المطاعم المتخصصة في الطعام الشامي.
محمد، والذي فقد والده وشقيقه في الثورة، رفض أن "يعيش عالة" على الجالية السورية بالمدينة، وقال لمراسل الأناضول بلهجة تملؤها الثقة "ما حدث لي كان كفيلاً بأن (يهد جبلاً)، لكن يجب أن تستمر الحياة حتى أشهد إن شاء الله نهاية بشار الأسد".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.